مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

غسل أموال = (كارثة)

حسب ما يرويه (عبد الحفيظ الشمري)، فإن جملاً قد بيع بمزاد علني بـ(60) مليون ريال، وإن تيسًا أقرن بيع بـ(10) ملايين ريال، وإن ديكًا بلغ سعره (600) ألف ريال، وجوز حمام مرقط بنصف مليون ريال.
وقد أتاني وقتها من يهوِّن عليَّ الأمر قائلاً: يا أخي، لا تصدق هذه الإشاعات، ولكنه لم يعلم أن كل ذلك حدث أمام مئات الأشخاص، وموثق بالمكاتبات والشيكات والتواقيع والشهود والتصوير الحي المباشر.
وكل هذا ما هو إلاّ تمرير محكم لهذه المبالغ، مما يؤكد أنها (غسل أموال).
وتوجد الآن بالمحاكم قضايا لهذا الغسل القذر، متورط بها (15) شخصًا، والاتجار الوهمي بمبالغ تفوق (35) مليار ريال - وهذا الكلام ليس من عندي، ولكن هو ما أوردته المحاكم في نشرة إعلامية موجزة.
لا أدري هل غابت عنا قضايا (الريان والسعد) في مصر، وكيف أننا لم نتعلم منها؟! وصدق من قال: (إن المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين)، ولكننا لُدِغنا مرات ومرات، وما زلنا نُلدغ وكأننا استمرأنا اللدغ.
وأعجبني الدكتور (سعيد السريحي) عندما كتب وقال:
حين يتمكن محتال وَصَفَه التقرير الذي نشرته صحيفة الوطن من خداع 600 مواطن، وجمع (120) مليون ريال منهم، ثم فرّ بها إلى خارج المملكة، فإن وصف الأمية عندئذ لا ينطبق على ذلك المحتال بقدر ما ينطبق على أولئك المواطنين الذين صدقوه فيما يدعيه من توظيف أموالهم بفوائد تدرّ عليهم ثراء سريعًا وأرباحًا تبلغ 80 % مما يودعونه لديه من الأموال - انتهى.
وأقول لأخي سعيد: إنه من حسن حظي أنني لم أسمع في وقتها عن ذلك المروج، لأنني ساعتها سوف أطب الحلبة، وأكون من أول (الأميين)، فمن هو المغفل الذي تكون أرباحه (80 %) ولا يقدم على ذلك؟! إنني يا شيخ قد أبيع ثيابي وأساهم بقيمتها معه.
ويبدو لي - والله أعلم - (أن كل من طبل لنا رقصنا)، وها هي فتاة لا يزيد عمرها عن (25) سنة – أي في عمر الزهور - طبلت لطالبي المال، فتهافتوا عليها كالذباب، وقد أطلقوا على تلك البنت العفريتة: (فتاة الوهم)، وقد ضحكت هي على مئات ذقون الرجال وجمعت منهم في حدود (500) مليون ريال، وعندما انتهت (السكرة وجاءت الفكرة) انتبهوا على حالهم، فتقدموا بالشكاوى ضدها ومنعها من السفر واتهموها بالنصب والاحتيال، وقد أودعت الحجز للتحقيق، أما متى تعود الأموال إلى أصحابها، فذلك علمه عند ربي.
وفي التحقيقات التي أجرتها هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة، في ملف البورصات العالمية، اتضح التعامل الاحترافي لجمع مبالغ مالية كبيرة بطرق ملتوية، وكانت كلها للأسف مجرد (تلبيس طواقي)، يعني باختصار (غسل أموال)، فأين العيون الساهرة (لنزاهة)؟!