يتوجب على الشركات الأجنبية التي تفكر في الرهان على الاستثمار مع نظام «آية الله» في جمهورية إيران الإسلامية أن تعي جيدًا أن هذا النوع من الاستثمار محفوف بالمخاطر المالية الخمس التالية:
الاستثمار في مؤسسة الحرس الثوري الإيراني، وفسخ صفقة النووي الإيراني، والفساد والإجرام المحليين، والمخاطرة بسلامة أرواح طواقم العمل وعائلاتهم، وإلحاق أضرار كبيرة بسمعة الشركات في الأسواق.
لكن، وفوق كل هذا، تبقى إمكانية خرق قوانين القوى الاقتصادية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، أشد المخاطر التي قد تواجه الشركات الأجنبية التي تسعى لمزاولة الأعمال التجارية في إيران.
لا تزال إيران كيانًا غامضًا بالنسبة لكثير من الشركات التي قد تجد نفسها عن غير قصد تتعامل مع مؤسسات مدارة أو مملوكة خفيةً من قبل مؤسسة الحرس الثوري الإيراني الإرهابية. رغم كونها مؤسسة ذات طابع عسكري، تمارس مؤسسة الحرس الثوري الإيراني، التي تضم أكثر من 100 ألف عضو، نفوذًا اقتصاديًا هائلاً. وتسيطر هذه المؤسسة على صناعات استراتيجية كثيرة منها قطاع الطاقة، كما تلعب دورًا جوهريًا في السوق السوداء. إن عقد الصفقات مع هذه المؤسسة ليس فقط مخالفًا للقانون، بل أيضًا من الصعب أخذ الحيطة والحذر تجاهها لأنها تعمل من خلال مجموعة كبيرة من الشركات الوهمية.
قد تجد الشركات العاملة في إيران نفسها في وضع قانوني لا تحسد عليه فيما لو تمت إعادة فرض عقوبات على البلد. لقد حدّد الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الكبرى قيودًا على نشاطات إيران النووية، لكن تجربة الماضي ترجّح إمكانية استخفاف إيران بهذا الاتفاق واستمرارها في السعي وراء تطوير أسلحة نووية. وفي حال تحقق ذلك، سيعاد فرض العقوبات على إيران مما سيدفع الشركات إلى مغادرة هذه الدولة.
رغم أنه قد يكون واضحًا للعيان، لا بد من التشديد على انتشار خطر الفساد والجريمة في إيران. تعتبر الولايات المتحدة النظام المالي الإيراني برمته مصدر قلق أساسيًا فيما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. ناهيك من أن إيران احتلت المرتبة 130 من بين 168 دولة في مؤشر الشفافية الدولية لعام 2015.
في دولة ذات جهاز أمني كبير وفعّال ولا يخضع لرقابة السلطات التقليدية، كإيران، هناك مخاطر قرصنة واعتداءات سيبرانيَّة حقيقية. وإيران بطبيعتها دولة عنيفة وغير مستقرة مما يفاقم من هذه المخاطر. أيضًا هناك قلق مفهوم لدى قطاع التأمين حيال تسجيل الشركات في إيران.
بالإضافة لذلك، يوجد قلق حقيقي على سلامة أرواح طواقم الشركات العاملة على الأرض في إيران كون النظام القضائي هناك لا يضع حقوق الإنسان نصب عينيه. ومن الممكن أن يتعرض حملة الجنسيات الأجنبية لخطر الاعتقالات العشوائية، في حين أن العمالة الوافدة هي الأكثر عرضة لمثل هذه الاعتقالات مما يعيق عمل الشركات التي تعتمد بالدرجة الأولى على مثل هذه العمالة. وأخيرًا، هناك خطر واضح مرتبط بسمعة الشركات العاملة في إيران مما يجعل هذه الشركات تفكر مليًا في الحفاظ على ذاتها.
مما لا شك فيه أن مجتمع رجال الأعمال البريطاني يريد ممارسة الصواب، ولذلك عليهم أن يضعوا نصب أعينهم بعض الحقائق الأساسية حول الدولة الإيرانية؛ إذ أنه على الرغم من رسائلها اللطيفة للعالم اليوم، تبقى إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بدعمها لتنظيم حزب الله ومنظمات أخرى كثيرة. بالإضافة إلى ذلك، تبقى إيران دولة قمعية من الطراز الأول، خاصة في حق مواطنيها.
حتى تنخرط إيران في مجتمع الأعمال العالمي مجددًا، عليها اتخاذ إصلاحات جوهرية لجذب الشركات، واحترام علاقة حسن الجوار مع جيرانها ومع الغرب، والحفاظ على كرامة مواطنيها والعمل على بناء اقتصاد سوق حرة.
* السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية» (يواني)