زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

أين دفن خوفو؟

تحدثنا في المقالين السابقين عن بعض أسرار هرم الملك خوفو والتي لا تزال تحير العلماء إلى اليوم؛ ولا يزال الهرم صامدًا صامتًا لآلاف السنين، وإن أباح ببعض من أسراره خلالها فلا يزال الطريق طويلاً بل وعسيرًا حتى نستطيع أن نقول إن خوفو أباح بكل أسراره ولم يعد هناك ما يخفيه عنا!
ولقد أسهبنا في وصف ما تم الكشف عنه بواسطة الإنسان الآلي وأطلقنا عليه تسمية «الكشف عن الأبواب السرية داخل الهرم». وبالطبع لا تزال هناك ضرورة لرؤية ومعرفة ما تخفيه هذه الأبواب خلفها. والشيء العجيب بالفعل هو ما رأيناه من أمر نفق التهوية الشمالي الذي يبدأ من الجدار الشمالي للحجرة الثانية المعروفة باسم حجرة الملكة؛ لقد فوجئنا أن نفق التهوية لا يسير معتدلاً مستقيمًا مثل النفق المقابل له الجنوبي! وإنما ينحرف بشدة شمالاً ثم جنوبًا وكان السبب هو تفادي الاصطدام بالبهو العظيم والنفوذ من خلاله وهو ما تحاشاه المهندس المعماري العظيم حم إيونو بتعديل مسار النفق بعبقرية هندسية وبعد حسابات دقيقة تذهل كل من يفكر فيها، وعلينا أن نتخيل موقع البناء الصاخب وحجم وارتفاع الهرم ووسط كل ذلك وعند الانتهاء من البناء نجد كل تفصيلة صغيرة قد نفذت بدقة متناهية.
كان من الضروري التوصل إلى روبوت أحدث لاستكمال استكشاف أنفاق التهوية؛ وقد وجدت طبيب أسنان عبقريًا يعيش في هونغ كونغ ومحترف تصميم روبوتات لمهام متنوعة وقد استطاع تصميم روبوت جديد يستطيع القيام بأعمال الكشف وتخطي العوائق في أنفاق التهوية والتي كشفنا بها عن ثلاثة أبواب؛ اثنين داخل النفق الجنوبي وواحد داخل النفق الشمالي وعلى نفس المسافة من بداية النفق، وهي ستون مترًا في كلا النفقين؛ وأغلب الظن سيكون هناك باب ثانٍ خلف الأول في النفق الشمالي مثل الجنوبي. وشرحنا من قبل سبب تزويد هذه الأبواب الصغيرة بمقابض من النحاس والتي ربما ساعدت إما في إنزال الأبواب إلى أماكنها بالحبال أو أنها - أي الأبواب - كانت تجر بالحبال داخل النفق من خلالها.
تأكدنا من قدرة طبيب الأسنان على تصنيع إنسان آلي بمواصفات خاصة من خلال لجنة شكلتها من أساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة ومعهم أساتذة الآثار المصرية على رأسهم العالم الجليل الدكتور علي رضوان لمراجعة كل تفاصيل تصنيع الروبوت ومواصفاته والهيئات المشاركة في التصنيع. وقد تم اختيار فريق إنجليزي للقيام بهذا العمل الذي إن تم فمن المؤكد أنه سيكشف لنا عن سر جديد من أسرار هرم الملك خوفو الذي من المؤكد لم يدفن في التابوت الجرانيتي المتواضع الذي تم الكشف عنه في الحجرة الثالثة؟! فكيف لمن استطاع أن يبني معجزة معمارية غير مسبوقة أن يدفن في تابوت حجري متواضع بهذا الشكل؟! لا بد وأن الحجرة الحقيقية للدفن لا تزال هناك في مكان غير معروف داخل الهرم! وتخيلوا معي صدى الكشف عن كنوز الملك خوفو وموميائه! حقًا سيكون هذا هو اكتشاف القرن.. هل يتحقق هذا الحلم يومًا ما بعد أن عطلته ثورة يناير (كانون الثاني) عام 2011؟!