طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

هل تردع العدالة إسرائيل؟

استمع إلى المقالة

هل يوقف قرار محكمة العدل الدولية إسرائيل، أو يردعها عن الحرب في غزة؟ الإجابة لا! صحيح أن قرار المحكمة بتعليق عمليات إسرائيل العسكرية برفح «فوراً»، والإبقاء على معبر رفح بين مصر وغزة مفتوحاً هو قرار مهم، وملزم قانونياً، لكن من دون آليات تنفيذ.

قرار المحكمة التي تمثل أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، وتعد قراراتها ملزمة قانوناً، مهم جداً، لكنها تفتقر إلى آليات التنفيذ، ولا يمكن فعل ذلك دون مساعدة واشنطن التي انتقدت القرار والمحكمة، وحتى القضاة.

القرار مهم نعم، ويزيد من عزلة إسرائيل، وتلطيخ سمعتها، لكنه لا يكفي، ولن يحرج حتى واشنطن إذا تجاهلته، كونها تتجنّب هذه المحكمة خشية أن تطولها قراراتها، خصوصاً فيما يتعلق بغزو العراق وأفغانستان، وبيد واشنطن «الفيتو» بنهاية المطاف بمجلس الأمن.

ورغم القرار، فإن إسرائيل التي باتت تتّسم بالهستيريا السياسية الآن، لا تزال تواصل قصف غزة ورفح، وحتى غداة قرار المحكمة الدولية. إذن، ما الحل؟ لا حلول سهلة؛ لأن الحقائق على الأرض هي الأهم، خصوصاً أن المعركة مستمرة.

صحيح أن عزلة إسرائيل تزداد، وكل القرارات العدلية الدولية ضدها، لكنها هي من يسيطر عسكرياً على الأرض، وهذا ما يهم بأي مفاوضات بوقت حرب. بينما «حماس» الخاسر على الأرض، وعدلياً، خصوصاً بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية، ومتحجرة سياسياً.

ما يحدث هو أن «حماس» لم تقدم إلى الآن أي خطوة سياسية حقيقية لا على مستوى المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، ولا في المفاوضات، والأسرى، ورغم ذلك تريد العودة بكل بساطة إلى يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول).

وهذا أمر يصعب تحقيقه هكذا، ومهما لعب السنوار لعبة حافة الهاوية، مثله مثل نتنياهو، لأن موازين القوة مختلفة، وكذلك المعطيات على الأرض، وهذه نقطة جوهرية لا يمكن تجنبها إطلاقاً.

نتنياهو، كما بات معلوماً للجميع، حتى الأميركيين، يريد إطالة أمد حياته السياسية، وقد تدفعه القرارات العدلية الدولية إلى الهرب للأمام، ولو بإشعال حرب مدمرة ضد لبنان، وبحجة تحجيم «حزب الله»، وهناك رأي عام إسرائيلي يدعم ذلك.

مثلاً، وفق قصة صحيفتنا بالأمس، حتى قائد نتنياهو السابق بالجيش، الجنرال عمرام لفين، الذي عبَّر عن صدمته من ضعف نتنياهو أمام وزراء اليمين المتطرف مثل بن غفير، الذي يرى الجنرال أنه يجب أن يكون خلف القضبان بوصفه «كلباً منبوذاً» فإنه يتشدد ضد الحزب.

يقول لفين الذي دُعي للتشاور مع نتنياهو بسبب الحرب والتصعيد على حدود لبنان، خصوصاً أنه كان قائداً للواء الشمالي بالجيش، إن العدو الأخطر على إسرائيل هو «حزب الله»، وتجب «معالجته قبل (حماس) وأي تنظيم آخر». وكان يدعو إلى حرب استباقية مع الحزب، و«قبل أن تتعاظم قوته، ويصبح تهديداً وجودياً»، وفق رأيه.

يحدث ذلك ولدى نتنياهو خيارات، بينما نجد السنوار معزولاً، ولا يمكنه التشاور مع أحد علناً، ولكنه لا يقدم على أي خطوة سياسية من شأنها زيادة الضغط على إسرائيل، وبالتالي نتنياهو، وهذه مشكلة حقيقية لم تستوعبها «حماس» إلى الآن، وأشك أن تستوعبها.