رائحة الأم تساعد الطفل الرضيع في التعرف على الوجوه

حديثو الولادة يعتمدون بشكل كبير على الشم بوصفها حاسة أساسية

رائحة الأم تساعد الطفل الرضيع في التعرف على الوجوه
TT

رائحة الأم تساعد الطفل الرضيع في التعرف على الوجوه

رائحة الأم تساعد الطفل الرضيع في التعرف على الوجوه

من المعروف أن الحواس الخمس من أهم الطرق التي يدرك بها الأطفال في بداية حياتهم، وبالتحديد في عامهم الأول، مفردات البيئة المحيطة بهم، وبشكل خاص اللمس والشم والتذوق. وهذا ما يفسر لماذا يقوم الطفل بوضع أي شيء تلمسه يده في فمه، للتعرف على طبيعته؛ وذلك لأن الجهاز العصبي لا يكون ناضجاً بشكل كاف يمكّنه من الحكم على الأشياء، من خلال حاسة واحدة مثل النظر فقط، بل يحتاج إلى تداخل عدة حواس ودمجها للتوصل إلى معلومة معينة.

تطور الإدراك لدى الطفل

في أحدث دراسة تناولت تطور الإدراك لدى الأطفال، نُشرت في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الحالي، في دورية نمو الطفل «Child Development»، حاول الباحثون معرفة الآلية التي يتعرف بها الطفل على العالم المحيط به في فترة مبكرة جداً من حياته. واشترك، في هذه الدراسة، نخبة من العلماء الأوربيين من عدة جامعات؛ مثل جامعة بورغون «Université de Bourgogne» الفرنسية، وجامعة هامبورغ «University of Hamburg» الألمانية، وجامعة ليون الفرنسية أيضاً، بجانب عدد من المراكز البحثية الأخرى.

أجرى الباحثون التجربة على 50 من الرضع في الشهر الرابع من العمر، حيث جرى عرض صور للوجوه والأشياء على الأطفال. وأثناء ذلك قام الباحثون بوضع قميص يحتوي على رائحة الأم، وقميص آخر دون رائحة بالقرب من أنوفهم. وفي هذه الأثناء قاموا بمراقبة النشاط الكهربائي في المخ باستخدام جهاز رسم المخ «EEG»، وتابعوا أيضاً مدى حِدّة الإبصار عند كل طفل وقدرته على تتبع الأشياء.

رائحة الأم تساعد حاسة البصر

أظهرت النتائج أن وجود رائحة الأم عزَّز بشكل كبير قدرة الأطفال على التعرف على الوجوه، وخصوصاً بالنسبة للأطفال الصغار (الذين تبلغ أعمارهم 4 أشهر). وتُعد هذه النتيجة بالغة الأهمية؛ لأنها توضح أن الأطفال، وبشكل خاص حديثو الولادة، يعتمدون بشكل كبير على الشم بوصفها حاسة أساسية لتساعدهم في فهم العالم البصري المعقَّد حولهم، سواء الوجوه أم الأشياء المختلفة التي تحيطهم طول الوقت ولا يجدون لها تفسيراً.

لاحظ الباحثون أيضاً وجود تحول تدريجي في نمو المخ، والاعتماد على دمج حاستي الشم والنظر مع تقدم الأطفال في العمر (وصولهم لعمر 12 شهراً)، حيث انخفض اعتمادهم على حاسة الشم بشكل ملحوظ مع تحسن إدراكهم البصري بالتدريج، ما سمح لهم بالتعرف على الوجوه بناءً على حاسة النظر وحدها دون الاحتياج لحاسة أخرى مساعِدة، وهو الأمر الذي يسلّط الضوء على أهمية التكامل بين مختلف الحواس في مرحلة الطفولة المبكرة؛ حتى يستطيع الطفل التعامل مع كل المعطيات من حوله.

رابطة الأم والرضيع

أوضحت الدراسة أيضاً أهمية الرابطة الخاصة بين الأمهات وأطفالهن الرضع، حيث تُعد رائحة الأم بمثابة إشارة مريحة ومألوفة تُشعر الطفل بالطمأنينة، وتُمهد المخ لعملية دمج الحواس المختلفة للوصول إلى فهم بيئته. وقال الباحثون إن هذه الدراسة ركزت بشكل أساسي على رائحة الأم، ولكن في المستقبل يمكن دراسة تأثير بقية الروائح الأخرى على إدراك الرضيع، ومعرفة الآلية التي تشكل بها هذه التجارب متعددة الحواس التنمية المعرفية للطفل.

تعليم الرضع التعرف على الأشياء

قال الباحثون إن نتائج الدراسة مفيدة جداً في تعليم الرضع والأطفال بشكل أفضل، وعلى سبيل المثال لكي يستطيع الطفل التعرف على التفاحة، يجب أن يكون من خلال حواس متعددة، مثل رؤية شكلها ولونها، وكذلك سماع الصوت الناتج من تناولها، بالإضافة إلى شم رائحتها، وإمساكها حتى يتعرف على ملمسها. وتبعاً للدراسة وأهمية حاسة الشم في التعرف على الأشياء، يجب استخدام كل حاسة ممكنة لتنمية الإدراك في الأطفال، وليس فقط السمع والبصر.


مقالات ذات صلة

غذاء للحوامل يُجنِّب الأطفال الإصابة بالتوحّد

يوميات الشرق الغذاء الصحّي للحوامل مفيد لصحة الأجنّة (مستشفيات جونز هوبكنز)

غذاء للحوامل يُجنِّب الأطفال الإصابة بالتوحّد

اكتشف فريق بحثي رابطاً مُحتَملاً بين النظام الغذائي للأمهات في أثناء الحمل وتقليل فرص إصابة المواليد بالتوحّد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق علاج تسوس الأسنان عند الأطفال يعتمد على شدة التسوس

الفقر يزيد معدلات تسوس الأسنان لدى الأطفال

أثبتت دراسة بريطانية أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الفقيرة والمحرومة يواجهون خطر الإصابة بتسوس الأسنان الشديد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

الرضّع أظهروا قابليتهم قبل أن يتمكنوا من التعبير بالكلام.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك مراهقو فرط النشاط أكثر عرضة لأذية الذات

مراهقو فرط النشاط أكثر عرضة لأذية الذات

أعراض الاضطراب تجعلهم أكثر عرضة للتنمر بسبب قلة تركيزهم

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك ارتفاع ضغط الدم... قنبلة موقوتة للأطفال والمراهقين

ارتفاع ضغط الدم... قنبلة موقوتة للأطفال والمراهقين

خُمس التلاميذ الذكور والإناث مصابون بمرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

دواء واعد للإيدز ستقل تكلفته ألف مرة في حال أُنتج دون علامة مسجلة

يمكن خفض تكلفة علاج الإيدز من نحو 40 ألف دولار سنوياً إلى أقل من 40 دولاراً (د.ب.أ)
يمكن خفض تكلفة علاج الإيدز من نحو 40 ألف دولار سنوياً إلى أقل من 40 دولاراً (د.ب.أ)
TT

دواء واعد للإيدز ستقل تكلفته ألف مرة في حال أُنتج دون علامة مسجلة

يمكن خفض تكلفة علاج الإيدز من نحو 40 ألف دولار سنوياً إلى أقل من 40 دولاراً (د.ب.أ)
يمكن خفض تكلفة علاج الإيدز من نحو 40 ألف دولار سنوياً إلى أقل من 40 دولاراً (د.ب.أ)

يمكن خفض تكلفة دواء واعد جداً لمرض الإيدز من نحو 40 ألف دولار سنوياً للشخص الواحد إلى أقل من 40 دولاراً، في حال إنتاجه دون علامة مسجلة، أي بنسخة جنيسة (جنريك)، وفقاً لتقديرات أعلنها باحثون اليوم (الثلاثاء) في المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للإيدز.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أوضح عدد من الاختصاصيين الدوليين أن الدواء المضاد للفيروسات القهقرية الذي توصّلت إليه شركة «جلعاد للعلوم (Gilead Sciences)» الأميركية العملاقة من جزيء «ليناكابافير»، يمكن أن يُحدث تغييراً جذرياً في مكافحة الإيدز.

ويتطلب العلاج حقنتين فحسب من هذا الدواء في السنة، مما يجعل تناوله أسهل بكثير من الأقراص اليومية. ويجري اختباره أيضاً بوصفه دواءً وقائياً لتجنب العدوى، وقد أظهر فاعلية تامة بنسبة 100 في المائة وفق دراسة أولية حديثة.

وفي تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال أندرو هيل من جامعة ليفربول البريطانية الذي تولّى عرض نتائج الدراسة، إن هذا الدواء الذي يُعطَى «مثل اللقاح» يمكن أن «يوقف انتقال فيروس نقص المناعة البشرية» إذا أُعْطِيَ للأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بالفيروس.

لكنّ العلاج بالأدوية القائمة على «ليناكابافير» ليس في متناول معظم المرضى، إذ إن تكلفته السنوية في الوقت الراهن في دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا والنروج وأستراليا تبلغ نحو 40 ألف دولار.

وفي حال سمحت الشركة الأميركية العملاقة بتصنيع «ليناكابافير» بصيغة مكافئة خارج العلامة التجارية، قد تنخفض هذه التكلفة إلى 40 دولاراً، وفقاً لحسابات الباحثين الذين عرضوا في ميونيخ نتائج دراستهم التي لم تخضع لمراجعة باحثين محايدين.

واستند الباحثون في تقييمهم إلى افتراض تلقي طلبيات لنحو 10 ملايين شخص.

ولتقدير تكلفة النسخة الجنيسة من الدواء، أجرى الباحثون مناقشات مع الشركات الكبرى لتصنيع الأدوية الجنيسة في الصين والهند، التي بدأت أصلاً إنتاج نماذج من هذا الدواء، كما أوضح أندرو هيل.

قبل نحو 10 سنوات، قدّر هذا الفريق من الباحثين انخفاض التكلفة السنوية للعلاج بدواء لالتهاب الكبد الوبائي «سي»، الذي تنتجه الشركة نفسها إلى 100 دولار لكل مريض بدلاً من نحو 84 ألف دولار لكل مريض، في حال الموافقة على إنتاج نسخ جنيسة. وقال العالم إن «علاج التهاب الكبد الوبائي (سي) بات يكلّف اليوم أقل من 40 دولاراً».

وفي مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» نُشرت الاثنين، حضّت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، ويني بيانييما، شركة «جلعاد» على «صناعة التاريخ» من خلال الترخيص بتصنيع أدوية جنيسة لمضادات الفيروسات القهقرية.

أكدت شركة «جلعاد» التي تعرّضت لحملة ضغط من شخصيات عامة ومنظمات غير حكومية، في الأشهر الأخيرة، أنها تتباحث مع الجهات المعنية بمكافحة الإيدز «ومنها الحكومات والمنظمات غير الحكومية؛ من أجل إتاحة الدواء لأكبر عدد ممكن من الناس».

ومع أن أكثر من 30 مليون مصاب بالإيدز في مختلف أنحاء العالم يتلقون أدوية مضادة للفيروسات القهقرية، فإن أكثر من 10 ملايين ما زالوا محرومين من هذا العلاج.

وأُصيب نحو 1.3 مليون شخص بالفيروس في العام الماضي، أي أقل بنحو 100 ألف شخص عن العام السابق. ويقل هذا العدد بنسبة 60 في المائة عن الذروة المسجلة في 1995، عندما أُصيب 3.3 مليون شخص بفيروس نقص المناعة البشرية.