حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

من الحب ما قطر!

منذ بداية الأزمة مع نظام الانقلاب الحاكم في قطر وأنا أصر على أن مفتاح الحل مع هذا النظام هو الطب النفسي وليس وسطاء السياسة والدبلوماسية. نحن نتعامل مع رموز لنظام انقلابي لديهم عقدة نقص مركبة وحالة نفسية شديدة التعقيد.
هناك مصطلح بالإنجليزية الشعبية Drama queen، وهو مصطلح غير علمي وأقرب تشبيه له باللغة العربية هو مصطلح أسيرة الحزن، وما يقصدون به عادة هو المبالغة في ردود الفعل الـOver مع مشاهد ممكن وصفها بالعادية ولا تستحق أي ردود فعل مبالغ فيها. المسألة لها جذور منذ القدم؛ فمثلاً تتشكل مع الطفل عندما يرفض الأب شراء اللعبة الحمراء للطفل لأنها مضرة وغير مفيدة بحسب رأيه، فيبدأ عقل الطفل يعمل ويقول له إنك بحاجة لتحسين الـSelf - esteem الإحساس بالاطمئنان، لأنه تحطم مع الرفض، كيف أطلب الشيء ولا أحصل على ما طلبت؟! وينتقل الخبث في العقل للمرحلة الثانية ويسأل لماذا لا أجرب البكاء؟ قديماً عندما كنت أبكي كان والدي يقوم فوراً باحتضاني وضمي وتلبية طلبي ويصبح فوراً قرارك أن «الدراما» والبكائيات والإثارة مع المطالب تحقق لك attention seeking behavior، وهو ما يمكن تعريفه بالعربية «سلوك البحث عن الاهتمام» وتكتشف أنه يحقق لك نتائج إيجابية وفورية للحصول على تجاوب وتعاطف، وطبعاً تبقى أم الكوارث عندما يدرك الطفل أن هذه الدراما فعلاً فعالة وتأتي بالنتائج المطلوبة كل مرة، وهذا تماماً نهج الانقلاب في قطر مع كل قضايا المنطقة وعلاقاته مع الدول وأنظمتها. حاول النظام لفت الأنظار إليه بشتى الوسائل وأن يحصل على «لعبته الحمراء» تارة بالتوسع الجغرافي (جزر البحرين والحدود مع السعودية) ثم تارة بالشعارات الدينية (حماية الإخوان المسلمين واحتضانهم وتبني خط الشيخ محمد بن عبد الوهاب)، وتارة بالخط الثوري (الربيع العربي)، وتارة بالخط الإعلامي المنفتح (المنظمات الحقوقية والجامعات ومنبر قناة «الجزيرة»)، وتارة بالبعد القبلي (مع بني تميم)، كل ذلك لم يؤتِِ ثماره لجعل «اللعبة الحمراء» بين يدي نظام الانقلاب في قطر.
في نحو عام 1920 كان لعالم النفس الأشهر سيغموند فرويد محاولة جادة وأولية لتفسير النفس البشرية وتراتبياتها على ثلاثة أسس رئيسية؛ هي الـEgo والـSuper - ego والـID. عندما تكون النفس البشرية أمام أي قرار صعب أو اختبار أو تحدٍ يكون الـEgo (الأنا) هو المسؤول عن اتخاذ القرار، ولكن الأنا كأي مسؤول لديه مساعدان رئيسيان هما الـSuper - ego (الأنا العليا) والـID (الهوية)، وتنقسم المسؤولية الباطنية بين المساعدين بالشكل الآتي:
الأنا العليا مسؤولة عن المبادئ والمثل العليا والأخلاق والصح والخطأ، والـID (الهوية) مسؤول عن الرغبات والشهوات والغرائز. قرارات نظام الانقلاب في قطر يتحكم فيها الـID بشكل واضح وهستيري ويغيب فيها تماماً الأنا العليا، وكلما تغيبت الأنا العليا كانت النرجسية والأنا المدمرة هي التي تقود الأمور بناء على عُقد من النقص المركب الذي يقود الشخصية عادة ودوماً إلى دمار تام، كما هو حاصل الآن مع نظام انقلب على أبيه وينقلب على جيرانه وأشقائه. نظام لديه من العقد العظيمة ما لن ينفع معها أي دبلوماسية ولا سياسة.
إذا عرف السبب بطل العجب. تميم لا يحكم ولكن الذي يحكم هو حالة نفسية بالغة الخطورة لا قيمة لأي شيء ولا لأي مبدأ أمامها، كل شيء قابل للبيع والشراء والتضحية في سبيل إرضاء نفسية مريضة. أعاننا الله.