شدد مسؤول فرنسي على ضرورة العمل لإنهاء المذبحة وإنقاذ الرهائن وحماية المدنيين في غزة، مُحذراً من أن أي ضمّ للضفة الغربية يشكل خطاً أحمر لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقبله.
وقال باتريك ميزوناف، السفير الفرنسي لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن الحشد السعودي - الفرنسي المشترك، أثمر عن اعتراف دولي تاريخي بدولة فلسطين، مضيفاً أنه «يتحتم وقف إطلاق النار في غزة لإنهاء المذبحة وإنقاذ الرهائن وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية».
وشدد على أنه «لن يكون هناك سلام من دون عدالة، ولن تكون عدالة من دون دولة فلسطينية». وأكد ضرورة التحضير لبعثة دولية لتحقيق الاستقرار في «اليوم التالي» في غزة، مستدركاً أن الأهم من ذلك كله «تحديد مسار سياسي واضح»، وهو برأيه «مسار الدولتين».
قرار تاريخي
وشرح ميزوناف أن بلاده اتخذت القرار التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين لأسباب عدّة؛ ذكر منها أن «المبادرة التاريخية، التي حملها كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تضع إطاراً سياسياً، وتستجيب لحالة طارئة للغاية يجسدها الواقع في غزة».
ووفق ميزوناف، تسببت حرب غزة التي دامت عامين، بالإضافة إلى أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في خسائر فادحة للمدنيين، مبيناً أن «الحرب لا تضمن تحرير الرهائن ولا أمن إسرائيل؛ بل تقضي على أي أمل في السلام للفلسطينيين وللمنطقة».
ولفت إلى أن الرئيس ماكرون، أكد في منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الاعتراف بدولة فلسطين يفتح آفاقاً سياسية جديرة بالثقة، بإنشاء دولة مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة، تستند إلى قرارات الأمم المتحدة، وتعيش في سلام إلى جانب إسرائيل.
وقال ميزوناف: «في سبتمبر (أيلول) 2025، وجد هذا التوجه صدى ملموساً باعتماد قرار تاريخي للجمعية العامة، حيث قدمته فرنسا والسعودية بشكل مشترك ودعمته 142 دولة، ورسم مساراً نحو تنفيذ حل الدولتين وفقاً للقانون الدولي».
وتابع: «ظلت فرنسا وفية لالتزامها بالسلام والاعتراف بالتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني. فمن شارل ديغول إلى فرنسوا ميتران، ومن جاك شيراك إلى إيمانويل ماكرون، دافع جميع رؤسائها عن حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيدة الممكنة لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط».
إنجاح مؤتمر نيويورك
قال ميزوناف: «منذ زيارة الدولة إلى السعودية، التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2024، يعمل الرئيس إيمانويل ماكرون، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأمير محمد بن سلمان، معاً على المشروع».

وأضاف: «هدفنا المشترك، الخروج من منطق المواجهة لبناء زخم دولي لصالح إنشاء دولة فلسطينية، بعد إرساء الأسس في يوليو (تموز)، حيث عزز مؤتمر 22 سبتمبر هذه المبادرة». ولفت إلى أن التحرك أصبح عالمياً، حيث انضمت إلى جانب فرنسا، دول جديدة؛ من بينها المملكة المتحدة وأستراليا وكندا وبلجيكا ولوكسمبورغ والبرتغال، إلى قائمة الدول التي تعترف بفلسطين، في أعقاب قرار إسبانيا وآيرلندا والنرويج وسلوفينيا في عام 2024.
ضمانات لدولة فلسطين
ويرى ميزوناف أن الاعتراف بدولة فلسطين نتيجة لعملية تستند إلى التزامات ملموسة من قبل السلطة الفلسطينية، منوهاً بإدانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهجوم 7 أكتوبر 2023، وقَبِوله مبدأ نزع سلاح «حماس»، وأعلن عن جدول زمني لإصلاحات عميقة بوصفه رسالة موجهة إلى باريس والرياض وواشنطن.
وقال ميزوناف إن «من بين هذه الإصلاحات إلغاء قانون الأسرى (بشأن الرواتب) واستبدال نظام جديد للضمان الاجتماعي به، وكذلك تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2026، مفتوحة للأحزاب التي تتخلى عن العنف وتعترف بإسرائيل وحسب».
وزاد أنه «بدعم من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تضفي هذه الالتزامات مصداقية سياسية غير مسبوقة على الاعتراف بفلسطين وتتماشى تماماً مع روح القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهي تمهد الطريق لـ(اليوم التالي) في غزة، شرط أن يتم تعزيز السلطة الفلسطينية وتزويدها بالوسائل المالية اللازمة للخروج من هذا الطريق المسدود».









