مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

دوام الحال من المحال

يقول مسؤول سعودي كبير: إن الموظف الحكومي لا يعمل في اليوم الواحد أكثر من ساعة، وإذا كان كلامه صحيحاً فهي كارثة بكل المقاييس – مع أنني أشك في ذلك.
ولكن بالمقابل أعرف مسؤولاً في أحد البنوك يداوم في مكتبه من الساعة الثامنة صباحاً ولا يخرج منه إلاّ في الثامنة مساءً، يتخلل ذلك الوقت ساعة واحدة مقتطعة يتناول فيها بعض السندوتشات، ليس له فيما عدا ذلك أية نشاطات اجتماعية أو رياضية أو فنية، كما أنه لا يؤمن بالإجازات. مضى عليه وهو على هذا الحال عدة سنوات وهو من المكتب إلى البيت والعكس صحيح كذلك، فهل ما يفعله هو عين العقل، أم أن في هذه المعادلة خللاً كبيراً؟!
وخطر على بالي (جاك ولش) المدير التنفيذي لشركة (جنرال موتورز)، الذي أعاد تنظيم الشركة، وأكب على معالجة مشكلة البيروقراطية فيها فاستخلص هذه الفكرة عن المديرين الذين يعملون ليلاً ونهاراً.
وذكر أن موظفاً قال له: أنا أعمل 90 ساعة في الأسبوع، فأجابه: إنك لمرتكب خطأ فادحاً، فأنا أذهب للتزلج في عطلة نهاية الأسبوع وأسهر مع أصحابي مساء الجمعة، هات لي لائحة بعشرين أمراً تشغلك خلال 90 ساعة، أدلك على عشرة منها لا معنى لها.
فالمسألة ليست هي (يا طُخّه أو يا اكسر مخه)، وليست هي: (يا سراجين يا ضلما)، مثلما أسير أنا في منوال حياتي حينما (أترك الدرعا ترعى)، وأقطع الليل كله بالمواويل ومطارحة الغرام. وأعترف أنني نموذج غير صالح البتة، البتة.
***
كان جورج برنارد شو يعرض على أحد ضيوفه تمثالاً نصفياً لنفسه صنعه النحات الشهير رودان قبل ذلك بتسع سنوات... وقال شو الذي تقدم به العمر: (هناك شيء غريب في هذا التمثال فهو يزداد شباباً يوماً تلو يوم)!
رحمك الله يا (شو)، وكذلك أنت يا (رودان)
***
فاجأ رئيس نادٍ تركي لاعبي فريقه بحرمانهم من مكافآت الفوز رغم تحقيقهم انتصاراً قياسياً قوامه (20) هدفاً مقابل (صفر)، بحجة أنهم لم يحترموا الفريق المنافس، كي يتعلموا ألا يسجلوا هذا العدد الكبير من الأهداف مرة أخرى.
ومثلما سمعت أن المنتخب المصري الشقيق سبق له أن هزم المنتخب السعودي في (الخمسينات) بـ(11 – صفر) على عدد اللاعبين – مع عدم الرأفة - ولم تمض سوى أربعة عقود وإذا بالمنتخب السعودي يهزمهم (5 – 1).
وهذا يدل على أن (دوام الحال من المحال)، وأن الدنيا (كالكرة) دائماً دواره، ولكن ومع ذلك يظل المنتخب المصري هو الأساس والقدوة.
***
سألني أحدهم: لماذا لا تتزوج؟! نظرت له بأسى ولم أجبه، ولسان حالي يقول:
يا خليل وأنت خير خليل / لا تلم راهباً بغير دليل
أنا ليل وكل حسناء شمس / واجتماعي بها من المستحيل