عرس الثقافة السعودية في الرياض من معرض الكتاب حتى مضارب امرئ القيس

عشرات من الفعاليات الثقافية المتزامنة تطرز لوحة الفن والإبداع

يمثل «معرض الرياض الدولي للكتاب» علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي (تصوير بشير صالح)
يمثل «معرض الرياض الدولي للكتاب» علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي (تصوير بشير صالح)
TT

عرس الثقافة السعودية في الرياض من معرض الكتاب حتى مضارب امرئ القيس

يمثل «معرض الرياض الدولي للكتاب» علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي (تصوير بشير صالح)
يمثل «معرض الرياض الدولي للكتاب» علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي (تصوير بشير صالح)

تعيش العاصمة السعودية عرساً ثقافياً يمتد من معرض الكتاب، مروراً بمنتدى الأفلام السعودي، حتى مضارب امرئ القيس، الذي يستيقظ في الدرعية بعد 15 قرناً من سباته ليلقي من جديد قصائد الغزل، وذلك ضمن مبادرة «عام الشعر العربي 2023» التي تهدف إلى تعزيز مكانة الشعر العربي في ثقافة الفرد.

يمثل «معرض الرياض الدولي للكتاب»، علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي، كونه يوفر موسماً خصباً للتعبير عن اهتمام الشباب والشابات بالكتاب باعتباره حاضنة الثقافة، وبالملتقيات الثقافية والأدبية والفنية التي يشهدها المعرض في أيامه العشرة.

يعدّ معرض الرياض الأكبر عربياً من حيث عدد دور النشر المشاركة ومن حيث اقتناء الكتب (تصوير بشير صالح)

ويعدّ معرض الرياض الأكبر عربياً، من حيث عدد دور النشر المشاركة، ومن حيث اقتناء الكتب وشراؤها، وكرّس المعرض موقعه في خارطة الثقافة العربية، عبر حزمة كبيرة من الفعاليات الثقافية والفنية المصاحبة، ليصبح ملتقى لمئات المثقفين والأدباء السعوديين والعرب ومن دول العالم، كما يتيح الفرصة للمثقفين الشباب لتعزيز خبراتهم وصقل مواهبهم.

والإقبال الذي يشهده معرض الكتاب مؤشر حيوي يكشف انفتاح المجتمع وحبه للاطلاع، حيث الكتاب هو سفير لثقافات متعددة، ونافذة لمفاهيم مختلفة. والإقبال على قراءة الكتب تعبير عن الرغبة في الانفتاح الثقافي والتواصل المعرفي، والانفكاك من أسر الثقافة الأحادية.

شاعر الغزل

يمنح مهرجان امرئ القيس «شاعر الغزل» الذي بدأ (الأربعاء) ويستمر حتى 12 أكتوبر (تشرين الأول) في محافظة الدرعية بالرياض، الجمهور تجربةً فريدةً، لاستلهام الروح الأدبية التي عبّر عنها امرؤ القيس، والانخراط في فعاليات مستوحاة من حياة الشاعر وترمز إلى عصره، حيث يأخذ المهرجان زوّارَه في رحلةٍ ثقافية تفاعلية على مدى تسعة أيامٍ متتالية، مُسلّطاً الضوء على سيرة وحياة الشاعر، وإعادة إحياء قصائده بقالبٍ إبداعي.

ومن ضمن فعاليات المهرجان، «معرض الشاعر» الذي سيعرض أعمالاً فنية مرتبطة بالمعلقات السبع وأشكالاً مختلفة للتعبير والإبداع، وركناً مخصصاً للتوثيق البصري يركز على الشعراء وأشعارهم والمحيطِ الذي عاشوا فيه عبر موادَّ مرئيةٍ وتفاعلية.

كما سيشهد تقديم مشاهد أدائية بين الأزقّة، وتقديم مشاهد مسرحية حيّة للزوّار بعيداً عن خشبة المسرح، ويتطرق إلى موضوعات متنوعة من بينها السيرة الذاتية للشاعر امرئ القيس، وعرض لبعض المواقف من حياته، وتصوير الحياة الاجتماعية في تلك الفترة، وتمنح الفرصة للجمهور المشاركة فيها إما بالتمثيل وإما بإبداء الرأي، وذلك عبر تقنية «مسرح الفوروم».

وبالإضافة للعروض الموسيقية والغناء الشعبي، يقدم المهرجان الأمسيات الشعرية، ومسابقة شعرية تحاكي قصائد امرئ القيس، وندواتٍ علمية تتناول سيرة الشاعر الجاهلي، مع مجموعة من ورش العمل في «إلقاء الشعر»، و«كتابة القصائد»، و«الشاعر في عيون الرسامين».

منتدى الأفلام السعودي

«الفن والثقافة يمثلان روح المجتمع السعودي، كما أنهما ركيزتان أساسيتان في مسيرة التنمية»، بهذه العبارة استهّل نائب وزير الثقافة حامد فايز، كلمته في افتتاح النسخة الأولى لـ«منتدى الأفلام السعودي»، الذي أقيم في «واجهة الرياض»، المكان الذي كان يحتضن معرض الكتاب في سنواته الماضية، بحضور نخبة من صانعي الأفلام العرب والعالميين، وعدد من المخرجين والممثلين الوطنيين والإقليميين والعالميين وخبراء الصناعة في السعودية.

أحمد الملا مؤسس ورئيس مهرجان أفلام السعودية متحدثاً في منتدى أفلام السعودية

المنتدى وفّر الفرصة للسينمائيين لمناقشة صناعة السينما والبحث عن الفرص الاستثمارية، ومستقبل ريادة الأعمال، ودور الاستثمار في تطوير قطاع الأفلام، مع التأكيد على أن صناعة السينما في السعودية تشهد تطوراً كبيراً وتتجه نحو العالمية، وأنها مرشحة للمنافسة قريباً على الجوائز العالمية.

وعلى هامش المنتدى، أطلقت السعودية صندوقاً للأفلام بقيمة 200 مليون دولار، بالتعاون مع شركتين دوليتين لدعم قطاع الأفلام وتشجيع توجهات السعودية لتطوير هذه الصناعة والارتقاء بالإنتاج وبناء مستقبل مشرق لصناعة الأفلام والفنون.

العروض الأرجنتينية

على مسرح بمركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بالرياض، وقف شقيقان توأمان يؤديان أداء فنياً استعراضياً لرقصة «الميلونجا» التي نشأت في مدينة «ريو دي لا بلاتا» الأرجنتينية، وتعتمد هذه الرقصة على الأداء الحماسي الصاخب، والإيقاعات الراقصة، والكلمات المؤثرة التي تحرك مشاعر الجمهور، وحمل العرض اسم: «بوينس آيرس».

العروض الأرجنتينية واحدةٌ من العروض المتتالية العالمية التي تشهدها العاصمة السعودية، لكنها جاءت متزامنة مع حزمة الفعاليات الثقافية والفنية التي تشهدها الرياض، وجاءت بتنظيم هيئة المسرح والفنون الأدائية، وتستمر حتى التاسع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وتواصل «العروض الأرجنتينية» تقديم فنون أدائية ولوحات استعراضية متنوعـة مـن الأرجنتـين وأميركا الجنوبيـة على مدار تسع أسابيع؛ منها عرض «باتاغونيا» الذي يروي من خلال الفن الأدائي قصة الأميركيين الجنوبيين والغاوتشو، وشغفهم بالخيول في الأراضي والأنهار الجليدية، معتمداً على الآلات الإيقاعية، والأداء المبهر، والألحان الصاخبة التي تعكس خصوصية البيئة اللاتينية، إضافة لتقديم عرض أدائي لقصص كلاسيكية منها «سندريلا»، و«أليس في بلاد العجائب»، و«الغابة»، وعروض للسيرك وألعاب خفة اليد، وعروض لفنون معاصرة وما تشمله من استعراضات الهيب هوب والمهارات البهلوانية والقفز على الترمبولين.


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

تهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو واليابان في مختلف القطاعات الثقافية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية أعربت القنصلية الفرنسية في القدس في بيان عن «غضب» باريس من عمليات الهدم الإسرائيلية مشيرة إلى أنها دعمت المركز الثقافي المدمر (مقر جمعية البستان) «بأكثر من نصف مليون يورو» منذ عام 2019 (وفا)

فرنسا تطلب «تفسيراً» من السلطات الإسرائيلية بعد هدم مركز ثقافي في القدس

أكدت الخارجية الفرنسية، الجمعة، أن باريس طلبت «تفسيراً من السلطات الإسرائيلية»، بعد هدم مقر جمعية البستان الذي موّلته فرنسا في حي سلوان بالقدس الشرقية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».