سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

الرجل الذي كره «العباسيين»: هيكل والرحابنة

طرحت على فتحي غانم السؤال الذي ربما سمعه من جميع الناس: هل حقًا أن «الرجل الذي فقد ظله» هو محمد حسنين هيكل؟ يبتسم ويعطي إجابة مطابقة لجواب الأخوين رحباني كلما سُئل أحدهما من يكتب الشعر ومن يضع الموسيقى: «الجميع يطرحون هذا السؤال».
عام 1999، قبيل وفاته بقليل، نشر فتحي غانم جزءًا من مذكراته الجميلة في «صباح الخير»، ولم يكن بد من التطرق إلى رباعيته «الرجل الذي فقد ظله»، وقد فعل ذلك تمامًا بطريقة تذكرني بمنصور الرحباني: ينفي بطريقة طهورية لدرجة تقنعك بأنه إنما يحاول التهرب من ظنونك، وفي الوقت نفسه، بأن بعض الظن، في هذه الحال، من حسن الفِطن، وليس إثمًا.
يقول: «كان يوسف عبد الحميد السويفي، بطل رواية (الرجل الذي فقد ظله)، شخصية بريئة وماكرة وانتهازية في نفس الوقت. وكانت قد مضت على ثورة يوليو (تموز) ثماني سنوات، فسقطت خلال هذه السنوات هالات أحاطت برجال الثورة، كانت ترفعهم إلى مصاف الأبطال الأسطوريين (...) وكان ما أسمعه من حكايات يؤلمني أن البطولة والأساطير تنسحب من عالم الواقع، ولأن مسحة البطولة والفداء تمتزج على نحو عجيب بالضعف البشري، ومن هنا، كان تفكيري في براءة يوسف وطفولته من ناحية، ونفاقه ومكره من ناحية أخرى. وكان لا بد أن يكون يوسف قد شق طريقه إلى القمة بعد معارك اقتحمها ببراءته ومكره ونفاقه، وكنت أتصوره الصحافي الأول في مصر. ومن هنا قلت للفنان جمال كامل عن شخصية يوسف ليرسمها، إنه محمد حسنين هيكل، لأنه في ذلك الوقت، كان الصحافي الأول في مصر، وكان مقربًا إلى عبد الناصر، لكن الحقيقة أن شخصية هيكل كانت أبعد ما تكون عن شخصية يوسف التي أريد أن أكتب عنها. فلا صلة بين وقائع حياة الشخصية الروائية، وواقع حياة الشخصية الحقيقية».
وكتب الناقد رجاء النقاش معلقًا على «التوضيح» أن ما كتبه فتحي غانم حول نفي الصلة بين الرواية والواقع تأكيد بأنه كان يفكر في شخصية هيكل.. وقد أضاف إليه جمال كامل أنه وضع على صورة الغلاف تاريخ ولادة هيكل.
إلى اللقاء..