طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

لا ترقصوا على إيقاع بوتين وخامنئي

نعم تغيرت قواعد اللعبة في سوريا بعد الغارات الجوية الروسية، والسؤال الآن: كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع الجديد؟
الأكيد أنه مهما حقق الروس الآن من نتائج فإنها آنية، وستتبخر، وهذا ليس تفكيرًا رغبويًا، وإنما هناك ما يسنده. التدخل الروسي، والمشاركة الإيرانية لنصرة مجرم محسوب على أقلية، وهذا توصيف لواقع وليس شحنًا عاطفيًا، من شأنه تأجيج الطائفية، والتطرف، ولن يكون بمقدور روسيا أو إيران الانتصار على مخزن السنة، وهذا ليس تفاخرًا بالنزعة السنية بقدر ما هو تحذير من إشعال جذوة التطرف التي أشعلها الروس الآن عمليًا. ولذا فمن المهم التساؤل الآن حول ماهية ردة فعل دول المنطقة، الجادة، وحلفائها الغربيين، وعلى رأسهم أميركا، الراغبين في دعم الشعب السوري، ووضع حد للضربات الروسية - الإيرانية على سوريا؟ نتحدث أولاً عن منطقتنا، حيث من المهم أن لا تكون ردة الفعل عاطفية، أو انفعالية، بحيث لا اندفاع ولا انكفاء. من المهم الآن، عربيًا، أن تكون هناك غرفة عمليات تضم العرب الجادين بنصرة الشعب السوري، ومعهم حلفاؤهم، وتعمل على فرز المعارضة جيدًا، وتركز تحديدًا على الجيش السوري الحر، تدريبًا وتسليحًا نوعيًا بمعنى الكلمة.
وقد يقول قائل وهل بقي شيء من الجيش الحر؟ حسنًا، قليل من التبصر.. اليوم وبعد الضربات الروسية الجوية التي طالت المعارضة، والجيش السوري الحر، تحديدًا، خرجت بريطانيا، وأميركا، محذرتين من المساس به.. أميركا التي كان يقول رئيسها إن الجيش الحر هو عبارة عن مزارعين وأطباء، الآن تحذر إدارته من المساس به، وتتعهد بدعمه! ولتأكيد أن ما نطرحه ليس تفكيرًا رغبويًا، فقد أخطأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خطأ الشاطر، ويجب أن يدفع ثمنًا حقيقيًا، حيث صرح قائلاً إن بلاده لا تستهدف الجيش الحر، بل يجب أن يكون جزءًا من الحل السياسي. وليكن ذلك! وعليه يجب الآن دعم الجيش الحر وتدريبه، وتسليحه، بأسرع وقت، وتسهيل وانتظام تمويله للتأكد من انضمام أكبر المجموعات إليه، وبالتالي، وهذا أمر واجب وحتمي، عدم الانزلاق في دعم أي مجموعات راديكالية متطرفة، ومهما كانت درجة الغضب الآن.
والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالواجب على العرب الآن الإصرار على الغرب، وتحديدًا أميركا، بضرورة تسريع، وتفعيل، دعم الجيش الحر، وضرورة سرعة مباشرة فرض مناطق آمنة محظورة الطيران في سوريا، حول الحدود التركية والأردنية، وغيرها، وبذلك يساهم المجتمع الدولي بالحد من تدفق اللاجئين، ومنع سقوط المناطق المحررة من الوقوع بيد الأسد مرة أخرى، وكذلك تشجيع المقاتلين المجبرين على الانضمام لـ«داعش» على الانسحاب منه، والانضمام لصفوف الجيش الحر. ومهما بدت هذه الاقتراحات باردة إلا أنها عملية، ومن شأنها إعطاء الروس درسًا قاسيًا، وكسر لطوق روسيا وإيران اللتين تعتقدان أن بمقدورهما العبث بمنطقتنا، وأمننا. يجب أن يكون الرد قاسيًا، لكن ليس بالرقص على إيقاع بوتين وخامنئي.

[email protected]