فرانسيس ويلكنسون
TT

انتقادات ترامب للهجرة تمر عبر بروكسل

عبر حديثه إلى قناة «إن بي سي» بعد وقت وجيز من وقوع الهجمات الإرهابية المروعة في بروكسل، صرح دونالد ترامب بأنه يتعين على الولايات المتحدة في مثل تلك الظروف، إغلاق الحدود الوطنية تماما حتى يمكننا الوقوف على ما يجري.
ويبدو خطاب ترامب في الوقت الراهن مألوفا: حيث إن اقتراحه يعكس قدرا عميقا من العدوانية والغموض المتعمد المقصود - الذي ترافق بدعوة أخرى إلى «توسيع» نطاق القانون الأميركي للسماح بتعذيب المشتبه بهم في حوادث الإرهاب. وعبر مختلف التضاريس الموحلة من فنون الحكم والسياسة في عصر الإرهاب البغيض، فإن عبارة «حتى يمكننا الوقوف على ما يجري»، لا تفيد بالكثير من الطمأنة بحال.
ولدى ترامب أصوله الثابتة الخاصة به: ومن بينها الخوف. فلقد صرح لهيئة تحرير صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرا «أعني، أن هناك كما هائلا من الكراهية. حتى ذلك الرجل الذي قبضوا عليه في باريس. كان مختبئا عند عائلة أخرى من المسلمين، وكانت كافة الأجهزة الأمنية تلاحقه، وكان يختبئ ويعيش بالقرب من مسقط رأسه. هناك مشكلة جدا خطيرة مع المسلمين، ولسوف نتعامل معها بكل جدية».
يخشى الكثير من المواطنين الأميركيين خطر الإرهاب، ويمكن بكل سهولة تغيير نظرتهم المتسامحة حيال مسألة الهجرة غير الشرعية، وفق ورود الأنباء السيئة من أي مكان. وخلال مقابلة ترامب مع صحيفة «واشنطن بوست»، انتقل الرجل بسرعة عجيبة من الهجمات الإرهابية في أوروبا، إلى حادثة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا.
حيث قال: «لقد شاهدتم ما صنعه شخصان فقط، امرأة ورجل، سواء كانت هي السبب في تطرفه أو العكس، لكنكم شاهدتم ما صنعا، ولا أعتقد ببساطة أنه يمكننا قبول المهاجرين داخل بلادنا مع عدم وجود فكرة كافية عن هوياتهم ومن أين هم قادمون. ليست هناك من أوراق أو مستندات، ولدينا تنظيم داعش الذي يحوم خطره ويخيم فوق رؤوسنا، ولدينا دمار هائل إلى جانب ذلك».
ومع تأطير ترامب لحجته على ذلك النحو، يمكننا التعليق بأن خطر «داعش» يخيم فوق رؤوسنا حقا، ولكن ليس على حدودنا. والأناس الخطرون من دون مستندات أو أوراق ثبوتية - «مع عدم وجود فكرة كافية عن هوياتهم ومن أين هم قادمون». - إنهم الأطفال، والكثير منهم من المراهقين الذكور، والكثير منهم لا يمكن تعقب هوياتهم أو بلدانهم، وهم الذين تعهدت السيدة كلينتون بعدم ترحيلهم.
منذ عام 2011، كانت سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما تقضي بالأساس بترحيل المجرمين فقط وأولئك الذين ألقي القبض عليهم أثناء عبورهم للحدود. وإنها سياسة متساهلة إلى حد بعيد حيال الهجرة غير الشرعية، وهي تؤسس لحقيقة مفادها أن ملايين المهاجرين غير الشرعيين قد استقروا داخل الولايات المتحدة منذ عشر سنوات أو أكثر، ولسوف يكون أمرا قاسيا للغاية ويعود بنتائج عكسية شديدة أن يجري اقتلاعهم من جذورهم الجديدة على نحو مفاجئ.
عندما بدأت الإدارة الأميركية في يناير (كانون الثاني) في ترحيل بعض من الوافدين الجدد، رغم ذلك، اعترضت الجماعات المناصرة لحقوق المهاجرين على تلك السياسة. ولا يمكن اعتبار معارضتهم للقرار مقبولة من الناحية القانونية أو معقولة من الناحية السياسية. كما لا يمكن اعتبار تعهد السيدة كلينتون للإعلامي راموس، والمقصود منه درء الهجمات الغاضبة من جانب دونالد ترامب، والتي اضطرتها للتراجع رغما عنها، بأنها إعادة تأسيس لموقفها المتخذ قبلا، الذي يستقيم بشكل وثيق مع موقف إدارة الرئيس أوباما حيال ذات القضية. وبخلاف ذلك، فإن موقفها المعلن يجسد دعوة مفتوحة لاستقبال الشباب البائس من سكان أميركا الوسطى.
ليس هناك من فائدة في حرمانهم من دخول البلاد، ولسوف تكون عواقب ذلك جدا وخيمة. ولقد نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقريرا إخباريا حول مصير عشرات من المهاجرين من دول أميركا الوسطى، الذين تم ترحيلهم مرة أخرى إلى بلدانهم. لقد تعرضوا للقتل الفوري بعد فترة وجيزة من عودتهم.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»