الأسبرين... للوقاية الأولية والمتقدمة

يوصَف للأصحاء لدرء تداعيات أمراض الشرايين أو لمرضى القلب

الأسبرين... للوقاية الأولية والمتقدمة
TT

الأسبرين... للوقاية الأولية والمتقدمة

الأسبرين... للوقاية الأولية والمتقدمة

مضى أكثر من 125 عاماً على ظهور الأسبرين Aspirin في عالم المعالجات الطبية. وظل فقط في بداياته دواءً مسكناً للألم أينما كان في الجسم، وخافضاً للحرارة.

ولكن بعد عدة عقود من تلك الاستخدامات، لاحظ الأطباء أن الأسبرين له تأثيرات في تخثر الدم. وتحديداً لاحظ طبيب أسنان في الثلاثينات من القرن الماضي، أن الأشخاص الذين يتناولون الأسبرين لعلاج آلام المفاصل، يحصل لديهم نزيف دموي أكبر عند خلع أسنانهم. كما لاحظ أطباء آخرون أيضاً أن الأشخاص الذين يتناولون الأسبرين لتسكين الألم، تنخفض لديهم معدلات الإصابة بنوبات الجلطة القلبية.

فوائد الأسبرين للقلب

كانت هاتان الملاحظتان الطبيتان هما الأساس في اكتشاف أن للأسبرين فاعلية مضادة تمنع التصاق الصفائح الدموية Platelets بعضها مع بعض. مما أكد احتمال الاستفادة من هذه الميزة في معالجة أمراض الشرايين، سواء في القلب أو الدماغ أو الأطراف.

وبالفعل، نُشرت ضمن أحد أعداد مجلة «نيو إنغلاند» الطبية (NEJM) في عام 1974 أول دراسة طبية أظهرت في نتائجها أن الأسبرين فعال في منع تكرار الإصابة بنوبة الجلطة القلبية Myocardial Infarction، لدى منْ سبق لهم الإصابة بها. وهذا الأمر طرح على طاولة أطباء القلب لأول مرة عقاراً يُمكن الاعتماد عليه إكلينيكياً ضمن عناصر الوقاية المتقدمة Secondary Prevention لتداعيات أمراض شرايين القلب الواسعة الانتشار.

وفي عام 1980، جرت الموافقة على الأسبرين من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) للوقاية المتقدمة من السكتة الدماغية Stroke، وفي عام 1984 للوقاية المتقدمة بعد نوبة الجلطة القلبية، وفي عام 1985 للوقاية من نوبات آلام الذبحة الصدرية غير المستقرة. وبحلول عام 1988 بدأ أطباء القلب على مستوى العالم اعتماد العلاج بالأسبرين، بوصفها ممارسة روتينية فورية، عند الاشتباه في حصول نوبة الجلطة القلبية.

ثم أظهرت ثلاث دراسات طبية (دراسة صحة الأطباء، ودراسة صحة الممرضات، ودراسة صحة المرأة) في تلك الفترة، التأثيرات الإيجابية للأسبرين في الوقاية الأولية Primary Prevention لأصحاء الناس من تداعيات أمراض شرايين القلب. وبالتالي أصبح للأسبرين استخدامات «علاجية فورية»، واستخدامات «وقائية متقدمة»، واستخدامات «وقائية أولية».

«مضاد الصفائح الدموية»

والأسبرين بالأساس، هو أحد الأدوية من فئة «مضادات الصفائح الدموية» Antiplatelets. ومضادات الصفائح الدموية تعمل على منع الصفائح الدموية Platelets من الالتصاق بعضها ببعض، وبالتالي منع تشكيلها لجلطة الخثرة الدموية Blood Clot، التي من الممكن أن تسد مجرى الشريان أو تتسبب بضيقه بدرجة شديدة.

والمهم إكلينيكياً في هذا الشأن، أن جلطة الخثرة الدموية قد تتكون في بعض الأحيان داخل الأوعية الدموية المصابة بعملية التهاب، أو التي تتراكم فيها ترسبات الكولسترول Plaque المؤدية إلى تصلب الشرايين Atherosclerosis. وحينها، يمكن أن تتسبب الصفائح الدموية في تكوين جلطة دموية داخل الشريان. وبالتالي إما أن تنشأ حالة جلطة النوبة القلبية (سدد تام لجريان الدم من خلال الشريان القلبي)، أو نوبة آلام الذبحة الصدرية غير المستقرة Unstable Angina (سدد جزئي بدرجة عالية لجريان الدم من خلال الشريان القلبي).

كما يمكن أن تتسبب الصفائح الدموية أيضاً في تكوين جلطات دموية حول الدعامات Stents التي تم تثبيتها داخل الشرايين لمعالجة التضيقات فيها (PCI)، أو على أسطح صمامات القلب الاصطناعية، أو الأجهزة الأخرى التي يتم وضعها داخل القلب أو الأوعية الدموية.

ولذا تُعطى مضادات الصفائح الدموية «علاجاً» في أثناء وبعد إجراء عمليات رأب الشرايين القلبية وتثبيت الدعامات داخلها من خلال القسطرة (PCI)، وبعد جراحة مجازة الشريان التاجي CABG (عملية القلب المفتوح لشرايين القلب). وكذلك لمنع تكوين خثرات التجلطات الدموية داخل القلب في بعض حالات المرضى الذين يعانون الرجفان الأذيني Atrial Fibrillation أو بعض أمراض الصمامات القلبية.

دواء «الوقاية المتقدمة»

وفي هذه الحالات، يعد الأسبرين الدواء الأول، ما لم تكن ثمة دواعٍ لاستخدام غيره من فئة الأدوية المضادة للصفائح الدموية.

من جانب آخر، فإن الأدوية المضادة للصفائح مفيدة في «الوقاية المتقدمة» لمنع تكون جلطات لدى مرضى الشرايين. ولذا تتضمن نصائح المعالجات الطبية لمرضى القلب والشرايين إعطاءهم مضادات الصفائح الدموية بوصفها «وقاية متقدمة» إذا كان لديهم تاريخ من الإصابة بمرض الشريان التاجي CAD أو النوبة القلبية Heart Attack أو الذبحة الصدرية Angina أو السكتة الدماغية Stroke أو النوبات الإقفارية العابرة TIAs (سكتة دماغية لا تستمر أعراضها أكثر من 24 ساعة) أو أمراض الأوعية الدموية الطرفية PVD.

ويقول أطباء القلب في «مايو كلينك»: «الوقاية المتقدمة تعني أنك قد أصبت سابقاً بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو أنك مصاب حالياً بمرض معروف في القلب أو الأوعية الدموية. وفي هذه الحالة، فإنك تتناول الأسبرين يومياً للوقاية من النوبات القلبية أو السكتات الدماغية. وقد ثبتت فائدة العلاج اليومي بالأسبرين في هذه الحالة».

من جانب ثالث، قد لا يناسب جميع «الأصحاء» من الناس تناول الأسبرين يومياً لتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، أي لـ«الوقاية الأولية». بل يعتمد الأمر على مقدار العمر والحالة الصحية العامة وتاريخ الإصابة بأمراض القلب ومدى احتمال تعرض الشخص السليم لنوبات قلبية أو سكتات دماغية.

«الوقاية الأولية»

وللتوضيح، يفيد أطباء القلب من «مايو كلينك» بأنه «يمكن استخدام العلاج اليومي بالأسبرين للوقاية الأولية. ويعني ذلك أنك لم تتعرض من قبل للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. ولم يسبق لك أن خضعت لجراحة المجازة التاجية أو الرأب الوعائي التاجي مع تركيب دعامات. ولم تتعرض للإصابة بانسداد الشرايين في الرقبة أو الساقين أو أجزاء أخرى من الجسم. ولكنك تتناول الأسبرين يومياً للوقاية من مثل هذه الاضطرابات القلبية. ومع ذلك، ففوائد الأسبرين في هذه الحالة هي محل خلاف».

ويضيفون موضحين: «لهذا لا تبدأ تناول الأسبرين يومياً من دون استشارة الطبيب. تناوُل الأسبرين من حين لآخر لعلاج الصداع أو آلام الجسم أو الحُمّى آمن بالنسبة إلى معظم البالغين. ولكن يمكن أن يؤدي الاستخدام اليومي للأسبرين إلى آثار جانبية خطيرة، تشمل النزيف المَعدي المَعوي. لذا تحدَّث إلى الطبيب حول إيجابيات العلاج اليومي بالأسبرين وسلبياته. إذ بإمكانكما معاً مناقشة ما إذا كان تناول الأسبرين يومياً قد يساعد على منع حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

وبوجه عام، يزداد خطر الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية مع تقدم العمر. ولكن مع تقدم العمر أيضاً، يرتفع خطر حدوث نزيف بسبب الأسبرين أكثر من ذلك».

فوائد ومحاذير تناول الأسبرين

وفي هذا الجانب، يفيد كثير من المصادر الطبية المعنية بصحة القلب بتلخيص النقاط التالية حول تناول الأسبرين:

- بالنسبة إلى الأشخاص الأقل عُرضة للإصابة بالنوبات القلبية، فإن فوائد تناول الأسبرين يومياً لا تفوق مخاطر حدوث النزيف.

- كلما زاد خطر الإصابة بنوبة قلبية، فإن من الأرجح أن تفوق فوائد العلاج اليومي بالأسبرين مخاطر حدوث النزيف.

- بسبب مخاطر حدوث نزيف، يشير بعض الإرشادات إلى أن الأشخاص في عمر 60 عاماً فأكثر ممن لم يُصابوا سابقاً بأمراض القلب أو الأوعية الدموية يجب ألا يباشروا تناول الأسبرين يومياً للوقاية من الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية لأول مرة. وتشير توصيات أخرى إلى تجنب بدء العلاج بالأسبرين اليومي بعد سن السبعين.

- إذا كان عمرك يتراوح بين 60 و69 عاماً، فاسأل الطبيب عن تأثير العلاج اليومي بالأسبرين بالنسبة إلى حالتك.

- قد يُوصيك الطبيب بتناول جرعة يومية منخفضة من الأسبرين للوقاية الأولية من النوبة القلبية أو السكتة الدماغية إذا كان عمرك يتراوح بين 40 و59 عاماً، وكنت أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية لأول مرة في غضون السنوات العشر القادمة. والمقصود بأكثر عُرضة، أن خطر الإصابة يبلغ 10 في المائة أو أكثر.

- قد يُوصيك الطبيب بتناول جرعة يومية منخفضة من الأسبرين للوقاية الأولية من النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، إذا كان عمرك أقل من 60 عاماً، وكنت مصاباً بمرض السكري ولديك على الأقل عامل خطر واحد من عوامل الإصابة بأمراض القلب الأخرى، مثل التدخين أو ارتفاع ضغط الدم.

أنواع من الأدوية المضادة للصفائح والأخرى المضادة للتخثر

ثمة فرق بين مضادات التخثر ومضادات الصفائح. وصحيح أن كلاً من مضادات التخثر ومضادات الصفائح تقلل أو تمنع التجلط، ولكنهما تعملان بطرق مختلفة تماماً إحداهما عن الأخرى.

تستهدف مضادات الصفائح Antiplatelets منع وإعاقة التصاق الصفائح الدموية. بينما تتداخل مضادات التخثر Anticoagulation، أو أدوية زيادة سيولة الدم، مع البروتينات الموجودة في الدم والتي تشارك في عملية التخثر عبر تثبيت تراكم الصفائح الدموية التي تكونت أولاً في الخثرة الدموية.

وتشمل أمثلة مضادات التخثر الهيبارين Heparin (يتم تلقيه كحقنة تحت الجلد أو في الوريد). وكذلك الوارفارين Warfarin، وأبيكسابان Apixaban (إليكويس Eliquis)، وريفاروكسابان Rivaroxaban (زاريلتو Xarelto).

وفي المقابل، هناك عديد من الأنواع المختلفة من الأدوية المضادة للصفائح. وعلى الرغم من أن كل نوع يعمل بطريقة مختلفة، فإن جميع الأدوية المضادة للصفائح تساعد على منع الصفائح الدموية من الالتصاق بعضها ببعض وتشكيل جلطات الدم. ومن أهمها وأوسعها استخداماً طبياً في الوقت الحالي:

- الأسبرين. هو النوع الأكثر شيوعاً من الأدوية المضادة للصفائح. ويتم عادةً إعطاء جرعة منخفضة من الأسبرين (تسمى أحياناً «بيبي أسبرين» Baby Aspirin) بشكل يومي لمنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية. وتجدر ملاحظة أن «بيبي أسبرين» يُقصد به «جرعة منخفضة» من الأسبرين. ويتم ترجمتها حرفياً بطريقة خطأ إلى «أسبرين الأطفال». ووجه الخطأ أن الأطفال ما دون سن 12 سنة لا يُنصح بإعطائهم الأسبرين، لأن له آثاراً جانبية ضارة جداً عليهم. ولذا لا يُوجد بالأصل أسبرين خاص بالأطفال يُمكنهم تناوله إلاً في نطاق طبي ضيق جداً.

- مستقبلات ثنائي فوسفات الأدينوزين ADP Receptor Inhibitors. عادةً ما يتم إعطاؤها للمرضى الذين أُصيبوا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية مؤخراً، لأن هؤلاء المرضى لديهم خطر أكبر للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أخرى. ويمكن للأطباء أيضاً إعطاء هذا الدواء للمرضى الذين يعانون مرض الصمام التاجي أو أولئك الذين خضعوا لاستبدال صمام القلب. وقد يكون بعض المرضى الذين يعانون مرض الأوعية الدموية الطرفية PVD أيضاً مرشحين جيدين لمثبطات مستقبلات ADP، لأن ضعف الدورة الدموية في الساقين يمكن أن يؤدي إلى جلطات الدم. ويتم تناولها عن طريق الفم. ومن أمثلتها الشهيرة كل من كلوبيدوجريل (بلافيكس Plavix)، وتيكاجريلور (بريلينتا Brilinta)، وبراسوغريل (إيفنت Effient).

- مثبطات امتصاص الأدينوزين Adenosine Reuptake Inhibitors. وحالياً يتم إعطاؤها للمرضى كعلاج في حالات قليلة. ومن أمثلتها ديبيريدامول Dipyridamole (بيرسينتين Persantine).

- مثبطات البروتين السكري Glycoprotein IIB-IIIA Inhibitors. ويتم إعطاؤها عن طريق إبرة وريدية مباشرة إلى مجرى الدم، لذلك يجب أن يكون المرضى في المستشفى لتلقيها. وعادةً ما يتلقى مرضى هذا النوع من الأدوية المضادة للصفائح لمنع جلطات الدم التي تتشكل أحياناً في أثناء إجراءات رأب الأوعية الدموية وثبيت الدعامات بالقسطرة PCI، كما يجري استخدامها أيضاً في المرضى الذين يعانون الذبحة الصدرية والذين سيخضعون لعملية رأب الأوعية الدموية أو الدعامة. ومن أمثلتها عقار أبسيكسيماب Abciximab وريوبرو ReoPro.

- مثبطات إنزيم الفوسفوديستراز Phosphodiesterase Inhibitors. غالباً ما يتم استخدامها في المرضى الذين يعانون PVD لتقليل آلام الساق التي تأتي مع المشي (وتسمى العرج المتقطع). ويكون المرضى الذين يعانون أمراض الأوعية الدموية الطرفية (PVD) أكثر عُرضة للإصابة بجلطات دموية في أرجلهم، لذلك يحتاج بعض مرضى (PVD) إلى تناول أدوية مضادة للصفائح. ولكن يجب على المرضى الذين يعانون قصور ضعف القلب عدم تناول هذا النوع من الأدوية المضادة للصفائح. ومن أمثلتها سيلوستازول Cilostazol.


مقالات ذات صلة

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

يوميات الشرق الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)

من الأسود إلى الأبيض... 8 أنواع شاي تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون

يبحث كثيرون عن طرق طبيعية وآمنة لدعم خسارة الوزن وتحسين عملية الأيض، ويعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك زيت الخروع يُستخدم مليّناً وفي منتجات العناية بالبشرة والشعر (بكسلز)

استخدمته كليوباترا لتفتيح بياض عينيها... ما الفوائد الصحية لزيت الخروع؟

زيت الخروع عبارة عن زيت كثيف عديم الرائحة، يُستخرج من بذور نبات الخروع. يعود استخدامه إلى مصر القديمة، حيث يُرجح أنه استُخدم وقوداً للمصابيح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك توت البلسان يحتوي على كمية جيدة من فيتامين «سي» (بيكسلز)

نوع من التوت يساعد في التقليل من نزلات البرد الشتوية

استخدم السكان الأصليون في أميركا ثمار البلسان في الطب التقليدي لآلاف السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سكري الحمل يمكن أن يؤدي إلى نمو مفرط للطفل... لذا أهمية المتابعة المستمرة له لوقاية الأطفال من تداعيات مستقبلية (بيكسباي)

دراسة: المتابعة المستمرة لسكري الحمل يمكنها وقاية الأطفال من تداعيات مستقبلية

أظهرت بيانات من تجربة جديدة أنه يمكن للنساء اللاتي يصبن بالسكري المرتبط بالحمل أن يقللن من احتمالات إنجاب مولود جديد بوزن أعلى من المتوسط عند الولادة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
TT

منها مبيدات الحشرات... 168 مادة كيميائية نتعرض لها يومياً تهدد صحة الأمعاء

168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)
168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء (رويترز)

حدد باحثون 168 مادة كيميائية قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء، وهي مواد يمكن أن يتعرض لها الناس في مجموعة واسعة من البيئات اليومية.

ونشر خبراء من جامعة كمبردج دراسة يوم الثلاثاء في مجلة «نيتشر مايكروبيولوجي»، أوضحت أن كثيراً من المواد الشائعة يمكن أن تعيق نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، وأن الأمر لا يقتصر على المبيدات.

دراسة واسعة على أكثر من ألف ملوّث

وفق ما نقلت شبكة «فوكس نيوز»، درس العلماء كيف أثّرت 1076 مادة ملوِّثة في 22 نوعاً من البكتيريا، وصمّموا نموذجاً يعتمد على التعلم الآلي للتنبؤ بمدى احتمال أن تلحق المواد الكيميائية ضرراً بصحة الأمعاء.

وشملت المواد الكيميائية «بيسفينول إيه إف (BPAF)» و«بيرفلورونونانويك أسيد (PFNA)» و«الغليفوسات» و«الكلوردكون» و«الإيمزاليل»، وعشرات غيرها.

وتغطي هذه المواد نطاقاً واسعاً من الاستخدامات؛ بدءاً من مثبّطات اللهب ومبيدات الفطريات، وصولاً إلى المبيدات الحشرية والمضافات البلاستيكية.

ووفقاً للدراسة، يمكن أن يحدث التعرض المحتمل لهذه المواد من خلال الطعام ومياه الشرب والاتصال البيئي، رغم أن مستوياتها في العالم الواقعي وتداعياتها الصحية لا تزال غير مؤكدة.

تأثير خلل الميكروبيوم على الصحة

وجاء في بيان صحافي عن الدراسة: «عندما يختل هذا النظام (الميكروبيوم)، يمكن أن يسهم في مجموعة واسعة من المشكلات الصحية المرتبطة بالهضم وتنظيم الوزن والجهاز المناعي والصحة العقلية».

وقالت مؤلفة الدراسة، إندرا رو، إن فريقها كان «مفاجَأ» عندما اكتشف الآثار الضارة لهذه المواد.

وأضافت: «وجدنا أن كثيراً من المواد الكيميائية المصمَّمة لاستهداف نوع واحد من الكائنات؛ مثل الحشرات أو الفطريات، تؤثر أيضاً في بكتيريا الأمعاء».

وتابعت: «الأمعاء ليست آلة هضم فحسب؛ بل مركز تحكّم أساسي للمناعة والتمثيل الغذائي والالتهاب».

وأوضحت أنه «على سبيل المثال، كثير من المواد الكيميائية الصناعية؛ مثل مثبّطات اللهب والمواد البلاستيكية التي نتعرض لها بانتظام، لم يكن يُعتقَد أنها تؤثر في الكائنات الحية على الإطلاق، لكنها تفعل ذلك».

دعوة إلى تصميم مواد كيميائية أكثر أماناً

من جهته، قال كيرن باتيل، وهو أحد مؤلفي الدراسة، إن الهدف هو «الانتقال إلى مستقبل تكون فيه المواد الكيميائية آمنة منذ مرحلة التصميم».

وأضاف: «الآن وبعد أن بدأنا في اكتشاف هذه التفاعلات بالمختبر، من المهم البدء في جمع مزيد من بيانات التعرض الكيميائي في العالم الواقعي، لمعرفة ما إذا كانت هناك تأثيرات مماثلة في أجسامنا».

«ناقوس إنذار»

وفي هذا المجال، قال الدكتور ويل بولسيفيتش لـ«فوكس نيوز»، إن الدراسة، في رأيه، «ناقوس إنذار».

وأضاف اختصاصي الجهاز الهضمي المقيم في ساوث كارولاينا، الذي لم يشارك في الدراسة: «الأمعاء ليست مجرد آلة هضم؛ إنها مركز قيادة للمناعة والتمثيل الغذائي والالتهاب، وإذا أخللنا بها فإننا ندعو المتاعب».

وتابع: «إذا ضَعُفت هذه الميكروبات، يصبح حاجز الأمعاء هشّاً، ويصبح الجهاز المناعي مفرط النشاط، ويبدأ الالتهاب المزمن - وهو أصل كثير من المشكلات الصحية الحديثة - في الارتفاع».

وقال: «لا نحتاج إلى الذعر، لكننا بحاجة إلى التقدّم».

وأشار بولسيفيتش إلى أن التركيز لا ينبغي أن يكون على المواد الكيميائية وحدها؛ بل على الحاجة الأوسع إلى اختبار الميكروبيوم في السلع الاستهلاكية.

وقال: «لا نحتاج إلى الذعر، لكننا نحتاج إلى التقدّم. العلم واضح: حماية صحة الإنسان تعني الآن حماية الميكروبات التي تدافع عنا. لقد حان الوقت لإعادة التفكير في كيفية تصميم وتقييم المواد الكيميائية المستخدمة في منازلنا ومزارعنا ونظامنا الغذائي».

وفي حديث إلى «فوكس نيوز»، قال مومو فويسيتش، الكيميائي الحيوي وكبير مسؤولي العلوم في شركة الاختبارات الصحية «فايووم»، إنه يوصي المستهلكين بالتركيز على تناول الأغذية العضوية في ضوء هذه النتائج.

وقال الخبير المقيم في واشنطن، والذي لم يشارك في الدراسة أيضاً، إن على المستهلكين «خفض استهلاك المضادات الحيوية والمبيدات الحشرية والمضافات الغذائية؛ مثل المستحلبات والمواد الحافظة بشكل كبير».

وأضاف: «فيما يتعلق بالأغذية المعبّأة، اقرأ قائمة المكونات ولا تشترِ أي شيء لا تتعرّف عليه جدتك؛ مثل البنزوات والبولي سوربات والأسبارتام. أسمّي هذه المواد (مضافات)، والأطعمة في المتاجر التقليدية مليئة بها، وهذا يجعل التسوّق محبطاً».

تأثير الميكروبيوم في مختلف جوانب الصحة

وأشار فويسيتش إلى أهمية العناية بصحة الأمعاء، لأن اضطراب الميكروبيوم «يمكن أن يؤثر سلباً في كل جزء من أجزاء جسم الإنسان»، موضحاً أنه «يسهم بشكل كبير في صحتنا البدنية والعقلية والمعرفية والمناعية».

وقال إن التغيرات المبكرة في الميكروبيوم قد تكون قابلة للرصد عبر اختبارات متخصصة، بما في ذلك الأدوات التي تطورها شركته، رغم أن هذه الفحوص ليس موصى بها عالمياً من جانب الأطباء.

ويشير خبراء غير مشاركين في الدراسة، إلى أن نتائجها تقدّم دلائل قيّمة، لكن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت النتائج المختبرية تعكس مخاطر حقيقية على صحة الإنسان.


لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
TT

لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)

أظهرت نتائج دراسة كبيرة أن المصابين بالخرف الذين تلقوا لقاح الهربس النطاقي كانوا أقل عرضة للوفاة جراء ذلك المرض ممن لم يحصلوا عليه، ما يشير إلى أن اللقاح يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ تطور المرض المرتبط بالتقدم في السن.

وبشكل عام، توفي ما يقرب من نصف الـ14 ألفاً من كبار السن في ويلز الذين أصيبوا بالخرف في بداية برنامج التطعيم خلال متابعة استمرت 9 سنوات.

لكن الباحثين قالوا في دورية «سيل» العلمية إن تلقي لقاح «زوستافاكس» الذي تنتجه شركة «ميرك» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 في المائة تقريباً.

ووجد الباحثون في ويلز، في وقت سابق من العام أن كبار السن الذين تلقوا لقاح «زوستافاكس» كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف 20 في المائة عن نظرائهم الذين لم يتلقوا اللقاح.

وقال معدّ الدراسة الدكتور باسكال غيلدسيتزر من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، في بيان، إن «الجزء الأكثر إثارة (من أحدث النتائج) هو أن هذا يشير حقّاً إلى أن لقاح الهربس النطاقي ليست له فوائد وقائية فقط في تأخير الخرف، بل له أيضاً إمكانات علاجية لمن يعانون بالفعل من ذلك المرض».

وذكر الباحثون أنه لا يزال من غير المعروف ما إذا كان اللقاح يحمي من الخرف عن طريق تنشيط الجهاز المناعي بشكل عام، أو عن طريق الحدّ من إعادة تنشيط الفيروس المسبب للهربس النطاقي على وجه التحديد، أو عن طريق آلية أخرى لا تزال غير معروفة.

ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان أحدث لقاحات الهربس النطاقي، وهو «شينغريكس» من إنتاج «غلاكسو سميث كلاين»، قد يكون فعالاً بالمثل أو أكثر فاعلية في الحدّ من آثار الخرف من اللقاح الأقدم الذي تلقاه المشاركون في دراسات ويلز.

وتبين أن الحماية من الهربس النطاقي بلقاح ميرك تتضاءل بمرور الوقت، ولم يعد معظم الدول يستخدم اللقاح بعدما ثبت أن لقاح «شينغريكس» أفضل.

ويقول الباحثون إنهم وجدوا في العامين الماضيين نتائج مشابهة لنتائج ويلز في السجلات الصحية من دول أخرى، من بينها إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا.

وأضاف غيلدسيتزر: «لا نزال نرى هذه الإشارة الوقائية القوية من الخرف في مجموعة بيانات تلو الأخرى».


فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
TT

فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)

كشفت دراسة إسبانية عن فحص بسيط لعينة بول يمكن أن يشخِّص ويحدد مرحلة سرطان المثانة بشكل فعال وبدقة عالية.

وأوضح الباحثون في مؤسسة أبحاث الصحة بمستشفى «لا في» في فالنسيا، أن هذا الفحص يوفر بديلاً غير جراحي للإجراءات التقليدية مثل تنظير المثانة، ويخفِّض التكاليف الصحية، ويُعزِّز راحة المرضى، ويحسِّن نتائج العلاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of Molecular Diagnostics».

يُعدّ سرطان المثانة أحد أكثر السرطانات شيوعاً وخطورة في الجهاز البولي، ويتميَّز بمعدل انتكاس مرتفع بعد العلاج. وينشأ عادة في بطانة المثانة، ويظهر بأعراض مثل دم في البول، والحاجة المتكررة للتبول، أو ألم عند التبول.

ويعتمد تشخيصه حالياً على فحوص غازية مثل تنظير المثانة أو فحوص الخلايا البولية، لكنها محدودة الحساسية وقد تكون مؤلمة أحياناً.

وتشير أحدث الأبحاث إلى أن تحليل الحمض النووي الحر في البول (cfDNA) قد يقدِّم بديلاً غير جراحي لتشخيص المرض وتحديد مرحلته، مما يُحسِّن راحة المرضى ويقلل الحاجة إلى الإجراءات الغازية المكلِّفة.

ويعتمد الفحص الجديد على تحليل الحمض النووي الحرّ في عيّنة البول، وهو أسلوب غير جراحي يمكنه تشخيص سرطان المثانة ومتابعة تقدمه. ويرِّكز الفحص على قياس شظايا الحمض النووي الصغيرة والمتوسطة من 5 جينات محددة مرتبطة بسرطان المثانة، منها (MYC وACTB و AR).

وفي الدراسة، حلَّل الباحثون عينات بول من 156 مريضاً بسرطان المثانة، و79 فرداً سليماً من المجموعة الضابطة، باستخدام تقنية «تفاعل البوليميراز المتسلسل في الوقت الحقيقي (Real-Time PCR)» لقياس تركيز وتكامل شظايا الحمض النووي الحر في البول.

وأظهرت النتائج أن الفحص الجديد يُحقق دقة تصل إلى 97 في المائة وقيمة تنبؤية تصل إلى 88 في المائة لتحديد سرطان المثانة.

كما وجد الباحثون أن نسبة الشظايا الكبيرة إلى الصغيرة من الجين (ACTB) والشظية الصغيرة من الجين (AR) زادت مع شدة المرض، مما يشير إلى أنها مؤشرات موثوقة لتحديد مرحلة المرض، وقد يساعد تكامل هذه الجينات في اكتشاف عودة سرطان المثانة بعد العلاج.

وأشار الفريق إلى أن الفحص الجديد قادر على متابعة تطوُّر المرض واكتشاف الانتكاس، مما يتيح تدخلاً مبكراً وعلاجاً أكثر فعالية، مع تقليل التكاليف وتحسين تجربة المرضى بشكل كبير.

ونوّه الباحثون بأن هذه الدراسة تُعَدّ من أوائل الدراسات التي تقيِّم بشكل شامل تفتُّت الحمض النووي الحر في البول عبر مختلف مراحل سرطان المثانة، مما يقرِّب العلماء من مستقبل يمكن فيه تشخيص المرض ومراقبته بصورة أسهل وأقل إيلاماً.