بول كروغمان
اقتصادي اميركي
TT

أعداء الشمس

هل يتذكر أحد «فرقة عمل تشيني للطاقة»؟ في بداية فترة حكم الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، أصدر نائب الرئيس حينها ديك تشيني تقريرًا لاقى سخرية على نطاق واسع من أنه عبارة عن وثيقة مكتوبة بواسطة «مجموعة تطوير سياسة الطاقة الوطنية»، وموجهة إليها في الوقت ذاته، وهي المجموعة التي ترأسها تشيني. وحاربت الإدارة الأميركية بضراوة للحفاظ على سرية التقرير، غير أن الأشخاص الذين اجتمعت «فرقة عمل الطاقة» معهم سربوا المعلومات في نهاية المطاف، وهي بالضبط ما يمكنك أن تتوقعه: إشراك أهم المديرين التنفيذيين في مجال الطاقة، مع عدم إعطاء الجماعات البيئية الفرصة للمجادلة إلا بعد إنجاز العمل بشكل أساسي.
لكن النقطة الأساسية الآن: وفقا لمعايير الحزب الجمهوري، كان تقرير تشيني مستنيرًا؛ حيث خصص فصلاً كاملاً لسبل الحفاظ على الطاقة، وآخر للطاقة المتجددة. ومع ذلك، لا يتناول جيب بوش ولا ماركو روبيو المرشحان الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية أيًّا من الموضوعين. وعندما يتعلق الأمر بسياسة الطاقة، يصمت الحزب الجمهوري.
وهذا تطور ملحوظ.. ففي حين أن التنقيب عن الغاز الطبيعي أدى إلى حدوث طفرة في إنتاج الغاز والنفط في الولايات المتحدة، فإننا نعيش أيضًا في عصر التقدم المذهل في طاقة الرياح والطاقة الشمسية. لماذا أصبح اليمين معاديًا للتقنيات التي تبدو أنها توجهات المستقبل؟
قبل أن أحاول الإجابة عن هذا السؤال، أريد أن أطرح بعض الحقائق عن الطاقة المتجددة.
ينظر كثيرون إلى الرياح والشمس على أنهما شيئان تافهان، وليسا جزءًا من أي توجه جاد في مستقبلنا. لكن هذه الأفكار قديمة. وقد انخفضت تكلفة الرياح بشكل حاد، بنسبة 30 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
كما أصبحت الألواح الشمسية أرخص وأكثر كفاءة بمعدل مذهل. ونتيجة لذلك، تقف الطاقة المتجددة وراء النمو الحالي في قدرة توليد الكهرباء في الدول المتقدمة.
كذلك أصبحت الطاقة المتجددة صناعة كبرى في حد ذاتها، من خلال توظيف مئات الآلاف من الأشخاص في الولايات المتحدة. لذلك، نتوقع، مثلاً، أن يعدّ كل من روبيو وبوش الرياح والشمس محركتين للنمو وفرص العمل في الولايات المتحدة. لكنهما لا يفعلان ذلك. لماذا؟
يكمن جزء من الجواب في أن تعزيز الطاقة المتجددة يرتبط في أذهان كثير من الناس بمحاولات الحد من تغير المناخ، وأصبح إنكار المناخ جزءًا أساسيًا من هويتهم المحافظة. والحقيقة أن المناخ لا يتأثر وحده بحرق الوقود الحفري، والمواد الملوثة المرتبطة بالوقود الحفري مثل الجسيمات الصغيرة والأضرار القابلة للقياس، التي تعد سببا لدعم الطاقة البديلة. وعلاوة على ذلك، تستطيع الطاقة المتجددة المنافسة من حيث التكلفة، حتى في ظل غياب الحوافز الخاصة.
وعلاوة على ذلك، نحن نحتاج إلى متابعة المال. اعتدنا القول إن الحزب الجمهوري كان الحزب الذي أسس «فرقة عمل الطاقة»، لكن في هذه الأيام، يكون من الأدق القول إنه «حزب الطاقة القديمة».
ويعمل «حزب الطاقة القديمة» بجهد منظم لتشويه صورة الطاقة المتجددة، بشكل يشبه الطريقة التي دعم بها «الخبراء» المستعدين للمساعدة في خلق سحابة من الشك حول علم المناخ. فعلى سبيل المثال، نشرت مجلة «نيوزويك» الأميركية افتتاحية في وقت سابق من هذا العام تهدف إلى إظهار أن التكلفة الحقيقية لطاقة الرياح أعلى بكثير مما تبدو عليه، لكن اتضح لاحقًا أن الافتتاحية تحتوي على أخطاء واقعية كبيرة.
لا أعتقد أن سياسة الطاقة سوف تلعب دورًا كبيرًا مثل القضايا الأخرى، كالسياسة الضريبية، في انتخابات عام 2016، لكن سيكون لها تأثير إلى حد ما.
وفي حين أن السياسيين اليمينيين قد يتحدثون عن تعزيز ثورة الطاقة، إلا أنهم مدافعون حقًا عن الوضع الراهن للطاقة، وهذا جزء من تحرك يحاول منع كل ما من شأنه تعطيل عصر الوقود الحفري.

* خدمة «نيويورك تايمز»