أكد خبير بريطاني بارز أن عمليات زرع البراز قد تلعب دوراً كبيراً بالطب في المستقبل؛ مشيراً إلى أن البراز يحتوي على سر صحة الإنسان.
وفي مقال بصحيفة «الغارديان» البريطانية، قال الدكتور جيمس كينروس (محاضر أول في جراحة القولون والمستقيم، وجراح استشاري في «إمبريال كوليدج لندن» وأستاذ زائر في الكلية الملكية للجراحين في آيرلندا) إن عمليات زرع البراز تهدف إلى زراعة ميكروبات صحية موجودة في براز أشخاص أصحاء في الجهاز الهضمي لمريض ما. ووصف كينروس الميكروبات بأنها «رفيق دائم للإنسان»؛ حيث تحتوي أجسامنا، وخصوصاً أمعائنا، على عدة تريليونات منها.
ويتم في الوقت الحالي إجراء مئات التجارب على هذا النوع من العمليات في جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك تجارب على أمراض الأمعاء الالتهابية، ومتلازمة القولون العصبي، والسمنة، وسوء التغذية الحاد، ومرض السكري، والتهاب المفاصل، والاعتلال الدِّماغي الكبدي (انخفاض وظائف المخ مع أمراض الكبد الشديدة)، وزرع الكبد، وسرطان الجلد، وأمراض المناعة الذاتية، ومرض ألزهايمر، وأمراض النمو العصبي، والاضطراب ثنائي القطب، وتساقط الشعر، والاكتئاب، والأمراض التنكسية العصبية، والتهابات المسالك البولية المتكررة، على سبيل المثال لا الحصر.
ولفت كينروس إلى أن بعض هذه الدراسات مشجعة للغاية، وتقدم علاجات واعدة في حالة وجود قليل من العلاجات الطبية الفعالة. وأوضح قائلاً: «على سبيل المثال، يبدو أن عمليات زرع البراز هي علاج واعد لمتلازمة القولون العصبي. وتشير دراسة حديثة إلى أن فوائدها يمكن أن تستمر لسنوات عديدة. وأجريت الدراسة على 125 مريضاً، أجريت لبعضهم عمليات زرع براز من أشخاص أصحاء، في حين أجريت للبعض الآخر عمليات زرع وهمية تحتوي على برازهم. ووجد الباحثون أن «عمليات زرع البراز» من الأشخاص الأصحاء تحسن الأعراض، وأن فائدتها تستمر بعد 3 سنوات من إجرائها».
وفي عام 2020، اضطر أطباء بلجيكيون إلى إجراء عملية زرع براز لأحد المرضى، بعد إصابته بمرض نادر يدعى «متلازمة التخمر الذاتي»، يجعله يشعر على الدوام بأنه ثمل دون أن يشرب قطرة واحدة من الخمر. وفي هذه الحالة ينتج الجسم الإيثانول في الأمعاء بعد تناول الوجبات الغنية بالكربوهيدرات. والإيثانول هو مركب كيميائي عضوي ينتمي إلى فصيلة الكحوليات.
وفي البداية، اقترح الأطباء على المريض اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، وتناول أدوية مضادة للفطريات، إلا أنه لم يشعر بأي تحسن، الأمر الذي دفع الأطباء إلى اللجوء إلى عملية «زرع البراز»؛ حيث تم استبدال البكتيريا المعيبة بالميكروبات الصحية. وبعد الخضوع لعملية الزرع، تحسنت حالة المريض على الفور.
وأوضح كينروس أن «العينات المأخوذة من براز بعض المتبرعين تكون أكثر فعالية من العينات المأخوذة من الآخرين. يُعرف هؤلاء باسم (المتبرعين الفائقين) ويبدو أن برازهم يحتوي على مكون سحري يجعله فعالاً بشكل خاص. لكننا لا نفهم سبب حدوث ذلك».
وفي حين أن عمليات زرع البراز قد تكون فكرة جديدة لكثيرين منا اليوم، فإن الممارسة الطبية لزراعة البراز قديمة. ففي عام 1958، قام الجراح البارز في كولورادو، الدكتور بن إيزمان، بإعطاء الحقن الشرجية البرازية لمرضاه المصابين بعدوى شديدة ومتكررة من التهاب الكبد «سي»، ووجد أنها كانت فعالة بشكل ملحوظ. ولكن مثل جميع الاكتشافات الطبية المهمة، تم تجاهل هذا التدخل إلى حد كبير في ذلك الوقت.
وأكد كينروس أن عمليات زرع البراز قد تكون وسيلة مهمة لمنع مسببات الأمراض والأوبئة المستقبلية.