الإفراط في تناول الكافيين... وأثره السيئ على الطلاب

يؤدي إلى ارتفاع مستويات القلق والتوتر والاكتئاب

الإفراط في تناول الكافيين... وأثره السيئ على الطلاب
TT

الإفراط في تناول الكافيين... وأثره السيئ على الطلاب

الإفراط في تناول الكافيين... وأثره السيئ على الطلاب

من المعروف أن الكافيين يُعد أكثر المنشطات النفسية استهلاكاً في العالم، ويزيد تناوله باعتدال من التركيز، ولكن في حالة تناول كميات كبيرة منه تحدث مشكلات صحية كثيرة.

وأفادت أحدث دراسة نُشرت في نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الحالي، في مجلة التغذية (Nutrients)، بأن الإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بشكل أساسي، مثل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة، يؤدي إلى التوتر والقلق والاكتئاب.

الدراسة التي قام بها باحثون من معهد علم النفس، بجامعة غدانسك (Institute of Psychology, University of Gdańsk) في بولندا، أُجريت على مجموعتين منفصلتين من طلاب الجامعات: الأولى شملت 436 طالباً، والثانية شملت 3421 طالباً؛ حيث طُلب من جميع المشاركين معلومات عن استهلاكهم اليومي من الكافيين. وأظهرت النتائج ارتباط زيادة تناول الكافيين بارتفاع مستويات القلق والتوتر والاكتئاب في كلتا المجموعتين.

من الانتباه واليقظة إلى التوتر

قال الباحثون إن الطلاب يعتبرون الإفراط في تناول الكافيين نوعاً من التكيف مع الضغوط الدراسية؛ لأن الكافيين يُحفز الانتباه ويسبب اليقظة الذهنية، ويقلل من الشعور بالألم والتعب، كما يحسِّن من معظم الوظائف الإدراكية الأساسية، كما أنه يحسِّن المزاج.

وكانت دراسة سابقة قد أظهرت أن 78.5 في المائة من الطلاب يتناولون الكافيين بهدف الشعور بمزيد من اليقظة، وأن 30.8 في المائة يتناولونه لتحسين التركيز؛ خصوصاً عند الشعور بالإرهاق. لذلك فإنه يُعد المشروب المفضل بين الطلاب؛ خصوصاً في الأوقات التي تحتاج إلى جهد ذهني مثل أيام الامتحانات.

وأوضح الباحثون أن كثيراً من المشروبات الشائعة التي يلجأ إليها الأطفال والمراهقون للحصول على طاقة سريعة، تحتوي غالباً على كميات كبيرة من الكافيين. ولأن هذه المشروبات طيبة المذاق، وتسبب اليقظة، فإن الأطفال يتناولونها بشكل مبالغ فيه، يمكن أن يسبب مشكلات صحية.

وعلى وجه التقريب، تضاعفت زيارات أقسام الطوارئ في الولايات المتحدة بسبب الإفراط في تناول الكافيين بين طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، بين عامي 2017 و2023، وذلك بسبب الآثار الجانبية التي تشمل تسارع ضربات القلب، أو عدم انتظامها، وارتفاع ضغط الدم، وسرعة التنفس، والقلق وقلة النوم، والغثيان والإسهال أيضاً.

وأوضحت الدراسة أن مفعول الكافيين يمكن أن يبقى في الجسم إلى أكثر من 8 ساعات، وعندما يزول المفعول، يمكن أن يعاني الأطفال والمراهقون الصداع والشعور بالانفعال أو التعب. وكذلك يؤثر الكافيين سلباً على تناول العناصر الغذائية الأخرى التي تساعد الأطفال على النمو، مثل الفاكهة والخضراوات والبروتين والحبوب الكاملة.

مشكلات الإفراط

يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى تغير معدل النوم لدى الأطفال والمراهقين. ونتيجة لعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، أو عدم النوم فترة كافية، يحدث اعتلال للمزاج وخلل في التفكير، ولذا يمكن أن يؤدي الكافيين إلى صعوبات دراسية، ويحرم الأطفال من الطاقة اللازمة للأنشطة التي يستمتعون بها.

وأكد الباحثون أن بعض الأطفال أكثر حساسية للكافيين من غيرهم، ما يفسر التراوح الكبير في آثار الكافيين على الأطفال، ما يعني أن أعراض القلق والتوتر وتسارع ضربات القلب، وأيضاً المشكلات المرتبطة بالجهاز الهضمي، مثل الغثيان والإسهال، يمكن أن تحدث في بعض الأطفال الذين يتناولون قدراً معتدلاً من الكافيين، والعكس صحيح أيضاً. فالبعض الآخر يمكن ألا يتأثر بكمية تُعد كبيرة بالنسبة للآخرين، من المشروبات التي تحتوي على الكافيين.

وقد وجدت البحوث السابقة أن الأطفال الذكور أكثر عرضة لزيارة قسم الطوارئ بسبب أعراض مرتبطة بالكافيين من الإناث، كما قد يكون الأطفال المصابون بأمراض القلب أو مشكلات في الجهاز التنفسي أكثر حساسية لتأثير الكافيين من أقرانهم الطبيعيين، وذلك لأنه يُسرِّع معدل التنفس وضربات القلب.

وحسب توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)، يجب على الأطفال دون سن 12 عاماً الامتناع بشكل كامل عن تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين. وبالنسبة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، يجب ألا يزيد الاستهلاك اليومي من الكافيين عن مائة ملِّيغرام بحد أقصى.

وحذَّر الباحثون الآباء من بعض المنتجات التي تحتوي على الكافيين بشكل غير مباشر، ويقبل عليها المراهقون، مثل الشوكولاتة، وأي طعام بنكهة الكاكاو، بما في ذلك المخبوزات والمشروبات والآيس كريم، وكذلك المشروبات منزوعة الكافيين (Decaffeinated coffee and tea)؛ حيث تحتوي على نسبة بسيطة من الكافيين يمكن أن تصل إلى 15 ملِّيغراماً في الكوب الواحد، وكذلك المياه الغازية، حتى التي لا تحتوي على «الكولا»؛ لأن بها نسبة بسيطة من الكافيين أيضاً.

وكذلك معظم المكملات الغذائية التي تُصرف دون وصفة طبية، ولا تحظى بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) في الأغلب تحتوي على الكافيين، بما فيها المكملات التي تستخدم قبل التمرينات الرياضية، ومكملات إنقاص الوزن، ومكملات الطاقة، وقد تختلف كمية الكافيين باختلاف المنتج نفسه.

وأكد الباحثون أن تناول كميات كبيرة من الكافيين ليس ضاراً على المستوى الجسدي فقط، ولكن على المستوى النفسي أيضاً؛ لأنه يُدخل الطالب في دائرة مفرغة، ويؤدي إلى ارتباط نفسي أشبه بالارتباط الإدماني لتنظيم المزاج، ما يؤدي إلى عدم القدرة على التركيز من دون تناوله، ومن ثَم يتناول الطالب كمية أكبر باستمرار حتى يحصل على التأثير نفسه.

في النهاية، أكدت الدراسة أن تناول المشروبات المختلفة التي تحتوي على الكافيين بقدر معتدل، لا يسبب أضراراً طبية؛ سواء أكان على المستوي العضوي أم النفسي، ولكن يجب الحذر وعدم الإفراط في تناولها.

* استشاري طب الأطفال.


مقالات ذات صلة

هل يُسبب شرب القهوة الانتفاخ؟

صحتك شرب القهوة يُؤثر على نسبة الحموضة في المعدة (رويترز)

هل يُسبب شرب القهوة الانتفاخ؟

يلجأ الكثير من الأشخاص في الصباح إلى فنجان من القهوة للشعور بالنشاط، والتمكن من بدء أعمالهم، ومهامهم اليومية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الزنجبيل غني بمضادات الأكسدة ويساعد على تهدئة اضطرابات المعدة والحرقة (بيكساباي)

9 مشروبات ساخنة صحية يمكن أن تحلّ مكان القهوة

إليكم أبرز المشروبات الساخنة والصحية البديلة عن القهوة، التي تمنح الدفء والفائدة من دون الاعتماد على الكافيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك الوجبات الخفيفة المالحة والحلوى المعلبة تحفِّز إشارات التوتر في الدماغ (جامعة كاليفورنيا)

5 أطعمة ومشروبات تضاعف مستويات القلق

قد تعتقد أن التوتر يأتي فقط من ضغوط العمل أو المشكلات اليومية والعلاقات المتعبة، ولكن خبراء التغذية يحذِّرون من بعض الأطعمة والمشروبات الشائعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك تناول الشاي يومياً يقوي عظام السيدات المسنات (جامعة فليندرز)

الشاي يحمي عظام المسنات من الهشاشة

كشفت دراسة أجرتها جامعة فليندرز الأسترالية عن فوائد الشاي في دعم صحة العظام لدى النساء الأكبر سناً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الكافيين هو أكثر المنبهات شيوعاً في العالم (بكسلز)

كم من الوقت يبقى الكافيين في جسمك؟ وما هي أعراض انسحابه؟

الكافيين هو أكثر المنبهات شيوعاً في العالم، ويوجد في القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
TT

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)

يعاني العديد من الأشخاص حول العالم يومياً من النوبات القلبية، وقد تكون أسباب ذلك متوقعة، مثل ارتفاع ضغط الدم المتكرر وأمراض القلب والكولسترول، وحتى نمط الحياة المليء بالتوتر والقلق وعادات مثل التدخين والأنماط الغذائية السيئة.

ولكن تبرز أيضاً أسباب غير متوقعة للنوبات القلبية، أبرزها، حسب موقع «ويب ميد»:

1- قلة النوم

ستشعر بالضيق والتعب إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم بانتظام، ولكن ذلك قد يزيد أيضاً من خطر إصابتك بنوبة قلبية. في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون عادةً أقل من 6 ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف مقارنةً بمن ينامون من 6 إلى 8 ساعات. لا يعرف الأطباء السبب الدقيق لذلك، لكنهم يعلمون أن قلة النوم قد ترفع ضغط الدم وتؤدي إلى التهابات، وكلاهما ضار بصحة القلب.

2- الصداع النصفي

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم مقارنةً بمن لا يعانون منه. ويبدو أن الصداع النصفي المصحوب بهالة - أي رؤى أو أصوات أو أحاسيس غريبة تبدأ قبل بدء الصداع - يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاكل القلب.

3- الطقس البارد

يُشكّل البرد صدمةً للجسم. فالتواجد في الخارج خلال أشهر الشتاء قد يُؤدي إلى تضييق الشرايين، مما يُصعّب وصول الدم إلى القلب. إضافةً إلى ذلك، يضطر القلب إلى بذل جهد أكبر للحفاظ على دفء الجسم. إذا كنت قلقاً بشأن ذلك، فتوخَّ الحذر في درجات الحرارة المنخفضة، وقلّل من النشاط البدني الشاق، مثل جرف الثلج.

4- تلوث الهواء

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية مع ارتفاع مستويات تلوث الهواء. فالأشخاص الذين يتنفسون هواءً ملوثاً بانتظام أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. وقد يكون الجلوس في زحام المرور خطيراً بشكل خاص؛ لأنه قد يجمع بين عوادم السيارات والغضب أو الإحباط.

5- وجبة دسمة وكبيرة

فكّر ملياً قبل تناول المزيد، فقد لا يقتصر ضررها على زيادة محيط خصرك فقط. فتناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة يرفع مستويات هرمون النورأدرينالين، وهو هرمون التوتر، في الجسم. وهذا بدوره قد يرفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وقد يُسبب نوبات قلبية لدى البعض. كما أن الوجبات الدسمة جداً قد تُسبب ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة نوع معين من الدهون في الدم، مما قد يُلحق ضرراً مؤقتاً ببعض الأوعية الدموية.

6- المشاعر القوية: سلبية كانت أم إيجابية

يُعرف الغضب والحزن والتوتر بأنها عوامل مُحفزة لمشاكل القلب، ولكن قد تؤدي الأحداث السعيدة أحياناً إلى نوبة قلبية أيضاً. ويمكن أن تُحفزها المشاعر المصاحبة لحفلة عيد ميلاد مفاجئة، أو حفل زفاف، أو ولادة حفيد.

7- الإجهاد المفاجئ أو الشديد

يُساعد الحفاظ على لياقتك البدنية على حماية قلبك على المدى الطويل، ولكن الإفراط في ذلك قد يكون خطيراً. نحو 6 في المائة من النوبات القلبية تحدث نتيجة الإجهاد البدني الشديد. ورغم أنك ربما سمعت أن الرياضة وسيلة جيدة لتخفيف التوتر، فمن المهم جداً عدم الإفراط فيها عند الشعور بالغضب أو الانزعاج.

8- الزكام أو الإنفلونزا

عندما يقاوم جهازك المناعي جرثومة، قد يُسبب ذلك التهاباً يُلحق الضرر بالقلب والشرايين. في إحدى الدراسات، كان الأشخاص المصابون بعدوى الجهاز التنفسي أكثر عرضةً للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف. لكن مستوى الخطر لديهم عاد إلى طبيعته بعد شفائهم من العدوى ببضعة أسابيع. كما ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية خلال فترات تفشي الإنفلونزا، وهذا سبب وجيه آخر لتلقي لقاح الإنفلونزا.

9- الربو

تزداد احتمالية إصابتك بنوبة قلبية بنسبة 70 في المائة تقريباً إذا كنت تعاني من هذا المرض الرئوي. حتى مع استخدامك لجهاز الاستنشاق للسيطرة عليه، يبقى خطر إصابتك أعلى من المعتاد. بسبب الربو، قد تميل أيضاً إلى تجاهل ضيق الصدر، الذي قد يكون علامة مبكرة على نوبة قلبية. لا يعرف الأطباء ما إذا كانت مشاكل التنفس تُسبب النوبات القلبية أم أنها ببساطة ناتجة عن سبب مشترك: الالتهاب.

10- النهوض من السرير صباحاً

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية في الصباح؛ إذ يُفرز الدماغ كمية كبيرة من الهرمونات في الجسم لتنشيطه، مما يُشكل ضغطاً إضافياً على القلب. كما قد يُعاني الشخص من الجفاف بعد نوم طويل، مما يزيد من جهد القلب.

11- الكوارث

أظهرت الدراسات أن معدلات الإصابة بالنوبات القلبية ترتفع بعد الكوارث الكبرى كالزلازل والهجمات الإرهابية، ليس فقط مباشرةً بعدها، بل حتى بعد مرور بضع سنوات. قد لا يكون بالإمكان تجنب هذه المواقف، ولكن يمكن اتخاذ خطوات لإدارة التوتر بعد وقوعها، كالحرص على الحصول على قسط كافٍ من الراحة وممارسة الرياضة.

12- الرياضات الجماهيرية

قد تؤدي ممارسة الرياضة، وكذلك مشاهدتها، إلى الإصابة بنوبة قلبية. ففي عام 2006، ارتفعت حالات النوبات القلبية في ألمانيا بشكل ملحوظ خلال مباريات المنتخب الوطني في كأس العالم لكرة القدم. وبعد مباراة السوبر بول عام 1980، زادت حالات النوبات القلبية المميتة في لوس أنجلوس عقب خسارة فريق رامز.

13- الكحول

الإفراط في شرب الكحول قد يؤدي إلى رفع ضغط الدم، ويزيد من أنواع معينة من الكولسترول الضار، ويؤدي إلى زيادة الوزن، وكلها عوامل تضر بالقلب. كما أن هناك عواقب قصيرة المدى؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ليلة واحدة من الإفراط في الشرب قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية خلال الأسبوع التالي.

14- القهوة

للقهوة فوائدها ومضارها. يرفع الكافيين ضغط الدم لفترة وجيزة، مما قد يُسبب نوبة صرع، خاصةً إذا لم تكن تشربها بانتظام أو كنت مُعرضاً لخطر الإصابة بها لأسباب أخرى. عموماً، لا يبدو أن شرب كوب أو كوبين يومياً ضار.


هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
TT

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون، ويُعالج كل شيء من آلام المفاصل إلى تقلبات المزاج.

لكن الحقيقة، كما يقول الخبراء، أكثر تعقيداً.

أفادت الدكتورة هيذر ماسي، الأستاذة المشاركة في علم البيئة القاسية وعلم وظائف الأعضاء بجامعة بورتسموث البريطانية: «هناك الكثير ممن يُؤمنون بفاعلية التعرض للحرارة والبرودة، لكننا لا نملك حتى الآن أدلة كافية تُؤكد فوائدها بشكل قاطع».

وتُوضح أن أجسامنا «مذهلة» في الحفاظ على استقرار درجة حرارتها الداخلية، التي تتراوح عادةً بين 36.5 و37 درجة مئوية.

وفي حياتنا اليومية، نادراً ما نُعرّض هذا النظام للخطر؛ إذ نقضي فترات طويلة في أماكن مُدفأة أو مُكيّفة.

وتُضيف أن تسخين الجسم أو تبريده يُسبب ضغطاً طفيفاً، قد يُحفز استجابات تكيفية أو وقائية، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

العلم وراء الساونا

تكمن جاذبية الساونا في هذه الفكرة، حيث نادراً ما تخلو منها الصالات الرياضية والمنتجعات الصحية هذه الأيام.

بالنسبة للبعض، تُعدّ الساونا مكافأة بعد التمرين، بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي للبعض الآخر، ويُقسم الكثيرون بفوائدها، مُقتنعين بأنّ 15 دقيقة من الحرارة الشديدة تُحدث فرقاً كبيراً في صحة الجسم والعقل.

ولا شكّ في أنّها تُشعِر بالراحة.

قالت الدكتورة ماسي: «عندما تجلس في الساونا وتتعرّق، قد تشعر بمزيد من الاسترخاء والحرية، وتزداد مرونتك، وقد تخفّ آلامك قليلاً... إذن، هناك بالتأكيد بعض الفوائد لاستخدام الساونا، لكن السؤال هو: هل هذه فائدة صحية طويلة الأمد أم أنها فائدة نفسية في المقام الأول؟».

أوضحت ماسي أن دراسة حديثة أجريت على أشخاص خضعوا لجلسات متكررة في أحواض المياه الساخنة، وأظهرت النتائج تغيرات في مستويات الأنسولين وضغط الدم.

وأضافت: «بدأنا بدراسة ما إذا كان تسخين الجسم قد يُفيد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة».

مع ذلك، تحثّ على توخي الحذر عند إطلاق ادعاءات صحية جريئة؛ إذ لا تزال الأدلة العلمية الموثوقة محدودة.

شرحت: «لم نُجرِ تجربة سريرية حقيقية للساونا. أعتقد أننا سنكتشف فوائد في المستقبل، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد».

وأكدت أنه من المعقول حالياً الاستمتاع بهذه العادة لما تُضفيه من شعور، دون افتراض أنها طريق مختصر ومضمون لتحسين الصحة.

وإذا قررت تجربة الساونا أو أحواض المياه الساخنة، تنصح الدكتورة ماسي بالحذر، والبدء تدريجياً، واستشارة طبيبك أولاً إذا كنت تعاني من أي أمراض مزمنة أو كنتِ حاملاً.

ماذا عن السباحة في الماء البارد؟

يُفضّل البعض تجربة عكس ذلك تماماً.

تزداد شعبية مجموعات السباحة في الماء البارد، حيث باتت السباحة في الصباح الباكر مشهداً مألوفاً على الشواطئ والبحيرات والأنهار.

تمارس الدكتورة ماسي، التي سبحت في القناة الإنجليزية وشاركت في بطولة العالم للسباحة في الجليد، السباحة في الماء البارد مرة واحدة أسبوعياً، لكنها لا تمكث فيه سوى بضع دقائق.

تجد الأمر «مؤلماً» في البداية، لكن تلك الصدمة الأولية هي ما يسعى إليه الناس.

تشرح قائلة: «عند الغطس لأول مرة، ينتابك شعورٌ بالاختناق اللاإرادي وتسارع في التنفس». يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتزداد هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.

وتضيف: «تصل هذه الاستجابة إلى ذروتها بعد نحو 30 ثانية، ثم تتلاشى بسرعة كبيرة».

يُقلل التعرض المتكرر من استجابة الصدمة، وبعد عدة مرات، يمكن تقليلها بنسبة 50 في المائة تقريباً.


الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
TT

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع. وبينما تُعتبر العلاجات النفسية وتغييرات نمط الحياة، وأحياناً الأدوية، عناصر أساسية في إدارة القلق، فإن صحة الأمعاء تُعدُّ جانباً غالباً ما يُغفل عنه.

وتزداد الأدلة التي تُشير إلى أن توازن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في الأمعاء -المعروفة باسم الميكروبيوم المعوي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، ولا سيما حالات القلق والاكتئاب، وفقاً لموقع «هيلث لاين».

وعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن الأفراد الذين يعانون من القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات، واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء.

وعندما يختل توازن الأمعاء، قد يُساهم ذلك في حدوث التهاب، ويُعطِّل إنتاج النواقل العصبية المنظمة للمزاج، مثل السيروتونين. لذا، فإن دعم صحة الأمعاء قد يُساعد في تخفيف أعراض القلق وتحسين الصحة النفسية العامة.

وفيما يلي بعض الطرق المُستندة إلى الأدلة لتحسين صحة الأمعاء، والتي قد تُساعد أيضاً في دعم التوازن العاطفي:

اختر الأطعمة الكاملة المفيدة للأمعاء

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في صحة ميكروبيوم الأمعاء. فالأطعمة المُصنَّعة بكثرة، والسكريات المُضافة، والدهون المُشبعة، تُغذي البكتيريا الضارة، وتُعزز الالتهابات، وهما عاملان قد يُؤثران سلباً على الصحة النفسية.

فحاول استبدال الأطعمة الكاملة بالأطعمة فائقة المعالجة، والغنية بالسكريات والدهون.

وتشمل هذه الأطعمة:

الأطعمة الغنية بالألياف: البروكلي، والكرنب، والشوفان، والبازلاء، والأفوكادو، والكمثرى، والموز، والتوت، فهي غنية بالألياف التي تُساعد على الهضم الصحي.

الأطعمة الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية: سمك السلمون، والماكريل، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الكتان، فهي غنية بأحماض «أوميغا 3» التي قد تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين الهضم.

تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك

يعتمد توازن ميكروبيوم الأمعاء على كلٍّ من البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) والبريبيوتيك (الألياف التي تغذيها). ويمكن أن يساعد تناول مزيج من كليهما في دعم التنوع الميكروبي، المرتبط بصحة عقلية وهضمية أفضل.

من طرق إدخال البروبيوتيك والبريبيوتيك في نظامك الغذائي ما يلي:

أطعمة غنية بالبروبيوتيك: مخلل الملفوف، والكفير، والكيمتشي، والكومبوتشا، وخل التفاح، والكفاس، والزبادي عالي الجودة.

أطعمة غنية بالبريبيوتيك: الجيكاما، والهليون، وجذر الهندباء البرية، وأوراق الهندباء، والبصل، والثوم، والكراث.

مارِس عادات هضم صحية

لا يقتصر دعم الهضم على ما تأكله فحسب؛ بل تلعب العادات اليومية دوراً أساسياً في صحة الأمعاء والصحة النفسية.

حافظ على رطوبة جسمك: يساعد الماء على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، ويدعم امتصاص العناصر الغذائية.

تناول الطعام بوعي: تناول الطعام ببطء وفي جو هادئ يُحسِّن الهضم ويُخفف التوتر.

مارس الرياضة بانتظام: النشاط البدني يدعم انتظام حركة الأمعاء ووظائفها.

احصل على قسط كافٍ من النوم: قلة النوم تُخلُّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتزيد من القلق. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.