محمد بن سلمان وأميركا... من الإيجاز إلى الإنجاز

ندية وتلاقٍ للمصالح... وصياغة للمستقبل

الأمير محمد بن سلمان يسير والرئيس ترمب خلال زيارة الأخير السعودية في مايو 2025 (واس)
الأمير محمد بن سلمان يسير والرئيس ترمب خلال زيارة الأخير السعودية في مايو 2025 (واس)
TT

محمد بن سلمان وأميركا... من الإيجاز إلى الإنجاز

الأمير محمد بن سلمان يسير والرئيس ترمب خلال زيارة الأخير السعودية في مايو 2025 (واس)
الأمير محمد بن سلمان يسير والرئيس ترمب خلال زيارة الأخير السعودية في مايو 2025 (واس)

أثناء القمة السعودية الأميركية المنعقدة في البيت الأبيض بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في سبتمبر (أيلول) 2015 قدم الأمير محمد بن سلمان «إيجازاً» حول رؤى السعودية للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين للقرن الحادي والعشرين.

بدا وقتذاك أن الأمير الشاب يحمل تصوراً جديداً للعلاقات السعودية الأميركية التي مرت بمراحل وتطورات على مدى ما يزيد عن ثمانين عاماً، وأنه عازم على إعادة تشكيل مساراتها المستقبلية.

الملك سلمان بن عبد العزيز لدى لقائه الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض سبتمبر 2015 (واس)

تراوحت الرئاسة الأميركية خلال السنوات العشر التالية، بين الجمهوريين والديمقراطيين، وجاء المنعطف الأهم عند اللقاء الأول للأمير محمد بن سلمان بالرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض في مارس (آذار) 2017، وهو اللقاء الذي قاد ترمب لاختيار الرياض أول وجهة خارجية له خلال ولايته الأولى.

⁠خلال زيارته التاريخية للرياض في مايو (أيار) 2017، ألقى ترمب خطاباً أمام قادة العالم العربي والإسلامي، ركز على هموم الإرهاب والصراعات في الشرق الأوسط، ووقع الملك سلمان بن عبد العزيز مع ترمب إعلان الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين.

في يناير (كانون الثاني) 2020، نُصِبَ جو بايدن رئيساً ووعد بالحد من العلاقة بالشريك الأوثق.

لكن وعده لم يصمد أمام الحقائق وإدراك أهمية الشراكة السعودية الأميركية في ظل تطورات الأزمة الروسية - الأوكرانية، والتغيرات الأخرى على المشهد العالمي؛ وجاء بايدن إلى جدة ليلتقي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان في يوليو (تموز) 2022.

الأمير محمد بن سلمان لدى لقائه جو بايدن في الرياض يوليو 2022 (رويترز)

المسؤولون السعوديون يؤكدون دوماً أن العلاقات مع أميركا استراتيجية ومستقرة ولا تتأثر بأي تغيير في البيت الأبيض جراء تعاقب الإدارات.

خلال الأعوام العشرة نفسها مضى السعوديون في بناء قدراتهم، وتطوير إمكاناتهم، وتحقيق مستهدفات رؤيتهم، وتعزيز مكانتهم على مستوى العالم.

لم تكن التحولات في العلاقة السعودية ـ الأميركية بمعزل عن التغيرات العميقة التي شهدها العالم؛ مثل صعود الصين كمنافس استراتيجي لواشنطن، وتحوّل مراكز الثقل الاقتصادي نحو آسيا، وجاءت حرب أوكرانيا لتعزز أهمية أمن الطاقة والدول القادرة على استقرار أسواقها.

كما تراجع الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط لصالح أولويات أخرى، مما فتح المجال أمام الرياض لقيادة مبادرات إقليمية مؤثرة، من التهدئة السياسية إلى الشراكات الاقتصادية وصياغة مقاربات جديدة للأمن الإقليمي.

في الوقت ذاته برزت التقنيات والذكاء الاصطناعي محركات أساسية للاقتصاد العالمي، الأمر الذي جعل الشراكات الاستثمارية والتقنية أكثر مركزية في حسابات واشنطن.

هذه التحولات مجتمعة أعادت تشكيل أسس العلاقة بين الرياض وواشنطن من علاقة قائمة على احتياجات ظرفية إلى علاقة تقوم على الندية وتلاقي المصالح وصياغة المستقبل.

بعد توليه الرئاسة الأميركية للمرة الثانية، زار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرياض مرة أخرى خلال مايو (أيار) 2025، وألقى خطاباً مطولاً لم يتطرق فيه للإرهاب والحروب وإنما للمستقبل المشرق والتحول الكبير والرائع في المنطقة بقيادة الملك سلمان وولي عهده. في الرياض حضرت سوريا وطويت صفحة العقوبات بطلب سعودي والتقى الرئيس ترمب بالرئيس أحمد الشرع.

وأثناء خطابه سأل الرئيس ترمب الأمير محمد: «هل تنام الليل؟»، وأردف بأن الأمير «يتقلب طوال الليل يفكر كيف يجعل الأمور أفضل». ووجه رسالة للعالم بأن إنجازات المملكة لم تأتها من الخارج، وإنما من تصميم قادتها وشعبها على تطوير دولتهم والمضي قدماً في رؤاهم الفريدة ورسم مستقبلهم بطريقتهم، ووصف ذلك بـ«المعجزة المعاصرة بالطريقة العربية».

جانب من اللقاء الثلاثي السعودي الأميركي السوري في الرياض مايو 2025 (واس)

هذا الحديث يعيدنا إلى اللقاء الصحافي الذي أجرته مجلة «لايف» الأميركية مع الملك عبد العزيز في مارس (آذار) 1943، ووصفته بالرجل الذي «يمسك زمام مملكته بعين لا تنام». وما أشبه حديث الأمس عن الجد الموحد بحديث اليوم عن الحفيد المسدد.

⁠مع كل هذه السياقات وفي ظل التحولات التي شهدتها المنطقة تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن ولقاؤه بالرئيس ترمب وما يتوقع أن ينتج عن اللقاء من اتفاقات وصفقات. وعلى الرغم من طغيان العناوين السياسية والأمنية على أخبار الزيارة فإن الملفات الاقتصادية والاستثمارية ستكون حاضرة أيضاً. ولعل أبلغ وصف هو تعليق الرئيس ترمب بأنها ليست لقاءً فقط؛ بل تكريم للسعودية وللأمير الشاب.

كما أن التقارير الإعلامية ومعها تسريبات وتصريحات منسوبة لسياسيين أميركيين ما زالت تراهن على تطبيع سعودي برعاية أميركية؛ وبالرغم من كل الضغوط والمحاولات فإن الموقف السعودي سيظل صامداً مع الحق الفلسطيني. فمصالح المملكة العربية السعودية مع أهم شركائها الولايات المتحدة، التي تعد دعم إسرائيل عقيدة سياسية، لم تكن يوماً مقدمة على العقيدة السياسية السعودية الراسخة في دعم الحق الفلسطيني؛ وتمضي سياستها الخارجية في عدم التطبيع من دون حل شامل للقضية الفلسطينية يتضمن إقامة الدولة المستقلة على حدود عام 1967.

ولئن كانت آلة القتل الإسرائيلية قد فعلت ما فعلته بغزة وشعبها الصامد، وحاولت تصفية القضية الفلسطينية، فإن الجهود السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده لم تقف عند حد المساهمة الفاعلة في تحقيق وقف لإطلاق النار؛ بل حققت اختراقاً تاريخياً في مسعى حل الدولتين بإعلان «فرض الحل» وبنيل فلسطين الاعتراف من دول عديدة مؤثرة على رأسها دولة وعد بلفور ومن على منبر الأمم المتحدة الذي شهد قرار التقسيم المشؤوم، كما شهد نضالاً دبلوماسياً سعودياً للدفاع عن الحق الفلسطيني عبر عقود طويلة.

وعلى الرغم من جهودها في فرض قيام الدولة الفلسطينية بمعارضة أميركية، وقيامها بتوقيع معاهدة دفاع مشترك مع باكستان بترسانتها النووية، فإن الرئيس ترمب عبّر - في أكثر من مناسبة - عن تقديره للمملكة العربية السعودية وقيادتها وللأمير محمد شخصياً، لأن الصديق القوي ذا المبدأ الواضح يفرض احترامه على صديقه وإن اختلفت الرؤى حول بعض القضايا، والتجربة الأميركية لا تحتفي إلا بالأقوياء: الأقوياء بالمنجزات لا بالإرث والشعارات.

وأياً يكن نوع الاتفاقات وحجم المخرجات بين البلدين أثناء اللقاء الاستثنائي، فإنه من المؤكد أن النتائج سترسخ الشراكة الاستراتيجية في ضوء نظرة ولي العهد السعودي لهذه العلاقة، كما يُرجح مراقبون أن تؤسّس الاجتماعات في واشنطن للأمن والازدهار للمنطقة ورؤية لمستقبل علاقات استراتيجية صنعتها عبقرية الأمير محمد بن سلمان من الإيجاز إلى الإنجاز.


مقالات ذات صلة

السعودية وقطر لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي

الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والشيخ تميم بن حمد أمير قطر يترأسان مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس) play-circle 00:43

السعودية وقطر لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي

أكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، الاثنين، أهمية استمرار دعم وتطوير التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس) play-circle 00:39

أسبوع من النشاط الدبلوماسي في تعزيز العلاقات السعودية - القطرية

سجّلت العلاقات السعودية - القطرية نشاطاً لافتاً مؤخّراً، وتعزّز خلال أقل من الأسبوع عبر مجموعة مجريات تُوّجت عبر جلسة المباحثات الرسمية، واجتماع مجلس التنسيق.

غازي الحارثي (الرياض)
الخليج جانب من الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق السعودي - البحريني في المنامة الأربعاء (واس) play-circle 00:42

وليا العهد السعودي والبحريني يرأسان الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق المشترك

أشاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في برقيتي شكر للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، وولي عهده الأمير سلمان بن حمد، بنتائج القمة الخليجية 46 في المنامة

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)

السعودية تجدد تأكيد مواصلتها العمل مع الشركاء لتحقيق تطلعات الفلسطينيين

جدَّد مجلس الوزراء السعودي تأكيد المملكة مواصلتها العمل مع جميع الشركاء لتحقيق تطلعات الفلسطينيين في تجسيد دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي وملك الأردن يستعرضان التطورات الإقليمية

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، تطورات الأوضاع الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية وقطر... نحو تعاون أعمق وأوسع

الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الشيخ تميم في مطار الملك خالد الدولي أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الشيخ تميم في مطار الملك خالد الدولي أمس (واس)
TT

السعودية وقطر... نحو تعاون أعمق وأوسع

الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الشيخ تميم في مطار الملك خالد الدولي أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الشيخ تميم في مطار الملك خالد الدولي أمس (واس)

اتخذت السعودية وقطر خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون والتكامل التنموي، وترسيخ التنمية المستدامة، والالتزام المشترك بآفاق أوسع من التنمية والازدهار في المنطقة.

وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، خلال ترؤسهما، في الرياض أمس، الاجتماع الثامن لـ«مجلس التنسيق السعودي - القطري»، أهمية استمرار دعم وتطوير التنسيق المشترك في المجالات ذات الأولوية، بما فيها السياسية والأمنية والعسكرية والطاقة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والتجارة والتقنية والبنى التحتية، والثقافة، والسياحة والتعليم.

وأبرم الجانبان مذكرات تفاهم واتفاقيات، بينها اتفاقية لتنفيذ مشروع «قطار كهربائي سريع» لنقل الركاب بين الرياض والدوحة.

وفي الشأن الدولي، جدد الجانبان عزمهما على مواصلة التنسيق بينهما وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، وتبادلا وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.

وكان ولي العهد السعودي استقبل أمير قطر بقصر اليمامة في وقت سابق أمس، حيث عقدا جلسة مباحثات رسمية، شهدت استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين، وبحث آفاق التعاون المشترك وسبل تطوير العلاقات في مختلف المجالات. وأشاد الطرفان بما حققته الزيارات المتبادلة من نتائج إيجابية أسهمت في الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين.

وفي الوقت الذي أكد الجانبان عزمهما على تعزيز وتطوير الشراكة الدفاعية بين البلدين، أشادا بمستوى التعاون والتنسيق الأمني القائم بينهما في المجالات الأمنية كافة، وأهمية تعزيز العمل المشترك لتنويع وزيادة التبادل التجاري، وتذليل أي تحديات قد تواجهها.


السعودية وقطر لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي

TT

السعودية وقطر لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والشيخ تميم بن حمد أمير قطر يترأسان مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والشيخ تميم بن حمد أمير قطر يترأسان مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)

أكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، الاثنين، أهمية استمرار دعم وتطوير التنسيق المشترك في المجالات ذات الأولوية، بما فيها السياسية والأمنية والعسكرية والطاقة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والتجارة والتقنية والبنى التحتية، والثقافة، والسياحة والتعليم.

جاءت تأكيدات الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد في بيان مشترك صادر عقب ترؤسهما الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق السعودي - القطري في الرياض، حيث استعرضا خلاله العلاقات الثنائية المتميزة، وأشادا بما تحقق من إنجازات في إطار المجلس.

ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس)

واستقبل ولي العهد السعودي، أمير قطر، بقصر اليمامة في الرياض، الاثنين، وعقدا جلسة مباحثات رسمية، شهدت استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين، وبحث آفاق التعاون المشترك وسبل تطوير العلاقات بمختلف المجالات، والإشادة بما حققته الزيارات المتبادلة بين الجانبين من نتائج إيجابية أسهمت في الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين.

وقال بيان مشترك في ختام زيارة الشيخ تميم بن حمد للرياض، إنها جاءت انطلاقاً من الروابط التاريخية الراسخة، والعلاقات الأخوية التي تجمع بين قيادتي السعودية وقطر وشعبيهما، وتعزيزاً لها، وبناءً على دعوة من ولي العهد السعودي.

وشهد الأمير محمد بن سلمان، والشيخ تميم بن حمد، توقيع اتفاقية لتنفيذ مشروع قطار كهربائي سريع لنقل الركاب بين الرياض والدوحة، في خطوة تعكس عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين.

وقع الاتفاقية المهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الله آل ثاني وزير المواصلات بقطر، وذلك ضمن أعمال المجلس التنسيقي السعودي القطري.

ويُعد مشروع القطار السريع بين البلدين خطوة استراتيجية ضمن جهودهما لتعزيز التعاون والتكامل التنموي، وترسيخ التنمية المستدامة، والالتزام المشترك نحو آفاق أوسع من التنمية والازدهار في المنطقة.

ويمتد القطار السريع على مسافة 785 كيلومتراً، حيث يربط الرياض والدوحة، مروراً بمحطات رئيسة تشمل مدينتي الهفوف والدمام، وتربط مطارَي «الملك سلمان» و«حمد» الدوليين؛ ليشكل شرياناً جديداً للتنقل السريع والمستدام، وتحسين تجربة السفر الإقليمي، بسرعة تتجاوز 300 كيلومتر في الساعة، ليسهم في تقليص زمن الرحلات إلى ساعتين تقريباً بين العاصمتين؛ مما يدعم حركة التنقل، ويعزز الحراك التجاري والسياحي، ويدعم النمو الاقتصادي ويعزز من جودة الحياة.

شهد اجتماع المجلس التنسيقي السعودي - القطري توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين (واس)

وسيخدم القطار السريع أكثر من 10 ملايين راكب سنوياً، ويُمكّن المسافرين من اكتشاف معالم السعودية وقطر بكل يسر وسهولة، كما سيسهم المشروع في توفير أكثر من 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

ومن المقدّر أن يحقق المشروع بعد اكتماله أثراً اقتصادياً بنحو 115 مليار ريال للناتج المحلي الإجمالي للبلدين؛ مما يجعله أحد أهم المشروعات الاستراتيجية التي تدعم التنمية الإقليمية، وترسخ الترابط والتكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي عبر شبكة سكك حديد متطورة.

ومن المقرر الانتهاء من المشروع بعد ست سنوات، وفق أعلى المعايير العالمية للجودة والسلامة، وباستخدام أحدث تقنيات السكك الحديدية والهندسة الذكية لضمان تشغيل آمن وسلس؛ بما يحقق الاستدامة البيئية، ويقلل من انبعاثات الكربون، ويعزز الجهود الرامية إلى دعم التحول نحو أنماط نقل أكثر كفاءة وابتكاراً للتنقل الذكي والمستدام في المنطقة.

كما رحب الجانبان بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم خلال الزيارة في مجالات النقل السككي، وتشجيع الاستثمار، والأمن الغذائي، والإعلامي، والتعاون بمجال القطاع غير الربحي.

ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي أمير قطر لدى وصوله إلى الرياض (واس)

وفي الشأن الدولي، جدد الجانبان عزمهما على مواصلة التنسيق بينهما، وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، كما تبادلا وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.

وثمن الجانب السعودي مصادقة قطر على ميثاق المنظمة العالمية للمياه، التي تهدف إلى توحيد وتعزيز الجهود الدولية في معالجة تحديات المياه وإيجاد الحلول الشاملة.

وفي الجانبين الدفاعي والأمني، أكد الجانبان عزمهما على تعزيز وتطوير الشراكة الدفاعية بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة، ويدعم الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وتنسيق المواقف في مواجهة التحديات الإقليمية، بما يسهم في حماية أمن المنطقة وتعزيز جاهزيتها.

وأشادا بمستوى التعاون والتنسيق الأمني القائم بينهما في جميع المجالات الأمنية، بما فيها تبادل الخبرات والزيارات الأمنية على المستويات كافة، وتبادل المعلومات في مجال أمن المسافرين في البلدين، وعقد دورات تدريبية، والمشاركة في مؤتمرات الأمن السيبراني التي استضافها البلدين، وأمن الحدود، ومكافحة المخدرات، والتطرف والإرهاب وتمويلهما، ومكافحة الجرائم بجميع أشكالها، وعبَّرا عن سعيهما لتعزيز ذلك بما يحقق الأمن والاستقرار في البلدين الشقيقين.

كما أشاد ولي العهد السعودي وأمير قطر، بمتانة الروابط الاقتصادية بين البلدين، وحجم التجارة البينية، حيث شهد تبادلهما التجاري نمواً ملحوظاً ليصل إلى 930.3 مليون دولار في عام 2024 (غير شاملة قيمة السلع المعاد تصديرها)، محققاً نسبة نمو بلغت 634 في المائة مقارنة بعام 2021.

وأكدا أهمية تعزيز العمل المشترك لتنويع وزيادة التبادل التجاري، وتسهيل تدفق الحركة التجارية، وتذليل أي تحديات قد تواجهها، واستثمار الفرص المتاحة في القطاعات ذات الأولوية في إطار «رؤية المملكة 2030»، و«رؤية قطر الوطنية 2030»، وتحويلها إلى شراكات ملموسة تدعم مفهوم التكامل الاقتصادي والتجاري بما يعود بالمنفعة على البلدين وشعبيهما.

ورحب الجانبان بالتعاون الاستثماري الثنائي المستدام، من خلال الشراكة بين صناديق الاستثمار والشركات الاستثمارية، وأكدا أهمية تكثيف الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص، وعقد اللقاءات الاستثمارية وملتقيات الأعمال.

وأشار الجانبان إلى أهمية تعزيز موثوقية أسواق الطاقة العالمية واستقرارها، والحاجة إلى ضمان أمن الإمدادات لجميع مصادر الطاقة في الأسواق العالمية، بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين ويدعم نمو الاقتصاد العالمي، وأعرب الجانبان عن رغبتهما في بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة بما فيها الكهرباء، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وتطوير مشاريعهما بما يعود بالمنفعة المشتركة على اقتصادي البلدين.

كما أكدا أهمية تعزيز تعاونهما في تطوير سلاسل الإمداد واستدامتها لقطاعات الطاقة، وتمكين التعاون بين الشركات لتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية في البلدين بما يسهم في تحقيق مرونة إمدادات الطاقة وفاعليتها. واتفقا على ضرورة تعزيز سبل التعاون حول سياسات المناخ في الاتفاقيات الدولية، والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، والعمل على أن تركز تلك السياسات على الانبعاثات وليس المصادر.

واتفق الجانبان على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي، والابتكار والصناعة والتعدين، ورفع وتيرة العمل المشترك على مسارات التكامل الصناعي، وكذلك تعزيز التعاون في البرامج والأنشطة الشبابية والرياضية والثقافية، والتعليم، وإيجاد برامج أكاديمية نوعية مشتركة، والإعلام، ورفع مستوى موثوقية المحتوى الإعلامي، والإنتاج الإعلامي المشترك، والمواكبة الإعلامية للمناسبات والفعاليات التي يستضيفها البلدان إلى جانب تعزيز التعاون في الأمن السيبراني والصحة.


أسبوع من النشاط الدبلوماسي في تعزيز العلاقات السعودية - القطرية

TT

أسبوع من النشاط الدبلوماسي في تعزيز العلاقات السعودية - القطرية

ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس)
ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس)

سجّلت العلاقات السعودية - القطرية نشاطاً لافتاً مؤخّراً، وتعزّز خلال أقل من الأسبوع عبر مجموعة من المجريات التي تُوّجت عبر جلسة المباحثات الرسمية، واجتماع مجلس التنسيق السعودي - القطري في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، وما صدر عنه من بيان مشترك «في جو سادته المودة والإخاء والثقة المتبادلة»، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).

ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس)

في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تلقى الأمير محمد بن سلمان رسالة خطية من الشيخ تميم تتصل بالعلاقات الثنائية. وفي اليوم ذاته أدَّى القسم أمام الأمير محمد بن سلمان السفراء المعينون حديثاً لدى 15 دولة، بقصر الخليج في الدمام، وتقدّمهم الأمير سعد بن منصور بن سعد، السفير السعودي المُعيّن لدى قطر، وفي اليوم التالي وصل السفير السعودي الجديد إلى الدوحة، قبل أن يسلِّم إلى الجانب القطري نسخة من أوراق اعتماده سفيراً للسعودية لدى دولة قطر.

وزيرا الخارجية

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض الخميس، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر، وجرى خلال الاستقبال بحث العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك، وسبل تنميتها بما يلبي تطلعات قيادتَي وشعبَي البلدين.

كما ترأَّس الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني، اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري، بحضور الدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي، ومحمد الجدعان وزير المالية، واستعرضا العلاقات الأخوية المتينة، وسبل تطويرها، وتكثيف التعاون المشترك، مشيدين بالتعاون والتنسيق القائم بين لجان مجلس التنسيق المنبثقة وفرق عملها، وشدَّدا على أهمية استمرارها بهذه الوتيرة؛ بهدف تحقيق المصالح النوعية المشتركة للبلدين وشعبيهما.

الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)

والسبت، التقى وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، بالدكتور محمد الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، على هامش «منتدى الدوحة 2025»، وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون الأخوية المتينة وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، ومناقشة المواضيع ذات الاهتمام المشترك.

وكان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، استقبل أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم، الأمير تركي بن محمد بن فهد، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي، وجرى خلال الاستقبال، تبادل الأحاديث الأخوية وبحث العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وسبل تطويرها، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).