الشركات المساهمة كيانات قائمة بذاتها، لها تعاملات مع شركات مماثلة وتعاملات مع الأفراد، ومن المحتمل أن يخل أحد طرفي العلاقة بأحد بنود الاتفاق أو يخل بأغلبها، وإذا لم يحل الأمر ودياً فلابد من اللجوء للقضاء لحل النزاع.
وقضايا الشركات المساهمة تنقسم إلى أقسام، قسم خارجي يتعلق بالأطراف الخارجية، وهو أمر يحدث أو لنقل متوقع، وقسم داخلي يتعلق بموظفي الشركة، مثل الفصل التعسفي لموظفٍ معين وهذا يدفع للقضاء، وقسم يتعلق بإدارة الشركة العليا سواء الإدارة التنفيذية أو مجلس الإدارة، مثل سوء الإدارة أو السرقة أو غيرها من القضايا، وهنا يكفل النظام حق التقاضي للمساهمين أو مجلس الإدارة الجديد مع المتهمين بالسرقة أو تغليب مصالحهم الشخصية على مصالح الشركة.
وما حدث أخيراً في السوق السعودية لشركة مساهمة من رفع دعوى على مجلس إدارة سابق بتهمة غياب 136 مليون ريال لا يعرف مصيرها، والقضية لا تزال في درجات التقاضي، المهم أن النظام شرّع حق التقاضي ضد من يتهم بسرقة أو فساد أو غيره.
كما أن الجمعيات العامة لها حق المساءلة، وإن كانت في واقع الأمر غير فاعلة، كما أن النظام قد كَفل لمن يملكون خمسة في المائة أو أكثر من الأسهم، الدعوة لعقد جمعية عامة غير عادية وإقالة المجلس القديم وانتخاب مجلس إدارة جديد، ولا أعرف ما إذا كانت هذه المادة سارية المفعول أم معطلة.
هنا يتبادر إلى الذهن هل السوق كفؤة في ظل ما يحدث؟ نقول نعم السوق كفؤة ما دامت تكفل حق التقاضي للطرف المتضرر.
بعد ذلك يثير عدد من المتعاملين سؤالاً عن دور هيئة سوق المال؟ ولماذا ترخص لمثل هذه الشركات؟
هيئة سوق المال ترخص لكل شركة تستوفي معايير الإدراج في السوق وتكتفي بعد ذلك بدورٍ رقابي محدد، مثل تعليق سهم الشركة عن التداول في حالة التأخر عن الإعلان عن المركز المالي سواء الربعي أم السنوي، وغير ذلك من المخالفات.
وهيئة سوق المال تتوقع حدوث مخالفات من مجالس إدارات الشركات أو المجالس التنفيذية ولكنها تترك ذلك للقضاء للفصل في هذه المنازعات.
وأتوقع أن الهيئة ترصد هذه المخالفات وتحاول غلق الفجوة بين النظام والتطبيق عبر سن قوانين تغلق هذه الفجوات، وإذا كانت الهيئة لا تستطيع تغيير نظام الشركات أو إحداث مواد جديدة به بحكم أنه يحتاج إلى موافقات عليا، فلا أقل من تحديث لائحة تنفيذية للنظام مهمتها ملاحقة ثغرات النظام وإغلاقها وعلاج الحالات المستجدة، وجعل هذا الحل يسري على الحالات المماثلة الأخرى.
بمعنى أنه لو حدثت مخالفة لا يغطي نظام الشركات إلا جزءاً منها فإن هيئة سوق المال تحيل الموضوع للقانونيين لديها، وفي حالة الخروج بحل يعمم هذا الحل على الشركات بصفته تعميماً ملزماً لمن يخالف مثل هذه المخالفة. وبهذا نغلق ثغرات نظام الشركات، لا سيما في الحالات المستجدة، ومن المعروف أنه ما دامت هناك حياة فستظل المشكلات قائمة، وهذا لا ينفي أن هناك الكثير الحسن، ولكن للأسف لا يظهر على السطح إلا السيئ وإن قل. ودمتم.