الصين ترسل إشارات تهدئة في خضم الحرب التجارية... وتسمح لليوان بالتراجع

قللت المخاوف من زيادة الأضرار الناجمة عن الرسوم العقابية المتبادلة

لمحت بكين إلى أنها لن ترد على آخر رسوم فرضها ترمب وأعفت «تسلا» الأميركية من ضريبة مشتريات (أ.ف.ب)
لمحت بكين إلى أنها لن ترد على آخر رسوم فرضها ترمب وأعفت «تسلا» الأميركية من ضريبة مشتريات (أ.ف.ب)
TT

الصين ترسل إشارات تهدئة في خضم الحرب التجارية... وتسمح لليوان بالتراجع

لمحت بكين إلى أنها لن ترد على آخر رسوم فرضها ترمب وأعفت «تسلا» الأميركية من ضريبة مشتريات (أ.ف.ب)
لمحت بكين إلى أنها لن ترد على آخر رسوم فرضها ترمب وأعفت «تسلا» الأميركية من ضريبة مشتريات (أ.ف.ب)

أرسلت الصين إشارات جيدة في معركتها مع واشنطن حول الحرب التجارية الممتدة بينهما، وهو ما رفع شهية المستثمرين بشأن الأصول عالية المخاطر، ظهرت الإشارة الأولى عندما لمحت بأنها لن ترد على الرسوم الأميركية الأخيرة، في حين ظهرت إشارة ثانية تمثلت في عزمها إعفاء سيارات «تسلا» الأميركية من ضريبة الشراء.
غير أن اليوان الصيني مستمر في التراجع بنحو 3.7 في المائة خلال أغسطس (آب) الحالي، في أسوأ أداء شهري له منذ إصلاح نظام سعر الصرف في عام 1994، وسط تقديرات خبراء اقتصاديين بأن هبوط 10 في المائة لليوان يدعم النمو الاقتصادي للبلاد بنسبة 0.2 في المائة. في المقابل، فإنه مع كل تراجع تهرب الاستثمارات الأجنبية.
وأمس، قالت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في موقعها على الإنترنت إن الصين ستعفي السيارات الكهربائية التي تنتجها شركة «تسلا» من الضريبة على المشتريات، وهو ما رفع سهم الشركة أكثر من 4 في المائة في التعاملات المبكرة.
وتفرض الصين حالياً ضريبة على المشتريات بنسبة 10 في المائة على بيع كل مركبة. ويمكن لهذه الخطوة أن تقلل تكلفة شراء سيارة «تسلا» بما يصل إلى 99 ألف يوان (13957 دولاراً) وفقاً لتدوينة على حساب تسلا على موقع «وي تشات» للتواصل الاجتماعي.
وتم إدراج 16 طرازاً، هي جميع سيارات «تسلا» المبيعة في الصين، في الوثيقة التي أصدرتها الوزارة بما في ذلك نماذج «إس» و«إكس» و«3». ولم يُعلن عن سبب لقرار إعفاء السيارات من الضريبة على المشتريات.
وقال فرانك شفوبي المحلل في «نورد إل بي»: «هذا (الإعفاء الضريبي) سيكون أمراً رائعاً نسبة لـ(تسلا)، لا سيما أن الصين هي السوق الأكثر أهمية لـ(تيسلا) لتحقيق أرباح... من ناحية أخرى، فإن الرسوم الجمركية العقابية الجديدة لم يتم سحبها بعد، ويمكن أن تضع عبئاً على (تسلا)».
وفي حين أن «تسلا» لا تكشف عن المبيعات في كل بلد، فإن شركة الاستشارات «إل إم سي أوتوموتيف» تقدر مبيعات «تسلا» في الصين بما يصل إلى 23678 مركبة في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، أو ما يقرب من ضعفي عدد السيارات التي باعتها قبل عام.
وتتيح الصين فرصاً كثيرة للشركة التي يقودها رائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك لكونها أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم.
وتقوم «تسلا» بالفعل ببناء مصنع في شنغهاي، هو أول مصنع للشركة في الخارج، الذي من المتوقع أن يبدأ الإنتاج فيه بحلول نهاية العام، وتبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 250 ألف مركبة بعد حساب إنتاج الطراز «واي». وتقوم الشركة أيضاً بحملة واسعة للترويج لمبيعاتها في الصين. (الدولار يساوي 7.0928 يوان صيني)
يأتي هذا بعد أن قالت وزارة الخارجية الصينية خلال إيجاز صحافي يومي في بكين، أمس (الجمعة) إن فريقي مفاوضات التجارة الصيني والأميركي على اتصال فعال.
وذكر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أول من أمس (الخميس)، أنه من المقرر أن بلاده أجرت محادثات مع الصين، من دون الكشف عن تفاصيل.
جاءت تصريحات ترمب في أعقاب مؤشرات من جانب الصين بأنها لن ترد بشكل فوري على أحدث زيادة في الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية، وأعربت عن رغبتها في التركيز على إلغاء الرسوم الجديدة، لمنع مزيد من التصعيد في الحرب التجارية.
وكان ترمب قد ذكر في سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أن الرسوم المفروضة على كمية قيمتها 250 مليار دولار من السلع الصينية ستزيد من 25 في المائة حالياً إلى 30 في المائة اعتباراً من أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في حين سيتم فرض رسوم بنسبة 15 في المائة وليس 10 في المائة، كما كان مقرراً على الكمية المتبقية من الواردات الأميركية من السلع الصينية، التي تُقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار سنوياً، اعتباراً من أول سبتمبر (أيلول)، بحسب ما نقلته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وأضاف ترمب في تغريداته: «كان يتعين ألا تفرض الصين تعريفات جمركية جديدة على منتجات للولايات المتحدة بقيمة 75 مليار دولار (ذات دوافع سياسية)».
في غضون ذلك، أظهر مسح اقتصادي أجراه مجلس الأعمال الأميركي الصيني أن أغلب الشركات الأميركية العاملة في الصين تعتزم البقاء هناك، رغم دعوة ترمب إلى إنهاء نشاطها في الصين، والانتقال إلى دولة أخرى، أو العودة إلى الولايات المتحدة.
وبحسب المسح، فإن 87 في المائة من الشركات قالت إنها لن تنقل نشاطها ولا تعتزم تحويله خارج الصين، مقابل 90 في المائة من الشركات في المسح الذي أُجري عام 2018.
وقالت 3 في المائة من الشركات إن نشاطها في الصين غير مربح، وهي النسبة التي لم تتغير مقارنة بمسح العام الماضي.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن تقرير نتائج المسح القول إن «أغلب الشركات التي شملها المسح ما زالت ملتزمة بالسوق الصينية، وإن القليل منها يصفي أنشطته القائمة هناك».
وشمل المسح نحو 100 شركة من أعضاء مجلس الأعمال الأميركي الصيني، وأجرى خلال ثلاثة أسابيع من يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما يعني أن المسح أجرى قبل التغريدة التي نشرها الرئيس ترمب على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي يوم 23 أغسطس (آب) الحالي، ودعا فيها الشركات الأميركية إلى الخروج من الصين.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.