نجح فريق دولي بقيادة باحثين في جامعة «آر إم آي تي» الأسترالية في ملبوررن، في فك أسرار نجاح الفيروسات القاتلة في الانتشار داخل الجسم الحي، الأمر الذي سيساعد على علاج الأمراض الفيروسية، ومنها الإنفلونزا وأمراض والبرد. وتتسبب الإنفلونزا في حدوث إصابات بين أكثر من 5 ملايين شخص في العالم سنويا تقود 10 في المائة منها إلى الوفاة.
بروتين «خائن»
وقال الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة «نتشر كوميونيكيشن» إنهم عثروا على عملية بيولوجية عمرها 1.5 مليار سنة، تحدث داخل الخلية الحية، وتوجد في النباتات والفطريات ولدى الحيوانات اللبونة (الثدييات). ووجدوا أن هذه العملية تعزز من شدة المرض الفيروسي لدى فئران التجارب، ولذا فإنها على الأغلب تعزز من قوة المرض لدى الإنسان.
وتعرف الباحثون في دراستهم الهادفة إلى التعرف على أسباب انتشار الفيروسات لدى الإنسان، على بروتين يتم تنشيطه بواسطة مختلف الفيروسات، ومن ضمنها فيروسات الإنفلونزا، وكذلك الفيروس الأنفي وهو من فيروسات البرد الذي يسبب الزكام. ويسمى هذا البروتين Nox2 oxidase. والأُكسيداز هو إنزيم يحفز تفاعلات الأكسدة والاختزال.
وعندما تجري عملية تنشيط هذا البروتين فإنه يقوم بتثبيط عدد من الدفاعات الرئيسية للجسم ضد الفيروسات التي يفترض فيها أن تقوم بتطهيرها من الجسم، وهو الأمر الذي أدى إلى ازدياد شدة الفيروسات لدى فئران التجارب.
كما نجح الفريق العلمي في صنع نموذج أولي لعقار للأمراض الفيروسية، إذ طور مادة كيميائية معدلة لمنع نشاط هذا البروتين أو الحد منه. ونجح العقار في الحد من عدوى الإنفلونزا بشكل عالي الكفاءة. وكان الباحثون قد تعرفوا على موضع هذا البروتين داخل جزء الخلية المسمى الجسيم الداخلي أو الدُخْلُول Endosome، وهو حيز محاط بالغشاء الخلوي ويبلغ قطره نحو 500 نانومتر.
وأشرف على الدراسة كل من الدكتور ستافروس سيليميديس زايونيس تو الباحثين في الجامعة، والبروفسور دوغ بروكس من جامعة موناش الأسترالية، والبروفسور جون أوليري من جامعة ترينيتي الآيرلندية في دبلن، وباحثان من الولايات المتحدة.
وقال سيليميديس: «لقد تعرفنا على بروتين جهاز المناعة الذي يُسهِم في زيادة المرض الناجم عن العدوى بفيروسات الإنفلونزا مهما كانت سلالاتها»، وأضاف: «وأيضاً طورنا وسيلة للتجهيز الدواء تستهدف هذا البروتين، ما أدى إلى تخفيف المرض بشكل كبير جدّاً». وقال الباحثون إن قوة هذه الدراسة تتمثل في كونها دراسة متعددة الاختصاصات إذ شارك فيها اختصاصيون وأطباء من 8 جامعات عالمية.
مجهر فيروسي
من جهة ثانية طور باحثون أميركيون في جامعة ديوك مجهرا قويا جدا لالتقاط صور الفيروس حالة قيامه بعدوى الخلية.
وقال الباحثون إن هذا المجهر يعتبر «كاميرا فيروسية» بالأبعاد الثلاثة، سيترصد الفيروس وحركته في الزمن الفعلي. وأضافوا أنهم تمكنوا بواسطته رؤية فيديو لتنقلات أحد الفيروسات في منطقة لا يزيد سمكها عن سمك الشعرة. وهم يرغبون في التمعن في دراسة أول تماسّ للفيروسات مع جدار الخلية، وكيفية تفاعلها مع مستقبلات الخلية وكيفية تغلغلها فيها.
وقال كيفن ويلشر الأستاذ المساعد في الكيمياء بالجامعة: «نريد أن نراقب هذه العمليات في الزمن الفعلي، بهدف حصر الفيروس منذ أول لحظة تماسه مع الخلية».
ورغم أن المجهر لا يُعتَبَر الأول من نوعه للرصد المجسم للفيروس، إلا أنه بمقدوره رصد حركة الجسيمات بشكل أسرع، كما أنه يرصد الجسيمات غير واضحة المعالم بشكل أفضل.
وقال ويلشر إن رصد الجسيمات الأقل وضوحاً مهم جداً بالنسبة للنجاح في رصد الفيروسات، لأنها لا تشع الضوء عادة ولذا يلجأ العلماء إلى وضع علامات فلورسنتية على الفيروسات بهدف دراستها بدقة. وأضاف أنه إذا رصدنا الفيروسات فسنعرف حركتها وتنقلاتها بشكل دقيق.
جينات القوة العضلية
على صعيد آخر، قال باحثون في جامعة كمبردج البريطانية إنهم تعرفوا ولأول مرة على العوامل الجينية الشائعة التي تؤثر على قوة العضلات لدى الإنسان.
وفي دراستهم المنشورة في مجلة «نتشر كوميونيكشن» دقق الباحثون في بيانات عن قوة قبضة اليد لأكثر من 140 ألفاً من المشاركين في «دراسة بايوبانك» في المملكة المتحدة، وهولندا والدنمارك وأستراليا للتعرف على 16 نوعاً من الجينات التي يعرف العلماء صلتها بقوة العضلات.
وقال دان رايت الباحث في وحدة علوم الوبائيات التابعة لمجلس الأبحاث الطبية في جامعة كمبردج المشرف الرئيسي على الدراسة إن أغلب هذه الجينات المرصودة تقع داخل، أو بالقرب من، الجينات التي تلعب دوراً بيولوجيا في وظائف العضلات ووظائف أنسجة العضلات واتصال خلاياها مع الجهاز العصبي.
وقال الباحثون إنهم كانوا يعتقدون بوجود دور للجينات في قوة العضلات إلا أن نتائج الدراسة الجديدة تقدم صورة جديدة عن أنواع الجينات التي تعتمد عليها قوة العضلات، وهو الأمر الذي سيسمح بتطوير عقاقير لأمراض ضعف العضلات أو ضمورها.