لماذا تثير المكسرات حماسة اختصاصيي التغذية؟

أدلة متزايدة على دورها في إطالة العمر والحد من مخاطر الأمراض الخطيرة

لماذا تثير المكسرات حماسة اختصاصيي التغذية؟
TT

لماذا تثير المكسرات حماسة اختصاصيي التغذية؟

لماذا تثير المكسرات حماسة اختصاصيي التغذية؟

تتزايد الأدلة التي تشير إلى أن تناول المكسرات والبذور يومياً قد يساعد في الحد من احتمالات الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب، بل وقد يطيل العمر أيضاً.
أدلة جديدة
إذا كانت فكرتك عن تناول الأطعمة الصحية قد تكونت منذ بضعة عقود، فقد يكون من الصعب تغيير فكرة تجنب تناول المكسرات التي تحتوي على قدر كبير من السعرات الحرارية والدهون. ومع ذلك فقد أحدثت الأدلة الجديدة تحولا في هذا الافتراض، حيث يشير تحليل حديث لعادات المواطنين الغذائية، وآثارها على الصحة، إلى أن تناول بعض المكسرات والبذور مرتبط بتدني احتمالات الوفاة بسبب الأمراض القلبية والأوعية الدموية أو السكري.
ومن أجل إجراء تلك الدراسة، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية في 7 مارس (آذار) 2017 اعتمد باحثون من كلية «تافتس فريدمان» لعلوم وسياسات التغذية، على نموذج يتضمن بيانات مستخلصة من عشرات الدراسات القائمة على الملاحظة عن النظام الغذائي والصحة، بما فيها المسوحات الوطنية لفحص الصحة القومية والتغذية National Health and Nutrition Examination Surveys، التي تقدم معلومات تفصيلية عن العادات الغذائية للأميركيين على مدى العقد الذي انتهى في 2012. وحسب التقديرات المستنتجة فقد حدث أكثر من 300 ألف حالة وفاة في 2012 بسبب أمراض القلب، أو السكتة الدماغية، أو النوع الثاني من داء السكري، وهناك صلة بين نحو 45 في المائة من حالات الوفاة المذكورة وبين تناول قدر كبير جداً أو قليل جداً من عشرة أنواع من الأطعمة والعناصر الغذائية.
وكانت الصلة الأقوى (بين حدوث الوفيات والغذاء) هي تناول مقدار ضئيل من الفواكه، والخضراوات، والمكسرات، والبذور، والحبوب الكاملة، والدهون المتعددة غير المشبعة، والمأكولات البحرية التي تحتوي على الأحماض الدهنية أوميغا 3. وتناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء غير المعالجة، واللحوم المعالجة، والمشروبات المضاف إليها سكر، أو صوديوم.
كذلك هناك صلة بين تناول قدر ضئيل من المكسرات، أي أقل من خمس حصص وزن كل منها 1.5 أونصة (الأونصة 28 غراماً) أسبوعياً، وبين 8 في المائة من حالات الوفاة المذكورة، وإن كانت تلك النسبة المئوية مرتبطة أيضاً بتناول كميات كبيرة من اللحوم المعالجة.

المكسرات وطول العمر
دعمت تلك النتائج الأدلة التي تضمنتها دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد عام 2013. وقال الدكتور فرنك هو، أستاذ التغذية والأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد وأحد المشاركين في الدراسة: «لقد وجدنا أن الأشخاص الذين يتناولون المكسرات يومياً يعيشون مدة أطول وتكون صحتهم أفضل من أولئك الذين لا يتناولون المكسرات».
وقام الدكتور هو ورفاقه بتحليل بيانات من 120 ألف مشارك في «دراسة صحة الممرضات Nurses’ Health Study»، و«دراسة صحة الأطباء Physicians’ Health Study». وأجاب الجميع عن أسئلة خاصة بنظامهم الغذائي في بداية الدراستين في حقبة الثمانينيات، ثم بعد ذلك كل مدة تتراوح بين عامين وأربعة أعوام على مدى ثلاثين عاماً من المتابعة. وصنّف الباحثون المشاركين إلى ست فئات تباينت بين فئة لا تتناول المكسرات تماماً، وفئة تتناول بين سبع حصص أو أكثر أسبوعياً.
وكانت الفئة التي تناولت المكسرات أقل عرضة للإصابة بالسرطان، وأمراض القلب، وأمراض الجهاز التنفسي، مقارنة بمن لم يتناولوا المكسرات إطلاقاً. وإجمالا كان احتمال وفاتهم خلال فترة الدراسة أقل بمقدار 20 في المائة. كذلك كان التأثير يتعلق بالحصة؛ أي بعبارة أخرى كلما ازدادت كمية ما تتناوله من مكسرات قلت احتمالات الوفاة.

فوائد المكسرات
لماذا المكسرات مفيدة لك؟ لم تتغير المكسرات، فهي لا تزال غنية بالدهون وتحتوي على قدر كبير من السعرات الحرارية. مع ذلك يرى الباحثون أن هناك بعض الدهون الموجودة في المكسرات، وهي الأحماض الدهنية الأحادية والمتعددة غير المشبعة وأوميغا 3، تحد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتسمح إدارة الغذاء والدواء (الأميركية) حالياً لمنتجي المكسرات بالزعم أن اتباع نظام غذائي يتضمن تناول أونصة واحدة من المكسرات يومياً قد يؤدي إلى خفض احتمالات الإصابة بأمراض القلب. كذلك تم إثبات أن المكسرات مفيدة على النحو التالي:
- تحسين مستوى الكولسترول. تساعد الدهون غير المشبعة الموجودة في المكسرات في خفض مستوى الكولسترول الضار (منخفض الكثافة)، وزيادة مستوى الكولسترول الجيد (عالي الكثافة).
- الوقاية من عدم انتظام ضربات القلب. يبدو أن نوعاً من الدهون غير المشبعة، وهي الأحماض الدهنية أوميغا 3، تقي من عدم انتظام إيقاع القلب.
- الحد من تجلط الدم. هناك أدلة تشير إلى أن أحماض أوميغا 3 تعمل بالطريقة ذاتها التي يعمل بها الأسبرين لمنع الدم من التجلط.
- استرخاء الأوعية الدموية. المكسرات غنية بحمض أميني يسمى الأرغينين arginine وهو ضروري لتكون مركب يسمى أول أكسيد النيتروجين، الذي يساعد على استرخاء الأوعية الدموية المتشنجة، ويسهل تدفق الدم.
- رفع مستويات ببتيد 1 المشابه لهرمون الغلوكاغون glucagon - like peptide 1. يساعد هذا الهرمون في السيطرة على مستويات الغلوكوز، وخفض مستوى الأنسولين لدى المرضى في المرحلة السابقة لمرض السكري.
- المساعدة على الشعور بالشبع. المكسرات غنية بالدهون والألياف والبروتين وهي جميعاً تساعد على الشعور بالشبع على نحو أكبر من الكربوهيدرات. لهذا السبب، يكون الأشخاص الذين يتناولون المكسرات بانتظام، خصوصا الذين يستخدمون المكسرات كبديل للدهون مثل الزبد واللحم المقدد، أقل عرضة للبدانة مقارنة بمن لا يفعلون ذلك.

نصائح حول كيفية تناول المكسرات
المكسرات مثل غيرها من الأطعمة الصحية الأخرى يمكن أن تفقد الكثير مما تحتويه من مواد مغذية أثناء عملية المعالجة، لذا فإن المكسرات النيئة أو الجافة هي الخيار الأفضل بالنسبة إليك.
ينبغي تفادي تناول اللوز والفول السوداني الذي يمر بعملية تبييض، حيث يؤدي ذلك إلى فقدانه مضادات الأكسدة والمواد النباتية الثانوية المفيدة حين يتم إزالة قشرتها. إذا كنت حديث العهد بالمكسرات، فقد تفيدك الاقتراحات التالية في الحصول على الـ1.5 أوقية من المكسرات والبذور يومياً:
- تناولها كوجبة خفيفة - من السهل الحصول على ملء كف من المكسرات أو كيس من بذور (لب) عباد الشمس. وإن كنت تشتري المكسرات أو البذور المعبئة، سواء كانت محمصة أم لا، فينبغي البحث عن تلك التي لا تحتوي على الصوديوم أو السكر أو أي إضافات أخرى. إن كنت تريد تجربة المكسرات أو البذور ذات النكهات، فيمكنك رش قليل من الكركم، أو القرفة، أو الكاكاو على المكسرات أو البذور غير المحمصة، أو تحميصها عند 350 درجة فهرنهايت (177 درجة مئوية). تختلف مدة وضع المكسرات في الفرن باختلاف حجم المكسرات أو البذور التي تقوم بتحميصها. وتحتاج بذور عباد الشمس إلى وقت أقل من اللوز للوصول إلى درجة التحميص.
- قم بفردها. هناك أنواع كثيرة من زبد المكسرات والبذور في المتاجر الكبرى والمتخصصة. من المهم قراءة الملصقات الموجودة على المنتجات بعناية لتجنب تناول تلك التي تحتوي على ملح أو سكر مضاف.
- اخلطها. تضفي البذور والمكسرات المقطعة نكهة وملمساً للسلطة والشطائر وحبوب الإفطار الكاملة.
- استخدمها كبديل - يمكن لتناول المكسرات عوضاً عن اللحوم الحمراء والمعالجة أن يكون ذا فائدة مزدوجة، حيث يحد من احتمالات الإصابة بالأمراض بسبب تناول كميات كبيرة من اللحوم، وكذلك من احتمالات الإصابة بأمراض نتيجة عدم تناول ما يكفي من المكسرات. لذا يمكنك استخدام المكسرات عوضاً عن اللحوم في الأطباق الرئيسية. يمكنك العثور على وصفات يتم استخدام المكسرات بها في كتب الطهي النباتية وعلى المواقع الإلكترونية مثل موقع «فيجيتريان تايمز» vegetariantimes.com.

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».