في بداية المظاهرات الشعبية بسوريا، قبل أكثر من عامين، التي تحولت إلى «ثورة» عارمة ضد نظام الأسد، كان موقف حزب الله ومعه إيران، مرتبكا.
الارتباك؛ لأن الغضب الشعبي السوري أفسد دعاية مرشد إيران السيد خامنئي، وتابعه نصر الله في تفسير ما جرى بمصر وتونس وليبيا.
كلنا يتذكر خطبة المرشد خامنئي، التي ألقاها بالعربية الفصحى، وهي للأمانة خطبة جميلة بالعربية؛ خطبة حافلة بالحماسة والنشوة، على اعتبار أن ما جرى في مصر ضد سلطة حسني مبارك «ثورة إسلامية» على غرار ثورة الخميني.
كرر كلام مرشد إيران، تابعه حسن نصر الله في لبنان، حتى أتت لحظة «درعا» في سوريا، فأسقط في يد الملالي، وأصحاب العمائم السوداء والبيضاء و«أفنديتهم» في الإعلام.
كيف يفسرون ما جرى في سوريا ضد «المقاوم» بشار الأسد؟
صمت، ثم همس، ثم ثرثرة عن أهمية الصبر والحوار، وأن يتم تفويت الفرصة على المخطط العالمي الشيطاني الإمبريالي لإسقاط المقاوم بشار ومعه ضباطه وتجاره من رامي مخلوف إلى آصف شوكت. وكانت هذه الثرثرة في البداية، حفظا للمصداقية، تضع ملاحظات نقدية، سطحية، على نظام الأسد، ولكنها تلقي باللائمة الكبرى على المعارضة السورية «المتشنجة».
لاحظوا أنه إلى تلك اللحظة لم يكن ثمة حديث عن «القاعدة» في سوريا.
لاحقا، وجدت دعاية إيران والأسد ضالتها في هذه التنظيمات، وتم اختزال المشهد السوري في مقاتلي «النصرة» و«داعش»، وتحول هؤلاء إلى مادة لشيطنة القضية السورية كلها، وبدأنا نسمع نصر الله يهدر ويرفع سبابته ويعدل عمامته: متى أضع العمامة تعرفوني، وهو يشتم أكلة الأكباد، في إشارة تاريخية طائفية ملتهبة، لا تضل طريقها نحو قاع الذاكرة التاريخية. فمن يقاوم هنا تذكر هند بنت عتبة، أم معاوية، وحمزة؟!
حسن نصر الله لم يقدم نفسه عدوا شرسا لـ«القاعدة»، إلا بعد قصة سوريا، حتى في عز الدماء الزرقاوية في العراق، كان يلم بالموضوع برفق، بهيئة الناصح الأمين، لأن مصلحة إيران وبشار الأسد حينها كانت في تركيز الاهتمام على طرد أميركا من العراق، لغرض ابتلاع العراق، بالنسبة إيران، ومشاغلة أميركا، بالنسبة لبشار.
في حرب (نهر البارد) بلبنان، ضد جماعة العبسي القاعدية، كان موقف نصر الله ناعما، ونصح العناصر الموالية لحزبه، بعدم الحرب.
الآن، اكتشف نصر الله أن «القاعدة» تنظيم تكفيري؟!
قالت العامة: مجنون يحكي.. عاقل يسمع...