«فلوكا»... مؤدية راب مصرية تتحدى النمطية

تحارب «التمييز» بالموسيقى

مغنية الراب المصرية فلوكا
مغنية الراب المصرية فلوكا
TT

«فلوكا»... مؤدية راب مصرية تتحدى النمطية

مغنية الراب المصرية فلوكا
مغنية الراب المصرية فلوكا

يتوسع انتشار موسيقى الراب في العالم العربي مع صعود عدد من النجوم الشباب. وقد لمعت أسماء مؤديات راب من النساء أخيراً، ينافسن بجدارة مثل المصرية فلوكا.
ذاع صيت المصرية سارة المسيري، أو كما يعرفها جمهور الراب بـ«فلوكا»، ليس كمؤدية تنافس نجوم الراب فحسب، بينما هي كاتبة كلمات لأغانِي «الهيب هوب» أيضاً.
دخلت «فلوكا» عالم الراب للتعبير عن نفسها بطريقة الغناء الذي يصفه البعض بـ«المتمرد». تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كتابة الأغاني، كانت سبيلي في البداية للتعبير عن مشاعر بنات جنسي، لكن قبل أربع سنوات تحديداً اتجهت إلى غناء الراب، ولم يشغلني وقتها كوني امرأة في مجتمع متحفظ حيال هذا الشكل الغنائي من الأساس، بينما دفعتني الصورة المجتزأة غير الواقعية عن المرأة العربية نحو محاربة التمييز الجندري بالغناء».
تنتمي فلوكا لجيل الألفية الذي عرف سماع موسيقى الهيب هوب بنمطها الغربي، وهي وغيرها كانوا الجسر الذي عبر من خلاله فن الراب إلى العالم العربي. وتقول مغنية الراب المصرية: «من البداية رأيت في الموسيقى الحرة وسيلة لتغيير المفاهيم التي تآكلت من عطب فكرة التنميط، لا سيما ما يخص منها المرأة العربية فهي عانت سنوات من التهميش على أساس جندري، لذلك، أغني للنساء وعن النساء، أنقل تجاربهن الواقعية، فهن مصدر الإلهام».
تضيف: «سواء التاريخ أو الفن، كلاهما همش دور المرأة، ربما لأن الرجال يسيطرون على هذه المجالات، غير أنه آن الأوان للتغيير وأن تروي نساء قصص أقرانهن بواقعية وصدق».
قدمت فلوكا ألبومات غنائية فضلاً عن عدد من الحفلات في مصر وخارجها، مثل نيويورك، باريس، لندن والمكسيك. كما حظيت بثقة منصات الأغاني على غرار «سبوتيفاي» لتضع أغنياتها مع نجوم الراب المصريين مثل أبو يوسف ومروان بابلو. كل هذا لم يضعها بعيداً عن الانتقادات والمضايقات: «في عالم السماوات المفتوحة عليك أن تحيط نفسك بالداعمين لمواجهة التعليقات السلبية التي باتت تهاجمنا من كل صوب. في قلبي رسالة ومسؤولية تجاه نساء العالم العربي، واخترت التعبير على الطريقة التي تثير شغفي، فما الخطأ في ذلك حتى أتعرض للانتقاد؟... أواجه القسوة بالأحبة، فهناك من يدعمني ويصدق رسالتي، ثمة نساء كثيرات يتمنين أن تصل أصواتهن للعالم، ولن أسمح لمن يختبئ خلف لوحة المفاتيح وشاشة الهاتف بأن يهدم فكرة».
فلوكا ليست مؤدية الراب الأولى عربياً، فقد سبقتها مؤديات عربيات صعدت أسماؤهن ونافست أسماء الرجال، مثل رجاء مزيان من الجزائر، كوين جي من الكويت، جارا من السعودية، ليتل جي فريش من لبنان، رنا من السودان، وغيرهن. وتعلق على هذا الصعود مغنية الراب المصرية بقولها: «هناك أسماء لمعت وتنافس بقوة سواء داخل أوطانهن أو خارجها، فأنا أتابع عدداً من نجمات الراب في مصر والوطن العربي، مثل دارين، بيري وزينة الشاذلي».
إذا تتبعت سيرة مؤديات الراب في العالم العربي، فربما تلاحظ أن أغلبهن يعشن خارج أوطانهن الأصلية، ومنهم فلوكا التي تعيش الآن في نيويورك، فهل ثمة سبب مستتر وراء ذلك؟ تجيب فلوكا بابتسامة قائلة: «نحن في عالم الفضاء الشاسع، لم يعد المكان عائقاً، أي فنان يمكن أن يسجل أعماله ويبثها للعالم أينما كان، ووجودي في نيويورك ليست له علاقة بضغوط مجتمعية على الإطلاق، فهنا أيضاً أتأمل النساء، وأرصد الانتهاكات التي يتعرضن لها، وأينما كنت أغني لهن».
تأكيد فلوكا المستمر لرسالتها النسوية، ربما يعطي انطباعاً بأن جمهورها نسائي فحسب، بينما تدحض هذه الفكرة وتقول: «جمهوري متنوع ويضم رجالاً بالطبع، بل منهم من يدحض فكرة التنميطات والخانات ويدعم النسوية، لأن المرأة ليست بمعزل عن حياتهم». وتنهي حديثها قائلة: «جميع النساء مميزات. العالم لم يعد يحمل تصنيفات قاصرة، وسأظل أقدم تجارب النساء من كل مكان في العالم».
https://instagram.com/felukah?igshid=YmMyMTA2M2Y=


مقالات ذات صلة

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

يصادف اليوم الرابع من شهر مايو (أيار)، مئوية الموسيقار عاصي الرحباني، أحد أضلاع المثلث الذهبي الغنائي الذي سحر لبنانَ والعالمَ العربيَّ لعقود، والعصي على الغياب. ويقول عنه ابن أخيه، أسامة الرحباني إنَّه «أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية». ويقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».