ميغان أوسوليفان
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

4 أسباب تجعل زيارة ترمب للسعودية مختلفة

يتباهى الرئيس ترمب بأنه شخص يصعب توقع ما يفكر فيه، ولذلك لا أحد يستطيع التنبؤ بما سيفعله في أولى رحلاته الخارجية. لكن عندما يتعلق الأمر بأولى محطاته، السعودية، نستطيع أن نؤكد أنها لن تكون مثل زيارات سلفه من الرؤساء السابقين للرياض فيما يخص النفط.
فعلى مدى عقود، كان النفط، تحديدا إنتاج النفط السعودي، يحتل قمة أجندة المباحثات الأميركية. لكن هذه المرة عندما تتناول النقاشات موضوع النفط، لن يدور الحديث عن إنتاج السعودية، بل عن الاستثمارات والشركات المشتركة وربما عن طرح عملاق النفط «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام الأولي.
السبب في هذا التغيير، ليس لأن الولايات المتحدة لم تعد تستورد النفط من السعودية بكميات كبيرة، كما يعتقد كثير من الأميركيين، نتيجة لطفرة الصخر الزيتي التي جعلت من الولايات المتحدة دولة عظمى منتجة للطاقة مجددا. في الحقيقة، فعلى الرغم من براعتها في التعامل مع موضوع الطاقة، فما زالت الولايات المتحدة تستورد حصة ثابتة من النفط الخام السعودي. ولو تأملنا فترة الأزمة المالية العالمية وما بعدها فيما يخص إجمالي الواردات الأميركية (التي تراجعت بدرجة كبيرة)، فسيلاحظ ارتفاع المؤشر البياني لنصيب السعودية بصورة واضحة.
فالواردات الأميركية من النفط السعودي الخام لم تتأرجح صعودا وهبوطا بسبب العلاقات السياسية.
فالواردات النفطية من السعودية تراجعت بدرجة كبيرة عام 1985 بسبب التقليص الكبير للإنتاج النفطي السعودي في الثمانينات، غير أن العلاقات الثنائية استمرت قوية راسخة. وبدءا من حرب الخليج عام 1991 حتى عام 2009، استمرت الواردات الأميركية من النفط السعودي الخام ثابتة رغم توتر العلاقات، فكانت كمية النفط السعودي المتجهة للولايات المتحدة تقدر بنحو 1.4 مليون برميل يوميا عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990. كان ذلك عندما قال الرئيس جورج بوش للأمير بندر، سفير السعودية في واشنطن في ذلك الحين: «لو طلبت العون من الولايات المتحدة، فسوف نسير معكم إلى نهاية الطريق».
واستمرت العلاقات على المستوى نفسه عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
على أي حال، عندما وصلت أسواق النفط لأعلى مستوى، لم يزر الرؤساء الأميركيون السعودية، لكي يطلبوا من المملكة زيادة صادراتها من النفط للولايات المتحدة، وبدلا من ذلك كانوا يستجدونها لزيادة إجمالي إنتاجها النفطي لإضافته للأسواق العالمية لتخفيف الضغط على أسعار النفط، مما كان له انعكاساته العالمية.
وعودة للحظة الحالية، سيكون لهذا الحديث نتائجه العكسية؛ فالأسواق العالمية متشبعة بالنفط، ويرى كثيرون أن أسعار النفط منخفضة أكثر مما ينبغي، ولا يجب تثبيتها عند هذا المستوى، رغم أن الاتجاه العام يسير في طريق رفع السعر.
وقد تغير مسار الأحداث في ضوء إنتاج الولايات المتحدة حاليا للنفط الخام والغاز الطبيعي المسيل المضغوط بكميات كبيرة.
في النهاية، قد يتوقع الأميركان أن كل ذلك من شأنه أن يمنح ترمب قوة دفع كبيرة فيما يخص العلاقات الأميركية السعودية.
لكن الولايات المتحدة أيضا فقدت بعضا من فعاليتها الآن، لأنها لم تعد أكبر مستوردي نفط السعودية، بعد أن أصبحت آسيا أكثر أهمية من الولايات المتحدة كسوق للنفط السعودي، لكن أهمية هذا الاتجاه لن تتضح سوى في السنوات المقبلة.
وعلى الرغم من أن مسألة «الفعالية» مخادعة، فهناك نقطة واضحة، وهي عدم وجود حاجة لمطالبة السعودية بزيادة إنتاجها النفطي أو لزيادة قدرتها على الإنتاج مستقبلا، مما يفتح مجالا كبيرا أمام ترمب والوفد الأميركي المرافق للحديث في موضوعات أخرى، خصوصا الموضوعات الإقليمية الحساسة، وكيف يمكن للولايات المتحدة مساعدة السعودية فيما يخص حاجتها الماسة لإجراء إصلاحات اقتصادية.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»