مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هواجس «كورونا» والعام الجديد

نحن على وشك أنْ نخرجَ الآن من حارات عام 2020 الخطيرة، الحافلة بالعصابات، والمخاطر، التي على رأسها «كورونا» وما خفي منها وما ظهر، ومع «كورونا الصحية»، لدينا «كورونا» أخرى لا تقلُّ عنها قبحاً، بل هي تتغذَّى منها... وتغذّيها، عنيت «كورونا» السياسية والإعلام!
سنغادر هذه الحارة، لكن إلى أين؟ على طريقة سؤال وليد جنبلاط الشهير.
عام 2021 الذي يطرق الباب للدخول، بماذا سيختلف عن سلفه؟ ما دامت الظروف والأسباب، والأهم المصالح، التي أنتجت لنا حصاد العام الفارط، لم تتغير، لماذا نتوقع شيئاً مختلفاً مع العام الجديد؟ أقصد تحديداً «ثقافة» الحجر والعزل والتباعد إلى أمد غير منظور، وأجل غير مسمى، وكما قال الشاعر السعودي الأمير خالد الفيصل:
كل ما قلت هانت جد علم جديد!
خذْ لديك مثلاً: حذر وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، من أنَّ الإغلاق المشدَّد، الذي يشمل العاصمة لندن، بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا، قد يستمر أشهراً. مضيفاً أن واجب الحكومة اتخاذ إجراء لمجابهة السلالة الجديدة من الفيروس «الخارج عن السيطرة».
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أعلن عن استحداث فئة رابعة أشد من فئات القيود والتراجع عن نية لتخفيف القيود.
قد يقول قائل إنَّ هذا وضع مؤقت وسيزول بسرعة، خاصة مع أخذ اللقاحات، سواء أكانت أميركية أم أو صينية أم روسية أم بريطانية... إلخ. لكن منظمة الصحة العالمية حذّرت، من خلال مايكل راين، مدير برنامج الطوارئ فيها، من أنه رغم شدة «كوفيد - 19»، يتعيّن بإلحاح الاستعداد «للأسوأ».
راين «بشرنا» بأن ما جرى العالم الماضي ليس سوى «جرس إنذار».
إن لم تكفك هذه القتامة، ثمة المزيد: جان جاك مويمبي تامفوم، مكتشف فيروس إيبولا عام 1976، قال لشبكة «سي إن إن» إنَّ البشرية تواجه فيروسات، مرجحاً أنَّ الأوبئة في المستقبل ستكون أكثر كارثية من الأوبئة التي عرفناها حتى الآن. وماذا بعد؟
نعم هناك آراء تضاد كل هذا الشؤم والتشاؤم، قالها أطباء وعلماء وساسة ومفكرون، مثلما قال هذه الآراء القاتمة أيضاً أطباء وعلماء وساسة ومفكرون... لكن الأهم من هذا «الانقسام» العالمي حول ملف «كورونا» كله، هذا الانقسام العميق الذي لا تراه معكوساً على «جل» الميديا الليبرالية، هناك سؤال خطير بل وجودي المنزع: هل تغيرت حياة الناس... للأبد؟ وهل هذا التغير سيمر بسلاسة، أو تحت طبول الهلع الإعلامي المصنع؟ وكيف سيتصرف البشر عكس طبيعتهم القائمة على الاتصال لا الانفصال؟ وسؤال صغير في كنف هذا السؤال الكبير لمن يبشر بأنَّ عزل «كورونا» جعل الشركات والمؤسسات تكتشف أنه بمقدورها العمل عن بعد، أو من خلال البرمجيات من دون الحاجة للبشر... هل سيتحمل الأمن العالمي فاتورة ملايين العاطلين الجدد عن العمل، بسبب اكتشافات عباقرة الشركات ومنظري «فوائد» كورونا؟
نسأل لأننا نجهل الآتي... ونخشاه.