تقرير «الجمعية الأميركية لعلم النفس» عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

تحذيرات حول استخدام المراهقين بكثرة لتطبيقاته

تقرير «الجمعية الأميركية لعلم النفس» عن مخاطر الذكاء الاصطناعي
TT

تقرير «الجمعية الأميركية لعلم النفس» عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

تقرير «الجمعية الأميركية لعلم النفس» عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

أوضح تقرير صدر حديثاً عن الجمعية الأميركية لعلم النفس (American Psychological Association) في مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي، المخاطر المترتبة على استخدام المراهقين لتطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل مبالغ فيه. ودُعي العلماء إلى ضرورة إعطاء الأولوية للضمانات التي تحمي هؤلاء المراهقين.

الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية للمراهقين

أكد العلماء في التقرير الذي حمل عنوان «الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية للمراهقين»، الأهمية العلمية الكبيرة للذكاء الاصطناعي ودوره الكبير في توفير المعلومات بشكل غير مسبوق عبر وسائط مختلفة. ولكن في الوقت نفسه، حذروا من خطورة تعامل مع المراهقين معه كأنه رفيق بشري حقيقي، نظراً للتقنيات المتقدمة التي تمكن هذه التطبيقات من التفاعل الكامل مع المراهقين.

برامج الدردشة التفاعلية - أخطر

وحذر التقرير من برامج الدردشة الآلية التفاعلية المطورة بالذكاء الاصطناعي (Interactive AI) على وجه التحديد، لأنها تختلف عن محركات البحث التقليدية حتى التي تستخدم الصوت، لأن هذه البرامج قادرة على محاكاة البشر، سواء عن طريق كتابة نصوص بشرية تفاعلية باللهجات العامية، وصياغة بسيطة أقرب لعبارات التعامل مع الأصدقاء الحقيقيين، أو من خلال استخدام صوت واقعي أنثوي أو ذكوري، وهو الأمر الذي يؤثر بالضرورة على حياة المراهقين الاجتماعية وسلوكهم الإنساني، خصوصاً الذين يعانون بالفعل من الوحدة أو التنمر.

توصيات طبية

حسب توصيات الجمعية الأميركية للطب النفسي (APA)، يجب أن تتضمن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تحاكي النماذج البشرية، خصوصاً الدردشة التلقائية ضماناتٍ لمنع الأضرار النفسية من خلال التأكيد على آلية هذه التطبيقات، خصوصاً عندما يعبر الشباب عن مشاكلهم النفسية لمنع المراهقين من التعلق بها، والثقة في شخصياتها، لأن المراهق يجد صعوبة في التمييز بين التعاطف البشري الحقيقي ومحاكاة التعاطف الإلكتروني، مما يهدد باستبدال الروابط الاجتماعية في العالم الحقيقي حتى من أقرب المحيطين بالمراهق.

محتويات فيديو إباحية وعنيفة أو مضللة

يمكن أن يؤدي التعرض للتفاعل المباشر مع المحتويات الضارة من خلال الفيديوهات الواقعية إلى زيادة مخاطر الصحة النفسية والعقلية، سواء كانت هذه المحتويات عنيفة أو إباحية أو مضللة، لأنها تجعل المراهق يتأقلم معها، ولا يجد غضاضة في اقترافها. لذلك يجب على مطوري الذكاء الاصطناعي تطبيق إجراءات حماية قوية ضد هذه المحتويات وتوفير طريقة معينة يتحكم بها المستخدم في نوعية المحتوى المقدم بالتعاون مع خبراء الصحة النفسية لضمان إجراءات حماية فعالة.

وأوضح التقرير أن العمر في حياة الشباب لا يُعدّ وحده مؤشراً قاطعاً على النضج، أو الاتزان النفسي الكامل. ويمكن تعريف مرحلة المراهقة تبعاً لتأثرها بالذكاء الاصطناعي بأنها فترة نمو كبيرة تمتد لمرحلة عمرية طويلة بداية من الطفولة المتأخرة، وتنتهي بالبلوغ الكامل (تتراوح بين 10 و25 عاماً)، وهذه الفترة الطويلة يحدث فيها نمو حاسم لخلايا المخ، لذلك يجب أن يكون هناك توفير ضمانات خاصة للمستخدمين تشمل فئة عمرية كبيرة جداً.

وسيط إلكتروني ذكي لبناء أو هدم الشخصية

أكد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي مجرد وسيط إلكتروني مثل وسائل التواصل الاجتماعي ليس جيداً ولا سيئاً في حد ذاته. ولكن طريقة استخدامه هي التي تجعل منه سلاحاً فعالاً في بناء أو هدم شخصية المراهق. وعلى الرغم من المخاوف الحقيقية من مخاطر الذكاء الاصطناعي، فإن دوره الكبير في التعليم واكتساب المهارات الإدراكية لا يمكن إغفاله، خصوصاً بالنسبة للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعليم، ولا يستطيعون الدراسة في فصول نظامية.

في النهاية، نصح التقرير الآباء بضرورة متابعة المحتوى الذي يتابعه أطفالهم باستمرار، والتأكيد على أن التكنولوجيا مهما تقدمت تظل مجرد وسيلة لا يمكنها استبدال المشاعر الحقيقية. ويجب على الآباء أيضاً توفير الدعم النفسي للطفل، وحثه على عمل علاقات اجتماعية حقيقية لتكون بمثابة الوقاية من أخطار الذكاء الاصطناعي.


مقالات ذات صلة

بلوغ «شيخوخةٍ شابّة» ليس مهمة مستحيلة... طبيبة متخصصة تقدّم بعض النصائح

يوميات الشرق سلوكيات بسيطة يمكن أن تضاعف سنوات العمر وتقي من العجز (رويترز)

بلوغ «شيخوخةٍ شابّة» ليس مهمة مستحيلة... طبيبة متخصصة تقدّم بعض النصائح

في يد الأجيال الحالية أدوات كثيرة تجعل من تأخير عوامل التقدّم في السنّ مهمة أسهل مما كانت عليه مع الأسلاف.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق في مسرحية جو الخوري تتحوّل الرحم إلى خشبة (مسرح المونو)

«بالسابع»: الرحم مرآة للعالم الخارجي وتاريخ مُبكر للأذى

الخيط السردي الذي يربط الداخل بالعالم الخارجي، شبيه بحبل السرّة: مرئيّ، لكنه هشّ... متين بما يكفي ليُغذّي، وضعيف بما يكفي ليخنق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
علوم كيف تعزز مهاراتك العقلية إذا كنت تعاني من مشكلات في تنفيذ المهمات؟

كيف تعزز مهاراتك العقلية إذا كنت تعاني من مشكلات في تنفيذ المهمات؟

حالات مَرَضية واجتماعية تعوق الأداء التنفيذي

كريستينا كارون (نيويورك)
يوميات الشرق التطبيق يقدِّم نهجاً شخصياً مصمماً خصيصاً لتحسين جودة الحياة النفسية (جامعة نيو ساوث ويلز)

تطبيق «ذكي» لتحسين الصحة النفسية والرضا عن الحياة

أطلق باحثون في مركز بحوث علوم الأعصاب وجامعة نيو ساوث ويلز، في أستراليا، تطبيقاً جديداً للهواتف الذكية، يهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والرضا عن الحياة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أوروبا تقديم العزاء يوم الخميس خارج المدرسة في غراتس - النمسا حيث وقع إطلاق نار قبل يومين (أ.ب)

النمسا: مطلق النار في مدرسة غراتس كان انطوائياً وفشل في اختبارات نفسية

كشفت تحقيقات الشرطة النمساوية أن الشاب البالغ 21 عاماً، المشتبه في قيامه بإطلاق نار جماعي بمدرسة غراتس الثانوية أسفر عن مقتل 10 أشخاص، كان شخصاً انطوائياً

«الشرق الأوسط» (فيينا - برلين)

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
TT

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

وأوضح الباحثون أن فعالية الدواء ترجع إلى آلية غير تقليدية تتعلق بخفض ضغط سوائل الدماغ، وعُرضت النتائج، الجمعة، ضمن فعاليات مؤتمر الأكاديمية الأوروبية لعلم الأعصاب، الذي يُعقد بين 21 و24 يونيو (حزيران) 2025 في هلسنكي، بفنلندا.

ويُعد الصداع النصفي اضطراباً عصبياً شائعاً، يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس، وغالباً ما يتركز في جانب واحد. وتُصاحب النوبات أحياناً أعراض مثل الغثيان، والتقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء أو الصوت، وقد تستمر من ساعات لأيام.

وتختلف شدة وتكرار النوبات من شخص لآخر، ويُعد الصداع النصفي من أبرز أسباب الإعاقة المؤقتة عالمياً، لا سيما بين النساء. وعلى الرغم من توفر عدة أدوية للتخفيف من حدة النوبات أو الوقاية منها، فإن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، مما يدفع للبحث عن بدائل علاجية جديدة وفعالة.

وأُجريت الدراسة على 26 من البالغين المصابين بالسمنة والصداع النصفي المزمن، بهدف اختبار فعالية دواء «ليراجلوتيد» (liraglutide)، وهو من فئة أدوية (GLP-1) المعروفة بتأثيرها في خفض سكر الدم، وكبح الشهية، وتقليل الوزن، ويُستخدم على نطاق واسع لعلاج السكري.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد أيام الصداع، بمعدل 11 يوماً أقل شهرياً، بعد استخدام الدواء لمدة 12 أسبوعاً. كما انخفضت درجات الإعاقة على مقياس تقييم إعاقة الصداع النصفي بمقدار 35 نقطة، وهو تحسن كبير ذو دلالة سريرية، يعكس استعادة المرضى لقدرتهم على العمل، والدراسة، والنشاط الاجتماعي.

وأشار الباحثون إلى أن معظم المرضى شعروا بتحسن ملحوظ خلال أول أسبوعين من بدء العلاج، واستمر هذا التحسن طوال فترة الدراسة التي امتدت لثلاثة أشهر.

آثار جانبية طفيفة

ورغم أن «ليراجلوتيد» معروف بفعاليته في تقليل الوزن، فإن التغير في مؤشر كتلة الجسم للمشاركين لم يكن ذا دلالة إحصائية، ما يُعزز فرضية أن التحسن في الصداع ناجم عن خفض ضغط السائل الدماغي الشوكي، وليس عن خسارة الوزن.

ويعتقد الفريق أن تقليل ضغط هذا السائل يخفف من الضغط على الجيوب الوريدية داخل الجمجمة، مما يؤدي لتقليل إفراز أحد المحفزات الرئيسية لنوبات الصداع النصفي.

وسُجّلت آثار جانبية طفيفة لدى 38 في المائة من المشاركين، تمثلت غالباً في الغثيان والإمساك، لكنها لم تؤدِ إلى توقف أي من المرضى عن الاستمرار في العلاج.

ويُخطط الفريق حالياً لإجراء تجربة سريرية جديدة لاختبار أدوية أخرى تنتمي للفئة نفسها، قد تحقق التأثير العلاجي ذاته مع آثار جانبية أقل. وإذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد تُفتح آفاق جديدة لعلاج الصداع النصفي، خصوصاً أولئك الذين لم تنجح معهم العلاجات المتوفرة حالياً.