يعد موسم الحج أحد أهم الأحداث العالمية من حيث الحشد البشري الكبير والتقارب الجسدي في وقت قصير ومكان محدود، إضافة إلى أن غالبية الحجاج من فئة كبار السن، الذين يعانون من مرض أو أكثر من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية - ارتفاع الضغط - السكري - السمنة - خشونة المفاصل - الأمراض النفسية... إلخ، ما يحتم على المسؤولين إعطاء الأولوية للصحة والوقاية من الأمراض قبل وخلال وبعد أداء هذه الفريضة.
إن أمنية كل مسلم أن يؤدي شعيرة الحج، خامس أركان الإسلام، بكل سهولة وصحة وأمان وعافية تامة. ويظل القرار الفاصل بين إمكانية أداء الحج من عدمه أن يكون الشخص قادراً متمكناً ولائقاً صحياً لأداء هذه العبادة الشاقة.
مضاعفات الأمراض
يقول الدكتور أشرف أمير نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع استشاري طب الأسرة، ضمن محاضرته التي قدمها في المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقدته الجمعية بالتعاون مع شركة «فايزر السعودية» حول «حج صحي وآمن»، إن أكثر ما نخشاه على صحة الحجاج الكرام، المضاعفات التي يمكن أن يتعرضوا لها بسبب عدم التحكم الجيد في أمراضهم المزمنة؛ ومن أهمها مضاعفات ارتفاع سكر الدم، وارتفاع ضغط الدم، والانسداد الشعبي الرئوي. كما أن هؤلاء المرضى من الحجاج تكون لديهم عوامل خطورة متعددة؛ منها تقدم العمر، والتاريخ العائلي، والنمط الغذائي، والتدخين، وقلة الحركة والرياضة.
ويشير الدكتور أمير إلى أن مرضى الأمراض المزمنة من الحجاج أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والإصابات أثناء الحج، كما أن تزامن حج هذا العام مع شدة حرارة الصيف، سوف يسهل نشر المشاكل الصحية المرتبطة بها مثل الإجهاد الحراري وضربات الشمس والتسلخ الجلدي والتسمم الغذائي.
الحفاظ على اللياقة الصحية
قدم الدكتور أمير نصائح وقائية عامة لكل قادم لأداء الحج في هذا العام سواء من داخل المملكة أو من خارجها، على مستويات ثلاثة، قبل وأثناء وبعد أداء الفريضة من أجل صحة وسلامة الحجاج، وأيضاً أولئك الذين يقومون على خدمتهم في المشاعر المقدسة.
• أولاً- نصائح وقائية قبل الحج:
- أخذ التطعيمات الضرورية لجميع الحجاج من الداخل والخارج والعاملين في منطقة المشاعر المقدسة خلال موسم الحج.
- مراجعة الطبيب قبل السفر للتأكد من استقرار الحالة الصحية.
- الحرص على أخذ كمية كافية من الأدوية.
- حمل تقرير مفصل يوضح الأمراض والأدوية والجرعات، لأهمية ذلك عند الضرورة.
- إحضار حقيبة طبية وأجهزة قياس السكر والضغط.
* ثانياً- نصائح وقائية لمرضى الأمراض المزمنة أثناء الحج:
- التأكد من اصطحاب الأدوية وبكميات كافية.
- الإكثار من شرب السوائل لتجنب الجفاف.
- ارتداء ملابس بيضاء فضفاضة، واستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس.
- الحرص على نظافة وجفاف منطقة ما بين الفخذين للوقاية من التسلخات الجلدية.
- الحفاظ على نظافة البيئة والنظافة العامة والتخلص من النفايات بالطريقة السليمة وغسل اليدين باستمرار.
- وضع سوار المعصم.
- استعمال أدوات تستخدم مرة واحدة عند حلق شعر الرأس.
- عدم لمس العينين أو الأنف أو الفم إلا عند الضرورة والتأكد من نظافة اليدين.
- عدم تسلق الجبال والأماكن المرتفعة وقاية من الانزلاق وتهديد السلامة.
- التوجه لأقرب مركز صحي عند الإصابة بأعراض مرضية.
• ثالثاً- نصائح وقائية لما بعد الحج:
- استمرار الالتزام بالاشتراطات الوقائية.
- تجنب مخالطة المعرضين لخطر الإصابة بالالتهابات التنفسية.
- النوم الكافي والراحة والغذاء المتوازن.
- استشارة الطبيب لأي أعراض طارئة.
دور الفريق الطبي
تقول الدكتورة فخر بنت زهير الأيوبي، استشارية صيدلانية باحثة في أمراض القلب رئيسة الصيادلة المختصين بجمعية القلب السعودية في جامعة الملك سعود بالرياض، ضمن محاضرتها التي ألقتها في المؤتمر الطبي: «بحكم عملي صيدلانية سريرية (إكلينيكية) موجودة في عيادات القلب، فإنني أحمل على عاتقي عبئاً ليس بيسير، حيث إنني أشارك الطبيب المعالج في اتخاذ القرار حول إمكانية ومقدرة المريض على أن يؤدي فريضة الحج، فيخرج من العيادة مستبشراً، أو عدم موافقة الفريق الطبي على مقدرته الصحية للحج، فيخرج محبطاً حزيناً».
وتضيف أنه كثيراً ما يغيب عن ذهن حجاجنا الأفاضل، المرضى منهم والأصحاء على حد سواء، كيفية التعامل مع صحة أبدانهم وضرورة التعامل بحرص وتؤدة حتى يستطيعوا إتمام المناسك بصحة وسلامة. ولهذا كان التثقيف الصحي الطبي والدوائي لجميع الحجاج ضرورة ملحّة لتوسعة مداركهم والمحافظة على سلامتهم. وتؤكد ضرورة استشارة الصيدلي مع الفريق الطبي في العيادة، وأيضاً عبر وسائل الإعلام المختلفة، ليتمكنوا من تناول أدويتهم بطريقة صحيحة دون التعرض لأي مخاطر دوائية نتيجة ردود الفعل بينها أو تفاعلاتها بعضها مع بعض.
الأدوية وتفاعلاتها
• ما التفاعلات الدوائية؟ تقول الدكتورة فخر الأيوبي إن التفاعلات الدوائية تظهر، أحياناً، إذا تناول المرء أكثر من دواء في وقت واحد. بعض هذه التفاعلات يكون مفيداً ومطلوباً مثل تفاعل الأسبرين مع البلافكس كمسيل للدم ومضاد للتخثر، ولكن بعضها الآخر يكون غير محمود، وفي بعض الحالات يكون خطيراً، وفيما يلي بعض الأمثلة:
• أخذ دواء الوارفرين مع بعض المضادات الحيوية: قد يؤدي إلى تفاعل خطير ينتهي بنزيف حاد.
• أخذ الإنسولين مع مدرات البول: يتسبب هذا التفاعل في حدوث نقص الشوارد المهمة في الجسم مع الشعور بالعطش.
• الأدوية العشبية بجميع أنواعها: يجب أخذ الحذر منها واستشارة الطبيب والصيدلي عن طريق تناولها لتجنب مضارها وتفاعلاتها غير المرغوبة.
• أهم الأدوية التي يجب أن توجد مع الحاج. تقترح الأيوبي أن يحمل كل حاج حقيبة طبية تشتمل على بعض الأدوات والشاش والقطن المعقم وبعض من الأدوية التالية:
- مسكنات الألم، ينصح بتناولها عند الضرورة وحتى لا يضطر الحاج لتحمّل ألم يثقل عليه ويجهده ويعيق أداءه للمناسك.
- الملينات والمدرات، مثل لازكس، معظم الحجاج يتجنبها لتفادي استخدام دورات المياه العامة، وهذا في العموم خطأ يقع فيه الكثير، والواجب المحافظة على أخذ هذه الأدوية، كما وصفت من الطبيب، وفي حالة نسيان الجرعة تؤخذ مباشرةً عند تذكرها.
- الأدوية اللاوصفية، مثل مضاد الاحتقان وأدوية الضغط لا بد من الحذر عند أخذها، لأن مضادات الاحتقان تعمل على رفع ضغط الدم وأخذها من قبل مريض الضغط يسبب ارتفاع الضغط أكثر، وقد يؤدى ذلك إلى مضاعفات خطيرة.
- أدوية أخرى: للدوار والغثيان، للمغص وآلام البطن، للإسهال، لاضطرابات القولون، للحموضة أو حرقان المعدة، للإمساك، لمشكلة الانتفاخ، للمغص الكلوي، للصداع، لتخفيف الحساسية الجلدية، مسكنات لآلام العظام والأسنان، ولحساسية العين وتهيجها.
- أدوية الأمراض المزمنة: كالسكري، والقلب، والربو، والتخثر، حسب وصفة الطبيب المعالج.
تطعيمات الحج
تحدثت في المؤتمر الدكتورة رجاء الردادي أستاذة مشاركة واستشارية الطب الوقائي، وأكدت أهمية أخذ التطعيمات (تطعيمات حج عام 1445هـ)، قبل القدوم إلى مكة المكرمة للوقاية من أمراض بالغة الخطورة، ولا يقتصر ذلك على القادمين من خارج المملكة، بل هي مطلوبة من القادمين من داخل المملكة أيضاً.
• أولاً: تحصينات حجاج الداخل من المملكة. التحصينات اللازمة للراغبين في أداء الحج من داخل المملكة هذا العام، ويجب توثيقها في تطبيق «صحتي» وهي:
- الإنفلونزا الموسمية: وذلك بإثبات الحصول على جرعة واحدة من اللقاح خلال موسم 1445هـ.
- الحمى الشوكية النيسيرية: وذلك بإثبات الحصول على جرعة واحدة من لقاحها خلال الخمس سنوات الماضية.
- كوفيد - 19: وذلك بإثبات الحصول على لقاح كوفيد المطور، جرعة واحدة.
آخر وقت لإكمال التحصينات قبل بدء موسم الحج بـ10 أيام، ويتم حجز المواعيد ومعرفة المواقع الجغرافية للمراكز الصحية واختيار أقرب موقع عن طريق تطبيق «صحتي».
• ثانياً: تحصينات الحجاج القادمين من خارج المملكة
1. التحصينات الإلزامية:
- الحمى الشوكية: لجميع الراغبين في أداء الحج من البالغين والأطفال من عمر سنة أو أكبر من جميع دول العالم.
- شلل الأطفال: للقادمين من الدول التي يسري فيها فيروس شلل الأطفال أو التي سُجلت فيها نتائج إيجابية للفيروس.
- الحمى الصفراء: لجميع القادمين، الأكبر من 9 أشهر، من الدول التي يسري فيها المرض.
2. التحصينات الموصى بها:
- كورونا (كوفيد - 19): لجميع الراغبين في أداء الحج من جميع دول العالم.
- شلل الأطفال: للقادمين من الدول التي سُجلت فيها نتائج إيجابية للفيروس.
- الإنفلونزا الموسمية: لجميع القادمين من دول العالم سواء للحج أو للعمل في منطقة المشاعر.
أما الإجراءات الوقائية لوزارة الصحة بمنافذ الدخول للمملكة، فتشمل:
- فيروس كورونا (كوفيد - 19): على جميع الدول التقيد بإجراءات واشتراطات هيئة الصحة العامة.
- الحمى الشوكية النيسيرية: إعطاء مضاد حيوي في منافذ الدخول للقادمين إلى مناطق الحج من الدول التي تحدث فيها فاشيات.
- شلل الأطفال: إعطاء جرعة واحدة من لقاح شلل الأطفال الفموي الثنائي التكافؤ (bOPV) في منافذ الدخول للمملكة للقادمين من الدول التي يسري فيها الفيروس بغض النظر عن أعمارهم وعن سابقة التحصين.
- الحمى الصفراء: إظهار شهادة صالحة من جميع الطائرات والسفن ووسائل النقل الأخرى المقبلة من الدول والمناطق التي يسري فيها المرض.
- حمى الضنك وفيروس زيكا: إظهار شهادة صالحة من جميع الطائرات والسفن ووسائل النقل الأخرى القادمة من الدول المتأثرة بالفيروس.
وختاماً، أشاد الدكتور ھاني الھاشمي، المدير الطبي بشركة «فایزر السعودية»، بالدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات الطبية السعودية، خصوصاً الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع في نشر الوعي والتثقيف الصحي لكل فئات المجتمع، خصوصاً الحجاج.
• استشاري طب المجتمع