تيم كولبان
كاتب من خدمة بلومبيرغ.
TT

تايوان بين الصينيين والأميركيين

قامت الصين بإرسال قوة كبيرة من الطائرات القتالية والقاذفات بالقرب من جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي مؤخراً،، وصحيح أنَّ هذه الخطوة تعد واحدةً من أكبر الخطوات في التصعيد المستمر على مدى عدة أشهر، ولكنَّها تعد أكثر أهمية باعتبارها اختباراً لإدارة الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن.
ولكن الفريق الجديد لم يمنح بكين تذكرة مرور مجانية لما فعلته، حيث أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بسرعة بياناً صحافياً حول المناورة العسكرية الصينية، مؤكدة التحالفات الإقليمية والدعم القوي الذي وصفته بأنه «قوي كالصخر» لتايبيه، وهو تصريح يبدو أقل روتينية مما يبدو عليه بعد 4 سنوات أظهر فيها صقور الصين في إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، دعماً غير مسبوق لتايوان، كما أنه يطرح سؤالاً حول ما إذا كان فريق بايدن سيشعر بأنه مضطر لمواكبة ذلك الدعم أم لا، وفي حين أنه من المرجح أن يتعامل بايدن مع الأمر بشكل مختلف، فإن هذا الرد يعكس ما سيكون على الأرجح دعماً أكثر ثباتاً من الحزبين الأميركيين أكثر من مجرد اتباع أهواء الرئيس السابق.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كتبت أن «رغبة ترمب المستمرة في الاستمرار في الإيقاع ببكين، وذلك من أجل تشتيت الانتباه السياسي الداخلي، قد رفعت من مكانة تايوان، ولكن القلق هنا في تايبيه، الذي يشاركها فيه الكثيرون الذين يراقبون العلاقات الثلاثية بين تايوان والصين والولايات المتحدة، هو أن ترمب كان يستخدم تايوان باعتبارها سلاحاً واحداً في معركة أوسع تضم كل شيء من التجارة إلى تفشي فيروس كورونا المستجد، ولذا فإنه كان على تايبيه أن تتساءل عما إذا كان المستوى الجديد من الاهتمام سينتهي مع آخر يوم له في منصبه.
وقد كانت كلمات وزارة الخارجية حذرة لكنها كانت قوية في مضمونها، فقد تم ذكر الضغط الدبلوماسي والاقتصادي الذي تمارسه بكين بالإضافة إلى النشاط العسكري، وتم وضع قضية تايوان في السياق الأوسع للمصالح الإقليمية للولايات المتحدة.
وقد كانت هذه المناورات بمثابة تصعيد للطلعات العسكرية الجوية الصينية على منطقة الدفاع الجوي التايوانية منذ يونيو (حزيران) الماضي، مع توغلات شبه يومية هذا الشهر، وفي 23 يناير (كانون الثاني)، كان دخول أسطول يضم ثماني قاذفات، بقدرات نووية، بمثابة أكبر اختراق في أربعة أشهر على الأقل، وقد أجبر وابل الرحلات الجوية الصينية المستمر تايوان على التدافع بطائراتها الخاصة هي الأخرى في لعبة القط والفأر التي ظلت حتى الآن خالية من الحوادث.
وتعد هذه الاختبارات الجوية أشياء يمكن رؤيتها، حيث يمكن تعقبها على شاشات الرادارات، ولكن ما هو أقل وضوحاً هو العشرات من المناورات التي تقوم بها بكين كل عام في الفضاء الدبلوماسي خلف الأبواب المغلقة، مثل رفض وصول باحث إلى مؤتمر دولي للأحياء، والهجوم المزعوم على دبلوماسي تايواني في فيجي، وقد أدت استجابة تايبيه السريعة لفيروس كورونا، في العام الماضي، إلى اكتساب الاحترام الدولي الذي لا يقدر بثمن، وهو ما كان بمثابة أكبر انتكاسة لحملة عزل بكين المستمرة منذ فترة طويلة.
لكن الأيام الأولى لإدارة بايدن، وما سيحدث بعد ذلك سيكون حاسماً، وقد كان من بين أولى خطوات بايدن في توليه منصبه هو تجديد عضوية الولايات المتحدة في منظمة الصحة العالمية، لكن سياسته تجاه آسيا لم يتم الإعلان عنها بوضوح بعد، وكان أحد التحركات الأخيرة من وزير الخارجية المنتهية ولايته، مايك بومبيو، هو الإعلان عن رفع القيود على تعاون الولايات المتحدة مع تايوان، وهي إشارة رمزية، ولكنها مهمة على أن مكانة تايبيه قد باتت آخذة في الارتفاع.
وفي تقريرها السنوي لعام 2020، كرست لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية للعلاقات الأميركية - الصينية، التابعة للكونغرس، أحد فصولها الخمسة لتايوان كما قدمت أربع توصيات، وكان من بينها منح سفير الأمر الواقع في تايبيه، الذي يعمل حالياً في منصب مدير المعهد الأميركي في تايوان، ترشيحاً رئاسياً، فضلاً عن إصدار مرسوم يقر بأن الولايات المتحدة «كعضو في أي منظمة دولية، يجب أن تعارض أي محاولات من قبل الصين لإيذاء تايوان من خلال تشويه لغة أو سياسات أو إجراءات المنظمة».
وفي حال قبول بايدن لبعض هذه المقترحات، فإنه سيرسل رسالة مفادها بأنه ليس فقط مهتماً بتايوان، ولكنه ينظر إليها على أنها مشكلة تحظى بالدعم من جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس، إلا أن واشنطن ذات جبهة موحدة من كلا الحزبين هي ليست واشنطن التي تود بكين أن تراها.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»