حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

عاصفة الحزم والحسم!

انطلقت عملية عاصفة الحزم العسكرية بمشاركة ائتلاف عريض من الدول، شمل السعودية والكويت والبحرين والإمارات وقطر ومصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان، استجابة لنداء وطلب الحكومة الشرعية في اليمن ضد انقلاب الحوثيين عليها. وقد جاء هذا الحراك الحاسم بشكل مفاجئ، ولكنه حازم يرسل رسالة هائلة فحواها أن الدول العربية لن تسمح بالتوغل الإيراني أكثر من هذا، وأنها ستحمي دولها العربية لإبقائها عربية.
الحراك السعودي الحاسم حصل بمهارة فائقة، من الواضح أنه لم يكن وليد اللحظة؛ فالتجميع الدقيق الذي نتج عنه تحالف وائتلاف عددي مهم وجغرافي واسع، بحيث يوضح تماما اعتراضا عريضا على ما حصل في اليمن و«رمزيته» الموجودة في دول أخرى من العالم العربي.
الإعداد العسكري والتنسيق الأمني والاستخباراتي واللوجيستي والدبلوماسي كان مهما ولافتا، وتمت إدارته بدقة ومهنية واحتراف وتميز غير بسيط أعطى انطباعا «محترما وجادا ومبهرا» عند انطلاق العمليات العسكرية نفسها التي تم تجنيد عتاد كبير من الطائرات المقاتلة والقوات العسكرية البرية التي كانت على أهبة الاستعداد على الجانب السعودي من الحدود مع اليمن، وتم اختيار أهداف استراتيجية لضربها عن طريق القوى المتحالفة لإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر في عناصر الانقلابيين من الحوثيين.
إن هذا الحراك الموجه ضد «التدخل الإيراني» في الأمن العربي والذي لم يعد من الممكن السكوت عنه، وخصوصا في ظل «التجاهر والتفاخر» غير المسبوق من أكثر من مسؤول إيراني بأنهم «يسيطرون» على أربع عواصم عربية والمزيد في الطريق، فبالتالي كان لا بد من حراك حاسم كالذي حدث.
السعودية ترسل رسالة مدوية بأنها لن تتهاون مع إيران، ولن تسمح بسقوط المزيد من الدول العربية، وأنها حريصة على الحراك دوما في ظل غطاء عربي متناسق وفعال. لعل الأمر الذي يحسب لإيران أنها استطاعت برعونة وحماقة أن توحد الشارع العربي في كراهيته وفي شكه وريبته من إيران ومن مشروعها التوسعي الذي بدأ منذ ثلاثة عقود تحت مسمى تصدير الثورة، وتبين بعد ذلك أن المسألة ما هي إلا مشروع استعماري جديد للسيطرة على المنطقة وتفتيت شعوبها طائفيا. ولعل المشهد اللبناني والسوري والعراقي واليمني والمحاولات في البحرين والكويت والإمارات ومصر، ما هي إلا دلالات مؤكدة على ذلك الأمر. لقد عاد مصطلح الأمن العربي الإقليمي وانتهى عهد الخجل من المواجهة مع إيران، فالسعودية لم تعد فقط تكشر عن أنيابها الدبلوماسية، ولكنها أطلقت مخالبها للدفاع عن حدودها وحماية جيرانها والتعاون القوي مع حلفائها. ولعل اللافت والمهم جدا حجم المباركة والتأييد والمساندة الشعبية التي لقيتها هذه الخطوة الحازمة والحاسمة والجريئة، وردة الفعل هذه لم تكن فقط على الصعيد الشعبي السعودي فقط، ولكنها امتدت في أكثر من منطقة في العالم العربي بشكل يمنح الطمأنينة والثقة للحكام وللقطاعات العسكرية المشاركة في هذا الحراك.
المشهد لا يزال في بدايته، والسعودية والدول المشاركة معها أوضحت أنها ستحمي اليمن من الانقلابيين والإرهابيين، وستحمي باب المندب وسماء اليمن والبحر العربي من أي تدخل خارجي حتى تعاد الشرعية وتحقق العملية العسكرية أهدافها كاملة، ومع كتابة هذه السطور لم يكن هناك اعتراض إلا من إيران، وهو متوقع، وحلفائها الموجودين في المنطقة مثل جماعة الحوثيين في اليمن، وتنظيم حزب الله الإرهابي التكفيري في لبنان، وبقايا نظام الأسد في سوريا، الذين رددوا الديباجات البائسة «المعلوكة» ولم يعد أحد يصدقها.
كل مرة امتدت إيران بأغطيتها المختلفة العرقية أو المذهبية خارج حدودها دفعت الثمن غاليا، وهذه المرة يبدو أنها على موعد مع درس جديد.