ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

توجد مناعة واسعة النطاق منه لدى السكان على مستوى العالم

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

عادة شائعة قد تشكّل خطراً على صحتك مثل التدخين... احذرها

صحتك شخص ينظر إلى هاتف ذكي أثناء الجلوس على كرسي في سوق للتجارة الدولية بمقاطعة تشجيانغ - الصين (رويترز)

عادة شائعة قد تشكّل خطراً على صحتك مثل التدخين... احذرها

قد يؤدي الجلوس إلى موتك ببطء، لكن من غير المرجح أن يكون الوقوف أمام مكتبك هو الحل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا رجل يغطي وجهه أثناء ركوبه دراجة وسط الغبار والتلوث في أحمد آباد في الهند (أ.ب)

كلنا تقريباً نتنفس هواءً ملوثاً... إليك ما يمكنك فعله

الهواء الذي نتنفسه في كثير من الأحيان لا يكون نقياً على الإطلاق. فماذا نفعل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يؤثر سلباً على جسم الشخص ووجهه ومظهره (رويترز)

ماذا تفعل قلة النوم بجسمك ووجهك؟ الذكاء الاصطناعي يكشف

كشفت دراسة جديدة عن التأثيرات السلبية غير المتوقعة لعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم على جسم الشخص ووجهه ومظهره وصحته العامة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الكربوهيدرات تشكل عنصراً أساسياً في النظام الغذائي الصحي (أرشيفية- رويترز)

نصائح لنظام غذائي مفيد لصحة الدماغ

ينصح الخبراء -بشكل مستمر- بتناول الأشياء التي تغذِّي الدماغ، ولا تضره.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ صورة تحت المجهر الإلكتروني قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس «جدري القردة» باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

نيويورك تؤكد أول إصابة بسلالة «جدري القردة» الجديدة... والحصبة تتفشى في تكساس

أكدت وزارة الصحة بولاية نيويورك تسجيل أول إصابة بسلالة «جدري القردة» الجديدة، مما يزيد المخاوف العالمية بشأن انتشار المتحور الذي لا يُعرف عنه الكثير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

3 فوائد مذهلة لتناول الزبادي

يحتوي الزبادي على كميات وفيرة من الكالسيوم والزنك وفيتامين ب (جامعة جنوب أستراليا)
يحتوي الزبادي على كميات وفيرة من الكالسيوم والزنك وفيتامين ب (جامعة جنوب أستراليا)
TT

3 فوائد مذهلة لتناول الزبادي

يحتوي الزبادي على كميات وفيرة من الكالسيوم والزنك وفيتامين ب (جامعة جنوب أستراليا)
يحتوي الزبادي على كميات وفيرة من الكالسيوم والزنك وفيتامين ب (جامعة جنوب أستراليا)

يرتبط استهلاك الزبادي بفوائد صحية كثيرة. ومع ذلك، لا تتوفّر سوى معلومات موثوقة محدودة حول سماته الغذائية والصحية. وهو يحتوي على كميات وفيرة من الكالسيوم، والزنك، وفيتامينات ب؛ كما يُعدّ مصدراً جيداً للبروتين؛ ويمكن استكماله بفيتامين د، والبروبيوتيك الإضافي المرتبط بنتائج صحية إيجابية. علاوة على ذلك، فإنه متاح، وسهل الاستهلاك، مما يجعل استهلاكه نهجاً مُجدياً لتحسين الحالة الغذائية والصحية.

وتناول عدد محدود من الدراسات، تحديداً، تأثير استهلاكه في الحالة الغذائية، والوقاية من بعض الأمراض. ومع ذلك، فإنّ تلك التي أُبلغ عنها، حتى الآن، مشجِّعة، وتشير إلى أنّ الزبادي قد يلعب دوراً حيوياً وفعالاً في تحسين الحالة الغذائية والصحية في عدد من الحالات المرضية.

خفض خطر الإصابة بالسرطان

وجد باحثون من جامعة ماس جنرال بريغهام الأميركية أنّ تناول الزبادي، الذي يحتوي على سلالات حيّة من البكتيريا، يحمي من أنواع أمراض عدّة، كما أنه بمرور الوقت يمكن أن يقلّل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم من خلال التغييرات المفيدة التي يحدثها في ميكروبيوم الأمعاء.

باستخدام بيانات من دراسات سابقة تابعت المشاركين لعقود، أظهرت الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «غوت ميكروبز» التي تُعنى بدراسة ميكروبات الأمعاء أنّ الاستهلاك طويل الأمد لوجبتين أو أكثر من الزبادي أسبوعياً كان مرتبطاً بانخفاض معدل الإصابة بسرطان القولون القريب الإيجابي لبكتيريا بيفيدوباكتيريوم؛ وهو نوع من سرطان القولون والمستقيم يحدث في الجانب الأيمن من القولون.

في هذا السياق، قال الباحث المُشارك الدكتور شوجي أوجينو، من قسم علم الأمراض في مستشفى بريغهام والنساء: «تقدّم دراستنا أدلّة فريدة حول الفائدة المحتملة للزبادي».

ويفترض الباحثون أنّ تناول الزبادي على المدى الطويل قد يقلّل من خطر الإصابة بسرطان القولون عن طريق تغيير ميكروبيوم الأمعاء، لكنهم يلاحظون أنّ ثمة حاجة إلى مزيد من البحث الذي يجمع بين العلوم الأساسية ودراسات صحة السكان لرسم خريطة طريق واضحة.

انخفاض ضغط الدم

ووفقاً لدراسة أخرى أجراها باحثون من جامعة جنوب أستراليا، فإنّ جرعة يومية من الزبادي، سواء عبر ملعقة صغيرة على حبوب الإفطار الصباحية أو وجبة خفيفة بسيطة في أثناء التنقّل، يمكن أن تكون الطعام الذي يلجأ إليه الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

الدراسة التي نُشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 في «المجلة الدولية للألبان»، بالشراكة مع جامعة مين بالولايات المتحدة، فحصت الارتباطات بين تناول الزبادي وضغط الدم وعوامل الخطر القلبية الوعائية، ووجدت أنه مرتبط بانخفاض ضغط الدم لدى المصابين بارتفاعه.

على مستوى العالم، يعاني أكثر من مليار شخص ارتفاع ضغط الدم، مما يعرّضهم لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

تقول الباحثة في جامعة جنوب أستراليا، الدكتورة ألكسندرا ويد، إنّ هذه الدراسة تقدّم أدلة تربط الزبادي بنتائج ضغط الدم الإيجابية للأشخاص المصابين بارتفاعه.

ووفق ويد، «قد تكون منتجات الألبان، خصوصاً الزبادي، قادرة على خفض ضغط الدم، لأنها تحتوي على مجموعة من المغذّيات الدقيقة، بما فيها الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم، التي تشارك جميعها في تنظيم ضغط الدم».

علاقته بتقليل مضاعفات السكري

وأظهر البحث المنشور في مجلة الجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكري (دايابيتولوجيا)، في فبراير (شباط) 2014، أنّ الاستهلاك العالي للزبادي، مقارنة بعدمه، قد يقلّل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 28 في المائة.

ووجد العلماء في جامعة كامبريدج البريطانية أنّ الاستهلاك العالي لمنتجات الألبان المُخمَّرة قليلة الدسم، التي تشمل جميع أنواع الزبادي وبعض أنواع الجبن قليلة الدسم، يقلّل أيضاً من خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 24 في المائة بشكل عام.

وقد تمارس منتجات الألبان المُخمَّرة تأثيرات مفيدة ضدّ السكري من خلال البكتيريا الحيوية وبشكل خاص فيتامين ك المرتبط بعملية التخمير.