علامات استفهام حول توجهات «ثلاثي أميركا اللاتينية العملاق»

على خلفية انعقاد «قمة «مجموعة العشرين» في الأرجنتين

علامات استفهام حول توجهات «ثلاثي أميركا اللاتينية العملاق»
TT

علامات استفهام حول توجهات «ثلاثي أميركا اللاتينية العملاق»

علامات استفهام حول توجهات «ثلاثي أميركا اللاتينية العملاق»

قبيل منتصف الليلة الأولى من ديسمبر (كانون الأول) الحالي وقف قادة «مجموعة العشرين» يصفّقون بحماسة حول الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، الذي كان، إلى جانب زوجته جوليانا عواضة، يذرف دموع التأثر وهو يستمع إلى الهتافات المدّوية التي كان يطلقها الراقصون والراقصات على خشبة مسرح «كولومبوس» مرددين اسم الأرجنتين التي كانت تسدل الستار على قمّة الدول العشرين التي انعقدت طوال يومين في عاصمتها بوينس آيرس.
كان ذلك هو المشهد الأخير الذي حمله معهم قادة البلدان التي تضمّ ثلثي سكّان العالم وتنتج 85 في المائة من ثرواته وتتبادل ثلاثة أرباع تجارته. تلك الدموع التي ترقرقت بها مقلتا الرئيس الأرجنتيني، والتي دفعت بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تقبيله، وبرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى معانقته بحرارة، وبالرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى «الاحتجاج» لأن العرض المسرحي قد انتهى مبكراً، يمكن أن تختصر ما عنته تلك القمّة من مطامح وإحباطات بالنسبة إلى الأرجنتين ولمعظم بلدان أميركا الجنوبية... هذه الدول التي تجهد منذ عقود - وتتعثّر باستمرار - لتفعيل مواردها وطاقاتها وترسيخ الدور الذي يتماشى مع هذه الطاقات والموارد على الساحة الدولية.

«قمّة العشرين»، التي هي بمثابة مجلس لإدارة الكثير من الشؤون العالمية، سلّطت الضوء على التباين بين مواقف الدول الكبرى بشأن عدد من الملفّات الاقتصادية الأساسية، وبخاصة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، لكنها أكّدت جدواها كمنتدى للحوار وتنفيس الأزمات.
لم تخرج القمة التي استضافتها العاصمة الأرجنتينية بنتائج باهرة، لكن أحداً لم يكن يتوقّع لها ذلك في مثل هذه الظروف الاقتصادية والجيوسياسية التي يمرّ بها العالم. فالدول الكبرى، كما يستدّل من التاريخ القريب والبعيد، لن تبدّي القضايا الدولية على شواغلها الداخلية، ولن تقدّم تضحيات لتعزيز الاستقرار الدولي، ما لم تكن أمام مفترق اقتصادي بالغ الخطورة، كما حصل عامي 2008 و2009 عندما اتخذت «قمة العشرين» في واشنطن ولندن مجموعة من القرارات والإجراءات الجذرية لمنع انهيار النظام المالي العالمي واندلاع أزمة كساد كبرى ثانية.
بعد عشر سنوات على تلك الأزمة عاد قادة «مجموعة العشرين» للاجتماع في العاصمة الأرجنتينية وإن في ظروف مختلفة تماماً. ذلك أن المشهد الاقتصادي يواجه تحدّيات متزايدة، لكن ثمّة إجماعاً على أن هذه التحديات، من «بريكست» إلى الحرب التجارية، وارتفاع الدين العام، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتقلبات أسعار النفط، لن تمنع استمرار النموّ في العام المقبل... ولو بمعدلات متفاوتة.
التعاون الدولي، من جهته، ما زال يحاول استيعاب الانتكاسة التي نجمت عن انكفاء الولايات المتحدة والتكيّف مع ذلك. وليس سرّاً أن شعار «أميركا أولاً» الذي رفعه الرئيس دونالد ترمب وواجه انتقادات كثيرة، يلقى تجاوباً - ولو غير معلن - لدى بعض قادة «مجموعة العشرين» المرتاحين لهذا الخطاب الذي يلقى تجاوباً سهلاً وسريعاً على الصعيد الداخلي، ويتيح هامشاً عريضاً للتنصّل من بعض الالتزامات السابقة.

- تفاؤل حيال البيان الختامي
انطلاقاً من هذا السياق، يمكن القول إن البيان الختامي للقمّة يحمل على بعض التفاؤل. أولاً، لأن القمّة خرجت ببيان وافقت عليه كل الأطراف بعكس ما ذهبت إليه توقعات كثيرة. وثانياً، لأن أهميّة بيان يصدر بالإجماع ومن غير تحفظات، تكمن في أنه يشكّل تشخيصاً مشتركاً لمجموعة من التحديات الاقتصادية العالمية، مثل مستقبل العمالة وضرورة تعزيز الاستثمار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في عام 2030، وبخاصة في مجالات الصحة والبنى التحتية والتعليم والعناية بالأطفال، ومكافحة الفساد والتصدّي لمشكلتي الهجرة واللاجئين.
ومن النتائج الواعدة لهذه القمة التي يعلّق عليها مراقبون آمالاً كبيرة، الاتفاق حول ضرورة إصلاح منظمة التجارة العالمية للحؤول دون نشوب حرب تجارية مفتوحة في الأمد الطويل يستحيل التكهّن بعواقبها. لكن هذه الخطوة دونها عقبات عدة، أبرزها الخلاف المستحكم حالياً بين الصين والولايات المتحدة والذي يجهد الاتحاد الأوروبي للتوسّط من أجل تسويته عبر فتح قنوات للحوار بين الطرفين. ويبدو أن الوساطة الأوروبية قد عقدت أولى ثمارها في بوينس آيرس، حيث عقد لقاء ثنائي بين الرئيسين الأميركي والصيني أدّى إلى إعلان هدنة مؤقتة بين العملاقين؛ إذ قبلت الولايات المتحدة بتأجيل تطبيق ضرائب بنسبة 25 في المائة على عدد كبير من السلع الصينية لفترة ثلاثة أشهر، في حين أبدت بكّين استعدادها للتجاوب منعاً لخوض حرب تجارية مع واشنطن تسعـى إلى تحاشيها بكل الوسائل.
كثيرة كانت الآمال المعقودة على منتدى «قمة العشرين» في بداياته لتعزيز النظام المتعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، لكن تطورات السنوات الأخيرة فرضت مقاربة أكثر واقعية وخفّضت منسوب التفاؤل، الذي وصل إلى مستوى الاكتفاء بانعقادها والتوافق حول الحد الأدنى من الخطوط العريضة واعتبار أن مجرّد انعقادها هو نجاح بحد ذاته. فاللقاء الذي كان منتظراً بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين نسفه الفصل الأخير على الجبهة الساخنة بين روسيا وأوكرانيا، والمباحثات الثنائية بين الزعيمين الصيني والأميركي لم تكن تطمح إلى أكثر من تهدئة مؤقتة تأجيلاً لصدام تخشاه الدول الأخرى أكثر مما تخشاه بكين وواشنطن، وبخاصة بعد أحداث الأيام الأخيرة في أعقاب إقدام كندا على اعتقال المديرة المالية لشركة «هواوي» الصينية، والتطورات التي أعقبت ذلك.

- اضطرابات فرنسا
ثم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حشد كل طاقاته ليتوَّج زعيماً للجبهة المناصرة للنظام المتعدد الأطراف، سرعان ما تبخّرت أحلامه عندما فاجأته أنباء الاضطرابات والاحتجاجات العنيفة في عقر داره. وحصل هذا بينما كان الاتحاد الأوروبي لا يزال منهمكاً في إخماد الحرائق المشتعلة على جبهات عدة، من «بريكست» إلى أزمة الموازنة الإيطالية وصعود الأحزاب والقوى الشعبوية التي باتت تهزّ دعائمه من أساسها.
لكن، في أي حال، ورغم هذه الصورة القاتمة، يرى مراقبون أن القوى الاقتصادية الكبرى باتت تدرك أن مواطِن الضعف في النظام الرأسمالي تكمن في الرأسماليين، بحسب ما يؤكد راغوران راجان، الخبير الاقتصادي من جامعة شيكاغو، في كتابه «كيف ننقذ الرأسمالية من الرأسماليين» الذي تعتمده شركات عالمية كبرى ومؤسسات ومنظمات دولية متعددة الأطراف أساساً للكثير من مبادراتها وبرامجها الإنمائية. ويعتبر راجان، الذي شغل لسنوات منصب كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، أن السوق الحرة هي النظام الاقتصادي الأفضل والأكثر فاعلية لتحسين ظروف العيش في المجتمعات الحديثة، لكن شريطة أن تواكبه مجموعة من البرامج والإجراءات التي توفّر المساواة في الفرص بين المواطنين وتعطي الدولة دوراً وازناً في تحديد القواعد التي تضبط السوق وتوفير البنى التحتية والخدمات الأساسية.

- «ثلاثي» أميركا اللاتينية
الأرجنتين - الدولة المستضيفة -، ومعها الدول الأخرى الكبرى في أميركا اللاتينية، مثل البرازيل والمكسيك، تدرك أن العولمة الاقتصادية هي الملعب الوحيد المتاح لتحقيق الأهداف الإنمائية التي تتماشى مع قدراتها ومواردها. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها منذ أواخر العام الماضي، بذلت الأرجنتين جهداً استثنائياً لعقد القمة وتوفير كل الظروف الممكنة لإنجاحها، وإعطاء صورة عن دولة قادرة على مواجهة التحديات الكبرى وجديرة بثقة النظام الدولي... الذي منحها أكبر قرض في تاريخ صندوق النقد لإنقاذ نظامها المالي من انهيار كان محتوماً.
لكن قصة المتاعب المالية الأرجنتينية باتت مسلسلاً من الأزمات والمفاجآت التي تحتل موقعاً بارزاً في السجل الاقتصادي العالمي، ومصدراً للعِبَر التي يستخلصها الخبراء حول الوصفات والخطط التي ينبغي تحاشيها. والقرض الذي حصلت عليه الأرجنتين لإنقاذ نظامها المالي من الانهيار، الذي بلغت قيمته 50 مليار دولار أميركي، سيعيد البلاد إلى نقطة الصفر من حيث أعباء الديون المترتّبة عليها والتي كانت التضحيات الكبيرة التي بذلت لسدادها السبب الأساسي في تدهور الأوضاع الاجتماعية. إذ أصبح 30 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وبات مؤشر التنمية البشرية فيها يقترب من مؤشر البلدان الأفريقية، بعد أن كان في مستوى البلدان الأوروبية التي كان بعضها مديوناً للأرجنتين مطالع القرن الماضي.
ويشكّك البعض في أن هذه المساعدة الضخمة التي حصلت عليها الأرجنتين من صندوق النقد الدولي ستُخرجها من محنتها الاقتصادية بعدما فقدت عملتها نصف قيمتها منذ بداية العام الحالي، وسجّلت أسعار الفائدة على الودائع بالعملة الوطنية رقماً قياسياً عالمياً، بينما بلغت نسبة التضخّم المرتبة الخامسة في العالم. واليوم، يخشى المشكّكون أن تركّز الحكومة الأرجنتينية جهودها وإجراءاتها الاقتصادية، بعد التدابير التقشفيّة الأولى التي فرضتها شروط القرض من صندوق النقد الدولي، على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية في العام المقبل، حين يرجّح أن تميل إلى اتخاذ إجراءات تخفف الاحتقان الشديد الذي يسود الأوساط النقابية والاجتماعية، عوضاً عن مواصلة الإصلاحات الهيكلية اللازمة لإعادة الاقتصاد إلى مسار النمو وإرساء النظام المالي على قواعد متينة تحول دون تعرّضه للاهتزاز أو الانهيار عند ظهور أزمة جديدة.

- مغامرة برازيلية خطيرة
في الحقيقة، كل أميركا اللاتينية تحبس أنفاسها أيضاً أمام الفصل الجديد في مسار البرازيل، العملاق الآخر الذي يفتح صفحة سياسية غير مسبوقة في تاريخه بعد سنوات ترنّح فيها من النمو الاقتصادي الواعد إلى فترة مديدة من الركود وتداعي المؤسسات العامة بفعل الفساد والسياسات الخاطئة.
بعد أيام يتسلّم العسكري السابق جاير بولسونارو مهامه رئيساً جديداً تنذر ولايته بتحولات جذرية في سياسة البرازيل الاقتصادية، وعلاقاتها مع دول الجوار، ودورها على الساحة الدولية. وتدل المؤشرات الأولى على أن الشعبوية المتطرفة التي أظهرها بولسونارو في حملته الانتخابية الصاخبة، لن تقابلها شعبوية في سياسته الاقتصادية التي أوكلها إلى أحد التلامذة البارزين من مدرسة شيكاغو الليبرالية. لكن ثمّة خشية كبيرة من أن تكون البرازيل على موعد قريب مع موسم جديد من الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات العمالية عندما تعلن الحكومة الجديدة عن برنامجها الاقتصادي الذي يرجّح أن يلغي برامج المساعدات للطبقات الفقيرة ويفرض مزيداً من التضحيات على الطبقة المتوسطة. وتزداد الخشية في ضوء المواقف التي أعلنها بولسونارو سابقاً حول ميله إلى إطلاق يد قوى الأمن والشرطة لمواجهة العنف والفوضى، وحنينه المتكرر المعلن إلى زمن الديكتاتورية العسكرية.
مصدر آخر للمخاوف من التصعيد في المشهد السياسي البرازيلي هو وزير العدل الجديد القاضي سيرجيو مورو، الذي كان وراء محاكمة الرئيس الأسبق لويس إيغناسيو دا سيلفا «لولا» - الخصم اللدود لبولسونارو - وزجّه في السجن ثم منعه من الترشّح للانتخابات الرئاسية. ويتوقّع مراقبون أن يصبّ مورو اهتمامه في مرحلة أولى على ملاحقة رموز وقادة حزب العمّال بتهم الفساد وسوء الإدارة من وحي الشعار الذي أطلقه المرشح بولسونارو في حملته الانتخابية عندما قال: إن «حزب العمّال سرطان لا بد من استئصاله».

- المكسيك... عكس التيار
المكسيك تفتح أيضاً صفحة سياسية جديدة، فيها من المجهول أكثر ما فيها من اليقين مع مانويل لوبيز أوبرادور اليساري الشعبوي الذي حملته إلى الرئاسة أغلبية شعبية كبيرة على متن برنامج حافل بالعناوين الكبرى والوعود الصعبة.
لن يكون من السهل على الرئيس الجديد أن يشقّ طريقه نحو تنفيذ ما وعد به من تغيير جذري وإصلاحات واسعة في ظل الموروث الثقيل من الفساد والعنف وتراجع الأداء الاقتصادي والوهن الذي تعاني منه مؤسسات الدولة. يضاف إلى ذلك، أن الرياح الجديدة التي تهبّ من الولايات المتحدة، «جارته» الشمالية الكبيرة، ستزيد من همومه ومشاغله والمفاجآت، رغم تجاوز عقبة كبيرة في الأيام الأخيرة عند التوقيع على المعاهدة التجارية الجديدة بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة على هامش اجتماعات قمة الأرجنتين في بوينس آيرس.

- «سكّري الديمقراطية»
أفاد التقرير السنوي الأخير الذي صدر عن معهد الدراسات الاستراتيجية في أميركا اللاتينية، بأن نسبة المواطنين الذين ليسوا راضين عن النظام الديمقراطي في البلدان الأميركية اللاتينية قد ارتفعت من 51 في المائة في العام الماضي إلى 71 في المائة هذا العام، في حين تراجعت نسبة الراضين من 44 في المائة إلى 24 في المائة؛ ما يفسّر «الانقلابات» الانتخابية التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة.
ويصف التقرير هذه الحالة بأنها بمثابة «سكّري الديمقراطية»، نسبة إلى مرض السكّري الذي لا تظهر عوارضه عندما يكون في طور النموّ، ولا يؤدي سريعاً إلى الوفاة، لكن يكاد يستحيل الشفاء منه بعد ظهوره. ويعزو التقرير أسباب ذلك إلى تراجع مستوى التنمية واستشراء الفساد وانعدام الثقة بالمؤسسات العامة وندرة القيادات التي تتمتع بالسلوك الديمقراطي والكفاءات اللازمة.

- إطلالة «الأرجنتينية الأولى»... وبذخها
أولت وسائل الإعلام في الأرجنتين وأميركا اللاتينية اهتماماً بالدور البارز الذي لعبته جوليانا عواضة، قرينة الرئيس الأرجنتيني، المتحدرة من أصل لبناني، وبخاصة في البرنامج الاجتماعي للقمة ومرافقة نظيراتها من قرينات رؤساء الدول الأخرى. وتوقّفت صحف عدّة عند أناقتها اللافتة وجمالها الذي غطّى، وفق كثيرين، حتى على جاذبية ميلانيا ترمب «الأميركية الأولى» التي عادة ما تخطف الأضواء في مناسبات مماثلة. لكن، في المقابل، فإن وسائل إعلام أرجنتينية انتقدت البذخ الذي رافق تحركاتها وظهورها في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة للبلاد، وأشارت إلى أن ثلث موازنة القمة التي كلّفت الخزانة العامة 112 مليون دولار ذهب لتغطية نفقات لقاءات عواضة وبرنامج زياراتها مع ضيوفها... والهدايا الرسميّة التي اختارتها بسخاء.

- التغلغل الصيني الصامت
حذّرت دراسة نشرها مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، بالتزامن مع انعقاد قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، من سياسة «التغلغل الصامت» التي تتبعها الصين في أميركا اللاتينية منذ سنوات، والتي تختلف كليّاً عن سياسة تغلغلها في القارة الأفريقية على وقع تنفيذ مشروعات البنى التحتية والقروض الميسّرة والمساعدات المالية.
وتفيد الدراسة بأن بكين ركّزت في أميركا اللاتينية على الاستثمار في قطاعات مثل الإعلام ومؤسسات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني والفني؛ بهدف الترويج لصورة إيجابية عن الصين، واستقطاب النخب المثقّفة تمهيداً لتغلغل اقتصادي أعمق وأوسع في قارة تزخر بالمواد الأولية التي هي في أمسّ الحاجة إليها، وتشكّل سوقاً استهلاكية واسعة ذات قدرة شرائية متنامية.
وتتحدث الدراسة عن برنامج كبير لزيارات يقوم بها مفكّرون وفنّانون من أميركا اللاتينية إلى الصين بدعوة من الحكومة الصينية، يحظون خلالها بمعاملة ترقى إلى معاملة كبار الزوار.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».