مرض في مطبخك... ما «إنفلونزا التيفلون»؟

توجد «المواد الكيميائية الأبدية» في عدد من المنتجات المصنعة مثل المقالي غير اللاصقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
توجد «المواد الكيميائية الأبدية» في عدد من المنتجات المصنعة مثل المقالي غير اللاصقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مرض في مطبخك... ما «إنفلونزا التيفلون»؟

توجد «المواد الكيميائية الأبدية» في عدد من المنتجات المصنعة مثل المقالي غير اللاصقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
توجد «المواد الكيميائية الأبدية» في عدد من المنتجات المصنعة مثل المقالي غير اللاصقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في الوقت الذي ينتشر فيه استخدام الأواني غير اللاصقة حول العالم، ووسط هذا الإقبال، ربما لا نعلم ما تحمله من أمراض قد نتعرض لها بسبب استخدامها.

في العام الماضي، أبلغت «المراكز الأميركية للسموم» عن 267 حالة يشتبه في إصابتها بـ«حمى دخان البوليمر»، وهو مرض نادر يشبه الإنفلونزا يحدث نتيجة استنشاق الأبخرة من مقلاة غير لاصقة شديدة الحرارة.

تُعرف أيضاً باسم «إنفلونزا التيفلون»، في إشارة إلى الاسم التجاري للطلاء الشهير غير اللاصق، ويُعتقد أن حالات الإصابة في عام 2023 هي من بين الأعلى المبلّغ عنها منذ عام 2000، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.

إليك كل ما تحتاج إلى معرفته حول هذه الحمى:

يصنّع التيفلون وكثير من المقالي غير اللاصقة الأخرى من «متعدد رباعي فلورو إيثيلين (المعروف أيضاً باسم PTFE)»، ويُعرف باسم «المواد الكيميائية الأبدية»؛ لأنها يمكن أن تستغرق مئات أو حتى آلاف السنين لتتحلل.

يمكن أن يتحلل طلاء المقلاة غير اللاصقة عند تسخينها فوق درجة حرارة 500 فهرنهايت، مما يؤدي إلى انبعاث أبخرة تغذي «إنفلونزا التيفلون».

ويشرح زاكاري هدسون، أستاذ الكيمياء بجامعة كولومبيا البريطانية، لصحيفة «واشنطن بوست»: «سوف يحترق الإناء ويطلق مزيجاً معقداً للغاية من المواد المؤكسدة والمُفَلْوَرَة. ولهذا السبب يقولون لك: لا تسخّن مقلاة التيفلون إلى درجة حرارة عالية».

يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية - رويترز)

وفي إحدى الدراسات الألمانية، سجل الباحثون انبعاثات «PFAS» تظهر من تسخين المقالي الفارغة غير اللاصقة لمدة 30 دقيقة. كلما ارتفعت درجات الحرارة، زادت الانبعاثات.

وكتب الباحثون في النتائج التي توصلوا إليها: «لا يوجد خطر على صحة الإنسان عند استخدامها في درجات الحرارة العادية».

وفي حين صرح المتحدث باسم «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» لصحيفة «واشنطن بوست» بأن الوكالة ليست على علم بأي بحث يظهر أن «PFAS» المستخدم في أواني الطهي غير اللاصقة «يمثل مصدر قلق على سلامة المستهلكين».

وأكد المتحدث أن جميع المواد المستخدمة في «المنتجات الملامسة للأغذية» تخضع لمراجعة علمية صارمة من قبل علماء «إدارة الغذاء والدواء».

ما «حمى دخان البوليمر» أو «إنفلونزا التيفلون» وما مدى شيوعها؟

«حمى الدخان البوليمري» عادةً ما تحدث الحمى وألم العضلات وضيق التنفس والصداع.

تبدأ الأعراض، وهي مؤقتة، بشكل عام خلال 12 ساعة من التعرض للانبعاثات، ولكن يمكن أن تستغرق ما يصل إلى 24 ساعة لتتطور.

أعراض «حمي التيفلون» تشبه أعراض نزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

ويعتقد الخبراء أن المرض قد لا يبلغ عنه بشكل كبير؛ لأن الناس يخلطون بين أعراضها ونزلات البرد أو الإنفلونزا.

وأُبلغ عن 9 حالات في المتوسط ​​سنوياً لـ«المراكز الأميركية لمكافحة السموم» بين عامي 2006 و2012، وفقاً للبيانات الحكومية.

الطيور والأواني غير اللاصقة

الطيور حساسة للغاية للأبخرة السامة، ولهذا السبب تُستخدم طيور الكناري للكشف عن أول أكسيد الكربون والغازات الخطرة الأخرى في مناجم الفحم. ويمكن أن تكون الأبخرة الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة المقلاة المطلية بـ«PTFE» قاتلة لها. لذلك تنصح الشركة المصنعة للتيفلون أصحاب الطيور بإبعادها عن المطبخ خلال الطهي.

كيفية استخدام الأواني غير اللاصقة

لا تسخّن المقلاة غير اللاصقة، فقد تصل المقالي الفارغة إلى درجات حرارة عالية بسرعة أكبر، لذلك تجنب التسخين المسبق ودَفِّئ دائماً المقالي بالطعام أو الزبد أو الزيت. وأيضاً، لا تشوي فيها. ويقول صانعو المقالي غير اللاصقة التي تحتوي مادة «PTFE» إن أواني الطهي آمنة للاستخدام في الفرن حتى درجة حرارة 450 أو 500 فهرنهايت، مما يجعل الشيّ أو الخَبز عالي الحرارة أمراً محظوراً. وعند الطهي باستخدام مقلاة غير لاصقة، استخدم مروحة أو افتح النوافذ، فدوران الهواء يقلل من احتمالية استنشاق الدخان المنبعث منها. ولا تستخدم الفولاذ المقاوم للصدأ أو الأدوات الصلبة في المقالي غير اللاصقة. ويوصي الخبراء باستخدام أدوات من الخشب أو السيليكون أو النايلون لمنع الخدش.

هل من الآمن استخدام أوانٍ غير لاصقة مخدوشة؟

كشفت الأبحاث الأسترالية أن خدشاً واحداً على مقلاة مطلية بالتيفلون يمكن أن يطلق ما يصل إلى 9100 جزيء بلاستيكي.

ومع ذلك، يُعتقد أن استنشاق الأبخرة المنبعثة من مقلاة معالجة بـ«PTFE» شديدة الحرارة أكثر خطورة من تناول الطلاء؛ لأن «PTFE» ينتقل عبر أجسامنا دون أن يجري امتصاصه.

ومع ذلك، يقول الخبراء إنه عندما تظهر على المقلاة المعالجة بـ«PTFE» علامات الخدش أو التقشير أو التقشر، فيجب عليك استبدالها.

يمكن أن يستمر «PFAS» في جسم الإنسان ويسبب مجموعة من المشكلات الصحية؛ بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بسرطان الكلى والخصيتين، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ويتعرض الناس لهذه المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان، عبر استهلاك الماء أو الطعام الملوث، أو استخدام المنتجات المصنوعة منها، أو استنشاق الهواء المحتوي عليها.

ينصح الخبراء المستهلكين بالبحث عن العلامات التجارية التي تعلن أنها خالية من جميع «PFAS» أو المركبات المُفَلْوَرَة.

قد يكون الأفضل تجنب الأواني غير اللاصقة تماماً، واختيار الأواني المصنوعة من الحديد الزهر أو الفولاذ المقاوم للصدأ أو السيراميك.


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال