مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الظاهرة رجب طيب إردوغان

هناك أطراف في العالم كان بودها نجاح الانقلاب العسكري على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وهناك العكس، من كان يضع يده على قلبه خوفا على سلطة إردوغان.
ليس فقط أنصار جماعة الإخوان من كان يناصر إردوغان، مساء الانقلاب العصيب، فهذا معتاد، بل أنصار القضية السورية، ضد بشار ومن يناصره في روسيا وإيران.
على ذكر إيران، كان من المثير سرعة الموقف الإيراني المساند - بحرارة - لشرعية إردوغان، واجتماع مجلس الأمن القومي برئاسة روحاني لمناصرة الحكومة التركية، وأشاد وزير الخارجية الإيراني، ظريف، بمؤيدي إردوغان. وقال: «دفاع الشعب التركي الشجاع عن الديمقراطية وعن حكومتهم المنتخبة يثبت أن الانقلابات لا مكان لها في منطقتنا ومآلها الفشل». وهي لغة تشبه لغة البروباغندا الإخوانية، كما هو واضح.
من يقف خلف هذه المحاولة؟
بالنسبة لإردوغان، فإن الداعية المثير للجدل، فتح الله غولن، المقيم بأميركا منذ 1999 هو المتهم، من خلال شبكة أنصاره الواسعة بتركيا، وغولن، نفى ذلك بشدة، وقال بمقابلة نادرة مع «نيويورك تايمز»، ربما كان إردوغان نفسه هو من دبر المكيدة لتعزيز سلطته، والقضاء على أنصار جماعة (الخدمة) شبكة أنصار غولن، الذين وصفهم إردوغان بالفيروس.
إردوغان بمزاج ثأري، توعد بالقضاء المبرم على جماعة غولن، وطالب أميركا بتسليم الداعية التركي، وهناك من اتهم أميركا بتدبير المحاولة، وهو الأمر الذي أغضب وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
الحق أن حماسة غير الأتراك، مثلما حصل من سعوديين في التواصل الاجتماعي بالإنترنت، يشير لتغلغل البروباغندا التي صنعها إردوغان حوله في الشارع العربي، على غرار صورة صدام حسين وعبد الناصر في الماضي.
صورة متوهمة، وجهل فادح، فمن يعادي إردوغان في تركيا، ليس فقط الكماليون الخلص من حماة قيم الجمهورية، بل أبناء عمومة الحزب الإسلامي الحاكم، أعني أنصار الداعية فتح الله غولن، فضلا عن الحركة الكردية.
النقاش الدائر، عربيا، حول من مع وضد إردوغان، نقاش عاطفي كيدي صاخب، وفي ظني أنه من الخطأ اختصار سياسة إردوغان في صورة واحدة. بمباشرة أكثر، موقف إردوغان من الأزمة السورية، رغم التراجعات الأخيرة، هو أقرب للموقف السعودي من كل دول المنطقة، رغم وجود خلافات حتى حول الملف السوري، أما موقف إردوغان العنيد في معاداة مصر، ونصرة جماعة الإخوان، فهو موقف مناقض للموقف السعودي.
إذن لا يوجد موقف مع أو ضد بالمطلق، هناك مع وضد في نفس الوقت، حيال ما جرى في المساء التركي المثير. هكذا هي الدنيا، مع الاعتذار لمحبي فكرة الفسطاطين.
[email protected]