أنا ماري كوكس
TT

أميركا: هنتر بايدن وفساد أبناء المسؤولين

ليس هناك مقاطع أكثر تكرارا على قناة «فوكس نيوز» من تلك التي أجرى الحزب الجمهوري تحقيقات في الكونغرس بشأنها، وهي أصل فيروس «كورونا»، والتهديد الذي تواجهه أسواق رأس المال لدينا، والتعاون المفترض بين شركات التواصل الاجتماعي والحزب الديمقراطي.
فتح بعض ممثلي الحزب تحقيقا فيما إذا كانت وزارة العدل الأميركية قد استهدفت الآباء الذين اعترضوا خلال اجتماعات مجالس الإدارة المدرسية على فرض اللقاح والأقنعة الإلزامية في المدارس. ولم يكن هناك مجال لغض الطرف عن ملاحظة الحزب الجمهوري التي قال فيها: «لقد طالبت لورين بويبرت (عضو الحزب الجمهوري) خلال أحد التحقيقات التي جرت مؤخرا بأن يجيب ممثلو (تويتر) السابقون عن النقص الملحوظ في الإعجابات، قائلة: هل وافق أي منكم على حظر ظهوري الجزئي على صفحتي؟ نعم أم لا؟».
لا شيء يغذي حالة غضب دائمة مثل تحقيق موسع في قضية غامضة لكنها مثيرة، وليس هناك مطاردة أكثر غموضا وإثارة من الهوس غير المجدي بهنتر بايدن، نجل الرئيس الأميركي الحالي.
فعلى مدار عامين، اتهم المحافظون نجل بايدن المشاكس باستغلال النفوذ وغسل الأموال والرشوة والتعاون غير القانوني مع جماعات الضغط، وسعوا إلى استغلال مغامراته العديدة لتشتيت إدارة الرئيس بأكملها. ومع السيطرة على تحقيقات مجلس النواب، فربما يحصلون في النهاية على ما يريدون بأن يقلبوا حياة هنتر بايدن رأسا على عقب.
قد يتعارض ذلك مع ما يتمناه كل أب محب لابنه (أو حتى ما يتمناه كل مستشار سياسي)، والرئيس إنسان - كغيره من البشر - ليس له على نجله سوى حق النصيحة.
فخلال ذروة إدمان هنتر بايدن المخدرات، أوضح جو بايدن لابنه وللعالم أن سلوك ابنه لن يمنع حبه الأبوي له. لكن الآن حان الوقت لنعترف بأن سلوك ابنه له عواقبه، وأنه يتعين على جو بايدن أن يطالب ابنه صراحة بإظهار تعاونه، مع وزارة العدل. فهذا من شأنه أن يسمح لهنتر بالوقوف على قدميه ومساعدة الإدارة الأميركية في التركيز على القضايا التي تعني الشعب الأميركي.
لكن حتى هذه اللحظة، تجاهلت عائلة بايدن، علانية على الأقل، تهديدات الحزب الجوهرية، وهو ما تَمثل في قول جو بايدن للحزب الخريف الماضي: «أمنياتي بالتوفيق»، بينما شددت جيل بايدن على أن «هنتر بريء».
لكن حتى أكثر الديمقراطيين تفاؤلا يدركون أنه يتعين على هنتر أن يشرح بعض الأمور. فوزارة العدل تحقق في قضاياه منذ عام 2018. وفي الخريف الماضي نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن بعض المصادر القريبة من التحقيقات أن الوزارة لديها من الأدلة ما يكفي لإدانته بمخالفات جنائية تتعلق بالتهرب الضريبي والكذب على جهات التحقيق الفيدرالية.
وبطبيعة الحال، فإن الكذب بشأن الضرائب والكذب في وثائق رسمية لا يقارنان بتأليف حكايات أوبرالية عن الفساد على أعلى المستويات سردها لنا توكر كالرسلون وآخرون. لكن مشكلة الرئيس المتعلقة بهنتر بايدن تجاوزت بنود القانون الصارمة.
الشهر الماضي، عرض هنتر بايدن تكتيكا جريئا في دفاعه؛ حيث طلب فريقه القانوني من المدعي العام في ولاية «ديولير»، ووزارة العدل، وإدارة الضرائب العامة، التحري عن الشخصيات الرئيسية المسؤولة عن استمرار قضية الكومبيوتر المحمول ونشر بياناته ومعلوماته الشخصية دون إذنه.
وبقدر خطورة الاتهامات الموجهة إليه، فإن الحقيقة الوحيدة غير القابلة للجدال هي الامتيازات التي تمتع بها هنتر، والتي مكنته من تجنب دخول السجن وتفادي المحاكمات. الأمر ذاته ينطبق على عدد لا يحصى من أبناء الساسة الآخرين، منهم بكل تأكيد نجل دونالد ترمب. لكن الإشارة إلى الكيل بمكيالين وحدها لن تكون كافية لدرء انتقادات الجمهوريين.
حاول الديمقراطيون تجاهل حملات الصيد في الماء العكر التي قام بها الحزب الجمهوري من قبل على أمل أن الاتهامات ستتبخر أو أن الناخبين لن يهتموا. صحيح أن هذا كان يحدث في بعض الأحيان، لكن مع بعض الجهد من الحزب الجمهوري على المدى الطويل، فقد تجلب هذه الحملات ضررا حقيقيا.
* خدمة «نيويورك تايمز»