إيلي ليك
TT

التاريخ السري لـ«غرفة الصدى» وراء الاتفاق النووي الإيراني

شرعت شبكة من أعضاء جماعات ضغط وخبراء ومتخصصين في صياغة الرسائل، قال البيت الأبيض إنها ساعدته في الترويج للاتفاق النووي مع إيران عام 2015، في تنظيم حملة مؤيدة لمثل هذا الاتفاق قبل إقراره بأربع سنوات، بل وقبل أن تبدأ المفاوضات بشأنه من الأساس.
تلقيت مؤخرا رسائل عبر البريد الإلكتروني من قائمة بريد داخلية تخص منظمة «بلاوشيرز فند» المعنية بالسيطرة على الأسلحة وغير الهادفة للربح. كانت الأنظار تركزت على هذه المنظمة في أعقاب نقل «نيويورك تايمز ماغازين» عن المساعد البارز بالبيت الأبيض لشؤون السياسة الخارجية، بين رودز، تفاخره بتمكن المنظمة من تعظيم والتأكيد على رسالة البيت الأبيض عام 2015 بخصوص الاتفاق مع إيران. وفي تصريحاته للمجلة، قال رودز إن أنصار الاتفاق شكلوا فيما بينهم ما يشبه «غرفة صدى»، مشيرًا على نحو ضمني إلى أن الخبراء المستقلين عملوا بمثابة أدوات في إطار الحملة الدعائية التي نظمها البيت الأبيض لدعم الاتفاق.
بيد أن اللافت أن الرسائل التي بدأت «بلاوشيرز فند» في صياغتها ونشرها حول إيران بدأت في الظهور فعليًا قبل إبرام الاتفاق النووي بفترة طويلة، وكذلك قبل عقد رودز اجتماعات منتظمة مع جماعات تقدمية حول صياغة شكل الخطاب بخصوص إيران. في الواقع، منذ أغسطس (آب) 2011 على وجه التحديد، شكلت «بلاوشيرز فند» والجهات المانحة لها ما أطلق عليه «مجموعة استراتيجية إيران.» وبمرور الوقت، نظمت هذه المجموعة حملة معقدة لإعادة صياغة الخطاب الوطني حول إيران. وسعت الحملة نحو تصوير المشككين في جدوى السبل الدبلوماسية في التعامل مع إيران باعتبارهم «مناصري الحروب»، مع العمل في الوقت ذاته على التقليل من أخطار البرنامج النووي الإيراني، وذلك قبل انطلاق المفاوضات الرسمية بين الجانبين الأميركي والإيراني عام 2013.
وسعت المجموعة الاستراتيجية إلى «صياغة عملية وآليات لتنفيذ استراتيجيات وتكتيكات والخطاب المتعلق بحملة إيران»، تبعًا لما ورد بأجندة أول اجتماع للمجموعة بتاريخ 17 أغسطس 2011. جدير بالذكر أن المجموعة ضمت ممثلين عن «اتحاد السيطرة على الأسلحة» و«شبكة الأمن الوطني» و«المجلس الوطني الإيراني الأميركي» و«اتحاد العلماء الأميركيين» و«المجلس الأطلسي»، إلى جانب آخرين.
من ناحية أخرى، فإنها باعتبارها منظمة غير هادفة للربح تكشف «بلاوشيرز فند» سنويًا عن الجهات المانحة لها. ومع ذلك، فإن الغموض لا يزال يحيط بالكيفية التي تولت من خلالها هذه الشبكة من المنظمات غير الهادفة للربح وجماعات الضغط والخبراء بمجال السياسات، تنظيم حملتها الدعائية المتعلقة بإيران.
الملاحظ أن ثمة عنصرين مشتركين بين أفراد هذه المجموعة: أنهم جميعًا تلقوا منحا كبيرة من «بلاوشيرز فند»، وأنهم سعوا لمنع اندلاع حرب مع إيران.
اللافت أن هذا التوجه تحول إلى حجر الزاوية في رسالة البيت الأبيض ذاته بعد أربع سنوات، عندما شرع أوباما في الترويج لاتفاقه داخل أروقة الكونغرس. ومع هذا، ورغم أن رسالة «مجموعة استراتيجية إيران» بخصوص منتقدي الاتفاق رددها البيت الأبيض، فإن الرسائل الأولى للمجموعة حول إيران بين عامي 2011 و2013 مغايرة للغاية عما انتهت «بلاوشيرز» والجهات المانحة إلى قوله عام 2015.
عام 2011، وضعت «مجموعة استراتيجية إيران» مسودة لمجموعة من النقاط الجديرة بالمناقشة تحت عنوان «نقاط أساسية بخصوص إيران والأسلحة النووية».
وشددت نقاط المناقشة، التي صاغها بول بيلار المحلل الاستخباراتي الذي ترأس فريق العمل الذي وضع «تقديرات الاستخبارات الوطنية لعام 2002»، الذي جرى عرضه على الكونغرس قبل حرب العراق، على أن الدبلوماسية السبيل الأمثل لتقليص احتمالية امتلاك إيران أسلحة نووية، وأن قصف المنشآت النووية الإيرانية سيأتي بنتائج عكس المرجوة.
إلا أن النقاط تضمنت كذلك إشارة إلى أن «البرنامج النووي الإيراني ليس وشيكًا»، وأن بناء سلاح نووي إيراني ليس أمرًا يتعذر تفاديه، أما العبارة الأكثر إثارة للجدل فكانت «إذا طورت إيران سلاحًا نوويًا، فإن الولايات المتحدة والغرب بإمكانهما التعايش مع هذا الأمر، من دون الإضرار بالمصالح الأميركية».

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»