السعودية وأميركا... لقاء الفرص يطلق فصلاً جديداً في العلاقات

احتفاء استثنائي بمحمد بن سلمان في البيت الأبيض... وترمب يعلن قرب التوصل لاتفاق دفاعي

TT

السعودية وأميركا... لقاء الفرص يطلق فصلاً جديداً في العلاقات

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ف.ب)

فتحت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي إلى واشنطن «فصلاً جديداً عظيماً» في العلاقات السعودية الأميركية، وعزّزت أسس «شراكة بلا حدود» بين الحليفين التاريخيين.

وخصّ الرئيس الأميركي، ولي العهد السعودي، بمراسم استقبال رسمية هي الأرفع لأي ضيف حلّ على البيت الأبيض منذ تسلّم دونالد ترمب ولايته الثانية في يناير (كانون الثاني). وشهدت المراسم البروتوكولية تحليقاً لمقاتلات «إف-16» و«إف-35»، وعرضاً لمشاة البحرية الأميركية.

وعقب اصطحاب ولي العهد في جولة داخل البيت الأبيض، عبّر ترمب عن متانة العلاقة بين البلدين، واصفاً زيارة الأمير محمد بن سلمان بـ«الشرف الكبير». وقال إنه يكنّ احتراماً كبيراً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإن ولي العهد «رجلٌ يحظى باحترام كبير، وصديق عزيز جداً منذ زمن طويل».

كما عبّر الرئيس الأميركي عن «فخره» بالعمل الذي قام به الأمير محمد بن سلمان، واصفاً ما فعله في المملكة بأنه «مذهل، والثقة مع السعودية وولي العهد متبادلة، وهو يفكر دائماً في بلاده وجعل المملكة عظيمة».

من جانبه، أشاد الأمير محمد بن سلمان بـ«التداخل المهم بين السعودية وأميركا» في مختلف المجالات، متوقّعاً إبرام «الكثير من الاتفاقيات التي تضيف قيمة للاقتصاد الأميركي ولنا في السعودية».

وقال ولي العهد السعودي إن العلاقة بين الجانبين «لا يمكن استبدالها، لا من الجانب السعودي ولا الأميركي»، مضيفاً أنها «علاقة حاسمة لجهودنا السياسية والاقتصادية ولأمننا»، مذّكراً بتاريخ هذه العلاقة التي تأسست قبل تسعة عقود.

ووصف ولي العهد الفرص المتاحة أمام الجانبين بـ«الضخمة»، متوقّعاً أن «تتعمق في العقود القليلة القادمة»، ومستبشراً بـ«فصل جديد ضخم في هذه العلاقة التي ستضيف قيمة لنا ولهم (الأميركيين)».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ف.ب)

واعتبر ولي العهد أن لا حدود للعلاقة بين البلدين، مؤكّداً عزمه «الاستمرار في الدفع للأمام. لا يوجد حدّ. لذا نحن ندفع بكل ما لدينا من الفرص الموجودة».

وأكّدت السعودية عزمها استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتّحدة، في مجالات تشمل الدفاع والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، مع إمكانية وصول هذه الاستثمارات إلى تريليون دولار في السنوات المقبلة.

ومع اقتراب الجانبين من توقيع اتفاق دفاعي واسع، أكّد الرئيس الأميركي موافقته على بيع الرياض مقاتلات «إف-35» التي تُصنّعها الولايات المتّحدة، كما لم يستبعد إبرام صفقة نووية مدنية مع السعودية، وقال ترمب: «سنبيعهم طائرات (إف-35)، إنها جزء من الاتفاق. إنهم يشترونها من خلال (لوكهيد مارتن)، وهي طائرة رائعة».

من مراسم الاستقبال التي أقامها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ف.ب)

ورداً على سؤال عن مواصفات صفقة مقاتلات «إف-35»، قال ترمب إن السعودية «حليف عظيم»، وإنها «تستحق أفضل طراز منها».

إقليمياً، أشاد الرئيس الأميركي بالجهود السعودية لـ«النهوض بسوريا»، فيما أثنى ولي العهد على عمل ترمب لتحقيق السلام العالمي.

وجدّد الأمير محمد بن سلمان التأكيد على تمسّك المملكة بمسار واضح لحل الدولتين، وتحقيق السلام في المنطقة.

الذكاء الاصطناعي... والرقائق المتقدّمة

يستعد الجانبان السعودي والأميركي للإعلان عن استثمارات مليارية في مجال الذكاء الاصطناعي، وقال ولي العهد إن هناك «الكثير من الفرص الحقيقية التي تناسب احتياجاتنا في السعودية، وتناسب استراتيجيتنا الاستثمارية».

وعن طبيعة هذه الفرص، أوضح الأمير محمد بن سلمان: «نحن لا نخلق فرصاً وهمية لإرضاء أميركا. إنها فرص حقيقية»، وتابع: «على سبيل المثال، عندما تسأل عن الذكاء الاصطناعي والرقائق، لدى السعودية طلب هائل على قدرة الحوسبة، وسننفق في الأجل القصير نحو 50 مليار دولار على احتياجاتنا من أشباه الموصلات».

ولفت إلى أن «الاتفاق الذي سنبرمه مع الأميركيين، سيسمح لنا بتركيز تلك القدرة الاستهلاكية في المدى القصير بـ50 ملياراً من أميركا، وعلى المدى الطويل بمئات المليارات».

أما في ما يتعلّق بالحصول على الموافقات الأميركية لتصدير رقائق متقدمة إلى السعودية، فأكّد الرئيس ترمب أن العمل جارٍ على على ذلك.

فيما أوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن الجانبين يدرسان الآليات التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك، لافتاً إلى «أنه جزء من عملية أوسع، ومن هذا الانخراط والتعاون الأوسع بين بلدينا».

رفع العقوبات عن سوريا

وحين سُئل عن الملف السوري، قال ترمب: «اتصل بي ولي العهد، وطلب تحديداً ما إذا كنت سأرفع العقوبات عن سوريا لأنه يريد أن يرى سوريا تنهض»، وتابع: «كما تعلمون، الرئيس السوري (أحمد الشرع) كان هنا للتو، وأجرينا اجتماعاً رائعاً، وهو رجل قوي، وأعتقد أنك تحتاج إلى شخص قوي ليقود (هذه البلاد)»، مشيداً بـ«التقدم الهائل» الذي حققته دمشق، وبنتائج رفع العقوبات التي وصفها بـ«الجيدة جداً حتى الآن».

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب خلال لقائهما في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (رويترز)

مسار السلام

ورداً على سؤال عن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي و«اتفاقات إبراهيم»، أكد ترمب أن المحادثات تطرقت إلى حل الدولتين وسبل التمهيد لتوسيع اتفاقات السلام، فيما قال ولي العهد السعودي: «نعتقد أن وجود علاقة جيدة مع كل الدول في الشرق الأوسط شيء جيد... لكن نريد أيضاً أن نضمن مساراً واضحاً لحل الدولتين»، وتابع مخاطباً الرئيس الأميركي: «اليوم، لدينا نقاش صحي معك، يا سيادة الرئيس، وسنعمل على ذلك للتأكد من أننا نهيّء الظروف الصحيحة لتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن».

وأضاف: «نحن نريد السلام للإسرائيليين، ونريد السلام للفلسطينيين، ونريد أن يتعايشوا بسلام في المنطقة، وسنفعل قصارى جهدنا للوصول إلى ذلك».

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء (رويترز)

اتفاق أميركي - إيراني

وفي الملف الإيراني، قال ولي العهد السعودي إن الرياض «تبذل قصارى جهدها للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران. ونعتقد أنه من الأفضل لمستقبل إيران أن يكون هناك اتفاق جيد يُرضي المنطقة والعالم والولايات المتحدة. لذا سنعمل على ذلك».

من جانبه، قال ترمب إن «إيران ترغب في إبرام صفقة»، وتابع: «أعتقد أنهم يريدون ذلك بشدة. أنا منفتح تماماً، ونتحدث معهم، وبدأنا العملية»، مؤكّداً: «سيكون من الجميل أن يكون هناك اتفاق مع إيران... أعتقد أنهم يرغبون بشدة بهذا الأمر».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مُرحِّباً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض الثلاثاء (رويترز)

من جانبها، وصفت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، هذا اليوم بـ«المهم في العلاقات السعودية الأميركية»، وقالت عبر حسابها على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، إن الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب عقدا لقاء قمة شهد توقيع عدة اتفاقيات ثنائية «ستُحفّز الاستثمار في كلا البلدين، وتُوفّر فرص عملٍ للسعوديين والأميركيين، وتُعزّز التزامنا المشترك بالأمن الإقليمي والعالمي».

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب خلال القمة السعودية الأميركية في البيت الأبيض الثلاثاء (واس)

ووصل الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن فجر الثلاثاء، في زيارة عمل رسمية، بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، واستجابة للدعوة المقدمة له من الرئيس ترمب.

واستقبل الرئيس الأميركي ولي العهد السعودي لدى وصوله إلى البيت الأبيض، وأُقيمت مراسم استقبال استثنائية للضيف الكبير في الحديقة الجنوبية، تبعها استقبال رسمي عند الرواق الجنوبي، وقدَّمت مقاتلات أميركية عرضاً جوياً.

كان الديوان الملكي السعودي، قال في بيان، يوم الاثنين، إن الأمير محمد بن سلمان سيبحث مع الرئيس ترمب، خلال الزيارة، العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

من جهته، أكّد مجلس الوزراء السعودي، خلال جلسته برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، في الرياض، الثلاثاء، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة، تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، جنباً إلى جنب مع السعي لتحقيق رؤيتهما المشتركة نحو شرق أوسط يسوده الأمن والاستقرار.

بدورها، عدَّت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، هذه الزيارة «فصلاً جديداً في العلاقات بين البلدين»، و«ستواصل الارتقاء بالعلاقة الاستراتيجية نحو آفاق أوسع، وتساهم في الاستقرار العالمي، وستحقق تطلعات قيادات الشعبين وتعزز المصالح المشتركة».

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب يسيران في الممر الرئاسي نحو المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)

ووسط متغيرات المنطقة وتطلعات البلدين، رجّح محللان سعوديان تصاعد مخرجات زيارة الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، التي تأتي في توقيت لافت لتاريخ العلاقات ذات العقود التسعة.

وتتمثل أبرز العناوين في تعزيز العلاقات الثنائية ورفعها إلى آفاق أوسع، وملفات واسعة الطموح، يرنو الجانبان إلى إنجازها بعد عديد من المباحثات بين الجانبين خلال الفترة الماضية، إلى جانب أزمات المنطقة التي يتشارك الطرفان في أهمية معالجتها بالحلول السلمية.

إلى ذلك، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عشية الزيارة، أن الولايات المتحدة ستبيع مقاتلات أميركية الصنع من طراز «إف 35» إلى السعودية. وقال للصحافيين في البيت الأبيض يوم الاثنين: «سنقوم بذلك، سنبيع مقاتلات (إف 35)... لقد كانوا (السعوديين) حليفاً عظيماً».


مقالات ذات صلة

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

الخليج تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح الحدودي)
الاقتصاد مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

وقّعت «أكوا باور» اتفاقية للاستحواذ على كامل حصة «بديل» في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق في قلب العلا تمثل «مدرسة الديرة» نافذة جديدة على الفنون (واس)

«الديرة»... من أول مدرسة للبنات إلى مركز للفنون والتصميم

من أول «مدرسة للبنات في العلا» إلى «أول مركز للفنون والتصميم»، تُجسّد مدرسة الديرة رحلة تراث وإبداع مستمرة عمادها حرفيات مبدعات يحولن القطع الجامدة تحفاً فريدة.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد مقر «لاب 7» ذراع «أرامكو» لبناء الشركات التقنية الناشئة (الشرق الأوسط)

استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة

أعلنت «هالايد إنرجي» إتمام الإغلاق الأول لجولة استثمارية بقيادة «بي إس في فنتشرز» وبمشاركة «لاب 7» لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة على مستوى الشبكات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الأديب محمد بن عبد الله الحمدان

رحيل محمد الحمدان الباحث عن صبا نجد على وقع السامري والهجيني

ودّعت السعودية، أمس، الأديب محمد بن عبد الله الحمدان، بعد حياة حافلة بالعطاء الأدبي والثقافي، والكفاح طيلة ثمانية عقود، وعاش حياة اليتم في سن مبكرة.

بدر الخريف (الرياض)

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»
TT

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

أعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن قلق المملكة إزاء التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة مؤخرًا، «التي قام بها مؤخرًا المجلس الانتقالي الجنوبي نُفذت بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف»، معتبرةً ذلك «تصعيدًا غير مبرر أضرّ بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته وبالقضية الجنوبية، كما قوّض جهود التحالف».

وأكدت المملكة أنها «ركزت خلال الفترة الماضية على وحدة الصف وبذلت جهودًا مكثفة للوصول إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، ضمن مساعٍ متواصلة لإعادة الاستقرار».

وأوضحت أن هذه الجهود جاءت «بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية، لاحتواء الموقف، حيث تم إرسال فريق عسكري مشترك سعودي–إماراتي لوضع الترتيبات اللازمة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات (درع الوطن) والسلطة المحلية وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف».

وشددت الخارجية على أن الجهود «لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في «تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد وخروج قواته بشكل عاجل وسلمي من المحافظتين».

كما أكدت المملكة «أهمية التعاون بين جميع القوى والمكونات اليمنية، وضبط النفس، وتجنب ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، لما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية، مجددةً التأكيد على ضرورة تكاتف الجهود لإعادة السلم والأمن المجتمعي».

وجددت المملكة موقفها بأن «القضية الجنوبية قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، ولن تُحل إلا عبر حوار يجمع كافة الأطراف اليمنية على طاولة واحدة، ضمن مسار سياسي شامل يضمن الحل الشامل في اليمن».

واختتمت الخارجية بيانها بالتأكيد على «دعم المملكة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في الجمهورية اليمنية الشقيقة».


دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
TT

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، تمهيداً لدخولها إلى القطاع بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

تضمنت المساعدات كمية كبيرة من السلال الغذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ضمن الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتأتي هذه المساعدات بالتزامن مع إقامة مخيمات سعودية بمنطقة القرارة جنوب قطاع غزة ومنطقة المواصي بخان يونس لإيواء النازحين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم مع دخول فصل الشتاء.

وتعد امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يواجه ظروفاً إنسانية تهدد الأطفال والنساء في ظل البرد، وصعوبة الظروف المعيشية.


48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
TT

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط انعقاد الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي - العُماني، في مسقط، وما صدر عنه من نتائج بيّنت التقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية.

في التفاصيل، وصل، الاثنين، الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة العُمانية مسقط، واستقبله نظيره العماني بدر البوسعيدي، وعقد الوزيران لقاء استعرضا خلاله «العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها»، قبل أن يترأسا الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق (السعودي - العُماني)، وبمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة ورئيسي فريق الأمانة العامة للمجلس، وحضره من الجانب السعودي عدد من كبار المسؤولين من وزارات «الخارجية، والداخلية، والاستثمار، والاقتصاد والتخطيط، والثقافة».

مجلس التنسيق واستقبال السلطان

الاجتماع شهد تأكيد وزير الخارجية السعودي أنه يأتي امتداداً للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق بين البلدين الشقيقين الذي عُقِد في مدينة العلا الشهر نفسه من العام الماضي، و«نتائجه الإيجابية المثمرة في إطار ما تم اعتماده من توصيات ومبادرات»، بينما أشاد الوزير العماني، بـ«التقدم النوعي في العلاقات بين البلدين الشقيقين وما شهدته من تطور ملحوظ في العديد من القطاعات».

الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي العماني (واس)

واستمر الزخم عبر استقبال سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق، الثلاثاء، وزير الخارجية السعودي في قصر البركة، وجرى استعراض آفاق التّعاون بين البلدين وجهود تعزيز متانة العلاقات الثّنائية وترسيخ المصالح المُشتركة، والتّطورات الجارية على السّاحتين الإقليميّة والدوليّة ومرئيّات السعودية تجاهها، ورؤية سلطان عمان في هذا الشأن، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية.

تعاون في تبادل الأسرى اليمنيين

في موازاة ذلك، كان التعاون بين البلدين يتواصل، وتوصّلت الاجتماعات الجارية في عُمان، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، إلى توقيع الاتفاق الثلاثاء، لتبادل «الكل مقابل الكل»، وثمّنت السعودية «الجهود الصادقة والمساعي الكريمة التي بذلتها سلطنة عمان في استضافة ورعاية المباحثات ودعم الجهود التفاوضية خلال الفترة من 9 إلى 23 ديسمبر (كانون الأول)».

وعلى الصعيد الدفاعي والعسكري، استقبل اللواء الركن طيار خميس الغافري، قائد سلاح الجو السلطاني العُماني، الفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، والوفد العسكري المرافق له، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من الموضوعات في المجالات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية، قبل أن يستقبل الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني في عمان، الأربعاء، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، وجرى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استعراض مجالات التعاون العسكري القائمة بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، كما أعرب الجانبان عن اعتزازهما بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، وتطلعهما إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.

«وسام عُمان» لقائد القوات الجوية الملكية السعودية

والأربعاء، منح سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية، تقديراً لجهوده وإسهاماته في توثيق أواصر التعاون العسكري القائم بين البلدين، وسلّم الوسام نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في عُمان.

منح «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية (وكالة أنباء عُمان)

بالتزامن.. شراكة اقتصادية

وفي جانب الشراكة الاقتصادية، احتفلت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان، الأربعاء، بافتتاح مشروعين جديدين في شبكة الطرق بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وخلال الاحتفال جرى الكشف عن أن المشروع تم تمويله من قِبَل «الصندوق السعودي للتنمية»، ونُفّذ من قِبَل ائتلاف عُماني - سعودي يضم شركة «ستراباك عُمان» وشركة «الروسان للمقاولات».

افتتاح مشروع اقتصادي في عُمان بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية (وكالة أنباء عمان)

حول هذه التحرّكات اللافتة خلال 48 ساعة، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد العريمي، الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية والمتخصص أيضاً في الدراسات الخليجية، إنه في محصّلة ما يجري بين مسقط والرياض اليوم «لا يمكن قراءته بوصفه تنسيقاً ظرفياً فحسب، بل إعادة تموضع هادئة تهدف إلى بناء استقرار طويل الأمد، يكون فيه الحوار والتكامل الأمني ركيزتين أساسيتين لصياغة مستقبل المنطقة»، أما فيما يتعلق بتوقيت كثافة المباحثات هذه خلال فترة قصيرة جداً، فيعتبر العريمي أنه يعكس إدراكاً مشتركاً لدى القيادتين بأن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج خصوصاً، تمر بلحظة مفصلية تتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والأمني خصوصاً بين عُمان والسعودية.

«التوقيت ليس عابراً»

العريمي يرى أن التوقيت «ليس عابراً، بل يأتي في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، وتبدل خرائط النفوذ، وعودة منسوب القلق المرتبط بأمن الملاحة والطاقة، إضافةً إلى استمرار الأزمات المفتوحة وفي مقدمتها أزمة اليمن بالنسبة للجانبين»، وأردف في هذا السياق: «تبدو مسقط والرياض كأنهما تنتقلان من مرحلة إدارة التباينات الإقليمية إلى مرحلة الشراكة الاستباقية في إدارة المخاطر، خصوصاً في الملف اليمني»، ورأى أن الاجتماعات السياسية، واللقاءات على أعلى مستوى قيادي، والتنسيق العسكري الجوي، والإعلان عن اتفاق إنساني كبير في اليمن من مسقط، كلها حلقات في رسالة واحدة مفادها بأن البلدين يتحركان ضمن رؤية متقاربة ترى أن الاستقرار لا يُدار بردود الفعل، بل ببناء تفاهمات عميقة ومتراكمة. على حد وصفه.

تابع العريمي أن عُمان بدورها التقليدي بوصفها وسيطاً موثوقاً، والسعودية بثقلها السياسي والأمني، تقدمان نموذجاً لتكامل الأدوار في المنطقة، مرجّحاً أن تنعكس نتائج هذه المشاورات على مسار الأزمة اليمنية بصورة أوضح، سواء عبر تثبيت قنوات التفاوض، أو عبر ضمانات أمنية إقليمية تقلل من احتمالات الانفجار العسكري في هذا البلد، إلى جانب أن يمتد هذا التنسيق إلى أمن الخليج والبحر العربي، وحماية خطوط الملاحة والطاقة، في ظل تصاعد التحديات العابرة للحدود، أما بصورة أوسع فيعتقد العريمي أن هذا التقارب قد يسهم في توحيد المقاربات تجاه الملفات الإقليمية الكبرى، بما فيها العلاقة مع القوى الدولية، وإدارة التوازن مع إيران، وتعزيز العمل الخليجي المشترك بصيغة أكثر مرونة وواقعية.

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

المحلل السياسي منيف الحربي، يتفق إلى حد كبير مع العريمي، ويزيد أنه منذ وصول السلطان هيثم بن طارق إلى مقاليد الحكم في سلطنة عمان، وقيامه بأول زيارة خارجية لجلالته إلى السعودية، تشكّلت حقبة جديدة من العلاقة الاستراتيجية بين الرياض ومسقط بأطرها المتعددة؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستثمارية والطاقة والثقافة والرياضة والسياحة.

الملف اليمني والأمن المشترك

الملف اليمني يبرز بوصفه ملفاً مهماً جداً للطرفين نظراً لأن السعودية متاخمة حدودياً لليمن، وينسحب ذلك على عمان، وبالنسبة للحربي فإن استقرار اليمن وخروجه من أزمته الحالية «يتماسّ بشكل مباشر مع الأمن الوطني للبلدين»، لكن رغم أن هذا الملف يأخذ الكثير من الوقت والجهد من جهود البلدين الدبلوماسية، فإن هذا أيضاً ينسحب على التوافق بين الرياض ومسقط في ملف غزة، ومسار حل الدولتين، والسودان، وأزمة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبحر العرب، وأهمية الحفاظ على الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي.