محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

في غرفتنا «فيل»!

كثيراً ما نستخدم في لغة «البزنس» التعبير الإنجليزي الشهير: «فيلٌ في الغرفة»! وهي عبارة مجازية تشير إلى اللحظات التي يتجاهل فيها الحاضرون عمداً حقيقة سلبية ماثلة للعيان. ورغم ما تشكله من مصدر إزعاج أو خطورة إلا أن الجميع يستمر في مسلسل التغافل، مثل تعمد تجاهل موظف مزعج لا ينفك يقاطع المجتمعين قبل أن يكملوا فكرتهم، أو مدير اجتماع أو وزير أو مسؤول يستبد برأيه غير آبه بآراء الآخرين الذين دعاهم للاجتماع! هذا هو الفيل الذي يتحاشى البعض الحديث عنه.
والفيل القابع في الغرفة قد يكون أكثر المتحدثين في الاجتماع لأنه أقلهم تحضيراً، فتجده يسأل أسئلة بديهية كان من المفترض أنه قد قرأها قبل دخول القاعة، على الأقل احتراماً لأوقات الآخرين المجتهدين. والفيل الذي نتجاهله، قد يكون ذلك الزميل الذي يؤخر بتقاعسه إنجاز فريق العمل، ولا أحد يريد مواجهته! ولذا فإنني أرى أن الافتقار إلى الكياسة أو اللباقة قد يكون صحياً أحياناً لفريق العمل لعل صاحبها ينجح في إيقاف المتمادين عند حدهم.
وقد يكون الفيل المزعج ذلك الموظف الصغير الذي علمته مدرسته أو بيته أو أقرانه السطحيون، أن كثرة الكلام كفيلة بلفت أنظار الآخرين إليك وينسى أن أعناق الناس لا تشرئب إلا لمن أمضى وقتاً طويلاً في التعلم والاجتهاد أو على أقل تقدير التحضير الجيد للاجتماعات. والفيل المزعج ذلك الذي يسأل قبل أن يفكر أو يقرأ ليجد أن معظم الإجابات بديهية لا تتطلب عناء السؤال.
أما أكثر أنواع الفيلة إزعاجاً فذلك المسؤول الذي يخشى اتخاذ القرار رغم اكتمال أركانه ومعلوماته، فيلجأ لعادة التسويف والتأجيل ليزيح عن كاهله عبء اتخاذ القرار الذي لا يجيده. ومشكلة هذا النوع أنه لا يشعر بأنه مصاب بهذه المشكلة، ولا أحد يتصدى له أو يجرؤ أن يخطر من هم فوقه بمعاناة فريق عمله.
وهذه الفيلة كلها، يتجاهلها الناس لأسباب عدة؛ منها تغطرسها، أو استبدادها، أو عدوانيتها، أو سوء أخلاقها، أو لأن أحدها يعتبر «الطفل المدلل» في المؤسسة الذي لا يجرؤ أحد أن ينتقده. ويا له من أمر مؤلم حينما يهبط «الطفل المدلل» بالباراشوت إلى مقعده بسبب نفوذه في مجلس الإدارة أو الوزارة على حساب الأكفأ من المهنيين والمخضرمين في المؤسسة.
فلنتجاهل الفيل المزعج القابع في غرفتنا لأنه لا يفهم لغة المهنية والموضوعية التي نتحدث بها. فهو تماماً كالفيل الحقيقي لا يدرك تلك الحوارات البناءة والموضوعية التي تدفع بعجلة التقدم نحو الأمام.
[email protected]