الإنعاش القلبي الرئوي... خطوات بسيطة تنقذ حياة الملايين

الرجال أكثر عرضة 3 مرات من النساء للإصابة بالسكتة القلبية

الإنعاش القلبي الرئوي... خطوات بسيطة تنقذ حياة الملايين
TT

الإنعاش القلبي الرئوي... خطوات بسيطة تنقذ حياة الملايين

الإنعاش القلبي الرئوي... خطوات بسيطة تنقذ حياة الملايين

السكتة القلبية المفاجئة (Sudden Cardiac Arrest) مشكلة صحية خطيرة ورئيسية وعامة في جميع أنحاء العالم.

السكتة القلبية

يختلف خطر الإصابة بها باختلاف المنطقة الجغرافية والعمر والجنس. والأكيد أن احتمالات خطر الإصابة بالسكتة القلبية مدى الحياة، تبلغ لدى الرجال (12.3 في المائة)، ولدى النساء (4.2 في المائة)، أي أن الرجال أعلى عُرضة للإصابة بالسكتة القلبية بمقدار ثلاثة أضعاف احتمالات إصابة النساء بها، وذلك وفقاً لتحليل دراسة فرامنغهام الأميركية للقلب. واللافت في الأمر أن نحو نصف هؤلاء الأفراد تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

ووفق الإحصائيات الطبية الصادرة في الولايات المتحدة، يُصاب نحو 380 ألف بالغ بالسكتة القلبية وهم خارج المستشفى OHCA. والمُحزن في الأمر أن معدلات البقاء على قيد الحياة بعد تلك الإصابة، لا تزال منخفضة جداً عالمياً. تحديداً، ووفق الإحصائيات الطبية في الولايات المتحدة، فإن معدلات نجاة البالغين من الموت لا تتجاوز نسبة 10.5 في المائة فقط (1 من بين كل 10). وبناءً على شهادات الوفاة، تُمثل الوفاة القلبية المفاجئة نحو 20 في المائة من إجمالي الوفيات بالولايات المتحدة.

وبالمقابل، أفادت الدراسات الطبية بأن معدلات الوفيات نتيجة السكتة القلبية تنخفض بشكل فعلي كبير في كل حالة تم لها إجراء الإنعاش القلبي الرئوي المبكر CPR، واستخدام جهار مزيل الرجفان الخارجي الآلي AED.

تدريب لكل الأعمار

وإذا كنت تخشى من إجراء الإنعاش القلبي الرئوي لأحدهم وهو مصاب أمامك، أو كنت غير متأكد من كيفية إجرائه على النحو الصحيح، فتذكر أن المحاولة أفضل من الجمود. فالفارق بينهما أن أحدهما قد يودي بحياة شخص محتاج. وربما تفكر لاحقاً في حضور دورة تدريبية للإنعاش القلبي الرئوي.

وتذكر أن هذه الدورات ليست فحسب للمتخصصين في تقديم الرعاية الطبية؛ بل هي لكل الناس. وحتى الأطفال يمكنهم فعل ذلك، وفق ما تؤكده جمعية القلب الأميركية بقولها: «حتى الأطفال قادرون على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي بنجاح. فقد أجرت دراسة حديثة اختباراً لطلاب الصف السادس، وقدرتهم على استخدام الإنعاش القلبي الرئوي باستخدام اليدين فقط لإنقاذ الأرواح. وخلصت الدراسة إلى أن غالبية الأطفال قادرون على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي في المكان الصحيح وبمعدل الضغط المناسب، ما يجعل هذه الفئة مؤهلة للتدريب للمساعدة في إنقاذ الأرواح».

كما تذكر المصادر الطبية أن التدريب للقيام بالإنعاش القلبي الرئوي لعموم الناس، يؤدي إلى ارتفاع معدلات إجراء الإنعاش القلبي الرئوي من قبل المارة Bystander الذين يكونون بـ«الصدفة» موجودين قرب المُصاب بالسكتة القلبية خارج المستشفيات.

ولأن المصادر الطبية تشير إلى أن احتمالات البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بالسكتة القلبية، تنخفض بنسبة 10 في المائة لكل دقيقة يتأخر فيها إجراء الإنعاش القلبي الرئوي المبكر واستخدام جهار مزيل الرجفان الخارجي الآلي، فإن من المهم التدريب على الإنعاش القلبي الرئوي واستخدام أجهزة إزالة الرجفان الخارجي الآلي، حتى لو لم يكن الشخص متخصصاً في تقديم الرعاية الصحية.

الإنعاش القلبي الرئوي

تقول جمعية القلب الأميركية: «الإنعاش القلبي الرئوي هو إجراء طارئ لإنقاذ الحياة، يُجرى عند توقف القلب عن النبض. ويمكن للإنعاش القلبي الرئوي الفوري أن يُضاعف كثيراً فرص النجاة بعد السكتة القلبية. وجمعية القلب الأميركية تدعوكم لمشاركة رؤيتنا: عالم لا يموت فيه أحد بسبب السكتة القلبية. إن 350 ألف شخص يموتون سنوياً بسبب السكتة القلبية في الولايات المتحدة. بمساعدتكم، يُمكننا خفض هذا العدد إلى الصفر».

وتضيف: «إن الحفاظ على تدفق الدم نشطاً - ولو جزئياً - يُطيل من فرصة نجاح الإنعاش إلى حين وصول الطاقم الطبي المُدرّب إلى موقع الحادث. ويُعد الإنعاش القلبي الرئوي خطوةً حاسمةً في سلسلة البقاء الخاصة بجمعية القلب الأميركية AHA’s Chain of Survival. ويُوفر مصطلح سلسلة البقاء وصفاً مفيداً لعناصر مفهوم أنظمة الإنعاش القلبي الرئوي».

وتوصي جمعية القلب الأميركية ببدء الإنعاش القلبي الرئوي بالضغط القوي والسريع على الصدر. ويسمَّى ذلك ضغطات الإنعاش. ووفق النصائح التي تُقدمها جمعية القلب الأميركية، تسري هذه التوصيات بالإنعاش القلبي الرئوي المقتصر على استخدام اليدين على الأشخاص غير المدربين، وعلى المُسعفين الطبيين المُدربين، على حد سواء. وذلك عندما يكون الشخص ماراً وموجوداً عند إصابة أحدهم بالسكتة القلبية.

الخطوات الأولى

• الخطوات الأولى قبل بدء إجراء الإنعاش القلبي الرئوي، هي أن تتأكَّد من:

- هل البيئة المحيطة آمنة للشخص المصاب؟ بمعنى هل ثمة مصدر نشط للكهرباء قد تسبب بصعق كهربائي للمصاب، أم أنه غارقٌ في مياه أو وحل، أم داخل سيارة تعرضت لحادث، أم غير ذلك.

- هل الشخص المصاب واعٍ أم فاقد للوعي؟ وتذكر أنه إذا كان الشخص المصاب يبدو فاقداً للوعي، فربِّت على كتفه أو هزه، ثم اسأله بصوت مرتفع: «هل أنت بخير؟».

- ثم تتأكد: هل يتنفس، وهل لديه نبض؟

وإذا لم يستجِب المصاب ولا يتنفس وليس لديه نبض، فابدأ بالخطوة الثانية. وهي كالتالي: إذا كان معك شخص آخر يمكنه المساعدة، فليتصل أحدكما برقم الطوارئ المحلي. وليبدأ الشخص الآخر بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي. أما إذا كنت وحدك، وكان بإمكانك تُجري الاتصال الهاتفي برقم الطوارئ المحلي، فقم بذلك قبل أن تبدأ بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي. ويمكن لمتلقي المكالمة أن يرشدك إلى كيفية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي حتى تصل إليك المساعدة.

وأنت كشخص موجود بقرب مُصاب، إما أن تكون:

- غير مُدرّب على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي.

- أو مُدّرباً لكن لست واثقاً من نفسك.

- أو مُدرباً وواثقاً من نفسك في القدرة على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي.

• الأشخاص غير المُدربين: عندما يكون ثمة شخص وغير متدرب على الإنعاش القلبي الرئوي، وموجوداً عند إصابة أحدهم بالسكتة القلبية، ولا يريد أن يُقدم خطوات الإنعاش القلبي الرئوي بإعطاء التنفس للمُصاب عبر وضع فمه على فم المُصاب أو أنفه، فإن بإمكانه القيام حينها بأهم خطوات الإنعاش القلبي الرئوي. أي استخدام اليدين للضغط على الصدر.

وهذا الضغط المتكرر على الصدر يوازي انقباض القلب لضخ الدم إلى الجسم، خصوصاً ضمان تتابع تدفق الدم إلى الدماغ والقلب والأعضاء الأخرى المهمة في الجسم. وهنا، عليه أن يضغط بقوة على منتصف الصدر بمعدل يتراوح بين 100 و120 مرة في الدقيقة. ويستمر في فعل ذلك حتى وصول المساعدة الطبية. وفي هذا، لا يحتاج إلى وضع فمه على فم المصاب أو أنفه، لإعطائه التنفس الإنقاذي للحياة.

• الأشخاص المدربون. وكذلك عندما يكون ثمة شخص متدرب على الإنعاش القلبي الرئوي، ولكنه غير ممارس طبي (موظف، طالب، محامٍ، سكرتير)، ولا يكون واثقاً من نفسه رغم تدريبه، فإن بإمكانه تقديم الكثير، إذ إن كل ما عليه أن يضغط على الصدر فقط بمعدل من 100 إلى 120 ضغطة في الدقيقة. ويستمر في فعل ذلك حتى وصول المساعدة الطبية.

شرح توضيحي لخطوات الإنعاش الرئوي القلبي

خطوات الإنعاش القلبي الرئوي

عندما يكون ثمة شخص متدرب على الإنعاش القلبي الرئوي، ولكنه لا يقع ضمن صنف الممارسين الطبيين (مثل: موظف، طالب، محامٍ، سكرتير)، وواثق من نفسه وقدراته، فإن عليه أن يتذكر ما تدرب عليه. وتستخدم جمعية القلب الأميركية الحروف C، A، B، (بهذا الترتيب) للمساعدة في تذكُّر ترتيب أداء خطوات الإنعاش القلبي الرئوي؛ وهي:

- الضغط (C) Compressions ويرمز إلى الضغطات التي تدفع الدم من القلب إلى الأعضاء المهمة في الجسم (خصوصاً الدماغ).

- مجرى التنفس (A) Airway، ويرمز إلى مجرى الهواء.

- عملية التنفس(B) Breathing ويرمز إلى دخول الهواء إلى الرئتين.

• الضغطات لاستعادة الدورة الدموية. تعتمد هذه الضغطات على استخدام يديك للضغط بقوة للوصول إلى «عُمق معين» وبتتابع ضمن «سرعة محددة»، بطريقة معينة على صدر الشخص المصاب. وهذه الضغطات أهم خطوات الإنعاش القلبي الرئوي. وللقيام بذلك بطريقة تنقذ حياة المُصاب، عليك بالتالي:

- اجعل الشخص مستلقياً على ظهره فوق سطح ثابت.

- ضع أسفل راحة إحدى يديك على منتصف صدر الشخص المصاب بين حلمتي صدره.

- ضع يدك الأخرى فوق اليد الأولى، مع إبقاء مرفقيك مستقيمين. وضع كتفيك مباشرة أعلى يديك.

- اضغط على الصدر للأسفل مباشرةً، وذلك بمقدار لا يقل عن بوصتين (5 سنتيمترات) ولا يزيد على 2.4 بوصة (6 سنتيمترات). ولتنفيذ هذا الضغط، استخدم وزن جسمك كله، وليس ذراعيك فقط، عند إجراء الضغطات.

- اضغط بقوة وسرعة في منتصف الصدر. تحتاج للقيام بما يتراوح بين 100 و120 ضغطة في الدقيقة. وتقترح جمعية القلب الأميركية القيام بالضغطات على إيقاع أغنية «Stayin' Alive»، أو غيرها من الأغنيات التي يتضمن إيقاعها من 100 إلى 120 نبضة في الدقيقة. وبعد كل ضغطة، اسمح للصدر بالعودة لوضعه الطبيعي.

• افتح مجرى الهواء. إذا كنت مدرباً على الإنعاش القلبي الرئوي، وأتممت إجراء 30 ضغطة على الصدر، فافتح مجرى الهواء عند المصاب. وذلك عبر «مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن» Head-Tilt, Chin-Lift Maneuver وتتلخص خطوات هذا الإجراء بما يلي:

- ضع راحة يدك اليسرى على جبهة المصاب.

- قم بإمالة الرأس للخلف بـ«رفق».

- ارفع ذقن المُصاب بـ«رفق» باستخدام يدك اليمنى لفتح مجرى الهواء عبر الفم.

• ساعد الشخص المصاب في التنفس. بعد فتح مجرى الهواء باستخدام مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن، يمكن البدء بإجراء التنفس الإنقاذي من الفم إلى الفم، أو من الفم إلى الأنف (إذا كان الفم مصاباً بجروح خطيرة أو لا يمكن فتحه). وتقترح التوصيات الحالية إجراء التنفس الإنقاذي باستخدام «جهاز قناع كيسي متصل بمرشح بمنقيات جزيئات الهواء عالية الكفاءة» HEPA، وذلك كما يلي:

- قم بإعطاء المصاب نَفَسين (عدد 2) لإنقاذه. أعطِ النفَس الأول -لمدة ثانية واحدة- ولاحظ هل يرتفع الصدر أم لا. ثم أعطِ النفَس الثاني إذا ارتفع الصدر.

- أما في حال عدم ارتفاع الصدر، فكرر مناورة إمالة الرأس ورفع الذقن. ثم أعطِ نفَساً ثانياً.

- ويمثل القيام بثلاثين ضغطة على الصدر يتبعها اثنان من أنفاس «دورة إنقاذ واحدة».

- تقول جمعية القلب الأميركية: «الإنعاش القلبي الرئوي التقليدي باستخدام ضغطات الصدر والتنفس من الفم إلى الفم، يتم بشكل متتالٍ بنسبة 30 ضغطة إلى نفَسَين».

- يجدر الحذر من إعطاء عدد أكبر من اللازم من الأنفاس، أو إعطاء التنفس بقوة كبيرة.

- ثم استمر في الضغطات المتكررة على الصدر لاستعادة تدفق الدم.

واستمر في الإنعاش القلبي الرئوي حتى تظهر علامات على الحركة على المُصاب، أو وصول طاقم الإسعاف الطبي.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

علوم «اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)

دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

حذّر علماء من أن تغيّرات خفية تصيب العظام، وتحديداً نخاع العظم، قد تشكّل علامة مبكرة على الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا).

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

أشارت دراسة علمية حديثة إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يُعدُّ الربو مرضاً مزمناً يصيب الجهاز التنفسي (رويترز)

علاج ثوري للربو بجرعتين فقط سنوياً

طوَّرت مجموعة من العلماء علاجاً ثورياً للربو بجرعتين فقط سنوياً، تكفيان للوقاية من نوبات المرض الخطيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حبات من القرنفل (موقع قاعدة بيانات نباتات العالم)

ما دور القرنفل في تنظيم الكوليسترول؟

يساعد القرنفل في تنظيم الكوليسترول عن طريق خفض الكوليسترول الضار (LDL) والدهون الثلاثية، وزيادة الكوليسترول النافع (HDL).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
TT

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

وتنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة، التي يتراوح حجمها بين جزء من ألف من المليمتر وخمسة ملليمترات، في كل مكان اليوم؛ إذ توجد في الطعام والماء والهواء. ومن المعروف أنها تدخل مجرى الدم، بل وتستقر في الأعضاء الحيوية.

وتُسهِم هذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بدءاً من اضطرابات الهرمونات، وضعف القدرة على الإنجاب، وتلف الجهاز العصبي، والسرطان، وصولاً إلى أمراض القلب.

ومع ذلك، لم يكن من الواضح، فيما يتعلق بأمراض القلب، ما إذا كانت هذه الجسيمات تُلحق الضرر بالشرايين بشكلٍ مباشر، أم أن وجودها مع المرض كان مجرد مصادفة فقط، وهذا ما توصلت إليه الدراسة الجديدة، والتي نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقال تشانغ تشنغ تشو، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف الدراسة الجديدة: «تقدم دراستنا بعضاً من أقوى الأدلة حتى الآن على أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهِم بشكل مباشر في أمراض القلب والأوعية الدموية».

وفي الدراسة، قيّم الباحثون آثار الجزيئات البلاستيكية الدقيقة على فئران مُعرّضة وراثياً للإصابة بتصلب الشرايين.

تمت تغذية فئران الدراسة، ذكوراً وإناثاً، بنظام غذائي منخفض الدهون والكولسترول، يُشابه ما قد يتناوله شخص سليم ونحيف.

ومع ذلك، وعلى مدار تسعة أسابيع، تلقت الفئران جزيئات بلاستيكية دقيقة بجرعات تُقارب 10 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم.

واختار الباحثون مستويات التعرض هذه للجزيئات البلاستيكية الدقيقة؛ لتعكس كميات مُشابهة لما قد يتعرض له الإنسان من خلال الطعام والماء الملوثين.

وعلى الرغم من أن النظام الغذائي الغني بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة لم يتسبب في زيادة وزن الفئران أو ارتفاع مستويات الكولسترول لديها، وظلت الحيوانات نحيفة، فإن تلف الشرايين قد حدث.

ووجد الباحثون على وجه الخصوص فرقاً ملحوظاً في تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بين ذكور وإناث الفئران.

وأدى التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة إلى تسريع تصلب الشرايين بشكل كبير لدى ذكور الفئران، حيث زاد تراكم اللويحات بنسبة 63 في المائة في جزء من الشريان الرئيسي المتصل بالقلب، وبأكثر من 7 أضعاف في الشريان العضدي الرأسي المتفرع من الشريان الرئيسي في الجزء العلوي من الصدر.

وخلصت الدراسة إلى أن إناث الفئران التي تعرضت للظروف نفسها لم تشهد زيادة ملحوظة في تكوّن اللويحات.

وبمزيد من البحث، وجد الباحثون أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تتداخل مع الشرايين؛ ما يُغير سلوك وتوازن أنواع عدة من الخلايا.

ووجدوا أن الخلايا البطانية، التي تُشكل البطانة الداخلية للأوعية الدموية، كانت الأكثر تأثراً.

وقال الدكتور تشو: «بما أن الخلايا البطانية هي أول ما يتعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المنتشرة في الدم، فإن خلل وظيفتها قد يُؤدي إلى بدء الالتهاب وتكوّن اللويحات».

يبحث الباحثون حالياً في سبب كون ذكور الفئران أكثر عرضة لتلف الشرايين نتيجة التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وما إذا كان هذا الاختلاف بين الجنسين ينطبق على البشر أيضاً.

وقال تشو: «يكاد يكون من المستحيل تجنب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تماماً. ومع استمرار تزايد تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة عالمياً، أصبح فهم آثارها على صحة الإنسان، بما في ذلك أمراض القلب، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».

وأشار إلى أنه نظراً لأنه لا توجد حالياً طرق فعالة لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من الجسم، فإن تقليل التعرض لها والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام - من خلال النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، وإدارة عوامل الخطر - يبقى أمراً بالغ الأهمية.


ما تأثير السردين على صحة القلب؟

ما تأثير السردين على صحة القلب؟
TT

ما تأثير السردين على صحة القلب؟

ما تأثير السردين على صحة القلب؟

سواء أحببتها أم كرهتها، تُثير أسماك السردين جدلاً واسعاً في نقاشات صحة القلب، فهذه الأسماك الصغيرة الدهنية غنية بالعناصر الغذائية، بما في ذلك أحماض «أوميغا 3» الدهنية، وفيتامين «د»، وغيرها من العناصر الغذائية.

ويُعدّ تناول السردين مفيداً لصحة القلب، لأنه غني بأحماض «أوميغا 3» الدهنية التي تساعد على خفض ضغط الدم وتقليل مستويات الكوليسترول الضار، وتقليل خطر الجلطات وأمراض الشرايين. كما يحتوي على بروتين عالي الجودة ومعادن، مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم، التي تدعم وظيفة القلب بشكل عام، مما يجعله خياراً غذائياً ممتازاً للحفاظ على صحة القلب عند تناوله بانتظام.

إضافة السردين إلى نظامك الغذائي قد يُحقق فوائد صحية متعددة، ومن ضمن تلك الفوائد:

يُخفض مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول

يُعدّ السردين من أغنى مصادر أحماض «أوميغا 3» الدهنية، وقد يمتلك خصائص مضادة للالتهابات.

علبة واحدة من السردين (نحو 100 غرام) تُوفر من 1.6 إلى 1.8 غرام من أحماض «أوميغا 3» الدهنية، وفقاً لميشيل روثنشتاين، الحاصلة على ماجستير العلوم، اختصاصية التغذية المُسجلة، اختصاصية التغذية القلبية في شركة «إنتيرلي نورشد».

أظهرت إحدى الدراسات أن زيادة تناول حمض «الإيكوسابنتاينويك» (EPA) وحمض «الدوكوساهيكسانويك» (DHA)، وهما أكثر الأحماض الدهنية وفرةً في السردين، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية وتراكم الترسبات في الشرايين.

تُقدم أحماض «أوميغا 3» فوائد صحية عديدة للقلب، منها:

خفض مستويات الدهون الثلاثية، وتقليل الالتهابات، وتحسين وظائف بطانة الأوعية، وتقليل خطر عدم انتظام ضربات القلب، وتقليل تراكم الصفائح الدموية، وكذلك خفض ضغط الدم، وخفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، ودعم انتظام ضربات القلب وصحة الأوعية الدموية.

تقول الطبيبة ميشيل روثنشتاين لموقع «فيري ويل هيلث»: «إلى جانب أحماض (أوميغا 3)، يُعد السردين الذي يُؤكل مع عظامه غنياً بالكالسيوم وفيتامين (د)، مما يُساعد على تنظيم ضربات القلب ودعم سلامة الأوعية الدموية».

ويلعب الكالسيوم دوراً أساسياً في انقباض العضلات؛ يشمل ذلك عضلة القلب التي تعتمد على انقباضات دقيقة لضخ الدم بكفاءة في جميع أنحاء الجسم.

قد يساعد فيتامين «د» في تقليل الالتهابات وتصلب الشرايين -وهي حالة تصبح فيها الشرايين أقل مرونة، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم- وكلاهما من العوامل الرئيسية المساهمة في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتوضح ميشيل روثنشتاين: «يمكن أن يؤدي نقص الكالسيوم إلى استنزافه من العظام ويُسهم في تكلس الأوعية الدموية».

تحدث هذه الحالة عندما تتراكم رواسب المعادن في الشرايين، مما يؤدي إلى تصلبها. ومع مرور الوقت، يمكن أن يزيد هذا التصلب من خطر الإصابة بأمراض القلب.

يساعد على تنظيم ضغط الدم

إلى جانب أحماض «أوميغا 3» الدهنية، فإن السردين غني بالمغنيسيوم والبوتاسيوم، وهما معدنان يلعبان دوراً رئيسياً في الحفاظ على ضغط دم صحي.

تؤكد الأبحاث فائدتهما؛ فقد وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من المغنيسيوم كانوا أقل عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تتراوح بين 11 و12 في المائة مقارنةً بمن يتناولون أقل كمية منه.

وربطت دراسة أخرى بين تناول كميات كبيرة من البوتاسيوم وانخفاض ضغط الدم، مشيرة إلى تأثيره الوقائي ضد أضرار القلب والأوعية الدموية المرتبطة باستهلاك كميات كبيرة من الصوديوم.

غني بمضادات الأكسدة

يحتوي السردين أيضاً على «السيلينيوم»، وهو عنصر معدني نادر يعمل بوصفه مضاد أكسدة قوياً، كما ذكرت ميشيل روثنشتاين. تحمي مضادات الأكسدة القلب عن طريق تحييد الجذور الحرة، التي قد تُسهم في تراكم الترسبات والتهاب الشرايين.

في الواقع، تُظهر الأبحاث أن انخفاض مستويات «السيلينيوم» يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يتناولون كميات قليلة منه في نظامهم الغذائي.

كم عدد حبات السردين التي يجب تناولها؟

لست بحاجة إلى تناول السردين يومياً للاستفادة منه لصحة قلبك. تناول علبة واحدة من السردين يتجاوز الحد الأدنى الموصى به يومياً للصحة العامة، وهو 1.1 غرام.

«يرتبط تناول كميات أكبر بفوائد صحية أكبر، لكن الدراسات تشير إلى أن تناول السردين عدة مرات في الأسبوع يرتبط بفوائد واضحة»، هذا ما صرّح به الدكتور شون هيفرون، طبيب القلب في مركز لانغون الصحي بجامعة نيويورك.

ومن المرجح أن الزئبق ليس مصدر قلق أيضاً. «الأسماك الصغيرة مثل السردين لا تحتوي على المعادن الثقيلة التي تحتوي عليها الأسماك الكبيرة»، كما قال هيفرون.

لكن انتبه للمحتوى الغذائي. «قد يحتوي السردين على نسبة عالية من الصوديوم، خصوصاً عند تعليبه في محلول ملحي، مما قد يرفع ضغط الدم»، كما قالت ميشيل روثنشتاين، مضيفة: «يحتوي السردين أيضاً على (البيورينات)، التي يجب على الأشخاص المعرضين للإصابة بالنقرس أخذها في الاعتبار».


دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)
الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)
TT

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)
الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

أشارت دراسة علمية حديثة، بقيادة المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية، إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر، عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ، وذلك استناداً إلى تجارب أُجريت على نماذج حيوانية. ووجد الباحثون أن إعادة مستويات جزيء حيوي يُعرف بـNAD+ إلى وضعها الطبيعي في أدمغة الفئران أدّت إلى تراجع واضح في العلامات المرتبطة بالمرض، بما في ذلك التغيرات الدماغية والتدهور المعرفي.

وأظهرت الدراسة، التي حللت نماذج فئران مصابة بألزهايمر، إضافة إلى أنسجة دماغ بشرية، وجود انخفاض حاد في مستويات NAD+، وهو عنصر أساسي لإنتاج الطاقة الخلوية وصيانة الخلايا على المدى الطويل. ومع التقدم في العمر، تتراجع هذه المستويات، مما يُضعف قدرة الخلايا العصبية على أداء وظائفها الحيوية، وفق ما نقلته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

واستخدم الباحثون دواءً تجريبياً أعاد التوازن الطبيعي لـNAD+، فنجح في منع تطور المرض لدى الحالات المبكرة، كما أدى في الحالات المتقدمة إلى تقليل تراكم بروتينيْ الأميلويد وتاو، واستعادة الوظائف الإدراكية بشكل كامل لدى الفئران. كما لوحظت عودة مؤشرات حيوية مرتبطة بالمرض إلى مستويات طبيعية.

ورغم النتائج الواعدة، حذّر الباحثون من أن الدراسة ما زالت محصورة في النماذج الحيوانية، ولا يمكن الجزم بتكرار النتائج نفسها لدى البشر، نظراً لتعقيد مرض ألزهايمر. كما نبهوا إلى مخاطر الإفراط في تناول مكملات ترفع NAD+ دون إشراف طبي.

وأكد الفريق البحثي أن نمط الحياة الصحي، مثل النوم الكافي، والتغذية المتوازنة، والنشاط الذهني والبدني، يبقى عاملاً أساسياً في تعزيز صحة الدماغ، بالتوازي مع مواصلة الأبحاث لتطوير علاجات مستقبلية محتملة للألزهايمر.