مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

جريمة ويستمنستر ومعضلة الغرب

المجرم الداعشي الذي دهس الأبرياء بسيارته على جسر ويستمنستر، وطعن الشرطي على بوابة البرلمان، ليهلك بعد ذلك برصاص الشرطة البريطانية، يشير لعمق الخطر الإرهابي «المتأسلم» الذي يتهدد قارة أوروبا والغرب كله.
سيقال وماذا عن الخطر الذي يتهدد المسلمين والعرب من هذه العصابات؟
بعد يوم من هجوم لندن، قتلت «داعش» المصرية عشرة من ضباط وأفراد الجيش المصري بسيناء، وقتل منهم الجيش أكثر من 15 مجرماً، مثلاً، إذن فلماذا نقول إن الخطر يتهدد الغرب فقط؟
الحال هو أن الخطر على الغرب مركب ومتعدد، فنسبة المواطنين من المسلمين، تزداد، وعليه فإن علاج المعضلة الفكرية للجماعات المتأسلمة الإرهابية، التي تفرخ هؤلاء القتلة، لم يعد أمراً يخصّ المسلمين وحدهم.
كيف يدخل الغرب، المسيحي، العلماني، هذا الميدان الحساس؟
نقول ذلك باعتبار أن الخطر الإرهابي ضد مدن الغرب، صار ملحّاً. الأمر ليس حادثاً معزولاً، ففي بلجيكا، في الذكرى الأولى لهجمات بروكسل 22 مارس (آذار) التي حصدت 32 شخصاً، اعتقلت الشرطة البلجيكية أمس مجرماً حاول دهس حشد وهو يقود سيارته بسرعة فائقة في منطقة تسوق بمدينة انفير، كما أعلن ناطق باسمها، مؤكداً أنه تم العثور على أسلحة وسكاكين داخل سيارته.
بمناسبة ذكرى هجمات العام الماضي، نشير لهجوم (نيس) الفرنسية، الرهيب، في يوليو (تموز) 2016 ونفذه مهاجم فرنسي من أصل تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال بشاحنة ليفرم 86 قتيلاً.
وفي برلين هجوم ديسمبر (كانون الأول) 2016 الذي قتل فيه 12 شخصاً بفعل مجرم داعشي دهس بشاحنة أيضاً الأبرياء في سوق لأعياد الميلاد، المجرم كان من أصل تونسي، أنيس العامري.
لم يعد التخلص من هذه «الثقافة» ومن يستهلكها، من أمثال مجرم لندن، خالد مسعود، ومجرم نيس بوهلال، ومجرم برلين العامري، شأناً خاصاً بالمسلمين، بل قضية عالمية كبرى.
وصول الرئيس الأميركي، ترمب، في جانب منه، أتى استجابة للتحدي الأمني الكبير، وتعهده الحارّ، بالقضاء على «الإرهاب الإسلامي».
نحن لا نحب هذا الوصف، ونقول إن هذه الجماعات، خارجة عن عموم المسلمين، وتقتل من أبناء الدين الإسلامي، أكثر من غيرهم.
صحيح، لكن لا يكفي هذا الأمر، هذه «حرب عالمية» لأن القتلة لم يوفروا أمة من الأمم.
هنا يكون السؤال المثير الجديد من نوعه، كيف سيساهم الغرب في العثور على الجواب الصحيح عن مشكلة الإرهاب الثقافية؟
على كل حال.. الخطر هذا سيظل معنا لبعض الوقت، ويزيد، ربما لأسباب مثل سهولة التواصل بالسوشيال ميديا، هذا ليس كلامي، بل كلام خبير «ميداني» هو اللواء منصور التركي، المتحدث باسم الداخلية السعودية، الذي قال مؤخراً، من باريس: «سندخل المرحلة التالية من الإرهاب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والذئاب المنفردة».
الخطر يتهدد البشرية كلها.

[email protected]