السيسي : قلت لمرسي لقد فشلتم وأدركت أنه ليس رئيسا لكل المصريين

السيسي : قلت لمرسي لقد فشلتم وأدركت أنه ليس رئيسا لكل المصريين
TT

السيسي : قلت لمرسي لقد فشلتم وأدركت أنه ليس رئيسا لكل المصريين

السيسي : قلت لمرسي لقد فشلتم وأدركت أنه ليس رئيسا لكل المصريين

أجرت صحيفة المصري اليوم حوارا مع الفريق عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي تحدث فيه إلى الزميل ياسر رزق, متطرقا إلى عدة محاور منها الحديث الذي دار بينه وبين الرئيس المعزول محمد مرسي كما كشف عن ما دار بينه وبين المشير طنطاوي بعد أن أعلن توليه للوزارة وإحالة الطنطاوي للتقاعد.

هذا الحوار تأخر سنة كاملة!

قبل بدء احتفالات أكتوبر من العام الماضى، طلبت لقاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، لإجراء حوار معه لـ«المصرى اليوم»، وكان قد مضى عليه قرابة شهرين فى منصبه رفيع الشأن.
يومها رحَّب الفريق أول السيسى، وترك تحديد الموعد لما بعد انتهاء أيام الاحتفالات، بمراسمها وأنشطتها، ثم جرت الأحداث فى منحى غير منشود، وانتهت الاحتفالات بمشهد أصاب المصريين بغُصَّة فى النفوس، وأثار انزعاج رجال الجيش المصرى، وهم يبحثون فى منصة احتفال نصر أكتوبر عن أبطال الحرب فلا يجدون، بينما يرون قتلة الرئيس الراحل أنور السادات فى صدارة الحاضرين.
وبدا أن إجراء الحوار وسط هذه الأجواء قد يحمّل الكلام بأكثر مما يحتمل معناه، وبأبعد مما ترمى مقاصده، وقد يصب زيتاً على نار، لا يريد لها أحد فى ذلك الحين أن تشتعل وتتصاعد ألسنتها.
ومن ثَمَّ تعذر الحوار على صفحات الصحف، وإن لم تنقطع اللقاءات فى مناسبات شتى!

عام كامل انقضى منذ ذلك الحين..

جرت تحت جسور وادى النيل ودلتاه مياه غزيرة، فاضت على ضفتيها وجرفت معها وجوهاً ومعالم، ونظاماً حاكماً كان يحلم بأن يبقى فى الحكم قروناً، ولكنه اختصر عمره بيديه فلم يزد على شهور.
منذ أيام جدَّدت الطلب، وأبلغنى اللواء عباس كامل، مدير مكتب وزير الدفاع، وأحد أقرب معاونيه، بأن موعد اللقاء تحدد قبل ظهر السبت 5 أكتوبر.
فى تمام الحادية عشرة صباحاً، كنت فى مكتب الفريق أول السيسى، بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، لتوّه كان الوزير قد حضر اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى انعقد بمناسبة احتفالات أكتوبر، وشارك فيه لأول مرة الرئيس المؤقت عدلى منصور.
إلى صالون المكتب، دخل الفريق أول السيسى مُرحّباً، ومجاملاً كعادته، وهو يستفسر عن الصحة والأحوال والأسرة.
جلسنا وبدأ الحوار.
شىء ما فى هذا الرجل يجذبك وأنت تشاهده وتستمع إليه.
ليس مجرد هدوئه، واتزانه، وثقته البادية على ملامحه، وفى نبرات صوته، وإشارات يديه.
ليس فقط أفكاره المرتبة، وعباراته الواضحة، التى يعيدها أحياناً ليضمن أنها لم تشرد عن آذان مستمعيه، ولا حسمه القاطع الذى يغلّفه بابتسامة لا تفارقه، أو انضباطه الغريزى الذى يبدو فى هيئته وحركته وجلسته.
أكثر ما يجذب فى شخصية هذا الرجل «القائد»، هو إيمانه العميق الصريح بالجماهير، وتقديسه للشعب الذى يتحدث عنه بتوقير ولا يذكره إلا مقروناً بوصف «العظيم».
كان مقدراً لهذا الحوار أن يستغرق ساعتين، وهو زمن طويل من وقت وزير دفاع فى بلد كمصر، فى خضم الأوضاع التى تعيشها.
لكن الحوار طال إلى 4 ساعات كاملة حتى الثالثة عصراً.
لم يرفض الفريق أول السيسى الإجابة عن أى سؤال، لكن بعض التفاصيل التى باح بها، رأى - ولعل معه حقاً - أن هذا ليس أوان الكشف عنها على صفحات الصحف.
شدَّ انتباهى تأكيده على أن ثورة 30 يونيو، وما تلاها من بيان 3 يوليو، أنقذا البلاد من حرب أهلية كانت قادمة لا محالة فى غضون شهرين، كما قدّر هو وأجهزته المعاونة، ولفت نظرى حرصه - مع ذلك - على عدم توجيه أى إساءة لفظية للرئيس السابق محمد مرسى، والتماس العذر له بعدم إدراك متطلبات إدارة الدولة، ولعل وراء هذا الحرص أخلاقيات يتمسك بها، وتديناً معروفاً عنه ينهاه عن اللدد فى الخصومة، أو كما يقول «لست ممن إذا خاصم فجر».

من أين نبدأ الحوار؟..

اخترت أن تكون البداية مبكرة جداً، أعرف أن المعلومات الخاصة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال فترة إدارته شؤون البلاد، من يوم 11 فبراير 2011 إلى 30 يونيو 2012، غير مسموح لأحد من أعضاء المجلس بأن يتناولها بمقتضى القانون، ومع ذلك حاولت أن أقترب من تلك الفترة، وسألت:

* حينما كنت مديراً للمخابرات الحربية، قدمت للمشير طنطاوى تقدير موقف فى إبريل عام 2010، توقعت فيه حدوث انتفاضة شعبية، وخروج الجماهير إلى الشارع فى ربيع 2011، وبالتحديد فى شهر مايو.. كيف توصلت إلى هذا التقدير؟

- الفريق أول عبدالفتاح السيسى: إذا كنت سأتحدث عن هذا الموضوع فإننى سأتحدث بشكل عام. القوات المسلحة مؤسسة علمية، ولابد أن يكون الجيش معتمداً فى تصرفه وتخطيطه على العلم وتقدمه، ونحن لدينا أجهزة تقديرات واستطلاع رأى داخل الجيش ترصد الكثير مما يحدث داخل الجيش وبعض ما يتم خارجه، فى إطار دورها الوطنى.

كل التقديرات كانت تشير إلى أن هناك حدثاً جللاً، المصريون مقبلون عليه، وأريد أن أقول لك إنه ليس كل ما يُعرف عن المرحلة الانتقالية الأولى يقال، لا الآن ولا فى السنوات المقبلة، لذلك لا يليق أن نرفض الحديث من جانب البعض عن بعض الأمور، ونحذر من خطورة تناولها طبقاً للقانون، ونقع نحن فى هذا الخطأ، ولكن ما يهمنا هو التأكيد على أن المؤسسة العسكرية تعتمد فى تقديراتها على الرؤى ذات البعد الاستراتيجى والعلمى، وهناك كلام كثير جداً ينبغى ألا يقال فى أى وقت، لكن أُكرر أن الفترة من 25 يناير حتى الآن أخذت الكثير من وقتنا وإشكاليات المستقبل، وكيف نتجاوزها، وكيف نضع أفضل الحلول لها.

ومؤسساتنا العسكرية العظيمة لديها ما يمكّنها من رصد الأمور، والتعامل مع المعطيات، والتنبؤ، وأقول للجميع: انتبهوا، وكفانا حديثاً عن الماضى، تعالوا نتحدث عن المستقبل، ونتابع تنفيذ الحلول.

قلت: ننتقل إذن إلى فترة حكم الرئيس السابق مرسى.

أذكر أننى سألت سيادتك بعد إعلان فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة وقبل تسلمه منصبه: هل يقدر مرسى على أن يتخلص من سطوة الجماعة، ويصبح رئيساً لكل المصريين؟ وأذكر أنك قلت: ليست المسألة هل يقدر؟.. وإنما هل يريد أصلاً؟!

* إذن كنت تتوقع أنه لا يريد أن يُغلّب مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة.. كيف توصلت إلى هذه القناعة؟

- دعنى أتحدث إليك مخلصاً.. فلم يكن أملى أن يصدق هذا التوقع. كنت أرغب فى أن أرى عهداً جديداً يأخذ البلاد بعيداً عما يحيط بها من تهديدات، ويوفر مناخاً من الأمن والاستقرار والتنمية يحقق طموحات الشعب، أما عن قناعتى بعدم تغليب الرئيس السابق مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة فإنها تعود إلى الدراسة العميقة للعديد من العوامل التى تبدأ من السمات العامة لشخصية الرئيس وعلاقته بالجماعة ونظامها وأهدافها الحقيقية.

والإشكالية فى هذا الأمر ــ ودون الإساءة إلى أى أحد ــ نابعة من البناء الفكرى والعقائدى لهذه المجموعة. وبالمناسبة هذا لا يقدح فيهم، لكنه يؤثر على جهودهم فى إدارة أى دولة. إن هناك فارقاً كبيراً جداً بين النسق العقائدى والنسق الفكرى لأى جماعة، وبين النسق الفكرى والعقائدى للدولة، ولابد أن يتناغم الاثنان مع بعضهما، وحين يحدث التصادم بينهما هنا تكمن المشكلة، وحتى يتناغم الاثنان مع بعضهما (نسق العقيدة ونسق الدولة) يجب أن يصعد أحدهما للآخر، إما أن تصعد الدولة إلى الجماعة، وهذا أمر مستحيل، وإما أن تصعد الجماعة إلى الدولة، من خلال التخلى عن النسق العقائدى والدينى، وهذا أمر أعتقد أنهم لم يستطيعوا فعله، لأن ذلك يتعارض مع البناء الفكرى للمجموعة، وسيبقى هذا الفارق بين النسقين مؤدياً إلى وضع متقاطع يقود إلى وجود مشاكل وفوارق، تجعل الناس تشعر بهذا الوضع وتخرج للتظاهر.

ومثلما هناك بناء فكرى وعقائدى لجماعة، هناك أيضاً نسق وبناء فكرى وعقائدى لفرد، لكن البناء العقائدى للفرد قد ينسجم مع الدولة، لأنه فى هذه الحالة قد يختار الصعود إلى نسق الدولة للتناغم معها، لكن ذلك يصعب حدوثه فى حالة المجموعة لأن لها عقيدة واحدة، وتتصور أنها لو فرَّطت فى فرد منها، فإنها تفرّط فى الفكرة نفسها.

وأنا أريد أن أقول إن مسألة «هل كان الرئيس السابق يريد ذلك أم لا؟» لم تكن مجرد رأى، لكن كانت وراءها قراءة جيدة للواقع والمشهد منذ وقت طويل، لأننى كنت أعرف الواقع وإشكالياته، وحين وصلت الجماعة للحكم كان لابد من طرح عدة أسئلة، لأن الإشكالية لم تكن فى: هل سيكون رئيساً لكل المصريين أم لا؟ لكن فى: هل هو يريد أن يكون رئيساً لكل المصريين أم لا؟، وهل يستطيع أن يكون رئيساً لكل المصريين أم لا؟، وهذا بالمناسبة لا أقوله على سبيل انتقاد أحد، فهذه الإشكالية ستواجه أى تيار لا يدرك ذلك، لأن إسلام الفرد غير إسلام الجماعة، وغير إسلام الدولة، فهناك أشياء الفرد قد يقبلها ويتعايش معها، فى ظل معتقداته، ولا أحد يستطيع أن يجادله فيها، لكن فى إسلام الجماعة نحن أمام مجموعة التقت على أفكار، هم أحرار فيها، لكن لا تستطيع أن تسحب إجماعها على أمر ما وتجبر الناس عليه، وهذه هى الإشكالية الموجودة فى إسلام الجماعة، لأن إسلام الجماعة لا يمتد إلى إسلام الدولة، فإسلام الدولة أكثر اتساعاً ومرونة، لأن حجم الاجتهاد ضخم، والاجتهاد فى جميع الأحوال لن يضر، لأننا لو أصبنا فى هذا الاجتهاد فسنحصل على أجرين.

والسؤال: هل هناك أحد يستطيع أن يجادل أن هؤلاء الإسلاميين حريصون على الإسلام؟! لاشك فى ذلك، لكن المشكلة أنهم لا يستطيعون التفرقة بين ممارسات الفرد فيهم كإنسان وفرد فى الجماعة، وبين ممارساته فى إطار نسق الدولة، وحين حدث خلط وعدم تناغم بين نسق الفرد والجماعة والدولة حدث ما نراه حالياً، فقد جعلوا الناس ترى أن الإسلام عبارة عن تخريب وتدمير، وأريد أن أقول لك إن صورة الإسلام حالياً فى العالم أساء إليها مَنْ يطلقون على أنفسهم «إسلاميين»، من خلال ممارساتهم، فبدا أن هؤلاء الحريصين على الدين أساءوا إلى الإسلام بصورة غير مسبوقة، وأصبح الإسلام مرادفاً للقتل والدم والتدمير والتخريب، ولابد علينا أن نقيّم الأمور بشكل فى منتهى التجرد ونرى كيف يرى العالم الإسلام، خاصة فى بلادنا، ويجب أن نرى كيف ترى الدول الأخرى الإسلام، والمشكلة فى التطبيق لا محالة، وليست فى المنهج أبداً، التطبيق هو الذى أخرج هذا الشكل الذى أساء إلى الإسلام، فى جميع دول العالم، من خلال سلوكيات وأفعال لا علاقة لها بالمنهج.

وحول سؤالك فيما يخص الرئيس السابق، أقول لك إن كل الشواهد والقرائن، وما لدينا من أجهزة ومعلومات، كانت تؤكد ما سبق أن ذكرته، وقلت لهم من قبل أكثر من مرة إننى حريص على نجاحهم، وقلت ذلك لكل التيار الدينى.

* توليت منصب القائد العام ووزير الدفاع يوم 12 أغسطس 2012.. القريبون من المؤسسة العسكرية كانوا يتوقعون أنك ستخلف المشير طنطاوى عند تقاعده.. أعرف أنك التقيت المشير يوم صدور القرار.. ماذا قلت له وبماذا أجابك؟
- أولاً هناك ثوابت يجب أن تحكمنا فى كل شىء، وأنا كثيراً أقول إن القوات المسلحة مؤسسة وطنية تتسم بالشرف والإخلاص، والسر فى ذلك أن المشهد أحياناً يظهر على خلاف حقيقته، وبالتالى حين تقرأ هذا المشهد قد يتسبب فى حالة لخبطة لك، وتتساءل: يا ترى إيه الحكاية؟ هل وراء ذلك تآمر أم خيانة أم تواطؤ؟.. وهل هناك إخلاص وشرف أم لا؟.. هذه هى الثوابت التى أؤكدها دوماً، وأؤكد أن المؤسسة العسكرية وطنية شريفة، لا تتآمر ولا تخون، الهدف من ذلك أن الناس يجب أن تفهم أن هذه القيم إنسانية، رفيعة جداً، والمؤسسة التى لا توجد بها هذه القيم يجب أن تراجع نفسها جيداً، فالمسألة ليست مزايدة على هذه القيم، ومن تكون لديه هذه الثوابت لا يتنازل عنها مهما حدث، ومهما كانت المغريات.
هذا ما يهم أن يعرفه الناس فى الفترة التى نتحدث عنها.
أما عن لقائى بالمشير طنطاوى فقد عدت بعد أدائى اليمين إلى مكتب وزير الدفاع وسلمت على المشير، واحتضننى وقبّلنى مهنئاً.

* وماذا قلت له؟
- قلت له: «يا فندم لو عاوزنى أمشى، هامشى فوراً».
لكنه قال لى: «لا.. إنت عارف قدرك عندى ومدى اعتزازى بك».
أقول إننا لابد أن نعرف أن المؤسسة العسكرية تتسم بالشرف والنزاهة والأمانة وعدم التآمر وعدم الانقلاب على القيادة، وهذه أخلاقيات موجودة بداخلنا.
نأتى لاحتفالات أكتوبر فى العام الماضى.. فوجئ الجميع بخلو المنصة الرئيسية من أبطال حرب أكتوبر، وتصدُّر قتلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب، المشهد فى الاحتفال.

* هناك من يرى أن هذه المناسبة كانت بداية توتر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والرئيس السابق، وشعور القوات المسلحة أن الدكتور محمد مرسى لا يستحق أن يكون قائداً أعلى لها.... هل كان ذلك صحيحاً؟
- لا أؤيد الفكرة القائلة بأنه كان هناك رفض للرئيس السابق فى القوات المسلحة وتزايد مع الوقت، حتى وصل بنا الأمر إلى أننا غيَّرنا النظام بالقوة، لأن ذلك لم يكن صحيحاً، ولم يكن هو الواقع.
ما حدث يأتى فى سياق عدم وجود خلفية عن الدولة وأسلوب قيادتها، خاصة دولة بحجم وظروف مصر، فلو كانوا يدركون أن هذا الأمر سيعطى إشارة سلبية للمجتمع وللجيش ما كانوا فعلوا ذلك.
إننى أتحدث بمنتهى الإنصاف، وأريد عندما نتحدث عن موضوع ألا نغالى، فلا نريد أن نكون كالذى «إذا خاصم فجر»، ويحمّل الأمر بما ليس فيه.
وأدّعى أنه لم يكن عندهم فهم للدولة، ومعنى الاحتفال بمناسبة مثل تلك المناسبة، وبالتالى خرج الاحتفال الذى أعدوه فى يومٍ بالصورة التى ظهر عليها.
ما حدث هو سوء تنظيم وسوء تقدير، وهو كان يريد أن يرى نظرات الإعجاب والرضا فى نفوس من يرونه، فأحضر من ينطبق عليهم هذا الكلام.
والقراءة لتاريخ جماعة الإخوان، تكشف فجوة الخلاف العميقة بين الجماعة والقوات المسلحة ارتباطاً بالكثير من الاعتبارات التى يأتى فى مقدمتها الخلاف التاريخى بين الجماعة وثورة يوليو 1952، وبصفة خاصة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، والخلاف العقائدى، ففى حين الانتماء والولاء بالقوات المسلحة للدولة والوطن بحدوده، فالولاء والانتماء بالإخوان للجماعة وأفكار الخلافة والأمة التى لا ترتبط بالوطن والحدود.
هذه القراءة يجسدها عدم الإدراك لدى الإخوان ومؤيديهم للبعد الوطنى للعلم والسلام الوطنى واليوم الوطنى والمناسبات القومية على غرار الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر المجيدة وضرورة التفكر والتدبر وتذكير الأجيال بها وتكريم أبطالها وأسرهم.
والنتيجة أن الاحتفال بذكرى أكتوبر استبعد الأبطال وقرب القتلة المنتمين أو المرتبطين بالجماعة، الأمر الذى شكل صدمة لنا جميعاً فى القوات المسلحة، إلا أننا كمؤسسة منضبطة لم نبادر بإظهار الاستياء والرفض لهذه التصرفات غير المسؤولة التى لا تُسىء للقوات المسلحة وإنما للدولة والشعب والأمة العربية التى كانت شريكاً متكاملاً مع مصر فى هذا النصر.
أما عن إصرار قيادات الإخوان والمواقع الإلكترونية على الإساءة لقادة القوات المسلحة، فتم التعامل معه بالأسلوب المنضبط للقوات المسلحة، حين طلب عقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعرض تقرير متكامل على الرئيس السابق يظهر حالة الاستياء من هذه التصرفات التى لا تتناسب مع رغبة الجماعة فى تحقيق التقارب مع مؤسسات الدولة بقدر ما تسعى للصدام مع الجميع: الشرطة والقضاء والإعلام والمثقفين والقوات المسلحة والمعارضة السياسية.

* وفى 11 ديسمبر الماضى.. دعوت إلى إجراء حوار مجتمعى فى اليوم التالى بالقرية الأوليمبية بالتجمع الخامس برعاية القوات المسلحة للخروج من الأزمة السياسية التى تمر بها البلاد، كان ذلك فى أعقاب الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس السابق مرسى وأثار غضباً عارماً، ثم الإعلان المعدّل الذى لم يفلح فى تهدئة خواطر الجماهير.. لكن اللقاء أُلغى قبل ساعات من انعقاده واعتذرت القوات المسلحة للضيوف... ما ملابسات الدعوة ثم الإلغاء؟
- نتفق جميعاً على أن الإعلان الدستورى والإعلان المعدل كشفا الوجه الحقيقى لمخطط الإخوان فى التمكين، وأطلقا مرحلة الأزمات بين الرئيس السابق وجماعته ومؤيديه، وبين مؤسسات الدولة والمعارضة.
وعلى خلفية التقييم والقراءة المستقبلية للقوات المسلحة لهذه المخاطر، والرغبة فى توفير مناخ لاستعادة الحوار والثقة بين مختلف الأطراف، وليس المشاركة والعودة للمعادلة السياسية جاءت فكرة الدعوة، والتى لاقت قبولاً من جميع الأطراف بما فيها مؤسسة الرئاسة.
ونحن كنا حريصين على نجاحهم فى الحكم، لأن فى هذا نجاحاً للدولة المصرية، وكان تقديرنا أن الدولة بظروفها الاقتصادية والتحديات التى تمر بها لا تتحمل استمرار حالة عدم الاستقرار، وبالتالى كنا نقول إن من يريد لبلاده أن تستقر وتنمو يساعد فى إنجاح النظام الذى انتخبه الناس، وأريد أن أقول إن هذا ما تم بمنتهى الإخلاص والأمانة والفهم، وقلنا له من أول يوم: لابد أن تحتوى الناس.
لا تعادِ مؤسسات الدولة، لا يمكن أن تعيد هيكلة المؤسسات مرة واحدة. إذا كانت هناك ضرورة فالإصلاح لابد أن يأخذ مداه الزمنى.
وعندما تسارعت عجلة الاختلاف السياسى بين مؤسسة الرئاسة وبين الدولة والقوى السياسية. شعرت أننا كقوات مسلحة سنتورط فى هذه الإشكالية، وأن الدولة ستدفع ثمنها، وأنا لا أريد للقوات المسلحة أن تتورط ولا للدولة أن تخسر.
لذا اتصلت بالدكتور مرسى، وردَّ علىَّ مدير مكتبه أحمد عبدالعاطى، وطلبت منه أن يعرض أمر دعوة القوات المسلحة للحوار على الرئيس، فاستحسن «عبدالعاطى» الفكرة، وقلت له: «اعرض على الرئيس وخليه يكلمنى».
وفعلاً اتصل بى الدكتور مرسى وقال: الفكرة رائعة.
قلت له: نتحرك لتنفيذها؟
قال: اتحركوا.
وفعلاً دعونا الناس، وعرفت أن هناك أناساً اتصلوا بالرئيس السابق وخوّفوه من الفكرة، ودفعوه لطلب إلغاء الدعوة لإضاعة فرصة متاحة للتقارب بين الجماعة والقوى الوطنية، وهو نمط ظل سائداً حتى ثورة 30 يونيو، وهؤلاء الناس هم أنفسهم الذين أشاروا بعد 3 يوليو باستمرار اعتصام رابعة، هؤلاء ليس عندهم تقدير سياسى ولا أمنى، ونصائحهم هى السبب فيما نحن فيه الآن.

* هل هؤلاء من داخل مصر أم من خارجها؟
- «ناس مصريين».

* هل ينتمون للجماعة؟
- ليست هذه هى القضية، إنما أريد أن أقول إن هذه كانت نصيحتهم: ألا ينعقد لقاء الحوار الذى دعت إليه القوات المسلحة.
القوات المسلحة كمؤسسة وطنية منضبطة لا ترغب سوى فى تقديم النصح ولا ترغب فى السلطة، استجابت لطلب الرئاسة بإلغاء الدعوة.. حفاظاً على مكانة الرئاسة ورغبة فى عدم زيادة تعقيدات الأزمة.

* أعرف أنك قلت للرئيس السابق ذات مرة: «لقد فشلتم..ومشروعكم انتهى»، متى حدث ذلك؟ وكيف؟
- كان ذلك فى فبراير الماضى. إننى كنت ألتقى به كثيراً وكنا نتكلم كثيراً، ورغم أن الحديث فى السياسة بين أى رئيس والقوات المسلحة مسألة موضع تحفظ، فإننى كنت أستشعر أن علىَّ التزاماً أخلاقياً ووطنياً أن أتكلم بكل وضوح، حتى لو أدّى الأمر إلى تركى منصبى، وفى كل الأحوال لن أترك منصبى قبل الموعد الذى أذنه الله، وأذكر أننى قلت للرئيس السابق يومها: «مشروعكم انتهى، وحجم الصدّ تجاهكم فى نفوس المصريين لم يستطع أى نظام سابق أن يصل إليه، وأنتم وصلتم إليه فى 8 شهور».

* فى يوم 12 إبريل الماضى، كان آخر اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة يحضره الدكتور مرسى، وكان هناك غليان ناتج عن شائعات تتردد تستهدف وزير الدفاع وأنه سوف تتم إقالته، بجانب قضايا حيوية تتعلق بالأمن القومى، كمشروع قناة السويس وقضية حلايب.
- فى هذا اليوم كان من الضرورى أن ننقل له تقدير موقف، نحن نتحمل الإساءة، ولكن ما لا نستطيع تحمله أن يكون الوطن معرّضاً للخطر، فى هذا الاجتماع قلنا إن الوطن معرض للخطر، ولابد من اتخاذ إجراءات عميقة للتجاوب مع مطالب الناس حتى تنفرج الأزمة.
وأتذكر أن الاجتماع الذى دعا الرئيس السابق لحضوره جاء على خلفية ما أثير فى هذا التوقيت من شائعات وإساءات للقيادة العسكرية.. والتقارير التى تناولت قضايا مشروع قناة السويس وسلبياته والموقف من حلايب بعد زيارته للسودان وما نشر على موقع حزب الحرية والعدالة من خريطة لمصر دون هذه المنطقة.
وكان الاجتماع فى جوهره للمصارحة والإعراب بشفافية كاملة عن عوامل قلق وتحسب المؤسسة العسكرية بحكم انضباطها والتزاماتها الوطنية ومصداقية وأمانة تعاملها مع الرئاسة.
وقد أسفر الاجتماع فى حينه عن العديد من القرارات والنتائج التى جاء فى مقدمتها التأكيد على العلاقة بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية ورفض الإساءة إليها والالتزام برؤيتها فى اتجاه المشروعات القومية خاصة مشروع التنمية لمحور قناة السويس بما لا يضر بالتنمية والحفاظ على متطلبات الأمن القومى ونفى ما تردد عن حلايب، فضلاً عن ترقية قادة الأفرع الرئيسية التى كانت مؤجلة لفترة منذ توليهم مناصبهم.
هنا أود التأكيد على حقيقة مهمة: إن ما كان يشغلنا ما يثار حول الحدود المصرية خاصة منطقة حلايب، وما ارتبط بمشروع تنمية محور قناة السويس.. أكثر بكثير ما كان يتردد حول إقالة لقادة، فالأمن القومى هو الذى يحظى بأولوية الاهتمام.

* نأتى إلى لقاء «دهشور» الشهير يوم 11 مايو مع رجال الفكر والثقافة والإعلام.. كثيرون صُدموا لتصريحك الذى قلت فيه إن نزول الجيش سيعيد البلاد 30 أو 40 عاماً إلى الوراء.. واعتبروه تخلياً من الجيش عن الشعب.. وفى نهاية اللقاء قلت «متستعجلوش».. ما الرسالة التى كنت تقصد توجيهها فى هذا اليوم؟
- هنا أود الإشارة إلى أهمية عدم اجتزاء الحديث فى عبارة واحدة أو الفصل بين الحديث والمشهد العام باعتباراته الداخلية والخارجية، فالقراءة المتكاملة دائماً للحدث تساهم فى القراءة السليمة واستشراف الرسائل لهذه التصريحات.
والتصريحات فى هذا اللقاء تضمنت أيضاً التأكيد على المهام الرئيسية للقوات المسلحة.. وحاجة البلاد للحوار والتعاون لتجاوز الأزمة، واستكمال العملية السياسية، وحث الشعب على اللجوء إلى صندوق الانتخابات والتواجد أمامه لفترات زمنية طويلة لإقامة الديمقراطية، أفضل لدينا من اللجوء للقوات المسلحة بما يعيد البلاد للخلف أو يدفعنا لتجارب دول لا نأمل فيها.
هذه التصريحات كانت فى بيئة داخلية، تصاعدت فيها الأزمة حتى بلغت مرحلة الانسداد السياسى، وتزايد الأصوات التى تدعو لتدخل القوات المسلحة قبل انفجار الأوضاع وموقف خارجى يطرح سيناريوهات لاحتمالات تدخل القوات المسلحة.
من هذا المنطلق وخلفية العقيدة الوطنية للقوات المسلحة، كانت التصريحات التى حملت رسائل لجميع الأطراف الداخلية التى تحث الجميع وبصفة خاصة النظام على التعاون والحوار لتجاوز الأزمة بعد أن سبق للجميع إغفال تحذيرات سابقة تم إطلاقها من مخاطر تهديد أركان الدولة والانزلاق لحالة الفوضى، والرد على محاولات الخارج للتدخل فى الشأن الداخلى والتشكيك فى المواقف الوطنية للقوات المسلحة.
والحقيقة أننى كنت أريد أن أعطى فرصة للرئيس السابق لأن يعدل موقفه بشكل يحفظ ماء وجهه، واتصلت به بعد هذا اللقاء وقلت: «الآن لديك فرصة لمبادرة حقيقية». وقلت له «أنا دفعت التمن من كلامى، وبادفع التمن ده علشان أنا خايف من بكرة، أنا دلوقت عملت لك موجة لما تيجى تتكلم وتطرح مبادرة، مفيش حد يقول إنها جاءت تحت ضغط أى حاجة، سواء القوى السياسية أو المؤسسة العسكرية».. إذن أنا كنت أعطى فرصة للرئيس السابق لإطلاق مبادرة لإيجاد حل للأزمة ومخرج لها، لا يؤدى بنا إلى تعقيد الموقف أكثر مما هو معقد.
وفى الوقت نفسه لم أرغب أن يحمّل الرأى العام القوات المسلحة ما لا تطيق، لأنى شعرت أن الرأى العام بدأ يحمّل الجيش المسؤولية كاملة، وينظر إليه على أنه المسؤول عن هذا التغيير، وأن عليه تنفيذ هذه الرؤية «وخلاص»، وهذا أمر فى منتهى الخطورة.. لماذا؟.. لأنى لو تركت هذه الموجة أو الرؤية تنمو فى نفوس الناس على أن القوات المسلحة ستحل كل المشاكل وتنهى هذه الأزمة بين شعب فى وادٍ ومؤسسة رئاسة وحكم فى وادٍ آخر، فهذا معناه انقلاب، وأنا مش ممكن أعمل انقلاب لأن فكرة الانقلاب غير موجودة فى أدبياتنا، لصالح الدولة المصرية، لذلك أردت أن أوضح للناس أننى لن أفعلها، وبالتالى سيقول الناس «احنا كنا منتظرينه، لكنه سكت ولم يفعل شيئاً».
ثالثا.. أنا لم أكن أريد أن ينكسر «خاطر» الناس أو أن تتحطم آمالهم فى الجيش بمجرد أن تطلب هذا المطلب ولا أنفذه، فقلت على كل شخص أن يتحمل مسؤولياته، وأكدت أن هناك مخاطر شديدة جداً جداً من فكرة الانقلاب، وأن الأنسب والأفضل هو الوصول لأى تغيير عن طريق صندوق الانتخابات، وهذا بعد عدد من المحاولات الإصلاحية، وأربط بين كلامى هذا والمحاولات التى قمت بها فى الشهرين الأخيرين السابقين لهذا اللقاء.

* كنت تقصد فى ذلك اللقاء استبعاد فكرة الانقلاب نهائياً من الأذهان، وأن تقول للناس عليكم التفكير فى أى شىء آخر.
- نعم لأنه خطر شديد أن يقوم الجيش بانقلاب.

* لكنك لم تقصد أن يصل إليهم أن الجيش سيتخلى عن الشعب؟
- طبعاً، ما حدث يكمل بعضه بعضاً، وهى صورة، من يريد رؤيتها يتابع ما جرى وما قلته، ويطابق الصورة فسيجدها واضحة.

* سوف نتحدث بالتفصيل فى الجزء الثانى من حوارنا عن ثورة 30 يونيو وتدخل القوات المسلحة لمساندة ثورة الشعب يوم 3 يوليو، لكنى أود أن أسأل ماذا كانت تقديراتكم قبل التدخل؟
- تحرك الجيش أملته علينا المصلحة الوطنية وضرورات الأمن القومى والتحسب لوصول البلاد إلى الحرب الأهلية فى غضون شهرين إذا ما استمرت الحالة التى كنا فيها، القوات المسلحة كانت تتابع الموقف فى البلاد، وكانت تقديراتها أننا لو وصلنا إلى مرحلة الاقتتال الأهلى والحرب الأهلية فلن يستطيع الجيش أن يقف أمامها أو يحول دون تداعياتها، وستكون خارج قدرته على السيطرة.

* ينشر بالاتفاق مع صحيفة "المصري اليوم".



«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
TT

«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)

غداة تهديد الحوثيين بتوسيع هجماتهم ضد السفن إلى البحر الأبيض المتوسط، أعلنت مهمة «أسبيدس» التابعة للاتحاد الأوروبي تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية للمساهمة في حماية الملاحة إلى جانب القوات الأميركية والبريطانية.

وتهاجم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأبدت المهمة الأوروبية في تغريدة على منصة «إكس» حماسها للترحيب بالفرقاطة البلجيكية «لويز ماري»، وقالت إن انضمامها بخبراتها ومهاراتها «لا تقدر بثمن حيث سنتعامل مع التحديات التشغيلية معاً».

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر دول فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها؛ إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وبحسب بيانات جيوش الاتحاد الأوروبي، شاركت هذه السفن العسكرية في التصدي لكثير من الهجمات الحوثية، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة غير المأهولة، لكنها لا تقوم بتوجيه ضربات مباشرة على الأرض ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

وكانت الجماعة الحوثية أعلنت الجمعة، أنَّها ستبدأ استهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط، ضمن ما سمَّته المرحلة الرابعة من التصعيد، تنفيذاً لتوجيهات زعيمها عبد الملك الحوثي.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، في بيان، إنَّ الحوثيين سيستهدفون كل السفن المرتبطة بإسرائيل والمتجهة إلى الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.

مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر تقتصر على الدور الدفاعي لحماية السفن (إكس)

وتعني الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بالمرحلة الرابعة من التصعيد مهاجمة السفن في البحر المتوسط، بعد مهاجمتها في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي.

وهدَّد المتحدث الحوثي بأنَّ قوات جماعته ستقوم، في حال اقتحام إسرائيل مدينة رفح، بمهاجمة جميع السفن التي لها علاقة بالإمدادات للدولة العبرية، وتلك التي تحاول الدخول إلى موانئ تل أبيب، من أي جنسية كانت، في تلويح واضح بتصعيد ما يوصف بـ«حرب السفن».

452 غارة

كان زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أقر في خطبة الخميس الماضي، بتلقي 452 غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أقر بمقتل 40 من مسلحيه وإصابة 35 آخرين في هذه الضربات.

وتبنَّى الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ بدء التصعيد البحري، وزعم أنَّ هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها، على حد وصفه.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

عناصر من الحوثيين خلال حشد في صنعاء دعا له زعيم الجماعة لتأييد الهجمات البحرية (أ.ف.ب)

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.


مفاوضات القاهرة تنشد «صيغة نهائية» لـ«هدنة غزة»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
TT

مفاوضات القاهرة تنشد «صيغة نهائية» لـ«هدنة غزة»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

استضافت مصر، السبت، جولة جديدة من المفاوضات الرامية إلى «هدنة» في قطاع غزة، يجري خلالها تبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس». ووسط «أجواء إيجابية»، وحديث عن «تقدم ملحوظ» في المباحثات، تنشد القاهرة «صيغة نهائية» لاتفاق طال انتظاره.

وبدأ وفد من حركة «حماس» مباحثاته مع المسؤولين المصريين في القاهرة، السبت. وقال مصدر مصري، إن «هناك تقدماً ملحوظاً في المفاوضات». وأضاف المصدر الذي وصفته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية بـ«رفيع المستوى»، أن «الوفد الأمني المصري وصل إلى صيغة توافقية حول كثير من نقاط الخلاف». ووفق «رويترز»، يشارك مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في المحادثات غير المباشرة في القاهرة.

وكانت «حماس» قد أكدت في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تعاملت بروح إيجابية مع مقترح الهدنة»، مشددة على «عزمها إنضاج الاتفاق بما يحقق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين إلى شمال القطاع، وإنجاز صفقة تبادل جادة». وأكد مسؤول في حركة «حماس»، السبت، أن «الجولة الأولى من المفاوضات ستكون بحضور وفود قطر، ومصر، وأميركا»، مضيفاً: «إذا تطورت الأمور فسيجري إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة لمحاولة إنجاز الاتفاق»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال المسؤول الذي لم تكشف الوكالة عن اسمه، إن «(حماس) تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي؛ لكنْ هناك أمور يجب أن يجري إحكامها».

وهو ما أكده مصدر عربي مطّلع على المفاوضات قال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، السبت، إن الاتفاق «بات وشيكاً» مع حدوث «تطورات جوهرية» في الساعات الماضية. وأضاف المصدر أن «(حماس) تعاملت بإيجابية مع المقترح المصري، وأن مناقشات (السبت) تعلقت بتفاصيل إضافية يجري النقاش بشأنها مع الجانب المصري على أمل وضع مزيد من اللمسات النهائية على الاتفاق».

مسعفون فلسطينيون يضعون الجثث داخل سيارة إسعاف بعد غارة جوية على منزل بمخيم المغازي في وقت سابق (رويترز)

وبينما ذكر مصدر أمني مصري لـ«رويترز»، السبت، أن نتائج هذه الجولة من المفاوضات «ستكون مختلفة عن كل مرة، حيث جرى التوصل إلى توافق في كثير من النقاط، وتتبقى نقاط قليلة»، أبدى مسؤول فلسطيني مطّلع على جهود الوساطة «تفاؤلاً حذراً». وقال لـ«رويترز» إن «الأمور تبدو أفضل هذه المرة؛ لكن اتفاقاً قريباً يعتمد على إقدام إسرائيل على تنفيذ ما هو مطلوب لتحقيق ذلك».

ولم ترسل تل أبيب وفداً إلى القاهرة. ونقلت «القناة 11» التلفزيونية الإسرائيلية عن مسؤول قوله، السبت، إن «إسرائيل لن ترسل وفدها إلى القاهرة؛ إلا بعد تسلم رد (حماس) على مقترح الهدنة». وأضاف المسؤول الإسرائيلي: «لن نقدم أي التزام؛ إلا إذا وجدنا مرونة في رد (حماس)».

وتنتظر دول الوساطة منذ نحو أسبوع رداً من «حماس» على مقترح نقلته القاهرة إلى وفد من الحركة خلال جولة مباحثات سابقة، وهو نفس المقترح الذي ناقشته مصر مع مسؤولين إسرائيليين خلال زيارة قام بها وفد أمني مصري إلى تل أبيب أخيراً.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بمصر وجامعة القاهرة، المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، أن «المفاوضات تمضي بصورة جيدة، وهناك شواهد كثيرة على ذلك»، مشيراً إلى أن «المباحثات الآن تتعلق باستيضاحات من قبل الطرفين وليس من قبل (حماس) فقط». وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول رئيس الاستخبارات الأميركية وفريقه، أحد الأدلة على أن الأمور تسير بشكل جيد»، موضحاً أن «الإدارة الأميركية تعمل على إتمام ما بدأته منذ (باريس 2) وهناك تنسيق واضح ولافت بين مصر وأميركاً مع عودة القطريين للوساطة». وأضاف أن «هناك مؤشرات إيجابية لالتفاف كل الأطراف الوسيطة، مصر وقطر والولايات المتحدثة، حول الاتفاق».

وكان موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، قد قال إن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، ويليام بيرنز، وصل مساء الجمعة إلى القاهرة، ما قد «يؤشر إلى أن ساعة القرارات الأساسية قد تكون حانت».

دخان تصاعد في وقت سابق بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

عودة إلى المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، الذي أكد أنه «لا توجد خلافات الآن، وأن الحديث عن تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه من قبل»، مشيراً إلى أن «القاهرة نقلت ببراعة ما جرى عرضه في أطر الاتفاق، وما يتعلق بالنقاط الرئيسية الخاصة بعودة النازحين وإجراءات تلك العودة، إضافة إلى إعادة تموضع القوات الإسرائيلية وانتشارها».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى إنجاز هدنة في غزة، لكن جولات المفاوضات الماراثونية الصعبة لم تسفر عن اتفاق حتى الآن بسبب تمسك كل من إسرائيل وحركة «حماس»، بمطالبهما.

وذكر طارق فهمي أن «المفاوضات وصلت إلى نقطة مهمة توافقية وليست خلافية، ومن الواضح حرص الطرفين على التوصل لاتفاق مدعومين بحركة الوسطاء».

أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

وتطالب واشنطن بالضغط على «حماس» للقبول بالمقترح الذي تعده «سخياً جداً». وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الجمعة، إن «الواقع في هذه اللحظة أن العقبة الوحيدة بين شعب غزة ووقف إطلاق نار، هي (حماس)». في حين ترفض إسرائيل إلى الآن، مطالب «حماس» بوقف دائم لإطلاق النار في غزة.

وبشأن الموقف الإسرائيلي، قال المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، إن «القاهرة والوسطاء يترقبون السلوك الإسرائيلي جيداً»، مشيراً إلى أنه «من الواضح وجود توافق في الموقف الإسرائيلي، وبالتالي لن تكون هناك خلافات حول ما هو مقبول وما هو محل اعتراض أو تحفظ كما اتضح من اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي، الخميس الماضي»، مؤكداً أن «المفاوضات انتقلت من مرحلة الأطر العامة إلى أجزاء خاصة بما سيحدث في مراحل التنفيذ»، مضيفاً أن «القاهرة تعمل على تحسين الاتفاق ليس في المرحلة الأولى فقط، ولكن في إلزام الطرفين مع توفير الضمانات لاستكمال هذه الخطوة، لا سيما مع وجود قوى متربصة من الجانبين تسعى لإفشال الاتفاق». وأشار إلى أن «دخول الولايات المتحدة يقوي حدود الوساطة، ويؤكدها ويعمل على إنجاحها»، معرباً عن اعتقاده أن «فرص النجاح والوصول إلى اتفاق باتت أكبر من نقاط الخلاف بين الطرفين».


سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
TT

سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)

خلَّفت السيول الجارفة الناجمة عن مياه الأمطار في محافظة المهرة اليمنية أضراراً واسعة في البنى التحتية والطرقات والممتلكات الخاصة والعامة، وسط تدخل سعودي إغاثي وتوجيه رئاسي للحكومة بسرعة مساندة السلطات المحلية.

وشهدت المحافظة التي تقع في أقصى شرق اليمن منذ أيام منخفضاً جوياً أدى إلى هطول أمطار شديدة نجم عنها سيول ضربت الطرقات والمزارع والبنى التحتية وسط مساندة من قوات الجيش للسلطات المحلية في الإنقاذ.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أجرى اتصالاً هاتفياً بمحافظ المهرة محمد علي ياسر، وذلك للاطمئنان على الأوضاع في المحافظة التي تشهد أمطاراً غزيرة، وسيولاً جارفة، بسبب المنخفض الجوي وحالة الطقس غير المستقرة.

وذكرت وكالة «سبأ» أن العليمي استمع من محافظ المهرة، إلى إيجاز أولي بشأن الأضرار التي خلفتها السيول والأمطار الغزيرة في الممتلكات العامة والخاصة، والحيازات الزراعية والطرقات والبنى التحتية، والخدمات الأساسية في مدينة الغيضة وأنحاء متفرقة من المحافظة.

كما استمع رئيس مجلس الحكم في اليمن إلى إحاطة حول الجهود المنسقة مع الجهات المعنية والمنظمات الإقليمية والدولية، وفي المقدمة تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، للحد من تداعيات المنخفض الجوي، وتقديم العون، وعمليات الإنقاذ والمساعدة للمتضررين والعائلات المنكوبة.

وفي حين أشاد العليمي بجهود قيادة السلطة المحلية، والمكاتب التنفيذية في محافظة المهرة، وما اتُخذ من إجراءات وتدابير للحد من آثار الكارثة الطبيعية، أصدر توجيهات لرئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بتكليف وزارة الأشغال العامة والمؤسسات التابعة لها والجهات المعنية بالتدخل العاجل لفتح الطرق الداخلية والدولية، واستئناف تشغيل الخدمات الأساسية، والشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة.

السلطات المحلية في محافظة المهرة اليمنية تكافح لتجاوز آثار السيول (إكس)

وفي وقت سابق، أفادت السلطات المحلية في المهرة بأن قوات الجيش بمحور الغيضة تجري عملية إنقاذ ونقل السكان المحاصرة بيوتهم بالسيول ومن هم على الخطوط العامة إلى مراكز الإيواء.

وطلبت السلطة المحلية ولجنة الطوارئ من جميع الساكنين بمحاذاة الأودية ومجاري السيول مغادرة منازلهم والنزوح إلى أماكن آمنة، حيث يتوقع قدوم سيول كبيرة.

كما نبهت السلطات إلى ضرورة الابتعاد عن مجاري السيول وبطون الأودية والشعاب حرصاً على سلامتهم، وحذرت من خطورة الاقتراب من الكابلات والمحولات الكهربائية وخطوط الضغط العالي أثناء وبعد هطول الأمطار.

مساعدات سعودية

على وقع الأضرار التي ضربت محافظة المهرة اليمنية جراء السيول دشن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، توزيع المساعدات الإيوائية الطارئة للمتضررين في مديرية المسيلة.

وأشاد مدير مكتب مدير عام مديرية المسيلة محمد بن حويل، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في مساعدة الأسر المتضررة جراء السيول والأمطار كأول جهة داعمة تتدخل لمساعدة الأهالي في المديرية.

من جهته، أوضح مدير مكتب ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية بمحافظة المهرة الشريك المنفذ للمشروع أيمن مزيون، أن التدخل يتضمن توزيع 121 خيمة و165 حقيبة إيوائية يستفيد منها نحو 1155 فرداً من المتضررين من السيول والأمطار في مديرية المسيلة.

ووفق الإعلام الرسمي اليمني حضر التدشين رئيس لجنة التخطيط والتنمية بمديرية المسيلة سالم مولى الدويلة، والمساعد اللوجيستي طلال ناصر بن حريز، ومساعد المتابعة والتقييم المهندس عوض سعيد كعيتي، وممثل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مديرية المسيلة يونس باعباد.

وكان المركز قد وزع مساعدات إيوائية طارئة لمتضرري السيول والأمطار في عددٍ من المديريات بمحافظة حضرموت المجاورة، بسبب المنخفض الجوي الذي ضربها أخيراً، شملت 276 خيمة و1000 حقيبة إيوائية.

وأثنى وكيل محافظة حضرموت عمرو بن حبريش، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة، وتقديمه المساعدات الطارئة لمتضرري السيول، مشيراً إلى أن هذه المساعدات ستسهم في تخفيف معاناة الأسر المتضررة.

وتأتي تلك المساعدات في إطار الجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة، لتخفيف معاناة اليمنيين جراء الأزمة الإنسانية التي تعصف بهم.


صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
TT

صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)

حذر صندوق النقد الدولي من آثار سلبية على اليمن بسبب التصعيد في البحر الأحمر، وأكد أن توقف صادرات النفط منذ هجوم الحوثيين على موانئ تصديره في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 حرم الحكومة من نصف عائداتها.

وذكر الصندوق أن التقديرات تشير إلى أن النمو في اليمن تقلص بنسبة 2 في المائة خلال العام الماضي، في حين بقي معدل التضخم مرتفعاً على الرغم من تراجع أسعار الأغذية عالمياً.

صندوق النقد الدولي حض الحكومة اليمنية على تسريع الإصلاحات المالية (إعلام حكومي)

وفي ختام اللقاء التشاوري السنوي بين السلطات اليمنية وصندوق النقد الدولي الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، ومثَّل الجانب الحكومي فيه محافظ البنك المركزي أحمد غالب وسالم بن بريك وزير المالية، أكدت جويس وونج، رئيسة بعثة الصندوق أن النقاشات تناولت آخر المستجدات الاقتصادية والسياسية والنظرة المستقبلية والتقدم الذي حققته الإصلاحات الرئيسية.

وأوضحت وونج في بيان أن التقديرات تشير إلى أن الخسارة في الصادرات النفطية اليمنية، التي مثلت أكثر من نصف الإيرادات الحكومية (ما يعادل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، قد عملت على اتساع العجز في المالية العامة إلى نسبة 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، «الأمر الذي فرض ضغوطات على الاحتياطات الأجنبية وعلى سعر الصرف».

وضع صعب

بيان بعثة صندوق النقد الدولي أكد أن الوضع الإنساني في اليمن يظل صعباً، مع وجود 17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي، وأشار إلى أن الدفعات المنصرفة من حزمة الدعم من بلدان مجلس التعاون الخليجي، واستقرار تحويلات المغتربين لا تزال تعد عوامل تسهم في تخفيف حدة الأوضاع، لكن البعثة نبهت إلى أنه في العام الحالي، قد يتفاقم الوضع الهش بفعل التوترات الإقليمية.

وقال الصندوق إن تصعيد التوتر في البحر الأحمر يمكن أن يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي من خلال قنوات التجارة والقنوات المالية، إلى جانب تأثيره على انخفاض الدعم الخارجي، الذي يشمل المساعدات الإنسانية.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية والنقدية (إعلام حكومي)

ومع ذلك، بينت بعثة الصندوق أنه على الرغم من وضع اليمن الذي تكتنفه التحديات، فإن السلطات تبقى ملتزمة التزاماً ثابتاً بإجراء الإصلاحات، ومنها الاستمرار في القضاء على تعددية أسعار الصرف في تنفيذ المعاملات الحكومية، وتيسير نظام مزادات العملات الأجنبية. وذكر البيان أن السلطات اليمنية قامت بتعزيز إدارة السيولة النقدية مع ضبط الإنفاق، وترتيب الأولويات بطريقة أفضل.

ووفق ما جاء في بيان بعثة صندوق النقد الدولي، فقد أسهمت التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية في الحد من العجز في الموازنة، واللجوء إلى التمويل النقدي، والضغوط التضخمية المصاحبة لها.

تسريع الإصلاحات

في خضم هذه الحال من ارتفاع مستوى انعدام اليقين، حث صندوق النقد الحكومة اليمنية على الاستمرار في تسريع الإصلاحات في المالية العامة، بما في ذلك، تحسين إدارة الإيرادات، والعمل في الوقت نفسه على تعزيز إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والرقابة عليه.

ووفق بعثة الصندوق الدولي فإن ضمان اتساق مزادات العملات الأجنبية في اليمن، وقابلية التنبؤ بها سوف يساعد البنك المركزي اليمني على المحافظة على مصداقيته التي حققها بشق الأنفس في خضم موارد العملات الأجنبية المقيدة. وقالت إن تعزيز وظيفة الحوكمة لدى البنك المركزي اليمني، مع العمل في الوقت نفسه على تحسين عملية جمع البيانات، سوف يعزز الشفافية والمساءلة.

وشدد صندوق النقد على أهمية الاستمرار في المحافظة على استقرار القطاع المالي في اليمن، وتعزيز الامتثال مع المعايير الدولية ومنها معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية، والتي من شأنها تيسير ممارسة التجارة وحوالات المغتربين، وكلاهما يمثل شرايين الحياة الرئيسية للشعب اليمني.

تصعيد الحوثيين البحري يهدد بحدوث آثار سلبية على الاقتصاد اليمني والوضع الإنساني (إ.ب.أ)

وجزمت بعثة الصندوق أن الدعم المالي الخارجي سيظل عاملاً بالغ الأهمية في المساعدة على تخفيف شدة الضغوط المالية، والحد من التمويل النقدي، والمحافظة على استقرار الأسعار. وقالت إن التفاعل النشط مع المانحين لأجل تلبية الاحتياجات القائمة، مع تحسين توافر التمويل، والمحافظة على استمراره، تعد عوامل حاسمة في تحقيق تلك الغاية.

وفي حين تعهد صندوق النقد الدولي بأن يستمر في تقديم المساعدات الفنية الشاملة لليمن لكي يواصل عمليات تعزيز قدراته المؤسسية، قامت بعثته بعقد مباحثات مع الشركاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين لتعزيز أوجه التعاون، وتحسين مستوى تنسيق المساعدات الخارجية.

وأعرب الصندوق عن تقديره العميق للسلطات اليمنية وللخبراء الفنيين ولجميع النظراء على ما أبدوه من التعاون الممتاز والمباحثات الصريحة، وتطلع إلى مزيد من التواصل الوثيق والمستمر.


تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)

وسط موجة تهكّم يمنية من دعوة الجماعة الحوثية لطلبة الجامعات الأميركية للدراسة في جامعة صنعاء، أفادت مصادر أكاديمية باتساع الفساد المالي والإداري في الجامعة التي تتعرض مبانيها ومرافقها للإهمال والتهالك.

وكشفت مصادر في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن وقائع فساد مالي وإداري تتمثل باختفاء مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية لعدد من الكليات، مع زيادة في مصروفات القادة الحوثيين المعينين في مناصب عليا في الجامعة، في حين يتم تهديد الموظفين الإداريين بالفصل بسبب مطالبتهم بصرف مستحقاتهم المالية المتوقفة.

الجماعة الحوثية استخدمت جامعة صنعاء لاستقطاب وتجنيد المقاتلين بذريعة نصرة غزة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن القاسم محمد عباس، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً للجامعة، خصص لنفسه ما يقارب ألفي دولار (مليون ريال شهرياً، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) كبدل مواصلات شهرياً، ومنح ما يقارب ثلث هذا المبلغ (600 دولار) لكل قيادي من المعيّنين عمداء لكليات الجامعة، وما يقارب 300 دولار لكل رئيس قسم.

ويتقاضى هؤلاء هذه المبالغ كبدل مواصلات، على الرغم من أنه يجري تعبئة سياراتهم بكميات متفاوتة من الوقود عبر محطة تعاقدت معها رئاسة الجامعة المُعيّنة من قِبل القيادي الحوثي أحمد حامد لتزويد مركبات الجامعة ومعداتها بالوقود.

وبحسب المصادر، فإنه لم يعرف مصير أكثر من 15 ألف دولار من النفقة التشغيلية لكلية الطب، مرجّحة وجود تواطؤ بين من ينتحلون صفات عميد الكلية وأمينها العام ومديرها المالي في إخفاء هذا المبلغ، خصوصاً مع رفضهم الرد على تساؤلات عدد من طاقم الكلية حول مصير هذا المبلغ، وتهديد الموظفين بإجراءات عقابية حال تداول معلومات أو وثائق حوله.

وأوضحت المصادر أن منتحل صفة المدير المالي للكلية يلزم الموظفين بإضافة ما يساوي 20 في المائة من ثمن المشتريات، ويعمل على استقطاعها من دون سندات لصالحه، في ظل صمت منتحلي صفتي العميد والأمين العام، وتجاهل الشكاوى التي تقدم بها عدد من موظفي وطاقم إدارة الكلية وأساتذتها، ورفض مناقشتها حتى داخل الاجتماعات.

إهمال وتَرَدٍ

إلى جانب كل ذلك، تعتزم الجماعة الحوثية رفع رسوم الخدمات في جامعة صنعاء، وتحويل إيرادات الكليات إلى حساب رئاسة الجامعة ونيابة شؤون الطلاب، والتحكم بجميع مصروفات الكليات والمراكز والرقابة عليها مركزياً، في حين يشكو أكاديميو وموظفو وطلاب الجامعة من تدهور المرافق وتردي الخدمات وعدم توفير الصيانة لها.

جانب من عرض في ساحات جامعة صنعاء للمقاتلين الذين جنّدهم الحوثيون (إعلام حوثي)

وأخيراً ،تعرضت أجزاء كبيرة من سور كلية الطب للانهيار جراء الأمطار والسيول الغزيرة، دون أن تجري الجماعة الحوثية أي جهود لتدارك الأمر، خصوصاً وأن الانهيار ألحق أضراراً بممتلكات السكان قرب الكلية، أو لمنع باقي أجزاء السور من الانهيار، رغم شكاوى السكان ومخاوفهم.

وأغرقت السيول فناءات كليات الجامعة ومبانيها، وتسببت بانتشار المستنقعات وتوسعها دون أن تبذل أي جهود لإصلاح الأضرار، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإهمال جميع مرافق الجامعة.

وطال الإهمال المرافق الداخلية للجامعة وكلياتها، حيث يشتكي الأكاديميون من إهمال النظافة في عدد من المرافق، وحصرها على تلك التي يستخدمها عمداء الكليات.

ولفت أحد الأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتقل غالباً من إحدى الكليات التي يدرس فيها إلى كلية مجاورة لاستخدام دورات المياه؛ بسبب عدم قدرته على احتمال الروائح التي تنبعث من دورات مياه كليته، رغم الشكاوى والمطالب بإصلاحها والاهتمام بها.

وأوضح الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته أن غالبية عمداء الكليات يعمدون إلى حصر النظافة على دورات المياه التي تتبع مكاتبهم، ويغلقونها أمام أي أكاديمي يحاول استخدامها، ويلزمون عمال النظافة بتنظيف مكاتبهم فقط، في حين يرفض غالبية العمال تنظيف باقي المرافق نظراً لعدم دفع مستحقاتهم.

الطلاب الأميركيون في صنعاء

أثار موقف الجماعة الحوثية بشأن مظاهرات طلاب الجامعات الأميركية المناهضة للحرب على غزة، سخرية وتهكّماً واسعين، بعد إعلان الجماعة عن فتح أبواب جامعة صنعاء للطلاب الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل والقمع بسبب تلك المظاهرات.

وكان القيادي القاسم عباس أصدر إعلاناً باستعداده لاستقبال الطلاب والأكاديميين الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل، واستيعابهم في جامعة صنعاء وفي جميع التخصصات، ونشر في إعلانه بريداً إلكترونياً لاستقبال طلبات الانضمام للجامعة.

بيان صادر عن الجماعة الحوثية بفتح أبواب جامعة صنعاء لاستقبال الطلاب المفصولين من الجامعات الأميركية (إكس)

وتنوعت مواقف اليمنيين الساخرة من الإعلان ما بين التساؤل عن مرتبات الأكاديميين اليمنيين التي أوقفتها الجماعة الحوثية منذ قرابة العقد، والتذكير بالتردي الذي أصاب الدراسة في جامعة صنعاء بسبب ممارسات الجماعة وإدخال أدبياتها الطائفية ضمن المقررات المفروضة على الطلاب، وإلزام الأكاديميين بتدريس تلك المضامين.

وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل عمّا إذا كانت الجماعة ستتمكن من فتح تخصصات في الفيزياء النووية أو علوم الفضاء، وهل ستجبر الطلاب الأميركيين على دراسة ما يعرف بملازم حسين الحوثي مؤسس الجماعة، والاستماع إلى خطابات شقيقه الذي يتزعمها حالياً.

وذهبت التساؤلات إلى إمكانية سماح الجماعة الحوثية للطلاب والطالبات الأميركيين بالاختلاط داخل جامعة صنعاء، وهي التي أقرّت الفصل بين الجنسين داخل الجامعة، واتخذت عدداً من الإجراءات لذلك، وصلت حد بناء جدران داخل القاعات الدراسية للفصل بينهما، إلى جانب الملاحقة الأمنية والإجراءات التعسفية بحق الطلاب والطالبات لمجرد إجراء محادثات عابرة بينهم في أفنية الجامعة.

ومن بين الذين تهكّموا على القرار القيادي في الجماعة نائف القانص الذي سبق وجرى تعيينه سفيراً لها في دمشق، قبل أن تقوم السلطات السورية أخيراً بطرده مع طاقمه، وإعادة السفارة إلى الحكومة اليمنية.

وطالب القانص بنقل من كتب البيان إلى مستشفى الأمراض النفسية، منتقداً الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب ممارساتها وفسادها.

من جهتها، ذكّرت منصة «واعي» الاجتماعية بنادي الخريجين الذي أنشأته الجماعة الحوثية للسيطرة على الأنشطة والفعاليات الطلابية، وإجبار الطلاب والطالبات على الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية التي أقرتها، ومارست تعسفاً بحقهم.

وعلى سبيل السخرية، أنذرت المنصة الطلاب الأميركيين بمواجهات إجراءات قاسية من قِبل هذا النادي، كما دعت الجماعة إلى ترجمة ملازم حسين الحوثي إلى الإنجليزية وضمّها إلى المناهج التي ستقدم لهؤلاء الطلاب.


نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
TT

نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)

عقد مسؤولون يمنيون لقاءات في العاصمة الأردنية عمّان مع سفراء غربيين عقب اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية مع صندوق النقد الدولي؛ وذلك سعياً لدعم الاقتصاد اليمني والإصلاحات المالية والمصرفية.

وكانت الاجتماعات مع مسؤولي صندوق الدولي في العاصمة الأردنية عمّان استمرت خمسة أيام بمشاركة وزير المالية اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، حيث تطرقت إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني في ظل الهجمات الحوثية وتوقف تصدير النفط.

محافظ البنك المركزي اليمني أجرى لقاءات مع سفراء غربيين في عمّان (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب عقد لقاءات منفصلة مع سفراء الولايات المتحدة ستيفن فاجن، والمملكة المتحدة عبدة شريف، وفرنسا كاترين قرم كمون، وهولندا جانيت سيبن؛ وذلك لمناقشة آخر المستجدات الاقتصادية على الساحة اليمنية.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاءات تطرقت إلى التطورات في المجال المالي والمصرفي، والدعم المقدم للبنك المركزي في مجال بناء القدرات، وتعزيز الرقابة، والإشراف على القطاع المصرفي، والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

من جهته، ناقش وزير المالية اليمني سالم بن بريك، مع سفيرة المملكة المتحدة عبدة شريف، والسفير الأميركي ستيفن فاجن في لقاءين منفصلين التطورات الاقتصادية والمالية في بلاده، والجهود الحكومية للتعامل مع الأوضاع الصعبة الراهنة، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم إقليمي ودولي، من أجل تحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأورد الإعلام الرسمي أن اللقاءين تطرقا إلى مدى تفاقم معاناة اليمنيين والأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية، في ظل استمرار حرب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على اليمن واليمنيين، ومواصلة تصعيد حربها الاقتصادية، والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن تكريسها الانقسام المالي، واستغلالها الموارد المالية بمناطق سيطرتها لدعم ما يُسمى «المجهود الحربي».

مسؤولون يمنيون مجتمعون في عمّان مع السفيرة البريطانية (سبأ)

كما تناول النقاش جهود المجتمعَين الإقليمي والدولي والأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، وسُبل تعزيز التعاون في الجوانب المالية والاقتصادية، وما تقدمه بريطانيا وواشنطن من دعم فني في مجالات بناء القدرات لتعزيز جهود وزارة المالية والمصالح التابعة لها.

واستعرض الوزير اليمني التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة في بلاده، وجهود الحكومة في سبيل تنفيذ الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد المالي والإداري، وتحقيق استقرار وتحسن الاقتصاد الوطني، بما يساهم في تمكين الحكومة من مواجهة التحديات والإيفاء بالتزاماتها الحتمية.

وأشار وزير المالية اليمني إلى انعكاسات التطورات الاقتصادية والمالية بشكل سلبي على الأوضاع في مختلف قطاعات ومجالات الحياة ومعيشة مواطنيه، وجهود الحكومة وخياراتها للتعامل مع الظروف الصعبة الراهنة، وبمقدمها الحرص على تعزيز موارد الدولة، وخصوصاً الموارد غير النفطية في المحافظات المحررة، والجهود الحكومية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد.

وأكد بن بريك، أهمية مواصلة المانحين تقديم الدعم للإسهام بإسناد جهود الحكومة في مواجهة الظروف الصعبة للحرب الحوثية التي ألقت بظلالها السلبية القاتمة على مجمل الأوضاع اليمنية، مشيداً بالدعم الإقليمي والدولي، وخصوصاً من السعودية والإمارات.

تحديات نقدية

أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن نقاش الجانب الحكومي مع خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة جويس وونغ، تناول مجمل الأوضاع والتحديات في القطاعات الاقتصادية والمالية والنقدية في ظل استمرار حرب الحوثيين المدعومين من إيران.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، ناقشت الاجتماعات على مدى خمسة أيام، بمشاركة ممثلين عن وزارتَي المالية والنفط والمعادن، والبنك المركزي، والبنك الدولي وخبراء اقتصاديين، حزمة من القضايا المرتبطة بتفاقم الأوضاع العامة والخدمية والمعيشية للمواطنين بسبب مواصلة الحوثيين تصعيد حربهم الاقتصادية، وكذا التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية بسبب تصعيد الحوثيين (سبأ)

وشملت النقاشات - بحسب الوكالة - السياسات الحكومية اليمنية في الجوانب المالية والنقدية، ومستوى سير تنفيذ الإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم من شركاء الحكومة اليمنية، وجهود الأخيرة في سبيل تعزيز موارد الدولة لتحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية، والاحتياج من الدعم المالي والفني لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنهوض بمستوى العمل وبناء القدرات بالقطاعين المالي والنقدي.

وأكدت الاجتماعات اليمنية مع خبراء صندوق النقد الدولي أن توقف صادرات النفط مستمر في التأثير على النشاط الاقتصادي، وتقييد موازنة الحكومة والاحتياطيات الأجنبية، وذكرت أن سبب توقف تصدير النفط الخام الذي يشكّل ما نسبته 65 إلى 70 في المائة من إجمالي الموارد العامة للدولة، منذ نحو عام ونصف العام يعود، إلى إقدام ميليشيا الحوثي على استهداف المنشآت الحيوية لتصدير النفط.

إلى ذلك، أكدت الاجتماعات، أن تحسن الآفاق الاقتصادية مرتبط بالتقدم الإيجابي على صعيد محادثات السلام، واستمرار الالتزام بإجراء الإصلاحات الشاملة، وشددت على ضرورة استقرار القطاع المالي والالتزام بمعايير الدولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا تواصل التمويل الخارجي من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتمويل الاحتياجات الإنسانية، واستقرار الأسعار، ودعم عملية الإصلاح.

وأشارت الاجتماعات اليمنية مع صندوق النقد الدولي إلى صعوبة الوضع الإنساني، خصوصاً وأن نحو 17 مليون يمني يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي.


تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
TT

تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)

في الوقت الذي أكد فيه تقرير أممي أن 30 في المائة من مخيمات النزوح في اليمن معرَّضة لخطر الفيضانات، انتقد مسؤول حكومي أداء المنظمات الإغاثية، وقال إنه من المعيب أن يتم الحديث بعد ثمانية أعوام عن المخاطر التي تواجه هذه المخيمات بدلاً من وضع حلول ومعالجات. ورأى في ذلك دليلاً على فشل الأداء الإغاثي.

وعبَّر نجيب السعدي رئيس الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن عن أسفه جراء مخاطر السيول والأمطار التي تهدد مخيمات النازحين، مع إن كان من المفترض أن يكون قد تم إيجاد حلول وبدائل فعَّالة وتمَّت معالجة المشكلة من جذرها خلال السنوات السابقة.

مسؤول يمني ينتقد أداء المنظمات الإغاثية في بلاده (إعلام حكومي)

ورأى السعدي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ذلك يمكن عدّه أحد الإخفاقات للمنظمات الدولية التي تقود العمل الإنساني، وأعاد المطالبة بالتفكير في حلول جذرية لهذه المشكلة وللنزوح بشكل عام، ومن ضمن ذلك التحول نحو الحلول الدائمة.

وقال إن هذا التوجه تم البدء به خلال العام الحالي، متمنياً أن يتم تلافي الأخطاء السابقة التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية.

وحسب المسؤول عن مخيمات النزوح في اليمن فإن أخطاء المنظمات تكمن في أنها تعمل بدلاً عن الدولة، وطالب بأن تقود مؤسسات الدولة العمل لمعالجة النزوح والمشكلات المرتبطة به، ويبدأ ذلك من تقديم الدعم الفني وبناء القدرات للجهات الحكومية لتصبح قادرة على أداء دورها في معالجة الأزمة الإنسانية.

وشدد السعدي على وجوب أن تقود مؤسسة الدولة العملية الإنسانية في جميع مراحلها من التخطيط وتحديد الأولويات والتنفيذ وتقييم التدخلات. وقال إنه من دون ذلك ستستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، كما في خطر السيول على المخيمات.

وبيَّن المسؤول اليمني أنه حتى لا تصبح البلاد ثقباً أسود يلتهم كل المساعدات الإنسانية، فإنه يدعو المجتمع الدولي لمساعدة المؤسسات الحكومية لتؤدي دورها وأن يكون دور المنظمات هو مساعدة الحكومة على ذلك وفق الأولويات التي تحددها. كما دعا إلى ضرورة تقديم مزيد من التمويلات كون نسبة التمويل انخفضت بشكل كبير خلال هذا العام.

السيول في اليمن تتسبب موسمياً في أضرار مادية وبيئية (إ.ب.أ)

وأعاد السعدي التذكير بأن كثيراً من المخيمات أنشأها النازحون بأنفسهم بشكل عشوائي، خصوصاً ما قبل 2019، ولهذا أُقيمت على مجاري السيول، وذلك أصبح تحدياً كبيراً يتطلب البحث عن مناطق بديلة، لكنَّ ذلك يواجه انعدام التمويل لنقل المخيمات إلى جانب رفض النازحين الانتقال إلى مكان آخر لارتباطهم بمصالح مثل مكان العمل وكسب العيش.

ويشير المسؤول اليمني إلى جانب آخر، وهو أن معظم المخيمات لها بين ثماني وخمس سنوات منذ إقامتها، وأصبحت مهترئة وغير قادرة على مقاومة أي أمطار، وهذا ما ضاعف من الكارثة.

مخاطر عالية

كانت مجموعة إدارة وتنسيق المخيمات ومنظمة الهجرة الدولية ومبادرة «ريتش» ذكرت في تقرير مشترك عن مخاطر الفيضانات على مواقع النازحين في اليمن أن 672 موقعاً تستضيف ما مجموعة 747.143 ألف نازح في 17 محافظة ذات درجة «حرجة» أو «عالية» في التعرض لخطر الفيضانات خلال العام الجاري 2024.

ووفق ما أورده التقرير فإن 20 موقعاً تضم 11.778 ألف نازح صُنفت في مستوى «مخاطر حرجة»، و652 موقعاً يقيم فيها 735.365 ألف نازح تقع في مستوى «مخاطر عالية» لتأثيرات الفيضانات المدمّرة، فيما أن 318 موقعاً ذات مخاطر متوسطة، و840 موقعاً ذات خطر منخفض، بينما 455 موقعاً آخر لا تتوافر أي معلومات أو بيانات عنها.

وأكد التقرير أن مواقع النازحين المعرَّضة لمخاطر عالية للفيضانات خلال هذا العام تمثل نسبة 30 في المائة من إجمالي مواقع النزوح البالغ عددها 2285 موقعاً، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، الذي كانت فيه نسبة المواقع المعرَّضة لخطر الفيضانات لا تزيد على 25 في المائة.

النازحون اليمنيون بنوا مخيماتهم بعد أن فروا من قمع الحوثيين (إعلام حكومي)

وحسب نتائج التقرير، فقد تصدرت محافظة شبوة قائمة 17 محافظة في عدد المواقع التي تواجه مخاطر عالية من الفيضانات، وبنسبة 82 في المائة من إجمالي المواقع الموجودة فيها، تليها محافظة إب (62 في المائة)، ثم الضالع (53 في المائة)، وذمار (47 في المائة)، وتعز (38 في المائة)، وأبين (36 في المائة)، ومأرب (34 في المائة)، وصنعاء وحضرموت (32 في المائة في كل منهما)، ولحج (31 في المائة)، وحجة (27 في المائة)، والحديدة (26 في المائة)، والجوف وصعدة (23 في المائة في كل منهما)، والبيضاء (22 في المائة)، وعمران (15 في المائة)، فيما كانت عدن أقل المحافظات خطراً على النازحين بنسبة 10 في المائة.

وطالب التقرير بإجراء مزيد من التحليل للمواقع المصنَّفة «حرجة» أو «عالية» لتحديد الأولويات للأنشطة المطلوبة والاستعدادات لمواجهة الفيضانات والإجراءات الاستباقية اللازمة لذلك، بسبب القيود على التمويل في هذا العام، مع توفير الإغاثة قصيرة المدى حالة الاستجابة للفيضانات الكبرى المفاجئة وغير المتوقَّعة.


ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

خلال الشهر السادس من الهجمات الحوثية البحرية والضربات الغربية الدفاعية والاستباقية للحد من الهجمات، أقرّت الجماعة بتلقي خمس غارات في مطار الحديدة جنوب المدينة، الخميس، في حين تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشنّ هجماتها نصرةً للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

إعلام الحوثيين أقرّ بخمس غارات قال إنها استهدفت مطار الحديدة وهو مطار خارج عن الخدمة، من دون إيراد تفاصيل حول نتائج الضربات التي وصفها بأنها «أميركية وبريطانية».

ولم يتبنّ الجيش الأميركي الغارات فوراً، لكنه أفاد بتدمير زورق حوثي مسيّر، وهي الضربة التي اعترفت الجماعة الحوثية بحدوثها في منطقة «رأس عيسى» شمال الحديدة على البحر الأحمر.

ومع حديث الجماعة عن تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء محافظة الحديدة التي تتخذها منطلقاً لشنّ الهجمات في البحر الأحمر، تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن في أحدث خطبة له الخميس.

وزعم الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة بأن هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها على حد وصفه.

وتبنى زعيم الجماعة إطلاق 111 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، و606 صواريخ باليستية، ومجنحة وطائرات مسيّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. كما ادعى تنفيذ ثماني عمليات خلال أسبوع واحد ضد السفن، استخدمت خلالها 33 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف لمهاجمة السفن (رويترز)

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي تعرضت 107 سفن للهجمات وأصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من عناصرها خلال الضربات الغربية التي تقودها أميركا.

مصالح 55 دولة

أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في مأرب قرب خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وفي أحدث تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التي أطلقها من مدينة مأرب هاجم الجماعة وتوعد بفرض السلام، كما ظهر على خطوط التماس في إحدى الجبهات المحيطة بالمدينة.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة؛ وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وخلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب خاطب العليمي الحاضرين بالقول: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)

تتطلع مصر وتركيا إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة؛ وهو ما عدّه مصدر مصري «خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها» بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة.

وأنهى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة رسمية إلى أنقرة، استمرت أياماً عدة، بدعوة من الجنرال متين غوراق، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

ووفق بيان للمتحدث العسكري المصري، الخميس، عقد الفريق عسكر جلسة مباحثات موسّعة مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية تناولت «علاقات التعاون العسكرية والأزمات الإقليمية والدولية المؤثرة على الأمن القومي لكلا البلدين، وتوافق الرؤى ووجهات النظر تجاهها»، وأكد الجانبان «تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين في الكثير من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

التقى رئيس الأركان المصري، خلال الزيارة، يشار غولر، وزير الدفاع التركي، ونقل البيان المصري عن الوزير التركي «إشادته بتوافق الرؤى بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون العسكري المصري - التركي، وثمّن الدور المصري المؤثر والفاعل بمنطقة الشرق الأوسط». كما التقى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، واستمع إلى عرض تقديمي لمجموعة من الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وقام بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات، منها شركة «بايكار» للطائرات، وكذا زيارة مقرّ القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية.

وأنهت مصر وتركيا التوتر الدبلوماسي، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، في حين صدرت تصريحات إيجابية مشتركة حول ملفات عدة كانت مثار خلاف بين البلدين.

وتعد زيارة رئيس الأركان المصري، التي بدأت الاثنين الماضي، أرفع زيارة لمسؤول عسكري مصري إلى تركيا منذ ما يزيد على عقد.

وبينما تحدثت تقارير إعلامية عن تحركات لتعزيز مسارات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة. قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون العسكري بين البلدين ليس نقلة استراتيجية كبيرة، وإنما مجرد خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها».

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الموافقة على «تزويد مصر بالطائرات التركية المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتبط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».

وتستبق المباحثاتُ العسكرية الأخيرة، زيارةً مرتقبةً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، الشهر الحالي، وفق مصادر تركية؛ تلبيةً لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي زار مصر في فبراير الماضي.

وكانت من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي لمصر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين بعد توقف دام لنحو 11 عاماً.


ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

يتجمع مئات من العمال عند تقاطعات شوارع في صنعاء صباح كل يوم تقريباً، أملاً في الحصول على ساعات من العمل تمكّنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى؛ إذ فقد مئات الآلاف أعمالهم وارتفعت البطالة إلى ثلاثة أضعاف ما قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014.

يقول عبد الله ناجي، وهو عامل بالأجر اليومي، إنه وغيره يدورون على تقاطعات الشوارع كل يوم على أمل الحصول على فرصة عمل، لكنهم في الغالب لا يجدون.

الجبايات الحوثية تلاحق أصحاب كل المهن بمن فيهم الحرفيون (إعلام محلي)

«الناس تبحث عن لقمة العيش، ومجموعة بسيطة من المشرفين الحوثيين هم من يبنون عمارات شاهقة»، يذكر عبد الله ناجي أنه يجد فرصة عمل ليوم واحد ويظل ثلاثة أيام أخرى ينتظر فرصة مماثلة، وينفق ما كسبه في ذلك اليوم على متطلبات معيشته.

ومع انقضاء تسعة أعوام على الحرب التي فجرها الحوثيون، يتذكر العمال في اليمن المأساة التي يعيشونها جراء تلك المغامرة، حيث إن مئات الآلاف من الموظفين دون مرتبات، فيما فقد العاملون في القطاع الخاص وعمال اليومية مصادر أرزاقهم بسبب إيقاف كل المشاريع والتدمير الذي تعرض له القطاع التجاري.

وبحسب أحمد يحيى، وهو موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنه وغيره من العمال والموظفين لم يهتموا بعيد العمال لأنهم يعملون دون رواتب ويُهدَّدون من الحوثيين بالفصل من وظائفهم إذا انقطعوا عن العمل. وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في إحدى ورش الزجاج في فترة المساء لتوفير الاحتياجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص.

غير أن ناصر محمود، وهو عامل في أحد المطاعم، يرد ساخراً عند سؤاله عما يمثله عيد العمال له، ويقول إنه وزملاءه يعملون كل يوم حتى في هذا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عن هذا العيد إلا في وسائل الإعلام، ويرى أنهم في وضع أفضل من الموظف الحكومي؛ لأنهم يحصلون على راتب نهاية كل شهر إلى جانب وجبات الطعام المجانية.

تقلص الفرص

بينت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الحرب خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن مضاعفة الجماعة الجبايات على التجار والباعة اضطر الكثيرين إلى خفض عدد العمال، كما خفض الكثيرون منهم مبالغ المساعدات التي كانت توزع على الأسر الفقيرة؛ لأن عائداتهم أصبحت متدنية جداً، وبعضهم أعلن إفلاسه.

وذكرت المصادر أن قرار الحوثيين السيطرة على أرباح البنوك التجارية والديون المحلية بحجة مكافحة الربا ومنع الأنشطة المصرفية أدى إلى إصابة القطاع المصرفي بالشلل، وتوقف أي أنشطة للقطاع التجاري الذي كان يحصل على تسهيلات بنكية يعكسها في مشاريع تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة، وتوفر أيضاً أرباحاً للمودعين.

ملايين اليمنيين يفتقدون للخدمات ويعيشون تحت طائلة الفقر ونقص الغذاء (إ.ب.أ)

هذه الأوضاع تأتي متزامنة مع تأكيد تقارير رسمية حديثة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الحرب، تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

كما توضح هذه البيانات أن الفقر ازداد إلى نحو 78 في المائة ليجد الشبان الذين يشكلون 70 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

أرقام مأساوية

بحسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، فإن نسبة الفقر في البلاد، ارتفعت إلى 80 في المائة، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات.

وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60 في المائة بين السكان، وهناك 80 في المائة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن المديونية الخارجية ارتفعت، وانكمش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، وتراجعت الإيرادات العامة، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة.

وزاد من تفاقم الوضع المالي للحكومة استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط بالطيران المسير، ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.