ستيوارت إيه. تومبسون
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

كيف يبدو العالم بحسب «رمبل»

استمع إلى المقالة

بمجرد إعلان فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، غمر المؤثرون على موقع «رمبل»، البديل اليميني لموقع «يوتيوب»، المنصة بعبارة بسيطة: «نحن الإعلام الآن».

وعلى ما يبدو، عكست هذه الفكرة شعوراً متزايداً بأن الصحافيين التقليديين فقدوا مكانتهم في قلب المنظومة الإعلامية. وكشفت استطلاعات الرأي تراجعاً حاداً في الثقة في وسائل الإعلام الإخبارية السائدة، وأن ما يقرب من نصف الشباب يستقون الأخبار من «المؤثرين»، بدلاً عن الصحافيين.

ويرى هؤلاء المؤثرون أنه محل الصحافيين التقليديين، حل صانعو محتوى رقمي ينتمون لتيار اليمين، ونجحوا في خلق قواعد ضخمة من المتابعين عبر الإنترنت. على سبيل المثال، يعتبر «رمبل» صغيراً مقارنة بـ«يوتيوب»، ومع ذلك فإنه يشكل مصدراً رئيساً للأخبار لملايين الأميركيين، بحسب «مركز بيو للأبحاث».

وفي ليلة الانتخابات، تجاوز عدد مشاهدي المنصة النشطين مليونين. وأعلنت الشركة المالكة في بيان، أن متوسط عدد المستخدمين النشطين شهرياً فاق 67 مليوناً في الربع الأخير من عام 2024.

وإذا كان «رمبل» وسيلة الإعلام الأولى الآن، فقد راودتني تساؤلات حول كيف تكون الحال عندما يستقي المرء جميع الأخبار من هذه المنصة. وعليه، قررت في الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني)، أي بعد الانتخابات بنحو أسبوعين، إلغاء اشتراكاتي بجميع التطبيقات الإخبارية و«البودكاست»، وألقيت بجميع النشرات الإخبارية التي ترد إلي في سلة المهملات. وعلى مدار الأسبوع التالي، حرصت على الحصول على جميع الأخبار من «رمبل» فحسب.

وبدأت بزيارة الصفحة الرئيسة لموقع «رمبل»، وشاهدت أول فيديو موصى به، وكان حول مخاطر اشتعال حرب نووية، مع صورة جرى إنشاؤها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي للرئيس جو بايدن وهو يضحك، فوق عنوان رئيس يقول: «هل اقتربت الحرب العالمية الثالثة؟! بايدن يأذن بضرب روسيا قبل تولي ترمب منصبه!!»

جدير بالذكر أن «رمبل» في السابق كان منصة فيديو غير معروفة، تعرض مقاطع فيديو شهيرة للقطط. ويعود تاريخ إنشاء «رمبل» إلى عام 2013.

اتخذ الموقع منحى يمينياً متطرفاً، في وقت اتخذت شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى و«يوتيوب» إجراءات صارمة ضد المستخدمين، الذين ينتهكون القواعد الحاكمة لهذه المنصات.

وعليه، تحول أصحاب التوجهات المحافظة بأعداد كبيرة نحو منصات أخرى، منها «رمبل»، والتي شهدت ارتفاع قيمتها بمقدار 500 مليون دولار بين عشية وضحاها.

وفي غضون بضع ساعات فقط من بدء تجربتي، بدا واضحاً لي أنني أسقط في واقع بديل تحركه مشاعر الغضب على نحو شبه كامل.

وساعة بعد أخرى، عمد مضيفو «رمبل» إلى تأجيج المخاوف بشأن كل شيء تقريباً: الحروب الثقافية، والأميركيين المتحولين جنسياً، وحتى حرب عالمية ثالثة محتملة. وفي ليلتي الثانية على الموقع، وبينما كنت أتابع برنامج «Redacted»، سمعت أن الحرب العالمية الثالثة كانت وشيكة، جراء التوترات المتصاعدة مع روسيا.

أشارت برامج إلى مقاطع مباشرة من التلفزيون الحكومي الروسي أو الحكومة الروسية. وخلال برنامج «روزان بار شو»، جرى دمج مقطع عن الحرب النووية في إعلان لمجموعة أدوات إسعاف طارئة. (في رسالة بريد إلكتروني، أخبرني المذيع المشارك بالبرنامج، جيك بنتلاند، وهو نجل بار، أن برنامجهما يريد الحفاظ على «سلامة الأميركيين وحمايتهم من هذه الإدارة فاحشة الفساد، سواء من خلال التثقيف أو تسليط الضوء على منتجات محددة يمكن أن تحميهم».)

مطلع هذا الأسبوع، أبدى كثير من الفاعلين عبر «رمبل» غضبهم العارم من مسؤولة من الحزب الديمقراطي في ولاية بنسلفانيا، لمحوا إلى أنها كانت تحاول سرقة الانتخابات عبر فرز الأصوات غير الصالحة. واكتسب هذا الجدل اهتماماً كبيراً على مستوى البلاد وتلقت المسؤولة، ديان إليس مارسيغليا، مفوضة مقاطعة باكس، بنسلفانيا، رسائل بريد إلكتروني تحمل شتائم وتهديدات بالقتل.

إلا أنه بعد قراءة مقالات إخبارية حول الأمر لاحقاً، بدا واضحاً أن الموقف كان أكثر تعقيداً مما طرحه المؤثرون عبر «رمبل».

في نهاية الأمر، اعتذرت المسؤولة عن إصدار بيان رديء الصياغة أثار ردود فعل عنيفة. وانتشر مقطع الفيديو الخاص باعتذارها عبر «رمبل».

وقالت في اعتذارها: «سنتعلم جميعاً دروساً من هذا المشهد الإعلامي الجديد، خاصة أنا».

ومع أنه من الطبيعي أن الاستماع إلى أي مصدر إخباري واحد لفترة كافية سيغير وجهة نظرك، فإن قِلة من المصادر تربطها علاقات وثيقة بترمب وإدارته القادمة، مثل «رمبل». وغالباً ما تظهر كبار الشخصيات المؤثرة في «رمبل» مع ترمب في أثناء فعاليات، أو في مار إيه لاغو، منزله في فلوريدا. وكثيراً ما يلمحون إلى أنهم سيكونون قادرين على الاتصال بشكل خاص بالإدارة الجديدة.

جدير بالذكر هنا أن فيفيك راماسوامي، الذي اختاره ترمب لمبادرة تعزيز كفاءة الحكومة الجديدة، وهوارد لوتنيك، وزير التجارة المحتمل، امتلكا أسهماً في «رمبل» تقدر قيمتها بملايين الدولارات، لدى طرح الموقع للاكتتاب العام في 2022.

وظهر كريستوفر بافلوفسكي، مؤسس «رمبل» ورئيسه التنفيذي، في صورة الحليف لترمب. وفي منشور له عبر منصة «إكس»، شارك صورة له بعد انتخابه وهو يقف بجانب عدة أشخاص، بينهم إيلون ماسك. وفي الجزء الخلفي من الصورة، وقف الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة مبتسماً.

وكتب بافلوفسكي: «تم إنقاذ حرية التعبير».

* خدمة «نيويورك تايمز»