مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

إيران تختبر ترمب!

هل كانت الجمهورية الخمينية تختبر عزيمة الرئيس الأميركي الجديد، ترمب، حين أطلقت صاروخها الباليستي، الذي قطع أكثر من 900 كيلومتر، ثم انفجر قبل هدفه، في «تجربة فاشلة»، على حد وصف مسؤول في البنتاغون الأميركي؟
التجربة الباليستية الخمينية هذه انتهاك واضح للقرار الدولي «2231» الذي يمنع إيران من مثل هذه الأعمال لمدة ثماني سنوات.
روسيا عبر نائب وزير الخارجية، ريابكوف، حاولت التقليل من هذا الأمر، وتفسير القرار الدولي بطريقة تخدم التأويل الإيراني، لكن ردة الفعل التي يخشاها الأوروبيون والروس، وطبعًا المعسكر الخميني، هي ما يدور في عقل الرئيس ترمب وأركان إدارته «الأشداء الجدد».
لو جرت مثل هذه المحاولة في وقت «الآفل» أوباما، لمرّت بردًا وسلامًا، مع حفنة من تصريحات القلق والنصائح الأكاديمية الباردة للناشط السياسي، جون كيري.
لكن جرت في الساقية مياه أخرى، مياه هادرة صاخبة الأمواج، في واشنطن الجديدة، وقد دعت الولايات المتحدة فورًا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن، ردًا على الانتهاك الخميني هذا، وقال السيناتور بوب كروكر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، إنه سيعمل مع المشرعين الآخرين وحكومة الرئيس ترمب على محاسبة طهران بعد استعراضها الصاروخي هذا.
الاتحاد الأوروبي، الوجل بدوره من عزائم الرئيس الأميركي الجديد، انتقد التصرف الإيراني، داعيًا طهران إلى «الامتناع عن كل عمل من شأنه تعميق الريبة»!
لاحظ اللغة! يعني الكل يريد تحاشي إغضاب ترمب، وليس البحث في «جوهر» المعضلة الخمينية في المنطقة كلها، كما كان سلوك وعقل الإدارة الأوبامية الآفلة، ومعها الاتحاد الأوروبي أيضًا.
نحن أمام ثقافة جديدة، ومعايير مختلفة، الكل يحاول اختبارها اليوم. ربما صدقت توقعات العاهل الأردني في حديثه مع نواب وأعيان بديوانه الملكي مؤخرًا، حول خطورة الوضع في الشرق الأوسط، وأن الإقليم هذا العام 2017 يعبر أصعب مرحلة، و«ثمة تغييرات كبيرة خلاله».
يجب أن نتذكر هنا الخبرة الكبيرة التي يمتلكها الملك عبد الله الثاني بمسارات الرياح الدولية والإقليمية قبل هبوبها، فهو الذي حذّر في ديسمبر (كانون الأول) 2004 من تشكيل الهلال الشيعي بالمنطقة، بحديثه الشهير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، وكان تحذيرًا مبكرًا وصادمًا.
كيف سيتعامل الرئيس ترمب، بعد أقل من أسبوعين من تعيينه، مع هذا التحدي الإيراني الجديد؟
يقال ذلك، ونحن نعلم أن ترمب يشاطر السعودية والإمارات رؤيتهما لطبيعة الخطر الإيراني، كما في اتصاله الهاتفي الأخير مع الملك سلمان والشيخ محمد بن زايد.
الكل في حالة ترقب، والكل يريد اختبار العزم الأميركي الجديد... وحدوده.
[email protected]