الذكريات تلعب دوراً رئيسياً في تحديد كمية الطعام التي نتناولها

تشير الدراسة إلى أن المواد الدعائية تستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها (أ.ب)
تشير الدراسة إلى أن المواد الدعائية تستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها (أ.ب)
TT
20

الذكريات تلعب دوراً رئيسياً في تحديد كمية الطعام التي نتناولها

تشير الدراسة إلى أن المواد الدعائية تستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها (أ.ب)
تشير الدراسة إلى أن المواد الدعائية تستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها (أ.ب)

توصل باحثون في الولايات المتحدة إلى أن الذكريات تلعب دوراً رئيسياً في تحديد كمية الغذاء التي يتناولها الفرد، ويمكن أن تكون من أسباب مشكلة الإفراط في تناول الطعام لدى البعض.

ووجد فريق بحثي من «مركز مونيل لأبحاث الحواس الكيميائية» في الولايات المتحدة، أن مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة الحصين داخل المخ هي المسؤولة عن تخزين الذكريات الخاصة بالسكريات والدهون، وأنها ترتبط بشكل مباشر باستهلاك الغذاء وزيادة الوزن، وربما يكون لها دور في سبل علاج السمنة وزيادة الوزن.

ورداً على سؤال بشأن مدى تأثير الذكريات على نوعية وكمية الغذاء التي يتناولها كل فرد، يقول الباحث جويلوم دي لارتيج رئيس فريق الدراسة، إن الإجابة على هذا السؤال هي: «بالقطع نعم»؛ حيث استطاع الفريق للمرة الأولى تحديد منظومة الذاكرة المتعلقة بالطعام داخل المخ، وارتباطها المباشر بالإفراط في الغذاء والسمنة المرتبطة بالعادات الغذائية.

وسلَّطت الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «Nature Metabolism» المتخصصة في مجال أبحاث الأيض الغذائي، الضوء على مجموعة من الخلايا في مخ الفئران تختزن الذكريات الخاصة بالسكريات والدهون، ورصدوا تأثيرها الملموس على معدلات استهلاك الغذاء ووزن الجسم.

ويقول الباحث دي لارتيج: «في الوقت الحالي، أصبحنا نتعرض بشكل دائم لمواد دعائية ومناخ عام يستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها».

وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية، أن «الأمر المدهش أننا حددنا مجموعة معينة من الخلايا العصبية داخل منطقة الحصين، وهي التي تقوم؛ ليس فقط بتشكيل ذكرياتنا المتعلقة بالطعام؛ بل أيضاً بتحرك سلوكياتنا الغذائية، وهذه الرابطة العصبية يمكن أن تكون لها تداعيات ملموسة على وزن الجسم وسلامة الأيض».

ويقول الباحثون إن هذه الخلايا العصبية تقوم بصنع الذكريات الخاصة بأماكن «المأكولات الغنية بالمغذيات»، كما لو كانت ذاكرة مكانية؛ لا سيما بالنسبة للسكريات والدهون، وأضافوا أن وقف عمل هذه الخلايا يعطل قدرة الحيوان على استرجاع الذكريات الخاصة بالسكريات، وبالتالي يقلل من معدل استهلاكه للسكر ويمنع زيادة الوزن، حتى في حالة تعريض فئران التجارب لوجبات غذائية تسهم في زيادة الوزن. وعلى العكس، اتضح للباحثين أن إعادة تنشيط هذه الخلايا يعزز الذكريات الخاصة بالطعام، ويزيد من استهلاك الغذاء، وهو ما يكشف مدى تأثير ذكريات الطعام على سلوكياتنا الغذائية.

ويرى الباحث دي لارتيج أن هذه النتائج تطرح مفهومين علميين جديدين: أولهما أن هناك خلايا عصبية معينة في المخ مسؤولة عن الذكريات المتعلقة بالطعام، وثانيهما أن هذه الذكريات تؤثر بشكل مباشر على كمية الغذاء التي يتناولها الفرد. ويقول: «رغم أنه ليس من المدهش أننا نتذكر تجارب تناول المأكولات الشهية، فقد ظل من المفترض لفترة طويلة أن هذه الذكريات ليس لها تأثير على سلوكياتنا الغذائية، ولكن الأمر المثير للدهشة هو أن كبح جماح هذه الخلايا يمكن أن يمنع زيادة الوزن ويؤثر على الاستجابة تجاه الوجبات الغنية بالدهون والسكريات».

وذكر الفريق البحثي أنه في كثير من الأحيان يتم إغفال دور الذاكرة بوصفها محركاً رئيسياً نحو تناول الطعام، ولكن هذه الدراسة تظهر الصلة المباشرة بين الذاكرة والأيض، وتختلف عن غيرها من الدراسات في أنها تسلط الضوء على تداعيات الذاكرة على سلامة عملية الأيض في جسم الإنسان. وأكد الباحثون أن التخلص من الخلايا العصبية التي تستجيب للسكريات في الحصين داخل مخ الفئران، لا يعطل ذكريات الطعام فحسب؛ بل يقلل كمية السكر التي يتناولها الحيوان ويحمي من زيادة الوزن، وهو ما يسلط الضوء على العلاقة بين بعض الدوائر العصبية في المخ وصحة عملية الأيض، وهو مجال يتم إغفاله في كثير من الأحيان في مجال دراسات السمنة.

ويقول الباحث مينغ تشين يانغ، طالب الدكتوراه في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة، وأحد المشاركين في الدراسة من مختبر دي لارتيج، إن «نظم الذكريات في الحصين الذي تطور بحيث يساعد الحيوانات على تحديد أماكن الطعام ومصادرها، يلعب دوراً رئيسياً من أجل البقاء»، مضيفاً -في تصريحات للموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي»- أنه «في البيئات العصرية -حيث توجد وفرة في الطعام ومؤشرات على وجوده في كل مكان- ربما تؤدي هذه الدوائر العصبية إلى الإفراط في تناول الطعام، مما يسهم في حدوث السمنة».

ومن النتائج الأخرى الرئيسية للدراسة، أن الذكريات الخاصة بالطعام تتميز بخصوصية بالغة لكل صنف، بمعنى أن الخلايا العصبية الخاصة بالسكريات تختلف عن الخلايا الخاصة بالمأكولات الدهنية، وكل نوع من هذه الخلايا لا يؤثر على استجابة الجسم حيال المأكولات التي تندرج في إطار نوع أو صنف آخر.

وذكر الباحث دي لارتيج أن «درجة تخصص هذه الدوائر العصبية هي مسألة مثيرة للدهشة؛ حيث إنها تؤكد مدى دقة استجابة المخ حيال أنواع الطعام المختلفة وانعكاساتها على السلوكيات الغذائية، مما يضمن أن الحيوان يستطيع التمييز بين مصادر أنواع المغذيات المختلفة في البيئة»، وأضاف: «لقد استطعنا التمييز بين الخلايا العصبية الخاصة بالمأكولات الغنية بالدهون والخلايا الخاصة بالسكريات». ويفترض الباحثون أن هذا الانفصال بين الخلايا يعود إلى أن الدهون والسكريات نادراً ما تجتمع في نوع واحد من المأكولات في الطبيعة.

وذكر دي لارتيج أن «هذه الدراسة تفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات جديدة للتعامل مع مشكلات السمنة؛ حيث يمكن عن طريق استهداف الحصين في المخ تعطيل عمل الذكريات التي تدفعنا نحو المأكولات غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية التي تسبب زيادة الوزن، وقد يقود هذا المبحث العلمي إلى التوصل لعلاج للسمنة في دول العالم الغنية بالغذاء في الوقت الحالي».


مقالات ذات صلة

«الأغذية العالمي»: إمدادات الغذاء في قطاع غزة تكفي لأقل من أسبوعين

المشرق العربي أطفال فلسطينيون ينتظرون وجبة خلال توزيع الطعام في مطبخ خيري بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة 3 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«الأغذية العالمي»: إمدادات الغذاء في قطاع غزة تكفي لأقل من أسبوعين

أعلن برنامج الأغذية العالمي، اليوم (الأربعاء)، أن لديه ما يكفي من إمدادات الغذاء في قطاع غزة لإبقاء المطابخ العامة والمخابز مفتوحة لمدة أقل من أسبوعين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد أحد مشاريع إنتاج الدواجن في السعودية (واس)

السعودية تعزز أمنها الغذائي بتحقيق 72 % اكتفاءً ذاتياً من لحوم الدواجن

في خطوة لتعزيز استدامة الأمن الغذائي في السعودية، أكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن المملكة حققت اكتفاءً ذاتياً من لحوم الدواجن بنسبة 72 في المائة.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد جانب إحدى أسواق الخضراوات والفاكهة إنتاجها محلي (واس)

السعودية تؤكد على دور المنتجات المحلية في تقليل البصمة الكربونية وتعزيز الأمن الغذائي

أكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية أهمية شراء المنتجات المحلية، مشيرةً إلى دورها المحوري في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، وتعزيز الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أطفال سودانيون يتناولون أوراق الشجر المسلوقة كطعام في معسكر للنازحين في ولاية جنوب كردفان... السودان 22 يونيو 2024 (رويترز)

«الأغذية العالمي»: نصف السودانيين يعانون الجوع الحاد... لا سبيل لمواجهة المجاعة سوى توقف القتال

قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إنه لا سبيل لمواجهة المجاعة في السودان سوى توقف القتال الدائر في البلاد منذ ما يقرب من عامين.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
صحتك يمكن للطهي أن يعزز صحتك (رويترز)

احذر تناول هذا الأطعمة وهي نيئة

سواء أكنت من عشاق الطهي أم كنت تفضل طلب الطعام من الخارج، من المهم أن تعرف ما هي الأطعمة التي لا يجب أن تأكلها نيئة أبداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تناول برتقالة واحدة يومياً يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب بنسبة 20 %

رجل يحمل سلة من البرتقال وسط حدث سنوي في إيطاليا (رويترز)
رجل يحمل سلة من البرتقال وسط حدث سنوي في إيطاليا (رويترز)
TT
20

تناول برتقالة واحدة يومياً يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب بنسبة 20 %

رجل يحمل سلة من البرتقال وسط حدث سنوي في إيطاليا (رويترز)
رجل يحمل سلة من البرتقال وسط حدث سنوي في إيطاليا (رويترز)

يُقدر أن 280 مليون شخص حول العالم يعيشون مع الاكتئاب السريري، وهي حالة صحية عقلية تؤثر على مزاج الشخص وإحساسه بذاته.

هناك عدد من عوامل الخطر للاكتئاب، بما في ذلك التاريخ العائلي، والتغيرات الهرمونية، والأمراض المزمنة الأخرى، والتوتر المستمر، وفقاً لموقع «ميديكال نيوز توداي».

تظهر الدراسات السابقة أن بعض التغييرات في نمط الحياة يمكن أن تساعد في تقليل خطر إصابة الشخص بالاكتئاب، وتشمل النشاط البدني، والنوم السليم، وإدارة الإجهاد، واتباع نظام غذائي صحي.

وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، تظهر الأبحاث السابقة أن تناول الأطعمة الصحية قد يساعد في تقليل خطر إصابة الشخص بالاكتئاب.

أظهرت دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة «Microbiome» أن البرتقال هو طعام آخر قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.

كمية أكبر من البكتيريا المفيدة مرتبطة بتناول الحمضيات

في هذه الدراسة، قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 32 ألف امرأة في منتصف العمر. بين عامي 2003 و2017، تم إرسال استبيانات بشكل دوري إلى المشاركات في الدراسة لسؤالهن عن نظامهن الغذائي وحالة الاكتئاب.

باستخدام نتائج تسلسل الحمض النووي من عينات البراز التي تم جمعها مسبقاً من قِبَل المشاركات، وجد الباحثون علاقة بين تناول الحمضيات ووفرة 15 نوعاً في ميكروبيوم الأمعاء، بما في ذلك بكتيريا تسمى «Faecalibacterium prausnitzii».

أظهرت الأبحاث السابقة أن «Faecalibacterium prausnitzii» مفيدة للجسم لأنها تساعد في تقليل الالتهاب ودعم الجهاز المناعي.

قد يساعد ذلك أيضاً في علاج أمراض الجهاز الهضمي مثل مرض القولون العصبي، وكذلك السمنة، وحتى مرض السكري من النوع 2، وفقاً لبعض الدراسات على الحيوانات.

بالإضافة إلى ذلك، وجد العلماء كمية أقل من «F. prausnitzii» في ميكروبيوم المشاركات في الدراسة المصابات بالاكتئاب.

قال الطبيب راج ميهتا من كلية الطب بجامعة هارفارد، وطبيب في مستشفى ماساتشوستس العام، والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة: «لقد وجدنا أن تناول برتقالة متوسطة الحجم يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنحو 20 في المائة».

وتابع: «يبدو أن التأثير خاص بالحمضيات. عندما ننظر إلى إجمالي استهلاك الناس من الفاكهة أو الخضار، أو إلى فواكه فردية أخرى مثل التفاح أو الموز، لا نرى أي علاقة بين تناولها وخطر الإصابة بالاكتئاب».

كما أثبت العلماء صحة نتائجهم لدى الرجال من خلال المشاركين في دراسة التحقق من نمط حياة الرجال، التي أظهرت أيضاً انخفاضاً في «F. prausnitzii» في الميكروبيوم المرتبط بالاكتئاب.

يعتقد الباحثون أن «F. prausnitzii» قد يساعد في علاج الاكتئاب من خلال التأثير على مستويات الناقلات العصبية السيروتونين والدوبامين.