تسلُّخ وتمدُّد الشريان الأبهر يهددان بالموت

أهمية الفحص الطبي للمعرَّضين لأخطاره

تسلُّخ وتمدُّد الشريان الأبهر يهددان بالموت
TT

تسلُّخ وتمدُّد الشريان الأبهر يهددان بالموت

تسلُّخ وتمدُّد الشريان الأبهر يهددان بالموت

الشريان الأبهر (الأورطي - aorta) هو الوعاء الدموي الذي يخرج من القلب وينقل الدم منه إلى بقية أجزاء الجسم، وهو أشبه بخرطوم الحديقة، ولكنه أوسع قليلاً في موقع خروجه من القلب.

شريان حيوي

ينحني هذا الوعاء؛ ذو الجدران السميكة، لأعلى وفوق القلب على هيئة قوس لين، ولكنه يصبح أضيق قليلاً كلما اتجه لأسفل نحو منتصف الجسم.

وكما هي الحال بالنسبة إلى غالبية مشكلات القلب، فإن التدخين وارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤديا إلى زيادة خطر الإصابة بمشكلات الشريان الأبهر. وكذلك ينطبق الأمر نفسه على الجينات، وعلى بعض الحالات الطبية التي يمكن أن تضعف جدار هذا الشريان.

ونتيجة لذلك، فقد يتمزق جدار الشريان الأبهر (تسلّخ الشريان الأبهر aortic dissection)، والذي يحدث خلاله تمزق في الطبقة الداخلية لهذا الشريان الرئيسي في الجسم ويندفع الدم من الثقب المتمزق. أو ينتفخ الجدار للخارج (أو أمّ الدم الأبهرية aortic aneurysm) أو حتى قد يتمزق الشريان.

وعلى الرغم من أن مرض الشريان الأبهر يعد أقل انتشاراً بكثير من كثير من أنواع أمراض القلب الأخرى، فإن تمدد الوعاء الدموي الأبهري الممزق؛ غالباً ما يهدد الحياة، وهذا هو السبب في أن الكشف المبكر عن هذا المرض ومراقبته وعلاجه أمر حيوي.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور إريك إيزيلباكر، وهو المدير المشارك لـ«مركز الأبهر الصدري» في «مستشفى ماساتشوستس العام» بالولايات المتحدة: «هناك حاجة حقيقية لزيادة الوعي بمرض الأبهر، وهذا ليس بين عامة الناس فحسب؛ ولكن أيضاً بين الأطباء أنفسهم؛ وذلك لأنهم في بعض الأحيان لا ينتبهون لعوامل الخطر ولأهمية التوصيات بإجراء الفحوصات اللازمة».

وكان الدكتور إيزيلباكر قد ترأس لجنة صياغة المبادئ التوجيهية المُحدثة لـ«الكلية الأميركية لأمراض القلب - جمعية القلب الأميركية لمرض الأبهر»، والتي نُشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

أم الدم الأبهرية البطنية

أنواع «أمّ الدم الأبهرية»

* يحدث نحو 3 أرباع حالات «أم الدم الأبهرية» في منتصف الجسم، في المنطقة الواقعة أسفل الكلى، ويُعرف هذا المرض باسم «أم الدم الأبهرية البطنية abdominal aortic aneurysms - AAAs)» والذي غالباً ما ينمو ببطء شديد ولا يسبب أي أعراض. ولكن يمكن للمرض غير المُكتشَف أن يتوسع بسرعة ويتمزق الشريان من دون سابق إنذار.

وتتضمن الفحوصات إجراء فحص بسيط بالموجات فوق الصوتية في البطن لمرة واحدة، وهو الأمر الذي توصي بها المبادئ التوجيهية للأشخاص الأكثر عرضة للخطر؛ وهم:

- أي شخص لديه تاريخ عائلي للإصابة بتمدد الأوعية الدموية الأبهرية البطنية.

- الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عاماً الذين دخنوا ما لا يقل عن 100 سيجارة على مدار حياتهم.

* ويجري تصنيف «أم الدم الأبهرية في منطقة الصدر (thoracic aortic aneurysms, TAAs)» وفق موقعها في الجسم؛ إذ إنها عادةً ما تكون هذه المشكلة، التي تحدث في الشريان الأبهر الهابط (وهو الجزء الواقع بعد قوس الشريان الأبهر)، أكثر شيوعاً لدى كبار السن الذين يدخنون ويعانون من ارتفاع ضغط الدم، كما أنه عادةً ما تحدث «أم الدم» في الأبهر الصاعد (الجزء الأقرب إلى القلب) عند الأشخاص الأصغر سناً، كما أن الحالة قد تكون مرتبطة بحالات وراثية معينة؛ بما في ذلك الإصابة بـ«الصمام الأبهري ثنائي الشرف (bicuspid aortic valve)»، وهو ذلك الذي يحتوي على طيتين بدلاً من الطيات الثلاث الطبيعية.

ويقول الدكتور إيزيلباكر إن نحو واحد من كل 100 شخص لديه «صمام أبهري ثنائي الشرف»، وإن نصفهم يعاني من تضخم في الشريان الأورطي.

متى يُفحص احتمال الإصابة بـ«أم الدم الأبهرية الصدرية»؟

يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية للقلب (مخطط صدى القلب echocardiogram) لفحص «أم الدم الأبهرية الصدرية»، ولكن يجب التأكد من أن التقرير يتضمن قياساً لكل من جذر الأبهر (وهو ذلك الجزء الذي يخرج منه الشريان الأبهر من القلب) والشريان الأبهر الصاعد، وفق نصيحة أستاذ القلب بجامعة هارفارد الدكتور إريك إيزيلباكر، كما تُستخدَم الأشعة المقطعية أيضاً لفحص «أم الدم الأبهرية الصدرية».

يجب عليك الخضوع لفحص «أم الدم الأبهرية الصدرية» في الحالات التالية:

-إ ذا كان لديك صمام أبهري ثنائي الشرف، أو أجريت جراحة لاستبدال الصمام الأبهري ثنائي الشرف، أو لديك أحد الوالدين أو الأشقاء أو الأبناء بصمام أبهري ثنائي الشرف.

- إذا كنت قد خضعت لعملية جراحية لاستبدال أو إصلاح الصمام الأبهري قبل سن السبعين.

- إذا كان لديك أحد الوالدين أو الأشقاء أو الأبناء يعاني من «أم الدم الأبهرية الصدرية» أو يعاني من تمزق في تمدد الأوعية الدموية أو تسلخ الأبهر.

- إذا كانت لديك «متلازمة مارفان (Marfan syndrome)» أو «متلازمة لويز ديتز (Loeys-Dietz syndrome)» أو «متلازمة إهلرز دانلوس الوعائية (vascular Ehlers-Danlos syndrome)» أو «متلازمة تيرنر (Turner syndrome)» أو بعض الحالات الوراثية الأخرى.

عدم التيقن من التاريخ الطبي للعائلة

إذا كان الشخص مصاباً بـ«أم الدم الأبهرية الصدرية»، فهناك احتمال بنسبة 20 في المائة أن يكون أحد أفراد الأسرة مصاباً به أيضاً، ومع ذلك، فإن الناس لا يعلمون بالضرورة تفاصيل المشكلات الصحية لعائلاتهم.

يقول الدكتور إيزيلباكر: «قد يقول أحدهم: (أعتقد أن والدي مات بنوبة قلبية شديدة، فقد أمسك بصدره وسقط متوفىً قبل أن يصل إلى المستشفى».

ويضيف إيزيلباكر أنه من دون تشريح الجثة (وهو أمر غير شائع)، فإنه من المستحيل معرفة السبب الأساسي للوفاة والذي يمكن أن يكون ناتجاً عن تمزق الأوعية الدموية الصدرية.

ولذلك تعدّ المبادئ التوجيهية الآن أي شخص يعاني من «أم الدم» وأي فرد ينتمي لأسرة توفي أحد أفرادها بصورة مفاجئة قبل سن الخمسين، معرضاً بشكل مزداد لخطر الإصابة بتمزق الأبهر.

وعادةً ما يزداد خطر حدوث تمزق في هذا الشريان كلما زاد حجم «أم الدم»، ولذلك يحتاج الأشخاص الذين يعانون من وجود «أم الدم» إلى الخضوع لفحوصات تصوير دورية للتحقق من مدى حجم هذا التمدد، وفي حال وصل إلى عتبة معينة (التي تختلف باختلاف الأشخاص)، فقد يوصي الأطباء بالتدخل الجراحي، والذي يجب إجراؤه في مركز طبي كبير على يد فريق من المختصين في أمراض الشريان الأورطي، وفق الدكتور إيزيلباكر.

* «رسالة هارفارد للقلب» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك هل سبق لك أن سمعت عن حصوات اللوزتين؟

هل سبق لك أن سمعت عن حصوات اللوزتين؟

سألني أحد الأصدقاء حديثاً، عن حصوات اللوزتين؛ إذ إنه يعاني التهاب الحلق مرات عدة في السنة، ويخفف عن حالته فوراً بالغرغرة.

د. روبرت شميرلنغ (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

هل يوجد رابط بين الصداع النصفي وأمراض القلب والأوعية الدموية؟

ما القاسم المشترك بين أمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي؟

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك نصائح سفر لمن يواجهون مخاطر تتعلق بصحة القلب

نصائح سفر لمن يواجهون مخاطر تتعلق بصحة القلب

استشارة الطبيب قبل حجز رحلة طيران

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.