ابتكر باحثون من مؤسسة «مايو كلينك» الطبية، بالتعاون مع جامعة نبراسكا الأميركية، طريقة رائدة لإصلاح القلوب المتضررة نتيجة الأزمات القلبية، دون الحاجة إلى جراحة القلب المفتوح.
وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق حلم «إصلاح القلب من الداخل» باستخدام خلايا المريض نفسه، ما يعني، مستقبلاً، إمكانية الاستغناء عن زراعة القلب أو الأجهزة الميكانيكية المساندة. ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «Acta Biomaterialia».
وتُعد الأزمات القلبية أحد أبرز أسباب فشل القلب المزمن، إذ يؤدي انسداد الشرايين وانقطاع تدفق الدم إلى موت جزء من خلايا عضلة القلب، لتُستبدل بها أنسجة ندبية لا تنقبض ولا تنقل الإشارات الكهربائية. وهذا التلف الدائم يُضعف قدرة القلب على ضخ الدم بفاعلية، ويزيد خطر الإصابة بقصور قلبيّ حاد يصعب علاجه.
وركّز الباحثون على إيجاد وسيلة لإصلاح الضرر الناتج عن الأزمات القلبية باستخدام رقعة حيوية من خلايا جذعية تساعد على تجديد الأنسجة واستعادة الوظيفة القلبية، دون الحاجة إلى جراحة مفتوحة.
وتشبه الرقعة القلبية المرنة ورقة رفيعة صُممت من ألياف نانوية وميكروسكوبية مغطاة بطبقة من الجيلاتين الحيوي. وتحتوي على مزيج من خلايا عضلية قلبية وخلايا أوعية دموية وخلايا داعمة تُشكّل الإطار البنيوي للنسيج، مما يجعلها نسيجاً حياً نابضاً يُحاكي نسيج القلب الطبيعي.
وتمثل الرقعة خطوة متقدمة في مجال الطب التجديدي، إذ يمكن تصنيعها من خلايا المريض نفسه، بعد إعادة برمجتها لتتحول إلى خلايا قلبية سليمة.
وقبل الزرع، تُغذّى الرقعة بعوامل حيوية لتعزيز بقاء الخلايا وتحفيز نمو الأوعية الدموية الجديدة. وتُزرع الرقعة داخل القلب عبر أنبوب رفيع يُدخل من شق صغير في الصدر، حيث يمكن طيّها وإيصالها بدقة إلى المنطقة المتضررة.
وبمجرد وضعها على سطح القلب، تنفتح تلقائياً وتلتصق بالأنسجة باستخدام مادة لاصقة حيوية، بدلاً من الخياطة، ما يقلل الضرر والالتهاب.
وأظهرت التجارب قبل السريرية أن الرقعة المصنوعة من خلايا قلبية بشرية مُعاد برمجتها استطاعت الاندماج بسلاسة مع نسيج القلب الطبيعي، واستعادت جزءاً كبيراً من قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة أعلى، مقارنة بالعلاجات التقليدية.
وسجّلت الدراسة انخفاضاً ملحوظاً في حجم الندبات الناتجة عن تلف عضلة القلب، وتحسناً واضحاً في تكوين الأوعية الدموية الجديدة داخل المنطقة المُصابة، إلى جانب تراجع مؤشرات الالتهاب، التي عادةً ما تعوق عملية الشفاء.
كما أظهرت الرقعة قدرة عالية على البقاء حية بعد الزرع بفضل تصميمها الغني بالعوامل الحيوية المُغذية، ما جعلها تسهم فعلياً في استعادة الوظيفة القلبية، وليس مجرد سدّ الفراغات النسيجية.
ويشير الفريق إلى أنه إذا أثبتت التجارب اللاحقة أمان الرقعة وفاعليتها لدى البشر، فقد تُحدث تحولاً جذرياً في علاج قصور القلب المزمن، وتفتح آفاقاً أوسع لتطبيقات الطب التجديدي في علاج أمراض الأعضاء الحيوية الأخرى مثل الكبد والكلى.
