توصّلت دراسة إلى أنّ النساء اللاتي يعشن ويعملن في أماكن ذات مستويات أعلى من تلوّث الهواء بالجسيمات الدقيقة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من أولئك اللاتي يعشن ويعملن في مناطق أقل تلوّثاً.
وأوضح الباحثون أنّ دراستهم هي الأولى التي تأخذ في الحسبان آثار التعرّض لتلوث الهواء في المنزل ومكان العمل على خطر الإصابة بسرطان الثدي، وستعرض النتائج أمام مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلاج الأورام، الذي يُعقد في مدينة برشلونة بإسبانيا بين 24 و28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وخلال الدراسة، قورن التعرّض للتلوّث في المنزل ومكان العمل على المدى الطويل، لدى 2419 امرأة مصابة بسرطان الثدي، مع تعرّض 2984 امرأة غير مصابة بسرطان الثدي بين عامي 1999 و2011.
وأظهرت البيانات وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين التعرّض طويل الأمد لتلوّث الهواء بالجسيمات الدقيقة، في المنزل والعمل، وخطر الإصابة بهذا السرطان.
وكشفت عن أن خطر الإصابة ارتفع بنسبة 28 في المائة عند زيادة التعرّض للجسيمات الدقيقة (PM2.5) الملوّثة للهواء بمقدار 10 ميكروغرامات/م3، وهو ضعف الحد الذي يتماشى مع إرشادات جودة الهواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بمقدار 5 ميكروغرامات/م3.
وهذه الجسيمات ملوّثة للهواء بقطر يبلغ 2.5 ميكرومتر أو أقل، وهي غير مرئية للعين المجرّدة، ولكنها يمكن أن تخترق الرئتين وتصل إلى مجرى الدم، وتنتج عن مصادر عدّة؛ أبرزها حرق الوقود الأحفوري في المركبات والمرافق الصناعية والحرائق وحرق النفايات.
وقال الباحثون إنه من المثير للقلق أنّ جزيئات الملوّثات الصغيرة في الهواء وجزيئات البلاستيك الدقيقة ذات الحجم المماثل تدخل إلى البيئة، في حين أننا لا نفهم بعد قدرتها على تعزيز السرطان.
وأضافوا: «ثمة حاجة مُلحّة لإجراء دراسات مخبرية لرصد آثار هذه الجزيئات الصغيرة الملوّثة للهواء في درجة أورام الثدي وعدوانيتها وتطوّرها».
ووفق الفريق، فإنّ هذه الجزيئات الصغيرة جداً يمكن أن تخترق عمق الرئة وتصل إلى مجرى الدم حيث يجري امتصاصها في الثدي والأنسجة الأخرى؛ وهناك بالفعل أدلة على أنّ ملوّثات الهواء يمكن أن تُغيّر بنية الثدي.
من جانبه، يقول أستاذ أمراض الصدر والحساسية في كلية الطب بجامعة الأزهر الدكتور طه عبد الحميد، إنّ خطورة التعرّض للجسيمات الدقيقة الملوثة للهواء لا تقتصر على سرطان الثدي فحسب؛ بل تُسبب مشكلات صحية مُزمنة، أبرزها الالتهابات الرئوية المزمنة، وتليّف الرئة، والتضخّم في عضلة القلب، والارتفاع في ضغط الشريان الرئوي.
يضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ الجسيمات الدقيقة الملوّثة تدخل إلى الرئتين في أثناء عملية التنفّس، وتخترق الحويصلات الهوائية والشعيرات الدموية الدقيقة التي تحيطها، وتسبّب تليّفاً في الرئتين وهبوطاً في عضلة القلب.