مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

إلى محمد بن سلمان

أهنئكم وأبارك لكم تسلمكم ولاية العهد، وفي الوقت نفسه أدعو لكم بالثبات والتوفيق في مواجهة الحوادث الصعاب، فهذا المنصب بقدر ما هو (تشريف وتكليف) هو مسؤولية تنوء بثقلها الجبال، وقد ألقيت على عاتقكم، وأنتم أهل لها.
ومن مشاهدتي وسماعي بعض لقاءاتكم في وسائل الإعلام، أحسست بالطمأنينة والثقة، وتأكد لي من خلال كلماتكم، لما تتميزون به من الثقافة والشجاعة والبصيرة.
أقول هذه الكلمات التي هي أبعد ما تكون عن المداجاة، لأنها نابعة من قلب محب لكم ولوطنه.
إن رؤيتكم (2030) بعثت الأمل الكبير في شعبكم، ومن الصعب أن تتحقق تلك الرؤية الخلاقة، إذا لم تتغير كثير من المفاهيم والمثبطة والعائقة لكل تطور، إنها مفاهيم تكاد تكون ظلامية لا تمت حتى لجوهر الدين وأهدافه بأي صلة، بل إنها مجرد تراكمات عشعشت عليها بعض الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن حق شعبكم عليكم أن يستنشق الهواء النقي، وأن يركب قطار التطور الحقيقي مع من ركب، وأن يسعد في دنياه مثلما سعد غيره.
وشعبكم ولله الحمد هو متدين بطبعه على الفطرة، ولا يضيره شيء لو أنه رفّه عن نفسه، وقد ورد في الأثر: روّحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت.
ونحن لا نريد أن (نكل ونعمى)، بل نريد أن (نسعد ونبصر)، و(نعبد ونعمل)، وأن نزيح من طريقنا كل الخزعبلات التي قد تعيقنا عن الوصول إلى عالم الحضارة الأول.
ومن الصعب أن نصل إلى ذلك إذا لم نستفد من استراتيجيات، الدول المتقدمة التي تعيد النظر في مناهجها وأساليبها التعليمية كل خمس سنوات، تبعاً لتقلب الظروف ومستجدات الإنجازات الإنسانية في مجالات العلم والصناعة والاختراعات والاكتشافات عموماً.
وليس عيباً أو نقيصة التغيير من حال إلى حال أفضل، ولكن العيب هو في الجمود والتشبث بأمور ومفاهيم تجاوزها الزمن ولن تجد نفعاً في هذا الزمن السريع، والسريع جداً.
وأنتم سموَ الأمير؛ بحكم أنكم من جيل القرن (الحادي والعشرين) تدرك أكثر مني ومن سواي تحديات العصر، وتزاحم الدول والشعوب على المكاسب.