سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

الدال والمدلول في السيمياء والابستمولوجيا

القاعدة المتبعة هي أنه إذا واجهت مشكلة معقدة عصي عليك فهمها، فالحل في أن تبسطها وتفكك عقدها، وبعدها، قد تفهم، أو قد لا تكرر المحاولة. أي تستسلم إلى الحقيقة، وهي عدم قدرتك على استيعاب ما يستوعبه ذوو المدارك وأهل المقامات الثقافية العالية.
قبل سنوات دخلت على صناعة الكتابة كلمة جديدة هي «السيميائية» التي يوردها شيوخ المثقفين، وليس البسطاء من أمثالنا. وقد حاولت البحث عن معنى الكلمة في اللغات الثلاث التي أعرفها، فوجدت الشرح أكثر تعقيدًا. وفي النهاية، توقفت عن البحث لأنني مقتنع بأنني لن أكتب عن السيميائية، ولن أقرأ عنها، فلماذا تعب النفس المرهقة أصلاً؟
غير أنني وقعت قبل أيام، في الصفحة الثقافية للزميلة «الأنوار»، على مقال بعنوان «من علم السيمياء التقليدي إلى علم السيمياء الحديث» للكاتب التونسي محمد فريق. فقلت في نفسي اجعلها محاولة أخيرة يا ولد. أرجو أن تقرأوا معي بداية الشرح لتعرفوا لماذا هي المحاولة الأخيرة:
«علم السيمياء مصطلح شبيه بمصطلح علم الكيمياء التقليدي كما اقتُرِح، يقوم على مبدأ التواطؤ ببرهان رباني، أما علم اللسان الحديث فيقوم على مبدأ التواطؤ الاعتباطي بين الدال والمدلول، وهو بخلاف علم السيمياء التقليدي ناشئ بإرهاصات تفكير القطيعة الابستمولوجية، التي طالت العلوم والمعارف في الغرب (...) وهي دروس تأتي تتويجًا لحراك لساني طويل ساهم فيه كثير من اللسانيين السابقين من الذين شغفوا بأمر العلامة اللسانية، والدال والمدلول والعلاقة بينهما، فكان من نتائج ذلك، الوقوف على أن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية بالأساس، وهي نظرية خلخلت صرامة الاعتقاد النحوي القديم في أن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة توقيف بتدبير ميتافيزيقي، مما يجعل علم اللسان الحديث الذي تفرع إلى علوم أخرى، علمًا تفيد منه التنظيرات الحديثة (...) كما تفيد من مبدأ العلاقة الاعتباطية الخاصة بالدال والمدلول، في مقاربة العلاقة القائمة بين دال الخطاب الروائي ومدلوله، فكانت علاقة اعتباطية قائمة بينهما على غرار اعتباطية الدال والمدلول في مجال العلامة اللسانية». انتهى.
تحياتي إلى إخواني السيميائيين في كل مكان. ولك يا عمي شو صاير عليكم.