بدأت حاصرات البيتا، المعروفة دوائياً باسم «بروبرانولول»، تأخذ طريقها سريعاً إلى دائرة الضوء كخيار فعّال لمواجهة القلق، رغم أنها طُوّرت أساساً لعلاج أمراض القلب.
وبحسب تقرير لشبكة «فوكس نيوز»، فإن هذا الدواء، الذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) عام 1967 لعلاج مشكلات القلب والأوعية الدموية، يُستخدم منذ سنوات لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
لكن بيانات حديثة من شركة «IQVIA» العالمية، نقلتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، تُظهر أن وصفات البروبرانولول زادت بنسبة 28 في المائة منذ عام 2020، وهو ما يعكس تنامي الاهتمام باستخدامه في السيطرة على أعراض القلق.
المشاهير أيضاً لم يترددوا في مشاركة تجاربهم مع هذا الدواء.
ففي حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام، وجهت الممثلة رايتشل سينوت نصيحة جريئة من على السجادة الحمراء قائلة: «خذي حاصرة البيتا، وابتلعيها، وركّزي... التخدير هو الموضة».
أما مقدمة البرامج والمؤثرة الأميركية، بايج دي سوربو، والتي تُشارك في بودكاست «Giggly Squad»، فتحدثت بصراحة عن استخدامها لحاصرات البيتا خلال جولتها لمواجهة نوبات الهلع.
وفي إحدى حلقات سبتمبر (أيلول) 2024، قالت دي سوربو: «تعرضت لأول نوبة هلع حقيقية. وبعد أن تناولت حاصرة بيتا وخرجت إلى المسرح، كنت بخير تماماً».
ما هي حاصرات البيتا؟
الدكتور دانييل أيمن، طبيب نفسي ومتخصص في تصوير الدماغ ومؤسس عيادات «أيمن كلينيك» في كاليفورنيا، أوضح في مقابلة مع «فوكس نيوز» أن هذه الأدوية «تهدئ استجابة الجسم للضغط والتوتر».
وأشار إلى أنه في ممارسته الطبية يبدأ دائماً بأساليب طبيعية لتخفيف القلق، مثل تمارين التنفس العميق، والتأمل، والتنويم الإيحائي، واليقظة الذهنية.
لكنه أضاف: «أحياناً يتغلب الجهاز العصبي على كل محاولات التهدئة، وهنا تأتي فائدة حاصرات البيتا».
وتعمل هذه الأدوية عن طريق حجب تأثيرات الأدرينالين، مما يؤدي إلى خفض معدل ضربات القلب وتنظيم التنفس والتقليل من الأعراض الجسدية للقلق مثل تسارع الأفكار، وارتعاش اليدين، وتسارع نبضات القلب.
وقال أيمن: «عندما يظن جسدك أنك في خطر، تساعد حاصرات البيتا على إسكات الإنذارات الكاذبة في جهازك العصبي».
وأضاف: «هي لا تُخدّرك ولا تُضعف قدرتك على التفكير. بل تمنحك تحكماً أكبر في جسدك، حتى يتمكن ذهنك من اللحاق بالركب».
ووصف تأثيرها بالقول: «بالنسبة لكثير من الناس، تشبه الضغط على زر (إيقاف مؤقت) لاستجابة القتال أو الهروب، مما يمنحك فرصة للتفكير بوضوح وأداء أفضل».
وأكد أيمن أن استخدام حاصرات البيتا لا يقتصر على القلق، بل تُوصف أيضاً لعلاج الشقيقة (الصداع النصفي)، والرعشة، واضطرابات نظم القلب، وحماية القلب بعد النوبات القلبية.
هل هناك آثار جانبية؟
بحسب الطبيب، لا تُسبب حاصرات البيتا الإدمان أو أعراض الانسحاب، كما هو الحال مع بعض أدوية القلق الأخرى.
وأوضح أن بعض المرضى قد يشعرون بالتعب في بداية الاستخدام، لكن هذا الأثر عادةً ما يتلاشى.
ونبّه إلى ضرورة استشارة الطبيب قبل استخدام الدواء، خاصةً لمن يعانون من الربو أو السكري أو أمراض قلبية معينة؛ إذ إن بعض أنواع حاصرات البيتا قد تكون أكثر ملاءمة من غيرها.
كما حذر من التوقف المفاجئ عن تناول الدواء، مشدداً على أهمية تقليل الجرعة تدريجياً لتجنّب أي مضاعفات.
ووصف الدواء بأنه «آمن جداً، وجيد التحمل، وغير إدماني» لمعظم المرضى عند وصفه بشكل مدروس.
وقال: «عند استخدامه بمسؤولية، تُعد حاصرات البيتا أداة فعالة ومنخفضة الخطورة، تُساعد كثيرين على عيش حياة أكثر هدوءاً وثقة».
تُغير مجرى الحياة
غالباً ما يصف أيمن حاصرات البيتا كخيار أولي للأشخاص الذين يعانون من قلق الأداء، أو الخوف من التحدث أمام الجمهور، أو مواقف تستدعي ضبط الأعراض الجسدية للقلق.
وقال: «بالنسبة للشخص المناسب، يمكن أن تُغيّر هذه الأدوية مجرى حياته. رأيتُها تساعد الناس على إلقاء محادثات، واجتياز امتحانات كبرى، والغناء على خشبة المسرح، والدخول إلى لحظات مصيرية بثقة... فعندما تهدئ الجسد، تمنح الدماغ المساحة ليعمل بأفضل شكل».
ورحب الطبيب بالإشادة المتزايدة من المشاهير لحاصرات البيتا، معتبراً أن القلق هو «من أكثر التحديات النفسية شيوعاً اليوم».
وقال: «أخيراً، بدأت حاصرات البيتا تحصل على التقدير الذي تستحقه كخيار بسيط وآمن يمكن أن يُحدث فرقاً حقيقياً».
لكنه شدد في ختام حديثه على أن هذه الأدوية ليست «حبوباً سحرية»، بل تعمل بأفضل شكل عند دمجها مع استراتيجيات صحية لمواجهة القلق، كتمارين التنفس، وتغيير أنماط التفكير السامة، وتبنّي نظام غذائي يدعم صحة الدماغ.
