مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

خفة دم الأطباء

أثناء الحملة التي شنتها جماعة منع الخمور في مجلس اللوردات الإنجليزي، وهي الحملة التي كان يتزعمها السير ولفرد لوسون، أشاع بعض أعداء السير لوسون من تجار الخمور القصة الطريفة التالية عنه، وهي حقيقية:
قالوا إنه في أيام شبابه، وأثناء فترة التحاقه بالقسم الداخلي في الجامعة التي كان يتلقى العلم فيها، اتهم بخرق لوائح الجامعة عن طريق احتفاظه ببرميل من (البيرة) في غرفته الخاصة بالجامعة، فاستدعاه مدير الكلية وواجهه بالتهمة، فما كان من الطالب (النجيب) إلا أن قال: أعترف يا سيدي بأن هذا صحيح، وأنني أحتفظ فعلاً في غرفتي ببرميل من البيرة، ولكن عندي ما يبرر ذلك، فأنا شاب ضعيف البنية، وقد نصحني الأطباء بشرب البيرة، كي تقوى بنيتي وتتحسن صحتي.
فسأله المدير في سخرية: وهل تحسنت؟!
فأجابه الشاب (ولفرد لوسون) جادًا: بالتأكيد يا سيدي، فعندما أحضرت البرميل في البداية، لم أكن أستطيع تحريكه إلا بكل صعوبة، أما الآن ففي وسعي تحريكه في أرجاء الغرفة بسهولة.
طبعًا أنتم عرفتم ليش قدر يحرك البرميل بسهولة! لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اجعلنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.
***
ليس هناك أسوأ من التنابز بالألقاب و(العنصرية)، ومنها:
كان أحد كبار القواد اليونان ابنًا لإسكافي، وحدث مرة أن عيّره رجل بوضاعة مولده، ورقة حال والده، وكان هذا الرجل سليل بيت معروف وعائلة ذائعة الصيت، فما كان من القائد إلا أن قال في هدوء:
أنت على حق، إن كرامة عائلتي تبدأ بمولدي، أما كرامة عائلتك فيبدو - يا سيدي - أنها انتهت بمولدك!
وأروع منه في تراثنا، وذلك عندما عيّر أعرابي جلف، ابنه، بأن أمه (أَمَة)، فرد عليه الابن: هي والله خير منك، لأنها أحسنت الاختيار فولدتني من حر، أما أنت فقد أسأت الاختيار فولدتني من أمة.
***
أظن - والله أعلم - أنه ليس هناك أثقل (طينة) من الطبيب الذي يريد أن يخفف دمه بطريقة (معقمة).
والشاهد على ذلك، أنني ذهبت إلى عيادة أحدهم، وقلت له صادقًا: إنني حين أستيقظ من النوم كل صباح أحس (بدوخة) تستمر معي لمدة نصف ساعة، وبعدها يصبح كل شيء على ما يرام، فهل هذا يؤثر على قدرتي فيما بعد كرجل؟!
فقال لي وهو يقهقه ويفرك يديه و(يتقوصع): المسألة بسيطة، لا تستيقظ إلا بعد أن تمضي نصف ساعة.